عبد الظل - الفصل 2238
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2238 : منيع
ربما كان أنفيل من فالور أعظم محارب في جيله… أعظم محارب من بين أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة، على الأقل.
وُلد ونشأ ليكون التجسيد الأسمى للبراعة القتالية، وقضى عقودًا في خوض معاركٍ دموية في ساحاتٍ لا تُحصى، وقاد فتوحاتٍ مجيدة لمناطق شاسعة لا تعد من عالم الأحلام، ورسّخ حكم عشيرة فالور العظيمة على العالم بسيفه ومطرقته.
بمعنى ما، كان هو تجسيد الجيل الثاني. كان قويًا، مرعبًا… طاغيًا ومُهيمِنًا.
لكن كان صني بدوره حضورًا مروّعًا في ساحة المعركة. وكواحد من أقوى المحاربين المستيقظين عبر التاريخ، كان أكثر من جدير بتمثيل جيله.
كان من الصعب وصف الجيل الثالث مقارنة بالسابقين. فقد نجا أعضاء الجيل الأول من نزول تعويذة الكابوس، ووضعوا أسس نظام عالمي جديد. أما الجيل الثاني، الذي كان أول من وُلد في عالم تعويذة الكابوس القاسي، فقد نشأ ليُخضعه ويُشيّد على ذلك الأساس.
أما الجيل الثالث، فلم يتشكّل بفعل أحداث واضحة كهذه، ولم يحقق أي إنجازات تُضاهي سابقيه. ربما الحدث الذي صاغه بحق هو سقوط أمريكا الشمالية – وسقوط الجيلين السابقين من المستيقظين كذلك.
واليوم، كان أفراد الجيل الثالث على وشك أن يُميّزوه بطريقتهم… عبر القضاء على أولئك الذين صاغوه. كان المستقبل يقاتل الماضي، متلهفًا للهروب من قبضته الحديدية.
…حين هاجم صني، تجلّى فن معركته المتسامي بالكامل. كانت تحركاته سريعة وانسيابية، موجهةً بحاسة الظل بدلًا من بصره. كان سيفه شرسًا وفتاكًا، يحمل ثقل جبلٍ في لحظة، ثم يَخفُّ كريشة في اللحظة التالية. كانت كل ضربة قاتلة بلا رحمة، مشبعة بقوة مرعبة، ومسببةً موجات صدمة مدمّرة تهز العالم مع كل ضربة.
أما صني نفسه، فكان مريبًا ومراوغًا، يتنقل بحرية بين الظلال. بدا وكأنه موجود في أماكن متعددة في نفس الوقت… حتى لو لم يكن، فإن الظلال ذاتها كانت تتحرك وتتدفق، متجسدة ومميتة في بعض الأحيان. لكن للأسف، لم تكن الظلال المتجسدة قادرة على مجاراة قوته الهائلة، وكان أنفيل يُحطمها بسهولة دون أن تتمكن حتى من إبطائه.
كان أنفيل أقوى، أسرع، وأكثر صلابة…
ولكن ليس بفارق كبير.
ابتسم صني عندما أدرك ذلك. صحيح أنه كان أدنى من السيادي الطاغي من حيث القوة الجسدية الخالصة، لكن الفارق بينهما لم يكن شاسعًا – بل كان ضيقًا للغاية. وكأن الميزة الحقيقية التي امتلكها الفائقون تكمن في ارتباطهم بنطاقاتهم، ومع كون شظية عالم الظل تُعطّل ذلك الارتباط، كان أنفيل مجردًا من قوته المعتادة.
ومع ذلك…
رغم ضيق الفجوة، بدا سدّها مستحيلًا.
‘سحقا!’
كانت كل ضربة وجهها صني تُصد، أو تُحرف، أو تُتفادى بهدوء. كل حركة، مهما بلغت سرعتها أو قوتها، كان أنفيل يتوقعها ويقلبها ضدّه. ورغم ضرباته العنيفة وقوته الجبارة، كان صني يكافح بكل ما يملك، بينما بدا انفيل غير مكترث على الإطلاق.
