عبد الظل - الفصل 2240
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2240 : نصلٌ خالٍ من العيوب
شق سيف صني الهواء، مُحدثًا نصلًا هوائيًا من الرياح شاهقًا بعشرات الأمتار. ارتطم بسطح العظام المتآكلة بفرقعةٍ مدوية، مرسلاً سحابة من الحطام تتطاير في عاليًا الهواء…
لكن لم يكن نصل الرياح سوى أثر جانبي للأوداتشي الأسود الذي سقط على أنفيل. كان محاصرًا من قبل الكابوس والقديسة، دون مهرب – حتى أن اثنين من سيوفه السبعة ارتدا عن درع القديسة، محدثين فجوة في مجال حفيف الفولاذ.
غاص سيف صني في تلك الفجوة، وراودته لمحة من الأمل بأن هذه الضربة قد تسقط أحد السياديين.
لا… ليس حقًا.
فقد علمته التجارب القاسية التي لا تُحصى، أن النصر لا يأتي بهذه السهولة.
وبالفعل، وبخلاف أي منطق، نجا أنفيل.
في اللحظة الأخيرة، تخلص من الكابوس، وأجبر القديسة على التراجع مترنحة، ثم أدار جذعه.
نتيجةً لذلك، فشل الأوداتشي الأسود في إنهاء حياته…
لكنه مع ذلك، غرس أنيابه في صدرية درعه.
بدا درع أنفيل الداكن منيعًا سابقًا، لكنه هذه المرة تعرض لاختراق. لم تكن الضربة الخاطفة عميقة، لكن شعر بها صني وهي تشق اللحم.
وعندما احتك سيفه بسطح العظام القديمة، سقطت قطرة دم من نصله المتعرج.
تراجع أنفيل بضع خطوات للخلف ونظر إلى الجرح الطويل في درعه. وبعد لحظة، بدأ المعدن الأسود في إصلاح نفسه – لكن الجرح الضحل تحته بقي كما هو.
رفع نظره إلى صني وتأمله لبرهة، ثم ابتسم ببرود.
“لقد جعلتني أنزف بالفعل. لم ينجح أحد في ذلك منذ عقد.”
ابتسم صني من خلف قناع ويفر، مخفيًا انزعاجه.
“تنزف؟ هه. كم هذا مبتذل.”
ضحك ملك السيوف.
“ذلك السيف الذي تحمله مثير للاهتمام أيضًا. من المفترض أن ثعابين الروح قد انقرضت منذ آلاف السنين، ومع ذلك ها هو… آخر ناجٍ من فصيلته. أتساءل كيف حفظته تعويذة الكابوس.”
أحاط صني، والقديسة، والكابوس بأنفيل من ثلاث جهات، كنه لم يبدُ قلقًا. بل على العكس، كان يبدو… شبه مبتهج.
“أنت لست مخيبًا للآمال كما كنت أظن.”
ثم تحولت نبرته الباردة إلى ما هو أعمق، باعثةً قشعريرة في جسد صني.
“لكن لا يزال عليك الموت.”
ابتسم صني ابتسامةً قاتمة.
“أوه؟ ولماذا، إن سمحت لي بالسؤال؟”
طرد أنفيل أربعة من سيوفه السبعة، تاركًا ثلاثة فقط، وتردد لبضعة لحظات، ثم قال بهدوء بعد لحظات من الصمت:
“لأنك تهدد أعظم تحفة فنية صنعتها، بالطبع.”
مع تلك الكلمات، تغير شيء ما في العالم بشكل طفيف.
وفي اللحظة التالية، شهق صني.
انطلق سيفان من سيوف أنفيل نحو القديسة والكابوس، بينما ظهر السيادي فجأة أمام صني. اندفع نصله الملعون، متجاوزًا الأوداتشي الأسود ليخترق عباءة العقيق.
اجتاحت ذراعه اليمنى ومضة من الألم الحارق.
تجنب أنفيل هجومه المضاد بسهولة مخيفة، ونظر إليه ببرود.
“لقد قضيت عقودًا في صنع هذا السيف، كما تعلم…”
غاص صني في الظلال، لكن تبعه سيف أنفيل حتى في أحضان الظلام، ووهبه موجة أخرى من الألم العاصف.
تدحرج صني خارجًا من الظلال، ونهض مترنحًا، رافعًا أوداتشيه في محاولة يائسة للدفاع.
“وغدٌ مجنون… أنت لا تتحدث عن نيفيس، صحيح؟”
تحركت زاوية فم أنفيل قليلاً.
