عبد الظل - الفصل 2235
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2235 : شعلة الأمل الواهية
أولاً أتى البرد.
ثم أتى الظلام.
انبعث من الأسفل، ملتهمًا الأرض، ومستهلكًا السماوات، وحاجبًا نور النهار…
تنفس الجنود الذين عانوا طويلًا من النور الساطع والخانق والحرارة اللاذعة الصعداء، مستمتعين بالاحتضان البارد للظلال. وسرعان ما اشرقت ذكرياتٌ منيرة فوق الجيش الغارق، وقاتلوا ضد المدّ المتصاعد لمخلوقات الكابوس بحماسٍ متجدد.
بالطبع، كان من الغريب أن يتصاعد الثلج من التجاويف، وأن يغمر الظلام الدامس العالم… لكن قد شهد الجنود ونجوا من أحداثٍ أغرب من ذلك بكثير هنا في قبر السَّامِيّ، فلم يعد هناك شيء يثير استغرابهم. جميعهم، سواءً كانوا من الذين استيقظوا قبل سلسلة الكوابيس أو بعدها، أصبحوا الآن محاربين مخضرمين. لقد صقلتهم الحرب وشكلتهم، حتى باتت غرائبها المروعة لا تحرك فيهم شيئًا.
كل ما عرفوه هو أن لورد الظلال كان له يد في ذلك، وأنه كان يساعد نجمة التغيير.
أما نجمة التغيير نفسها، فكانت هناك، في الأفق، واقفة بين الملك والملكة. كان جسدها المشرق كمنارة بيضاء نقية وسط محيط من الظلام، ورغم أن القليلين فقط استطاعوا سماع كلماتها، إلا أن الجميع فهموا ما كانت تفعله… بل تحاول فعله…
كانت تحاول إيقاف المعركة الجنونية بين السياديين لإنقاذ الجنود المحتضرين، وإنقاذهم جميعًا. لقد كانت الابنة الأخيرة لعشيرة الشعلة الخالدة، ولطالما بدت الصوت الوحيد العاقل في هذه الحرب البشعة – في الواقع، كانت الوحيدة التي اعترضت عليها منذ البداية. والآن، كان صوتها هو الأمل الوحيد المتبقي لهم.
لعل الفائقون يستمعون…
وإن لم يفعلوا، فلربما ستجد نجمة التغيير طريقة أخرى لإنهاء الحرب.
كان ذلك الأمل الخافت يشتعل في قلوب الجنود اليائسين، وتشبثوا به بيأس، رغم معرفتهم التامة بعبثيته. فالأمل، في نهاية المطاف، أكثر صلابة من المنطق… وكان هناك ما يغذي شعلته الواهية أيضًا.
أصبح تقدم الأدغال المُحررة، الذي كان قبل لحظات يهدد بإغراق الجيشين العظيمين، أكثر تباطأ الآن. وتوقفت المعركة المروعة للفائقين التي كادت أن تدمر الأرض تحت أقدامهم مؤقتًا.
لبضعة لحظات، سمح الجنود لأنفسهم بالإيمان بالخلاص…
ولكن حين رفعوا أنظارهم إلى حيث وقفت نجمة التغيير، تغيرت تعابيرهم.
اتسعت أعينهم، وارتسمت على وجوههم ملامح الرعب.
***
قبل ذلك بقليل، كان صني يهبط درجات المعبد عديم الاسم، محدقًا في أنفيل ببرود.
في الوقت ذاته، اشتعل لهبٌ ساطع في يد نيف، مشكلًا نصلًا فضيًا بديعًا. تألق النعمة بالحياة، متوهجًا بإشعاعٍ ساطع اندمج مع نورها الخاص، مما جعله أكثر إشراقًا، ودفع الظلال المحيطة لأن تصبح أكثر عمقًا.
لم يُعر أنفيل أي اهتمام لصني، بل بقي محدقًا إلى النصل المتألق كما لو كان مسحورًا.
“…أأنت من صاغ هذا النصل؟”
كان صوته مشحونًا بعاطفة غريبة، وخافتة.
بينما كان صني ينزل الدرجات، نهضت تجسيداته من الظلال خلفه. واحد، اثنان، ثلاثة… إلى أن خطت سبع شخصيات متطابقة، ترتدي دروعًا سوداء مرعبة، على العظم المتآكل.
