عبد الظل - الفصل 2222
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2222 : صديقٌ أم عدو
كان صني ليحب أن يقول إن الجيشين العظيمين توحّدا في عرضٍ بديعٍ للرفقة البشرية، لكن في الواقع، لم يحدث شيءٌ بهذه العظمة.
كانت السهول العظمية لا تزال تتهاوى، والأدغال لا تزال تتدفق من أعماق التجاويف كمدٍّ قرمزي. تدهورت الأوضاع بسرعة، وما تبقى من النظام – ذلك القليل الذي كان موجودًا أصلًا – انهار سريعًا في فوضى عارمة.
بعد دقائق من وصول جيش السيف إلى الخط المتداعي لجنود الأغنية، غمر الطوفان من الرجسات القوتين معًا. اهتزّت الأرض، وانتشرت التصدّعات. انهارت خطوط القتال، وفقد الضباط السيطرة على وحداتهم، وذابت القوتان في بحر شاسع من الجنود اليائسين الذين يقاتلون للبقاء على قيد الحياة.
لم يكن الأمر أنّ جنود الأغنية ومحاربي نطاق السيف، الذين كانوا أعداء قبل أقل من ساعة، قد تخلوا عن خلافاتهم واحتضنوا بعضهم البعض كرفاق. بل لأنّه لم يعد أحد يهتم لأي جانب ينتمي من حوله. لم يكن هناك سوى البشر ومخلوقات الكابوس على السهول العظمية الآن.
…وكذلك أنصاف السَاميين الذين واصلوا معركتهم المرعبة في السماء وعلى الأرض، ممزقين سطح قبر السَّامِيّ بقوتهم غير البشرية.
إذا كان هناك سبب واحد لصمود الجنود، ورفضهم الانهيار أمام المدّ اللامتناهي من الرجسات المروعة، فكان وجود نواة صلبة وسط بحر البشر، تصمد في وجه مخلوقات الكابوس، قاطعة زخمها المرعب.
هناك، كان الإشعاع الأبيض يتوهج بجمالٍ وسط زوبعة الفولاذ واللحم المشوّه، يكسو المحاربين البشر ويشفي جراحهم، بينما في الوقت نفسه يلتفّ حول الأشكال الشنيعة لمخلوقات الكابوس القوية ويذيبها كما لو كانت شمعًا.
عند تلك البقعة، اتخذت نجمة التغيير موقفها. التفّ حولها المحاربون المخضرمون من الجيشين العظيمين، مُشكّلين محورًا يستند إليه الجنود اليائسون، مما منعهم من الغرق بلا حول ولا قوة في الظلام الزاحف.
أما صني، فقد أدى دوره أيضًا بالطبع. بينما جعلت نيفيس من نفسها محورًا لبحر المحاربين، نشر هو تجسيداته وظلاله على أطراف كتلة الجنود المشتتة. كان هناك الآن خمسة تجسيدات للورد الظلال تزرع الموت والدمار على السهول العظمية المتصدعة، إلى جانب القديسة، والشرير، وكابوس.
وكان هناك أيضًا جميع القديسين من النطاقين، يقاتلون جنبًا إلى جنب.
في أحد أركان ساحة المعركة، لم يستطع صني منع نفسه من الضحك حين وجد نفسه يقاتل جنبًا إلى جنب مع القديس جيست – كان لا يزال مصممًا على قتل ذلك العجوز اللعين… لكن ذلك سيتعين تأجيله إلى وقت لاحق.
وفي مكان آخر، وجد نفسه ينقذ سيدة الوحوش من أنياب مسخ عظيم. الساحرة الفاتنة ألقت عليه نظرة عابرة وابتسمت بضعف.
“حسنًا… أليس هذا مشهدًا يسرّ العينين، لورد شادو؟”
نظر إليها ببرود، ثم ابتسم بسخرية خلف قناع خوذته.
“يؤسفني إخباركِ، لكن يبدو أن لديكِ عينًا واحدة فقط متبقية.”
أمرت أتباعها بالاندفاع نحو الطوفان من مخلوقات الكابوس، ثم ابتسمت ابتسامة مرعبة، خاصة مع اختفاء الجانب الأيسر من وجهها بالكامل.
“لا تقلق… ستلتئم. آه، ولماذا دائمًا ما يستهدفون وجهي؟”
في مكانٍ آخر، رأى صني فارس الصيف يشق طريقه نحو الإشعاع البعيد للهيب نيفيس.
ورأى دار من عشيرة ماهارانا يطلق وابلًا مدمرًا من السهام على مخلوقات الكابوس التي تحاصر ريفالين من زهرة الدرع. كما رأى القديسة هيلي تخوض معركة ضد وحش عظيم كاد أن يلتهم ميرسي من عشيرة داغونيت، حفيد جيست…
وكان ذلك، في حد ذاته، مزيجًا شاعريًا وساخرًا أيضًا.