“ومن غيرها؟ سأعترف، لقد تأخرت في إدراك إمكانياتها… لكن بعد أن عادت من الكابوس الثاني حية، رأيتها بوضوح. كان الأمر أشبه بإلـهام. كل شيء انكشف أمامي، وعرفت ما كنت أنتظره طوال هذه السنوات.”
غمرت صني فجأة رغبةٌ لا يمكن كبحها في تمزيق ذلك الرجل إربًا. كان يسعى فقط لقتل أنفيل من قبل، لكن الآن… أراد أن يقتله ببطء، وبقسوة، بيديه العاريتين.
لكن أنفيل لم يمنح صني فرصة للاستمتاع بغضبه، إذ ضرب الثعبان جانبًا، مخلفًا جرحًا عميقًا في كتفه الأيسر. احتك النصل الملعون بالعظام، مما جعل صني يزمجر من الألم.
“عند النظر إلى الأمر الآن، كنت أنا من صقلها إلى النصل الذي لا تشوبه شائبة والذي أصبحت عليه. من فتاة صغيرة ضائعة إلى النجمة الساطعة التي هي عليها الآن… كنت أنا من شكلها، وشحذها، ووجهها. كنت أنا من صاغ نجمة التغيير إلى ما هي عليه اليوم.”
كان صني مذهولًا جدًا لدرجة أنه لم يتمكن من استيعاب كل كلمة قالها أنفيل، لذا حاول فقط صد الضربة التالية. لكن أنفيل حطم دفاعه بسهولة، تاركًا جرحًا عميقًا في فخذه الأيمن.
“والآن، أخيرًا… السيف المثالي الذي صنعته يوشك أن يكتمل. لكنكَ أنت، أيها الكائن المقزز، تلطخ نصله. لكن لا بأس… فالبقعة الصغيرة يمكن إزالتها بسهولة.”
أطلق صني صرخة مكبوتة بينما غاص نصل أنفيل في جانبه.
وفي اللحظة ذاتها، أدرك شيئًا مهمًا…
‘إنه مجنونٌ تمامًا.’
لطالما كان ملك السيوف متحفظًا وصامتًا، لذا كان من الصعب ملاحظة ذلك. لكن شخصيته الصارمة والباردة تجاوزت الغرابة البسيطة – بل كان ما يختبئ خلفها جنونًا حقيقيًا مطلقًا. لم يكن صني يعلم إن كان ذلك بسبب كونه فائقًا أو مجرد تشوه نفسي خاص بأنفيل، لكن خصمه كان بعيدًا كل البعد عن العقلانية.
كما فهم صني أمرًا آخر – وهو أن أنفيل لم يكن يهتم حقًا بأي شيء، حتى الفوز في هذه المعركة. كل ما كان يهمه هو خصنع سيفٍ لا تشوبه شائبة… أو بالأحرى، كائنٌ لا يختلف عن السيف في نظره، على ما يبدو.
لذلك، وبطريقة مريضة، كان يأمل حتى أن يخسر.
لأنه بعد فشله في صياغةِ أطفاله ليكونوا أسلحةً مثالية، تمسك بنيفيس، ابنة ابتسامة السماء، كأفضل وأخر أمل له لصنع سيفٍ… خالٍ من العيوب.
لقد قال إن نيفيس كانت شبه مكتملة، مما يعني أنها لم تثبت كمالها بعد – لا يزال هناك فعلٌ أخير يجب أن تحققه للوصول إلى الكمال، وفقًا لعقله الملتوي.
فعلُ قتلها له، بلا شك.
‘إنه مجنونٌ تمامًا ويميل إلى الانتحار.’
وكل ذلك كان نتيجةً لعيبٍ مدمر يمتلكه أنفيل. استنتاج مرعب، لكنه منطقي، لسعيه القاسي للتخلص من كل الروابط. فجأة، أصبحت الكثير من الأمور الغريبة التي بدت غير منطقية سابقًا مفهومة.
تنهّد صني في داخله.
‘هذا رائع، لكن…’
لسوء الحظ، لم يكن صني جزءًا من خطة أنفيل لمنح نيفيس اختبارًا قاتلًا أخيرًا – سواءً كانت ستثبت نفسها جديرة وتنجو أم لا. في الواقع، بالنسبة لملك السيف، كان صني مجرد عقبة في طريقه.
يلوث الجمال النقي للنصل شبه الكامل بحضوره المقيت.
لذا، كان عليه تطهيرُ صني.
تراجع مترنحًا للخلف، وأخرج ابتسامة باهتة.
“يا جلالتك، الملك أنفيل… دعني أقول شيئًا. أنت بوضوح، وبلا أدنى شك، لست مختلًا بالكامل على الإطلاق…”
ترجمة آمون