عبد الظل - الفصل 2166
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2166 : العائدون
في النهاية، غادر المستيقظون الخمسة – السيف المكسور، ابتسامة السماء، كي سونغ، أستريون، وأنفيل فالور – لتحدي الكابوس الثاني.
كان جيست ليكذب إذا قال إنه لم يكن قلقًا. ولكن في الوقت نفسه، كان من الغريب أنه لم يكن قلقًا للغاية.
ذلك لأنه كان يعرف كل واحد منهم جيدًا… باستثناء الفتى، أستريون، بالطبع. إذا لم يستطع هؤلاء الخمسة من التغلب على الكابوس، فلن يستطيع أحد.
كان جيست مشغولًا خلال تلك الفترة. فبعد رحيل اللورد الشاب لباستيون، تولَّى مادوك السيطرة المؤقتة على عشيرة فالور، ورغم أن ولاءه لأنفيل لم يكن محل شك، إلا أنه كان بحاجة إلى المساعدة في إبقاء عشائر الإرث الأخرى تحت السيطرة.
كما أن زوجة أنفيل الشابة، غوين، احتاجت إلى الدعم والحماية. لذلك، ترك جيست – وهو صاعد ذو حضور قوي قادر على حل العديد من المشكلات بمجرد وجوده – بوابة النهر في أيدي ابنه وانتقل مؤقتًا إلى باستيون.
في البداية، سارت الأمور بسلاسة…
ولكن ثلاثة أشهر من دخول أنفيل إلى البذرة، استيقظ جيست على صوت خطوات خافتة تقترب من حجرة نومه.
نظر إلى الباب ببرود وقبض على مقبض الخنجر المخبأ تحت وسادته. لكنه، بعد لحظة، استرخى عندما سمع طرقًا هادئًا… فقد كان سمعه حادًا بما يكفي لتمييز هوية الطارق في هذه الساعة المتأخرة، على أي حال.
أطلق جيست تنهيدة هادئة، ثم نهض وارتدى رداءه وتوجَّه إلى الباب.
هناك، وقفت السيدة غوين الشابة واقفة، شاحبة كالطيف، مرتديةً ثوب نوم مسحورًا. أنار نور خافت من فانوس ذاكرة ملامحها الشابة الجميلة.
سعل جيست.
“آه… سيدة غوين… ليس الأمر أنني لا أقدِر الفكرة، لكنني مضطر إلى الرفض…”
نظرت إليه الشابة في حيرة، مما جعل جيست يتنهد.
“بالفعل! أعلم أنني وسيم إلى حدٍّ مدهش. لكنني أكبر منكِ بما يكفي لأكون والدكِ، وزوجكِ يكاد يكون كابني! شيء كهذا… سيكون غير لائق تمامًا…”
اتسعت عيناها.
“م—ماذا… أنا لست…”
ضحك جيست.
“باه! إنها مزحة، مزحة يا فتاة! ماذا حدث؟”
لكن، للأسف، بدا أن زوجة أنفيل تفتقر إلى حس الدعابة أيضًا.
بعد أن حدَّقت فيه للحظات، أخذت نفسًا عميقًا وقالت بصوت خافت:
“إنه… إنه فال. لقد عاد.”
كان فال لقبًا منحته ابتسامة السماء لأنفيل عندما كانوا أطفالًا، وبقي هذا الأمر عالقًا في ذهنه منذ ذلك الحين، لذا…
‘لحظة. هل عاد؟!’
راقب جيست وجه الفتاة بجدية، ثم سأل بصوت منخفض:
“لا تبدين متحمسة جدًا، ليدي غوين.”
هزت رأسها ببطء.
“يبدو أن هناك شيئًا ما… يبدو أن هناك شيئًا ما خاطئ. فليس لديه أي جروح، لكنه… هناك شيء ما خاطئ، سيد جيست! م—مادوك… طلب مني مادوك إحضارك.”
أصبحت ملامح جيست قاتمة.
بقي صامتًا لبرهة، ثم سأل:
“من غيركم يعلم؟”
إذا كان هناك خطب في أنفيل… بدأت أفكاره تتسارع. كان عليهم منع انتشار الخبر قبل كل شيء.
أخذت الفتاة نفسًا مرتجفًا، محاولةً تهدئة نفسها.