بل ومليئًا بالازدراء.
“هذا الأسلوب… هل كانت هي من علمتكَ إياه؟ يبدو أنكما كنتما تعرفان بعضكما لفترة أطول مما أوحيت به.”
صرّ صني على أسنانه خلف قناع ويفر.
“لم تكن هي من علّمتني، ولا نعرف بعضنا على الإطلاق…”
ابتسم أنفيل ببرود.
“لا يهم.”
دافعًا سيف صني جانبًا، واندفع للأمام. هرب صني إلى الظلال، لكن عندما خرج منها، كانت قبضة أنفيل لا تزال مرفوعة، جاهزةً لسحق صدره.
أرسلت ضربةٌ مُرعبةٌ موجة صدمة عبر جسد صني وألقت به بعيدًا. تشققت صدريةُ عباءة العقيق، لكنها اصلحت شكلها بعد لحظات – معززةً بسبعة ظلال، كانت سمة [الحجر الحي] لدرعه الشبيه بالحجر قوةً هائلة.
نظر أنفيل إلى صني بنظرةٍ قاتمة، ثم هز رأسه.
“ليس معدنًا، لكنه ليس حجرًا أيضًا… إذن، إنه تسليح من العالم السفلي. هل ظننت أنه سينقذك؟”
كبح صني أنينه، رافعًا سيفه للهجوم.
“قد تكون راودتني تلك الفكرة، نعم…”
كان أنفيل يمتلك القدرة على التحكم في المعادن، ولم يكن ذلك مقتصرًا على سيوفه ودروعه وحدها. بل كان بإمكانه التحكم في أسلحة أعدائه أيضًا – لكن لحسن الحظ، كان درع صني مصنوعًا من مادة غريبة أقرب إلى الحجر منه إلى المعدن، مع احتفاظه بخصائص كليهما. أما أسلحته، فكانت مصنوعة من الظلال.
لم تكن نيفيس ترتدي أي درع على الإطلاق، وكان النعمة أشبه بنصل مشكَّل من لهيب هائج. لذا، كان كلاهما محصّنًا ضد قوة أنفيل.
لكن ذلك لم يكن شيئًا اعتمد عليه صني لإنقاذه. بل مجرد أحد الإجراءات التي اضطر لاتخاذها ليمنح نفسه فرصة.
‘لكن لماذا هو قويٌّ بهذا الشكل؟ هذا غير منطقي!’
بينما هاجم صني ودافع أنفيل بلا اكتراث، كما لو كان يتسلى، تحركا عبر ساحة المعركة المحطّمة. اندفع صني للأمام ليطلق طعنة قاتلة، لكن تفاداها أنفيل ببساطة. اصطدم الاثنان بحشد من الدمى، وبفعل زخمه، مزّق صني صفوفها كوحشٍ مكوّن من الظلام الخالص.
كانت أجساد الدمى هشة للغاية بحيث لم تستطع مقاومة قوته المروعة. وبينما أوقف اندفاعه واستدار على كعب قدمه، رأى غيومًا من الضباب القرمزي وقطعًا صغيرة من الأجساد الممزقة تنتشر ببطء في الهواء، كما لو كانت معلقة في الماء.
قبل أن تسقط أول قطرة دم على الأرض، كان صني وأنفيل قد تبادلا مائة ضربة أخرى، متحركين بعيدًا ككارثة متدحرجة.
‘أعتقد… أنه يمكنني الإحساس بالأمر.’
طوال هذا الوقت، كان صني يتعلم أسلوب قتال أنفيل من خلال رقصة الظل. كان فن معركة السيادي عميقًا ومعقدًا… بل وغريبًا حتى، من المستحيل استيعابه في وقت قصير. لكن الآن، بدأ صني يدرك لماذا كان ملك السيوف يبدو منيعًا رغم أنه لم يكن أقوى منه بكثير.
هناك، في جوهر فن معركته، مستخدمةً كسلاح…
كانت الإرادة.
وبينما كانا يقاتلان، بدأ صني يتعلم كيف يستخدم الإرادة كسلاحٍ بذاته.
ترجمة آمون