عبد الظل - الفصل 2060
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2060 : النعمة
تأملت نيفيس السيف الطويل الجميل، ثم رفعت يدها بحذر محاولةً أن تحدث أقل قدر ممكن من الضوضاء.
وبعد لحظة، أدركت مدى غرابة تصرفها وابتسمت على نفسها عندما شعرت بمدى كوميدية الموقف. كانت تخشى أن تزعج أحلام الرجل النائم بعمق، مع رأسه مستندًا إلى سريرها، وشعره الأسود الحريري متناثرًا على غطائه. كما لو أنه لم يكن لورد الظلال العظيم والمرعب، القديس الشرير الذي سحق اثني عشر بطلًا متساميًا من الأغنية وهو يضحك.
…ولكنه يكون أيضًا السيد بلا شمس، الساحر الطيب واللطيف الذي أصبح صانع تعويذة لها، ورفيقها، وحبيبها.
لقد بدا منهكًا للغاية في حلمها. وكذلك هنا، في العالم الحقيقي، ومتعبًا للغاية أيضًا.
كانت بشرته الخزفية أكثر شحوبًا من المعتاد، وملامحه الجميلة غائرة وحادة، وأنفاسه المرهقة تخرج بهدوء من بين شفتيه.
تجمدت للحظة، مندهشةً من الشعور غير المتوقع وغير المألوف الذي تملّك صدرها.
هل كان… حنانًا؟.
لم تكن نيفيس مسخًا عديم المشاعر، بالطبع. فقد شعرت بالمودة. القلق والاهتمام تجاه من تحبهم أيضًا – ولكن بدا هذا الشعور الدقيق والمكثف جديدًا.
كان مريرًا وحلوًا في نفس الوقت… ولكنه بدا حلوًا في الغالب.
ومخيفًا.
نظرت إليه لبضعة لحظات طويلة جدًا، ثم حولت نظرتها ببطء إلى السيف الطويل الجميل.
كان السيف… مألوفًا وغريبًا في نفس الوقت. بدا مشابهًا جدًا لرفيقها المخلص والموثوق، نصل الأحلام – السلاح الذي استخدمته على الشاطئ المنسي، أثناء الرحلة الطويلة والوحيدة إلى العالم السفلي، وإلى أهوال الكابوس الثاني. ولكنه كان أيضًا أكثر من ذلك بكثير.
وكان أكثر لفتًا للنظر، بدايةً. بدا النصل النحيف والمستقيم الخالي من العيوب وكأنه ينير تحت أشعة الشمس المبهرة، مشرقًا جدًا لدرجة أنها كادت تصبح عمياءً. شعرت بمقبض العاج باردًا ومرحّبًا في يدها، كما لو أنه صُمم ليكون هناك. وكان الوزن مثاليًا، والتوازن لا تشوبه شائبة.
كان تصميم السيف بسيطًا وأنيقًا، دون أي زينة أو إضافات غير ضرورية. ومع ذلك، كان فيه جمال راقٍ في بعض العناصر الأسلوبية القليلة التي امتلكها… كان نقيًا ومخلصًا لغايته، بعيدًا عن أي مساومة أو تصنّع، كما ينبغي أن تكون أي أداة قتل.
وهناك أيضًا هالة مميتة تثير القشعريرة، باردة وحارقة في الوقت ذاته، وكأن السيف يمتلك حضورًا خاصًا به. ومع ذلك، فالجزء الأغرب، فهو أن السيف بدا… دافئًا ومتجاوبًا مع لمستها، وكأنه يكاد يكون حيًا.
كان يخطف الأنفاس.
وجدت نيفيس نفسها مترددة في الابتعاد عن النصل الرائع. كما شعرت باندفاع من الإثارة الطفولية، حيث أرادت القفز فورًا من السرير واللعب به… وأداء بضع مجموعات من الكاتا التدريبية، للتعود على إحساسه ووزنه.