“فقط أنا، مادوك… وحارسان مستيقظان كانا يحرسان البوابة.”
أومأ جيست برأسه.
كان الحارسان من أتباع عشيرة فالور، فرسانًا متدربين يطمحون إلى نيل اللقب يومًا ما. كانوا مخلصين، لكن الولاء البشري كان متقلبًا في كثير من الأحيان. لم يكن يعلم بعدُ إن كان ينبغي إسكاتهم أم مجرد احتجازهم لفترة. على أي حال، كان مادوك حكيمًا عندما استدعاه.
“إذا كنتِ ستمنحني لحظة لأرتدي بعض الملابس.”
على عكس السيدة غوين الشابة والجميلة، كان جيست أكبر من أن يتجول بملابس النوم.
بعد فترة قصيرة، وصلا بهدوء إلى قاعة العرش في باستيون، حيث تواجدت البوابة. كان العرش قائمًا على منصة مرتفعة، ومن خلفه ارتفع عمودان ضخمان… كانا متطابقين تقريبًا مع إطار المرآة العظيمة الموجودة في أعماق الأرض، مباشرة أسفل قاعة العرش.
سواء كانت تلك مصادفة أم لا، لم يكن جيست يعلم.
كان المتدربان يحرسـان الباب، بينما كان مادوك يقف أمام المنصة. وهناك شخصية مألوفة تجلس على الدرجات المؤدية إلى العرش، ملفوفة بالعباءة التي خلعها مادوك.
تحتها، بدا أن أنفيل كان عاريًا.
عندما اقترب جيست والسيدة غوين، رفع رأسه وحدق بهما بعينين غائمتين، فارغتين.
لم يكن هناك إرادة أو ذكاء في تلك العيون، بل مجرد خواء عميق ومخيف… وكأن أنفيل لم يكن مستيقظًا تمامًا، بل مجرد كائن يسير أثناء النوم.
رأى جيست انعكاسه الشاحب في تلك العيون الزجاجية، وشعر بقلبه يتوقف لوهلة.
‘لا، لا… ماذا حدث؟ لم يكن من المفترض أن يحدث شيء!’
عاد ذلك الإحساس المألوف بالعبثية القاتمة ليطل برأسه القبيح في قلبه، لكن قبل أن يجتاحه الذعر، عادت بعض الحياة إلى عيني أنفيل فجأة.
ابتسم الشاب بحرارة.
“عمي جيست…”
اعتاد جيست على رؤية اللامبالاة الباردة فقط في عيون أنفيل لدرجة أن هذه الدفعة المفاجئة من الدفء الصادق صدمته. كان الأمر تمامًا كما أعتاد الأبتسام له عندما كان طفلًا.
كان مشهد ابتسامة أنفيل المشرقة في غير محلها إلى حد جعل جيست يفكر في احتمال أن تكون ابنة الشعلة الخالدة، ابتسامة السماء، قد سرقت جسده.
سمحت لها قدرتها الخاملة بأن تتجول بروحها بحرية، مستكشفةً العالم كروح مشرقة. كما يمكنها احتلال الأشياء وتحريكها… وعلى حد علم جيست، لم تقم ابتسامة السماء أبدًا بإزاحة روح أحدهم للاستيلاء على جسده، لكن ذلك لا يعني أنها لم تكن قادرة على ذلك.
لكن بعد لحظة، تلاشت شكوكه المجنونة.
وذلك لأن أنفيل رفع يده، مما جعل خنجر جيست يطفو من غمده ويهبط في راحة يده. بعد أن تأمله للحظة، عبس الشاب.
“…غير مكتمل.”
حتى لو كان أحدهم قد استولى على جسد أنفيل، فلن يكون قادرًا على استخدام جانبه.
ولن يكون قادرًا على إظهار هذا الاشمئزاز الفطري من الأشياء المعيبة.
لقد عاد أنفيل بالفعل.
لكن… لماذا كان في هذه الحالة الغريبة؟.
وأين كان بقية أفراد فوجه؟ السيف المكسور، ابتسامة السماء، كي سونغ؟.
أستيريون؟.
تبادل جيست ومادوك نظرة عابسة.
كان هناك… شيء خاطئ بالفعل.
ترجمة آمون