عبد الظل - الفصل 2244
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2244 : الضربة السابعة
في أعماق احتضان الظلال، كان صني يُمزَّق إربًا بينما كان يمزق أنفيل. كان كلاهما يدمر الآخر، غير مبالين بالألم المروّع لانحلال أرواحهما.
لكن عدم مبالاة أحدهما كانت مختلفة عن الآخر.
لم يكن أنفيل يهتم بأي شيء، بينما كان صني يهتم كثيرًا بقتله لدرجة أنه لم يُكترث بالألم.
‘مت، مت…’
كان سيضحك لو كان يملك فمًا قادرًا على الضحك، لكن رغم أن شكله عديم الهيئة كان يملك مئة فم، إلا أن جميعها كانت صامتة.
لم يكن هناك صوت في عالم الظلال، بل فقط صمتٌ مطبق.
‘مت!’
مزق درع أنفيل وشوّه روحه، غارقًا في عذابٍ ونشوةٍ قاتمة… لكن رغم تخليه عن نفسه لإثارة المعركة، بقي عقله باردًا وهادئًا كبحيرةٍ ساكنة.
حتى بينما كان سيف الملك يقطعه، كان يحسب بهدوء كيف يقتل ملك السيوف.
كان لدى صني شك بسيط بأن أنفيل قد ثرثر حول صقل نيفيس إلى نصلٍ خالٍ من العيوب لسبب معين. كان ذلك على الأرجح لمحة حقيقية عن أفكاره الملتوية، ولكن في الوقت ذاته، لم يكن ليستبعد أن يكون السيادي الخبيث قد قال ذلك عمدًا ليزعزع تماسكه.
إن كان الأمر كذلك، فقد انقلب السحرُ على الساحر بشكلٍ مذهل…
ولكن حتى مع ذلك، كلما حسب صني احتمالات الفوز، ازداد شعوره بالبرد.
لأنه لم يرَ أي إمكانية للانتصار.
كان أنفيل… ببساطة مستبدًا للغاية، وإرادته سلاحًا حادًا للغاية.
حتى في حين كانت روحه تتمزق، أزداد أنفيل تكيفًا مع القتال في عالم الظلال. ومع سقوطهما أعمق فأعمق في الامتداد الخالي من النور لشظية عالم الظل، أنارت رونات حمراء غاضبة على درعه الأسود، مما جعل الظلال تتموج وتبتعد.
فتح أنفيل فمه، وعلى عكس كل القوانين، انكسر صمت الهاوية المظلمة بصوت.
“يكفي.”
أمسك شكل صني عديم الهيئة بيدٍ واحدة، ثم رفع سيفه وأسقطه…
قاطعًا الظلال ذاتها بنصله.
في اللحظة التالية، طُرح صني بعنفٍ إلى العالم المادي.
تدحرج على العظام المكسورة، متأوهًا بينما ارتطم جسده المُنهك بالأرض. وبحلول الوقت الذي نهض فيه على قدميه، كان أنفيل قد خرج بالفعل من الظلال المشطورة.
كان درعه سليمًا، وعباءته القرمزية تتحرك ببطءٍ وسط الرياح.
رغم أن صني كان يعلم أن روح عدوه قد أصيبت بجروحٍ خطيرة، إلا أن أنفيل بدا خارجيًا غير مصاب تمامًا.
‘آه… هذا الوغد العفن…’
تغيرت ساحة المعركة بينما كانا يتصارعان في الظلال. كانت الأرض المتصدعة تنهار، والدخان يتصاعد منها مترافقًا مع وهجٍ أبيض غاضب ينبعث من الشقوق المتعرجة على سطحها. أما التجاويف أدناه، فقد أصبحت بحرًا من الجمر والنار. وفي الافق…
‘ما… هذا بحق؟’
ارتفعت شخصية هائلة فوق سهل العظام، بهيئة أنثوية مبهمة، مرعبة وساحرة في آنٍ واحد.
انبثق وميض من الإشعاع الأبيض وأنار المخلوق الشاهق، ولم يكن لدى صني سوى لحظة ليراه، إذ أن سيف أنفيل مرّ بجوار عنقه.
لو كان رد فعله أبطأ بجزءٍ من الثانية، لكان قد قُطع رأسه.
ارتد صني للخلف وصدّ الضربة التالية بأوداتشيه، عابسًا تحت قناع ويفر بينما نبضت روحه الممزقة بالألم.