ولكنها أجبرت نفسها على البقاء ساكنة، واستدعت بدلاً من ذلك الأحرف الرونية.
ركزت نظرتها بسرعة على السلسلة الجديدة وغير المألوفة منها.
حبست أنفاسها، ودرست الأحرف الرونية:
الذكرى: [النعمة].
رتبة الذكرى: [؟؟؟]
طبقة الذكرى: [؟؟؟]
وانزلقت نظرتها إلى الأسفل، إلى الأحرف الرونية التي تحتوي على وصف السيف الجميل.
وكانت تقول:
وصف الذكرى: [وبينما كانت نجمة التغيير تسير في الطريق، قالت للـ -المجهول-:
“عليك أن تُشعلَ نفسك بالنار لتحصد نِعَم النار. هذا ما اعتادت جدتي قوله، وهكذا فعلت. سكبت الزيت على نفسي، وأشعلت النار. ثم احترقت.”
…واستمع -المجهول-.]
عبست نيفيس.
بدا أن هذه الكلمات… تصف تضحيتها بنفسها في الكابوس الأول. ولكنها لم تتذكر أنها قالتها لأي شخص. فقد شاركت تفاصيل تجربتها مع قلة قليلة من الأشخاص – ربما كاسي الوحيدة التي تعرف معظمها. ولكن لم تشرح نيفيس أبدًا ما الذي دفعها حقًا لاتخاذ تلك الخطوة المروعة حتى لكاسي، وبالتأكيد لم تذكر حكاية جدتها.
من كان ذلك ‘-المجهول-‘ الذي ظنت التعويذة أن نيفيس كشفت له عن روحها؟.
لم تستطع أن تتذكر أنها تحدثت إلى أي من كائنات الفراغ، ولم تتحدث مطلقًا إلى السَامي المنسي. وكما لم يكن لديها سبب لسكب قلبها لغريب.
كان الأمر غريبًا، غريبًا جدًا.
وجعلها تشعر بالغرابة أيضًا. وكأن هناك فراغًا فارغًا في قلبها، يتردد صداه بألم أجوف وممل.
ممسكة بمقبض النعمة بإحكام أكبر، عادت نيفيس لتُمعن النظر في الرونيات.
عادةً، لا يكون هناك أي شيء بعد وصف الذكرى، ولكن هذه المرة، كان هناك سلسلة إضافية.
أسحار الذكرى: [بقايا رابطة الظل].
عندما ركزت على العبارة، ظهرت عدة رونيات جديدة إلى الوجود.
[ربط البقايا؟]
ترددت نيفيس لبضعة لحظات.
وتسارعت نبضات قلبها فجأة، ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة ناعمة.
ألقت نظرة على صني، الذي كان لا يزال نائمًا بسلام.
لقد وعدها بصنع نصلٍ يقتل السَاميين…
ويبدو أنه قد وفى بوعده.
كان الشعور الرقيق بالامتنان الذي شعرت به أقوى مما توقعت أيضًا.
نظرت نيفيس بعيدًا بقلق وأومأت برأسها.
“نعم.”
بدا السيف الطويل الجميل وكأنه يرن، وكأنه يجيب على ندائها…
وفجأة ومض بنور ساطع، وتحول إلى شعاع من النور النقي. وامتصت ذلك النور في يدها، مما أنار جسدها من الداخل… واندمج مع روحها وجسدها.
فأصبح جزءًا منها.
همست التعويذة في أذنها، بصوت هادئ وغريب:
[تم تدمير ذكراك.]
[…لقد اكتسبتِ سمة.]
***
“نعم.”
تحرك صني، لم يكن نائمًا تمامًا، ولكنه لم يكن مستيقظًا تمامًا أيضًا.
كان يشعر بالإرهاق… منهكًا بالكامل. كما كانت أيضًا في حالة إغماء تام، مما يعني أن جميع تجسيداته قد سقطت في سبات عميق. وكان لورد الظلال نائمًا على عرشه – بالطبع، سيكون كذلك. فبعد كل شيء، ركب الكابوس في رحلة عبر الأحلام منذ وقت ليس ببعيد. ونام معلم رَين أيضًا، مختبئًا بأمان في ظلها.
