عبد الظل - الفصل 2317
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2317 : دودة الشك
أطلق صني تنهيدة طويلة، ثم غرق في التأمل. بقي يحدق في الشبكة لفترة، وعيناه غارقتين في ظل عميق… لكن في النهاية، نظر إلى كاي.
“نحن نفتقر إلى المعلومات حول قواعد هذا العالم، ومحاولة التعلم من خلال التجربة والخطأ تبدو خطيرة للغاية. هذا يضعنا في موقف سلبي مؤسف. ليس أمامنا خيار – أو على الأقل ليس خيارًا أفضل – سوى انتظار العدو ليقوم بحركته. سنتمكن من فهم المزيد عن لعبة آرييل من خلال مراقبة أفعال رجسات الثلج.”
عبس.
“لقد ذكرت أن الحشرات في خلية الجليد تبدو وكأنها بدأت تستيقظ ببطء، بينما الوحشان الآخران لم يتحركا بعد. وهذا ليس مفاجئًا، في الواقع، بالنظر إلى أنهما قضيا آلاف السنين سجينَين في هذه اللعبة. لكن… الآن بعد أن أصبحنا هنا، فربما سيستفيقان قريبًا.”
تأمل صني كاي لبضعة لحظات، ثم سأله:
“في هذه الأثناء… لقدتَ جنودًا في كابوسك الثاني وفي القارة القطبية الجنوبية، أليس كذلك؟ كما أنك قضيت وقتًا كافيًا مع مورغان لتتعلم منها شيئًا أو اثنين. برأيك، ما الاستراتيجية التي ينبغي أن نتبعها؟”
رفع كاي حاجبًا واحدًا وتردد لبضعة لحظات.
“أنا… متفاجئ قليلًا بسماعك تتحدث عن كابوسي الثاني، يا صني. لكن إن كنت تعلم ما حدث لنا في مملكة الأمل، فأنت تعلم أن الشيء الوحيد الذي قدتُ جنودي إليه هو موتهم. أما فيما يخص القارة القطبية، فدوري هناك كان مجرد قائد تكتيكي. كانت الاستراتيجيات العامة تُقرّر عادةً في مقر القيادة الرئيسي.”
ابتسم صني.
“يا عندليب… كاي، يا صديقي. أعلم أنك تعاني من عدم الثقة بالنفس، ولكن من فضلك، بحق السَاميين، لا تدع ذلك يتحول إلى عقدة نقص بسببي. لا يبدو التواضع المفرط جذابًا على رجلٍ نبيل مميز – حتى لو كان وسيمًا مثلك. لذا، توقف عن ذلك وتحمّل مسؤولية إنجازاتك، ولو مرة واحدة.”
نظر إليه كاي، بعاطفة غريبة مختبئة في عينيه الخضراوين المذهلتين.
تنهد صني.
فالقديس الساحر كان غالبًا لطيفًا أكثر مما ينبغي، لكن هذه لم تكن علّته الوحيدة. فقد كان يشك في نفسه، في أعماقه. وكان صني يعلم أن كاي لطالما شعر بنوع من عدم الأمان حيال مكانته في الفوج… ونتيجة لذلك، في العالم الأوسع أيضًا.
وكان يستطيع تفهّم هذه الشكوك إلى حدٍّ ما. فكل أفراد فوج نجمة التغيير كانوا أشخاصًا استثنائيين، كلٌّ منهم على طريقته – منذ شاطئ النسيان. كانت هناك نيفيس نفسها، وكاسي وموهبتها النبوية، وصني ولقاءاته المحتمة، وإيفي، التي نجت لسنوات بمفردها في شوارع المدينة المظلمة.
لاحقًا، ظهرت أيضًا جيت حاصدة الأرواح — سيدة يخشاها حتى القديسون.
وبالمقارنة، كان كاي شخصًا أكثر بساطة. لقد نجا من أخطار المدينة المظلمة داخل أسوار القلعة الساطعة، وجمع شظايا الروح لدفع جزية غونلوغ ببيع قدرته النادرة في السمة. من ناحيةٍ ما، كان يشبه شخصًا مثل آيكو أكثر من المحاربين الممجدين من حوله.
