عبد الظل - الفصل 2176
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2176 : شفا النهاية
بعد أن نفد جوهر كاسي وانقطعت محادثتهما، بقي صني بلا حراك، محدقًا في الأفق بتعبير شارد على وجهه.
وبعد فترة، نظر إلى كوبه.
“…الشايّ قد برد.”
كان صوته متزنًا.
تنهد بهدوء، ثم رفع الكوب إلى شفتيه وأخذ رشفة على مهل، مستمتعًا بالمشهد القاتم والساحر لقبر السَّامِيّ، وبالسكينة النابضة بالحياة التي تغمر جزيرة العاج، بينما ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه.
كانت أخبار كاسي غير متوقعة بما فيه الكفاية، لكن الشعور اللحظي بالضياع الذي اجتاحه للحظة لم يكن بسببه. بل كان بسبب ما يعنيه ذلك الخبر.
كان اقتراب نهاية هذه الحرب المرعبة والمروعة أمرًا واضحًا منذ مدة…
لكن الآن، ها هي قد حانت.
فالنهاية قد وصلت.
لذا، لربما كانت هذه آخر لحظة من السلام يمكنه اختبارها حتى ينتهي كل شيء… وربما آخر لحظة من السلام سيختبرها في حياته، إذ قد تنتهي حياته خلال أيام قليلة.
ومع ذلك، عندما فكر في الأمر…
شعر صني بالرضا.
صحيحٌ أن الوقت كان مبكرًا جدًا، وأنهم لم يتمكنوا تمامًا من تحقيق كل ما سعوا إليه قبل اندلاع الحرب… لكنهم فعلوا ما بوسعهم.
منذ اليوم الذي اختار فيه صني العودة من أنقاض L049 الجليدية، هناك في أقاصي الشمال البعيد لعالم الأحلام، وحتى يومنا هذا، لم يتوقف أبدًا عن السعي الدؤوب نحو هدفه الجريء والمتحدي. عزيمته على القضاء على السياديين، وإخضاع العالم، وإرغام الوجود على طاعته لم تتزعزع أبدًا.
لذلك، كان مستعدًا.
كان مستعدًا للنصر… لكنه كان مستعدًا للخسارة أيضًا. في النهاية، رغم كل شيء، فإن المخطط الغادر الذي نسجه هو ونيفيس كان في جوهره مقامرة.
فالمستقبل غامضٌ… ومن يعلم ماذا يخبئ؟.
بالتأكيد لم يكن صني يعلم.
لكن مهما حدث، فلن يندم على شيء.
على الأقل، هذا ما أقنع نفسه به بينما كان يستمتع بشايه في هدوء.
في النهاية، ظهر قاع الكوب أمامه، فوضعه جانبًا بشيء من الأسف. تنهد صني طويلاً، ثم نهض من مقعده وغادر شرفة المراقبة.
كان هناك الكثير مما عليه فعله.
‘هذه الفتاة… أظن أنني كنت تأثيرًا سيئًا عليها.’
شعر صني بشيء غريب أثناء حديثه مع كاسي. كان الأمر أشبه بأن يجد نفسه في الطرف الخاطئ من محادثة مع نفسه!.
لا، بل جديًا. أي شخص عاقل يفتتح محادثة بإعلان وفاته؟.
بينما كان صني يسير فوق العشب الزمردي، تجمدت عيناه ببرودة قاتلة.
‘…جيست.’
إذًا، قرر ذلك العجوز الودود المجنون أن يُبادر ويقتل كاسي بعد أن استدرجها إلى الغابة. تركته كاسي حيًا… لكن لم يكن صني متسامحًا إلى هذا الحد.
كان في مزاج لتمزيق ذلك الوغد إربًا، وإطعام جثته إلى مخلوقات الكابوس، وإبادة عشيرته بالكامل.
تطلب الأمر قدرًا كبيرًا من الهدوء حتى لا يرسل لورد الظلال لاعتراض جيست والقضاء عليه كالحشرة التي هو عليها قبل أن يصل إلى البحيرة المتلاشية.
تجرأ ذلك القذر الحقير على أن يجعل كاسي هدفًا له؟.
صرّ صني على أسنانه غاضبًا.