ولكنه أحتاج للاستيقاظ بسرعة، قبل أن يحدث شيء غير متوقع أو غير مرغوب فيه.
أما جسده الحقيقي…
‘متى فقدت الوعي، على أية حال؟’
قبل أن يتمكن صني من إيقاظ نفسه، أشرق وميض مبهر فجأة عبر جفونه. فتح عينيه بفزع، وتمكن للتو من التقاط لمحة من شعاع من النور الأبيض النقي يدخل جسد نيف.
انارها من الداخل للحظة، كما لو كان هناك نجم حقيقي يحترق في صدرها. ثم خفت الإشراق، وتمكن من رؤية ملامحها الجميلة بوضوح مرة أخرى.
بدت نيف بعيدة الذهن قليلاً، مع رأسها مائلًا قليلًا، وكأنها تستمع إلى شيء يحدث داخل روحها.
ولم يكن السيف الذي صنعه موجودًا في أي مكان…
استغرق الأمر من صني بضعة لحظات لفهم ما حدث.
اتسعت عيناه.
ونهض بسرعة، ونظر إليها بقلق ثم سأل على عجل:
“هل نجح الأمر؟”
لقد انهار صني من الإرهاق فور أن أكمل نسج ظل السيف وربطه بظل نيف، ولم تتح له الفرصة لدراسة النتيجة.
هل نجح الربط؟.
هل فعلت التعويذة ما كان من المفترض أن تفعله وأشرفت على العملية؟.
وبدرجة أقل أهمية، ولكن بفضول مماثل…
كيف سمت التعويذة الذكرى الجديدة؟، وما الوصف الذي أعطته لها؟.
عادةً، فصني هو من يسمي ويصف الذكريات التي يصنعها. ولكن إعادة تشكيل نصل الأحلام كانت مختلفة — فبعد كل شيء، لم يسحبها أبدًا من روح نيف. فقد كانت دائمًا ذكرى تابعة للتعويذة، وبالتالي تحت إشرافها.
توقفت نيفيس للحظة، ثم التفتت لتنظر إليه بابتسامة خافتة.
ومع ذلك، مدت يدها. وأنارت يدها بتوهج ناعم، وشعاع من النور الساطع انطلق منها، متخذًا شكل سيف طويل جميل.
انعكس نور الشمس على نصل السيف الفضي، مما جعل الغرفة تبدو أكثر إشراقًا.
أطلق صني تنهيدة ارتياح.
ولكن لم يكن هذا كل شيء…
بعد لحظات، اشتعل السيف الطويل بنور مشع، مما جعل حضوره يبدو أكثر رعبًا… وحتى طاغيًا. لابد أن نيفيس استخدمت طبيعتها لتعزيز قوته.
بدا النصل الفضي وكأنه خط ضيق من البياض النقي، وشق في نسيج الواقع يقسم العالم إلى نصفين. كان نقيًا وساطعًا لدرجة أنه صعب التمييز إذا كان السيف لا يزال مصنوعًا من الفولاذ، أم تحول ببساطة إلى شعلة متوهجة ضيقة.
ثم، تغير شكل السيف فجأة، وتحول إلى تيار من النار السائلة… أو المعدن المتوهج ربما. تدفق التيار أسفل ذراع نيفيس اليمنى، والتف حولها وتحول إلى سوار فضي.
درسته بفضول، ثم نظرت إلى صني بابتسامة مشرقة.
“نعم. لقد نجح.”
بدت نجمة التغيير الهادئة والرزينة…
تمامًا كفتاة متحمسة حصلت على لعبة جديدة لامعة.
نظر إليها صني، ولم يستطع عدم الابتسام أيضًا.
‘…ربما يجب أن أصنع لها بقايا مرتبطة بالروح بشكل أكبر.’
ترجمة امون