ومع ذلك، كان كاي ينهض دائمًا عندما يُطلب منه المساعدة – ليس بسبب هوس طاغٍ أو قدر محتوم، بل فقط بسبب نزاهته ومبادئه الفطرية. لم يكن مدفوعًا بقوة قاهرة… بل كان ببساطة يبذل ما في وسعه لفعل ما يعتقد أنه الصواب.
من أعماق الشاطئ المنسي المرعبة إلى امتداد مقبرة آرييل المظلمة، ارتقى كاي خطوة بعد خطوة حتى أصبح هناك قلة في هذا العالم يمكنها أن تقول إنها أنجزت أكثر، أو تحمّلت أكثر، من القديس العندليب – قاتل التنانين الشجاع.
لكن مشكلة كاي كانت أن نظرته لنفسه لم تلحق بإنجازاته أبدًا.
وقد لا يكون صني مرتاحًا لرؤية صديقه يقلل من شأن نفسه باستمرار، لكنه كان يعلم أنه لا يستطيع فعل الكثير حيال ذلك. فبعض ما يؤمن به كاي عن نفسه كان يحمل شيئًا من الحقيقة – إذ يصعب على أي شخص، وليس فقط هو، أن يقارن نفسه بكائنات غامضة مثل صني أو نيفيس أو غيرهم من القوى العظمى التي تدور في فلكهم.
لكن الآن… الآن، لم يعد عدم ثقة كاي بنفسه مجرد أمرٍ غير مستحق، بل أصبح مشكلة حقيقية. فالسياديون متغطرسون بطبيعتهم — لا بد أن يكونوا كذلك. إذ لا يمكن إلا لشخص واثق تمامًا من قضيته أن يكون جريئًا بما يكفي ليفرض إرادته على العالم.
فكيف يمكن لمن يشك في نفسه أن يُقنع العالم بالخضوع؟.
ولهذا، كان صني يأمل أن يُخرج كاي من وهمه السخيف بأنه أقل شأنًا من الباقين.
‘آه، أنا حقًا لستُ الشخص المناسب لهذه المهمة…’
في الواقع، كان ربما أسوأ خيار ممكن – فلم يكن صني بارعًا أبدًا في التعامل مع الناس. لقد كان سيئًا للغاية لدرجة أنه انتهى به الأمر بالعيش وحيدًا في عزلة، مرّاتٍ عدة في حياته، حتى بدأ يفقد صوابه ببطء.
لكن في الوقت ذاته، كان أيضًا أفضل خيار.
لأن كاي كان شديد الحساسية تجاه الكذب والتصنّع، بينما لم يكذب صني قط.
نظر كاي إليه بتعبير غريب لبرهة.
وفي النهاية، سأله بنبرة حذرة:
“ساني… هل تعتقد أنني وسيم؟”
رمش صني عدة مرات، مذهولًا.
“هـ-هذا… هذا ما خرجتَ به من كل ما قلتُه؟!”
تنهد ببطء، أثناء صر أسنانه.
“أيها الوغد، هل تحاول انتزاع المديح الآن؟ حسنًا، نعم، أعتقد ذلك. أسلوبك لا تشوبه شائبة، ووجهك سلاح دمار شامل. أسعيدٌ الآن؟!”
ابتسم كاي بابتسامة مشرقة.
“شكرًا جزيلاً! هذا يعني لي الكثير، خصوصًا عندما يأتي من صاحب لقب حلوى العيون في فـ…”
“اصمت!”
تنهد صني غاضبًا وأشار إلى خريطة لعبة آرييل.
“الاستراتيجية! تذكُر؟”
واصل كاي ابتسامته لبضع لحظات، ثم التفت إلى الشبكة المرسومة في الرماد. تنهد بهدوء.
“نحن لا نعرف الكثير حقًا عن كيفية عمل هذه اللعبة، ولكن عمومًا… الجبل الذي نحتله الآن هو القلعة، مما يُشير إلى نوعٍ من المزايا الدفاعية. يقول المنطق العام إن علينا استغلال هذه التحصينات لصد العدو، لكن في الواقع، مثل هذه الاستراتيجية ستقودنا فقط إلى الموت. بما أن قوى العدو ساحقة، فإن تحصين أنفسنا داخل خطة دفاعية لن يؤدي إلا إلى تأجيل هزيمتنا.”
أومأ صني برأسه.
كان كاي، بلا شك، محقًا في كلامه.
ترجمة آمون