‘اهدأ… اهدأ.’
كانت كاسي تعرف ما تفعله. لو كانت تعتقد أنها في خطر حقيقي، لكانت طلبت مساعدته. لكنها لم تفعل، مما يعني أنها كانت على علم بنوايا جيست مسبقًا وشعرت بالثقة في قدرتها على التعامل معه بنفسها.
ولقد فعلت.
لم تكتفِ كاسي بهزيمة ذلك القديس العجوز – وما كان ينبغي لصني أن يتوقع منها أقل من ذلك – بل تمكنت أيضًا من معرفة الكثير من الأسرار من ذكرياته.
على سبيل المثال، عيب أنفيل.
تنهد صني ببطء، كابحًا غضبه، وبدأ في التفكير.
يبدو أن جيست يمكنه أن يستمر في التنفس لفترة أطول بعد.
‘ذلك العيب… قاسٍ للغاية.’
لكن للأسف، لم يكن أمرًا يمكن استغلاله ضد ملك السيوف في المعركة. ما وفره من معلومات كان سياقًا لقرارات أنفيل، ورؤية عميقة لشخصيته، موضحًا الكثير عن صعوده إلى السلطة وسقوطه كإنسان. معرفة العدو ميزة عظيمة، وكان صني سعيدًا بمعرفته لعيب أنفيل…
لكنه لم تكن نقطة الضعف القاتلة التي كان يأمل في العثور عليها.
الأمر نفسه ينطبق على كي سونغ. رغم أن كاسي لم تكتشف سر عيبها بشكل مباشر، فقد اشتبه كلاهما بشدة في أن عيب الملكة جعلها غير قادرة على إنجاب الأطفال. وبالتالي، كانت نقطة ضعفها هي حبها لبناتها المتبنيات.
يمكن استغلال افتقار أنفيل للحب العائلي، كما يمكن استغلال حب كي سونغ لبناتها أيضًا.
لكن ليس في الإطار الزمني الضيق المتبقي لهما، على الأرجح… على الأقل، ليس بفعالية.
لقد أوصلتهم هذه المحاولة إلى طريق مسدود.
تنهد صني.
‘حسنًا، متى كانت الأمور سهلة يومًا؟’
في معظم الأحيان، كانت الأمور صعبة بأقصى درجة ممكنة. لذا، لم يكن يتوقع حقًا العثور على طريقة سهلة لهزيمة السياديين.
لكنهم حصلوا على الكثير من المعرفة المفيدة عن الماضي على أي حال. معلومات جديدة عن أستريون وموردريت، من بين أمور أخرى – شخصان سيصبحان بلا شك مشكلتين كبيرتين في المستقبل.
إذا كان هناك مستقبل لصني، ونيفيس، وكاسي، من الأساس.
عند دخولخ برج العاج، عبس صني.
كان هناك شيء آخر عرفته كاسي، لكنها اختارت ألا تخبره به بعد – لقد ذكرته باختصار، لكنها لم تخض في التفاصيل. كان ذلك جزئيًا بسبب ضيق الوقت، وجزئيًا لأنها بدت وكأنها تريد جمع أفكارها قبل مشاركة هذه المعلومات الجديدة.
كان السر متعلقًا بالسيف المكسور وسقوط عشيرة الشعلة الخالدة… فلا عجب أن كاسي كانت مترددة في التحدث عن هذا الموضوع بتهور. ربما كان هذا هو السبب ذاته الذي جعلها تتصل بصني بدلًا من التحدث مباشرة إلى نيفيس، غير مستعدة لخوض تلك المحادثة معها بعد.
لكن لم يبدُ أن المعلومات لها صلة مباشرة بختام الحرب، على أي حال.
وكان هناك الكثير مما عليهم فعله قبل أن تحين النهاية – خاصة لأن كاسي قد تصبح عاجزة عن التواصل مع أي من حلفائها قريبًا جدًا.
من يدري ما نوع القيود التي قد تفرضها عشيرة سونغ عليها بمجرد أن تقع بين أيديهم؟.
لهذا السبب كان على صني أن يُسرع.
‘آمل حقًا أن يكون الكابوس قد أنهى مهمته على أكمل وجه…’
ترجمة آمون