ابتسم أنفيل ببرود.
“ذاك عالمك، هاه؟ يا له من مكانٍ كئيب…”
وفجأة، أصبح على بُعد خطوة واحدة فقط، ضاربًا سيف صني جانبًا. وفي اللحظة التالية، ركله أنفيل بقوة مدمرة، مما أرسل صني طائرًا لعشرات الأمتار إلى الخلف.
ارتطم بسطح العظام، وارتد كالحصاة، ثم انزلق لعشرات الأمتار الأخرى.
قفز صني على قدميه على الفور تقريبًا، لكن بحلول الوقت الذي استعاد فيه توازنه، كان أنفيل قد وصل إليه بالفعل.
شق السيف المروع الهواء.
“مع ذلك، علي أن أشيد بك… يا له من عزم! أنا أتألم حقًا.”
تفادى صني الضربة وحاول توجيه ضربة خاصة به، لكن تملص منها أنفيل بخطوة سهلة وتحدث بنبرة هادئة، يختبئ فيها تهديد بارد:
“…ماذا سنفعل حيال هذا؟”
‘لماذا تتحدث كثيرًا؟’
ضحك صني.
“سمعت أن الموت علاجٌ جيد للألم، يا ملك السيوف. لنفعل هذا.”
ابتسم أنفيل ابتسامةً قاتمة.
“ما زلت وقحًا، كما أرى…”
وبتلك الكلمات، اندفع سيفه فجأة ليشمل العالم بأسره.
هذه المرة، لم يستطع صني الهرب.
بدا أن السيف الملعون يخترق جوهره ذاته، قاطعًا شجاعته إلى أشلاء.
وفجأةً، شعر صني بالرعب يقبض على قلبه.
قطعت الضربة التالية عزيمته، فتراجع مترنحًا، فجأةً غير متأكد من سبب استمراره في مقاومة ما لا مفر منه.
قطعت الضربة الثالثة أمله، وفي تلك اللحظة، أدرك صني أنه لم تكن لديه أي فرصة. بماذا كان يفكر؟ مجرد قديس لا يمكنه هزيمة سيادي. كان الأمر مستحيلًا.
أصبح الثعبان فجأة ثقيلًا وغير متوازن في يديه، وأصبح ألمه – الجسدي والعقلي – ساحقًا.
تأوّه.
قطعت الضربة الرابعة نيته في القتل…
أو بالأحرى، حاولت ذلك.
بدلًا من ذلك، توقف النصل الملعون فجأةً وارتد للخلف، عاجزًا عن تدمير هدفه.
ممتلئًا بالرعب، والتردد، واليأس، خطا صني خطوة غير ثابتة ونظر إلى الشكل الشامخ للملك. ارتجفت يداه.
…ومع ذلك، أجبر نفسه على الابتسام رغم الخوف، والشك، واليأس الذي احتل قلبه.
‘سأقتله… لا بد لي من قتله… لا بد لي…’
خرج صوته المرتجف من خلف القناع المخيف:
“هل أنت مستعد للموت؟”
هل كان مستعدًا؟.
هز أنفيل رأسه.
“يا لك من عنيد.”
قطعت الضربة الخامسة الفضاء نفسه.
‘ماذا…’
تشوّه الفضاء فجأة. بدا أن أنفيل لم يكن قادرًا على تدمير شظية عالم الظل، لكنه، بصفته الحرفي المبدع الذي كان عليه، وجد طريقة لإزاحة جزء منها.
كان هناك ظلام خلفهما، وظلام أمامهما… ولكن في الفضاء حيث وقف صني وأنفيل، انهمر التوهج القاسي للسماء الغارقة بالغيوم من الأعلى، وأحاط بهما دفءٌ مألوف كحجابٍ خانق.
أصيب صني بالعمى بسبب النور.
كما أنه جُرِّد من القوة التي منحته إياها شظية عالم الظل، وفقد الاتصال بالعنصر الذي كان يغذيه.
كانت الضربة السادسة عاديةً للغاية، اخترقت بطنه وطرحته على ركبتيه.
ساحبًا سيفه للخلف، نظر أنفيل إليه بتعبير بارد وقال بنبرة غير مبالية…
“ارقد بسلام، يا لورد الظلال.”
وسقط النصل الملعون.
ترجمة آمون