ولكن في معظم الوقت، لم يكن لدى صني رفاهية مراقبة بحر العنف الهائج من حوله، إذ كان عليه التركيز على تجسيداته الخمسة وعلى الصدام البعيد بين السياديين الاثنين.
…في مكانٍ ما في ساحة المعركة، شتمت سِيد، حارسة النار، وهي تتفادى مخالب رجس عملاق. كان الوحش يشبه قردًا هائلًا بستة أذرع نحيلة، وجسده الهزيل مليء بالجروح المتقيحة، وتزحف عليه الديدان المتلوّية. استخدمت قدرتها لتوجيه ضربة قوية إليه، لكن سيفها بالكاد ترك خدشًا على جلده.
إلا أن درعها ارتطم به بقوة كافية لإلقائه إلى الخلف.
ظهرت على الأرض خلفها شخصيةٌ نحيلةٌ ترتدي ثوبًا أحمر، تكافح للنهوض.
أمسكت سِيد بالمرأة وسحبتها إلى قدميها.
“انهضي، أيتها الحمقاء!”
رفعت فيليز بصرها إليها بنظرة مشوّشة، والدماء تسيل على وجهها الجميل.
تمتمت بصوت أجش:
“أستطيع… الوقوف… بمفردي…”
زمجرت سِيد.
“اصمتي! وساعديني!”
واجهت الاثنتين مخلوقات الكابوس، حيث غطت كل منهما ظهر الأخرى. رفعت سِيد سيفها، بينما رفعت فيليز خنجرها المتموج.
بعد لحظات، هاجمتهم الرجسات.
وعلى مسافةٍ ليست ببعيدة، كانت القديسة تريس من الريشة البيضاء تواجه شيطانًا عظيمًا، ووجهها البارد لا يظهر أي تعابير. غير قادرة على اتخاذ شكلها المتسامي وسط العاصفة القاتلة من السيوف، أُجبرت على القتال كبشرية.
عندما اندفعت إلى الأمام، دافعة سيفها بسرعة هائلة بفضل الرياح العاتية، ارتطم أسدٌ مجنح ضخم ذو فراء أبيض بالشيطان، غارسًا أنيابه الحادة في جانبه. لكن المخلوق لم يبالِ، واستدار ليطلق هجومًا قاتلًا نحو زوجته.
ولكن قبل أن يُغلق فكيه حول تريس…
اجتاحت موجة من الظلام المخلوق كدوامة، وظهرت منها ريفل كشيطانة فاتنة. غرست مخالبها العقيقية في حنجرة الشيطان، وأمسكت بفكيه بكلتا يديها، مُجهدةً عضلاتها لتمزيقهما.
طغى زئيرٌ مُتألمٌ على ضجيج المعركة المُدوّي، وتدفق دمٌ أسود.
على مقربةٍ من ثلاثتهم، وجدت رَين وتمار نفسيهما محاصرتين وسط سرب من الحشرات العملاقة بحجم البشر. كانت تلك الكائنات الشبيهة بالنمل أقل مناعة من غيرها من كوابيس الأدغال العتيقة، لكن كانت أعدادها الهائلة مروعة.
كانتا تقاتلان بيأس، تجرح رَين المخلوقات، بينما تجهز تمار عليها. لكن كانت أعدادهم غامرة…
تمامًا حين تعثرت رَين، ومضت صاعقة برق خاطفة بجانبها، مصيبًا حشد الرجسات، منتقلًا من واحد إلى آخر، ليسقط عدة مخلوقات على الفور.
ألتفتت للخلف، فرأت شابةً ذات شعرٍ ذهبي، بدرعٍ منبعج وعباءة بيضاء ملطخة بالدماء. استدارت الشابة، وقطعت رجسًا آخر، ثم تراجعت بخطوة مرتعشة.
وجد الثلاثة أنفسهم يقفون ظهرًا لظهر.
التقطت رَين أنفاسًا طويلة، ثم ابتسمت بإرهاق:
“مهلًا أنتِ… أنا أعرفكِ، صحيح؟”
فأجابت فارس الريشة دون أن تستدير، بنبرة باردة:
“أعتقد ذلك.”
ضحكت رَين.
“كيف حال ساقكِ؟”
بينما استعادت أسراب النمل قوتها واندفعت نحوهم مجددًا، ردت الشابة بنبرة حادة مليئة بالضغينة:
“كيف حال عنقكِ؟”
للأسف، لم يكن هناك وقت للإجابة…
على بعد مسافة، واقفًا فوق السطح المحطم لجزيرة العاج، أمال صني رأسه ليتفادى شظية طائشة، ثم نظر إلى السماء بتعبير قاتم.
هناك، تصادم نهر من الدم مع كرة دوّارة من الفولاذ القاتل مرة أخرى، ثاقبًا ثغرة في عاصفة السيوف.
وأدناهم، كان ‘العمالقة’ يتحررون ببطء من قيودهم.
حدّق بعينيه القاتمتين.
ثم تنهد ببطء.
“ليس بعد…”
ترجمة آمون