عبد الظل - الفصل 2173
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2173 : درع ورقي
المعركة بين أنفيل ونسخته المثالية، رغم أنها دمرت الجزء السفلي من مجمع فالور، لم تدم طويلًا.
على الأقل، أراد جيست أن يصدق أنها قد انتهت.
أحاطت علامات الدمار المريع به من جميع الجهات، لكن لم تعد هناك انفجارات تصم أذنيه. لم تعد هناك موجات صدمة ساحقة، ولم يعد العالم يهتز. كان الظلام الخافت منارًا باللهب المتصاعد، بينما حجبت سحب الغبار الرؤية كحجاب كثيف.
في مثل هذه اللحظات، لعن جيست عجزه عن استخدام الذكريات. كان من المفيد أن يتمكن من الرؤية بوضوح وسط هذه الفوضى.
‘…هل أصبح الفتى قويًا إلى هذا الحد، إذن؟’
خاض جيست معاركًا عديدة مع مخلوقات الكابوس الساقطة، وحتى بعض الأسياد. كان الصاعدون يتمتعون بقوة تفوق البشر، لكن ليس إلى الدرجة التي أظهرها أنفيل فور عودته من الكابوس.
هل كانت هذه قوة أولئك الذين يجري الدم السامي في عروقهم؟.
تحرك جيست بعناية عبر الدمار، باحثًا عن أنفيل. لم يستغرق الأمر طويلًا حتى وجده، جاثيًا في الغبار بوجه شاحب.
بدا الشاب… في حالة يرثى لها. دُمر درعه المتقن تقريبًا، ونزف الدماء من عشرات الجروح البشعة على جسده. كانت إحدى ذراعيه متدلية بلا حول، مع شظايا حادة من العظم بارزة من الفوضى الممزقة للعضلات، ولم يسلم وجهه من الأذى كذلك.
كان مغطىً بالدماء.
ومع ذلك، بقيت عيناه هادئتين وباردتين بشكل مخيف.
‘يا لها من طريقة مروعة للعودة من الكابوس…’
انهار سيفٌ محطم في زوبعة من الشرر في يد أنفيل.
عندما سمع جيست يقترب، تحرك ونظر إلى الأعلى.
كان لدى جيست ألف سؤال يدور في ذهنه، لكن بمجرد أن التقت عيناه بعيني الشاب، تردد.
للحظة، حتى أنه شك في هوية من ينظر إليه… هل كان حقًا أنفيل؟.
أم كان الشذوذ؟.
أي منهما انتصر؟.
‘لم يكن الآخر… يرتدي درعًا.’
وكأن أنفيل قرأ أفكاره، قال بنبرة متزنة:
“إنه أنا.”
فتح أنفيل فمه، وكأنه يود قول شيء آخر، لكن في تلك اللحظة، انكسرت أخيرًا قناعته باللامبالاة.
تغير تعبيره فجأة، وأخذ نفسًا مضطربًا وخائفًا.
“غوين…”
متجاهلًا جروحه، قفز أنفيل على قدميه ونظر حوله، وكأنه في حالة ذعر.
وجدوا غوين بعد دقيقة، مدفونة تحت الأنقاض وفاقدة للوعي… لكنها كانت على قيد الحياة لحسن الحظ.
عانقها أنفيل، وأطلق نفسًا مرتجفًا.
“شكرًا يا الهـي … شكرًا يا الهـي … شكرًا يا الهـي …”
وعندما نظر إليه جيست، أدرك أمرًا كان يجب أن يكون واضحًا، لكنه غاب عنه حتى تلك اللحظة.
درع أنفيل من اللامبالاة، الذي بدا غير قابل للاختراق، لم يكن سوى قناع زائف.
في الحقيقة، لم يكن سوى تمويه هش مصنوع من ورق.
…على الأقل، كان كذلك آنذاك.
لكن لا تبقى الأمور على حالها أبدًا.
تم تدمير الشذوذ، وحُلّت جميع المشاكل التي تسببت بها. لم تُستعد سلطة عشيرة فالور فحسب، بل نمت بشكل هائل، بعدما أصبح الشاب لورد فالور سيدًا.