دوّت سبعة أصوات باردة كجوقة، تندمج في انسجامٍ مريب:
“نعم.”
“لا.”
تردد ضحك هادئ فوق ساحة المعركة المحطمة، وفجأة تحولت ست تجسيدات من لورد الظلال إلى ستة أنهارٍ من الظلام النقي، متدفقة نحو التجسيد السابع. ومع انصهارها فيه، أصبح حضوره، الذي كان في العادة خفيًا، مستحيل التجاهل، مشبعًا بقوة باردة ومخيفة.
والظلام، الذي بدا في السابق غير قابل للاختراق، ازداد عمقًا وغموضًا.
فيما كانت الظلال تلتف حوله، ابتسم صني خلف قناع ويفر. بعد أن بقي متناثرًا في عالم الأحلام لفترة طويلة، افتقد الشعور بالاحتضان الدافئ لظلاله… لقد سئم من حرمانه من قوته الحقيقية. والآن، بعد أن عاد ليستمتع بنعمة أن يكون معززًا بمساعديه القيّمين، بدا المستقبل أكثر إشراقًا بقليل.
“لن أستمتع بقتلك، يا ملك السيوف.”
حدّق أنفيل في النعمة للحظات أخرى، ثم التفت إلى صني.
“لا، لن تفعل.”
ثم وجّه كلماته التالية إلى نيفيس:
“إذًا، أتنوين حقًا تحدّيي وأنتِ مجرد قديسة، أيتها الفتاة؟ يا لكِ من جريئة… وشجاعة. لكنكِ أيضًا ضالة.”
راقبته نيفيس بهدوء، مع شعاعٍ ساطع يشتعل تحت بشرتها.
ثم تحدثت، وكان صوتها يتقد بغضب لهيبٍ مُدمر:
“أنت مجرد سيادي.”
ضحك أنفيل.
في الوقت ذاته، تحرك الغولم اللحمي، واستدارت كل دمية في ساحة المعركة الشاسعة بوقت واحد، محدقين في نيفيس بعيون فارغة.
فتح أقربهم فمه الوحشي وتحدث، وتردد صوته فوق السهل المتهالك. وبعد لحظة، واصل رجس ميت أخر الحديث، وأصواتهم الجوفاء، غير البشرية، تشع بسخريةٍ باردة:
“آه… أشعر أنني مُتجاهلة. ألا تملكين بضعة كلمات لتمنحيني إياها أيضًا، أيتها الصغيرة نيفيس؟”
حولت نيف نظرتها إلى ذلك الغوليم المشوه من اللحم، وتراقصت ألسنة اللهب البيضاء في عينيها.
ولم تتغير نبرتها.
“كان عليكِ قتلي منذ زمن طويل. والآن، لقد فات الأوان.”
ومع تلك الكلمات، نشرت جناحيها البيض واستعدت للهجوم.
كانت قوة السحق تضغط السياديين على الأرض، لكنها كانت تعفيها وصني. لم يكن التحكم بها بهذه الدقة سهلًا، ولن يكون ممكنًا لفترة أطول – لكن خلال ذلك الوقت القصير، ستتضاءل القوة الجسدية لأعدائهم المرعبين بشدة.
كان على صني ونيفيس استغلال ذلك الوقت، وإن لم يكن لقتل السياديين، فعلى الأقل لإصابتهم بجروح خطيرة.
إلا أن القدر كانت لديه خطط أخرى.
عندما مد صني يده إلى الظلال، مشكلًا إياها في سلاح، رفع أنفيل سيفه.
كان صوته باردًا ومتزنًا.
“إن كنتِ ترغبين في مواجهتي، يا فتاة، فواجِهيني بنفسكِ. لا تعتمدي على الألعاب.”
مع تلك الكلمات، همس النصل الملعون أثناء قطعه للهواء.
أراد صني أن يتفادى الضربة، لكن لم يكن هو هدفها. ولم تكن نيفيس أيضًا.
بدلًا من ذلك، بدا أن أنفيل كان يقطع السماء.
وانقطع شيءٌ ما في السماء.
عندما رفع صني بصره، لم يستطع إلا أن يرتجف.
‘كيف…’
ارتعشت يده.
فهناك، في السماء، جزيرة العاج…
كانت تسقط.
ترجمة آمون