أُصلح مجمع العشيرة في NQSC، وتعافت الجروح التي أصيب بها أنفيل، وغوين، والفرسان الذين وقعوا في المعركة. أُعيد لف المرآة العظيمة المختبئة تحت باستيون بالقماش مجددًا، وبدأت قوات العشيرة بتطوير تدابير مضادة للزوار القادمين من الجانب الآخر.
وكانت هناك أخبار سعيدة أيضًا.
بعد وقت قصير من عودة أنفيل من الكابوس، أُعلن أن الشابة غوين حامل. وقبل نهاية العام، استقبلوا وريثًا جديدًا – طفلًا رضيعًا سيرث باستيون، وبحيرة المرآة، وكل مجد عشيرة فالور يومًا ما. أُطلق عليه اسم موردريت.
وكانت هذه اللحظة التي بدأت عندها الأمور تسوء.
لأنه عندما نظر أنفيل إلى ابنه، لم يلحظ جيست أي دفء في عينيه الرماديتين الباردتين.
لم يكن الأمر مجرد لامبالاة معتادة. كان هناك شيء أكثر من ذلك… شك غريب لم يشاركه لأحد أخر.
شك بأن الصغير موردريت لم يكن ابنه على الإطلاق.
الشك في أمر كهذا لم يكن سوى جنون محض. بالنظر إلى الظروف، لم يكن هناك أي احتمال لحدوث شيء بين غوين والشذوذ، مهما كان النسخة الأخرى من أنفيل مقنعًا. كان جيست واثقًا من ذلك.
لم يحدث شيء، ومع ذلك… تسللت دودة الشك إلى قلب أنفيل. وبمجرد أن دخلت، بدا وكأن الشك بدأ يلتهمه ببطء من الداخل.
أصبح أنفيل أكثر برودة وأكثر انعزالًا بعد ولادة ابنه. ولكن رغم كل شيء، بقي فيه بعض من الإنسانية على الأقل.
إلا أن هذه القطرات الأخيرة من الإنسانية لم تدم طويلًا.
اختفى ما تبقى من الدفء في قلبه في اليوم الذي رحلت فيه السيدة غوين بعد ولادتها لطفلهما الثاني، مورغان.
في يوم الجنازة، وجد جيست أنفيل مجددًا في القاعة تحت الأرض، واقفًا أمام القماش الذي يغطي المرآة العظيمة.
التفت الشاب ونظر إلى جيست بعينين فولاذيتين خاليتين من أي مشاعر.
وبعد بضعة لحظات، قال ببرود:
“…لقد فشلت مجددًا.”
بقي صامتًا للحظة، ثم استدار نحو المرآة وأضاف بصوت بارد خالٍ من أي انفعال:
“لكنني لن أفشل بعد الآن.”
أراد جيست أن يقول إن الفتى كان يتعلم كل الدروس الخاطئة. لكنه لم يكن متأكدًا من أن لديه الحق في قول ذلك… والأهم من ذلك، لم يكن متأكدًا حتى من أن الفتى كان مخطئًا.
كانت تعويذة الكابوس سًاميًا قاسيًا.
يقول الناس إن الزمن يشفي جميع الجروح…
لكن في عالم تعويذة الكابوس، لا يمنحك الزمن سوى الجروح الجديدة.
تحطمت الآمال الهشة لجيست في تعافي أنفيل من فقدان غوين بعد عامين، عندما ضربت الكارثة، وابتلعت بوابة من الفئة الخامسة أمريكا.
لقد فُقدت أشياءٌ كثيرة في تلك الكارثة.
ومن بين تلك الأشياء، أرواح الشعلة الخالدة وابتسامة السماء، اللذين سقطا بينما كانا يُأمنان الوقت لإجلاء المدنيين.
وكانت خسارة ابتسامة السماء هي القشة الأخيرة التي جعلت شيئًا ما ينكسر داخل أنفيل.
كان ذلك هو الحدث الذي دفع قلبه الحديدي البارد لاتخاذ قرار لا يُغتفر.
من أجل خير البشرية، من أجل نفسه… ومن أجل مجد عشيرة فالور، كذلك.
…بالطبع، لم يكن لهذا القرار أن يُتخذ لولا ذلك الرجس اللعين، أستيريون، الذي كان في انتظاره هناك بابتسامة على شفتيه، مقدمًا للورد فالور صفقة جديدة.
صفقة لمساعدة أنفيل على قتل السيف المكسور.
ترجمة آمون