عبد الظل - الفصل 2277
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2277 : هذه ليست ترنيمة
في النهاية، رمقت إيفي صني بنظرة غاضبة وتمتمت:
“كنت أفضلك أكثر عندما كنت السيد بلا شمس…”
ضحك صني بهدوء.
“لكنني ما زلتُ نفس الشخص.”
تنهدت إيفي واتكأت للخلف، وهي تلتقط فطيرة من الصينية.
“لكنك أيضًا فائق قوي يتجول ويقطع رؤوس السياديين…”
رفع صني حاجبه. ثم هزّ كتفيه بلا تعبير.
“أنتِ أطيب أم في العالم، لكنك أيضًا متسامية تمزق مخلوقات الكابوس العظيمة بيديكِ العاريتين. يمكن للمرء أن يكون أكثر من شخص في الوقت ذاته.”
ابتلعت إيفي الفطيرة وأعطته نظرة راضية.
ثم لمعت عيناها بنظرةٍ خطرة.
“لست شخصًا واحدًا فقط، كما تقول؟ هذا يذكّرني…”
ولحسن الحظ، قُطع كل ما كانت تنوي قوله بصوت باب يُفتح.
دخلت كاسي إلى غرفة المعيشة، وهي تحمل كومة من المستندات معها.
“أوه، أنتم جميعًا هنا بالفعل. دعونا نبدأ – نيفيس يجب أن تنتقل إلى البند التالي في جدولها بعد أربعٍ وثلاثين دقيقة.”
وهكذا بدأت جلستهم القصيرة. بصفتها الحاكمة العليا للبشرية، كانت نيفيس مشغولة بلا نهاية – إن لم تكن على أرض المعركة، فعادةً ما كانت تغرق في سلسلة لا تنتهي من الاجتماعات الإستراتيجية والنقاشات. وكان عليها يوميًا اتخاذ قرارات كثيرة، الكثير منها قد يغيّر مستقبل البشرية.
بالطبع، كانت ميزة الوجود على قمة السلطة أنها تمتلك موارد هائلة تحت تصرّفها، وأهمها الموارد البشرية. كان أفضل وأذكى ممثلي البشرية على استعداد دائم لتلبية نداءها، وتقديم النصائح، وتحمل مسؤوليات مختلفة. وبمساعدة كاسي، قامت نيفيس ببناء هرم تفويض فعال.
كان جهاز نطاق البشرية يعمل كآلة مصقولة.
وكانت أثمن موارد العالم هي المواهب، وكان عدد لا يُحصى من أصحاب المواهب يعملون معًا لتحقيق أهدافها. ومع ذلك… حتى هذا لم يكن كافيًا. ولهذا، أصبحت إحدى أهم أولويات النظام الجديد هي البحث عن المواهب ورعايتها.
مواهب إدارية، مواهب علمية، مواهب هندسية… تم توظيف جميع أنواع الناس ومنحهم فرصًا واسعة لإظهار مواهبهم المختلفة، وللنمو كذلك.
ولكن الأهم من ذلك كله، بالطبع، هو رغبة نيفيس في تنمية القوة.
فالبشرية بحاجة إلى المحاربين أكثر من أي شيء آخر.
لذلك، شُجِّع الجميع على أن يصبحوا أقوى. شُجِّع المستيقظون على أن يصبحوا أسيادًا، والأسياد – على أن يصبحوا قديسين. وتم تشجيع القديسين على بلوغ أقصى إمكاناتهم بل وحتى تحدي الكابوس الرابع إن رغبوا – رغم أن أحدًا لم يفعل ذلك حتى الآن. ونتيجة لذلك، ازداد عدد الأبطال في جميع المراتب بسرعة كبيرة خلال السنة الماضية.
وساعد في ذلك كثيرًا عودة عدد لا يُحصى من المستيقظين عديمي الخبرة من قبر السَّامِيّ وقد أصبحوا محاربين مخضرمين.
..وطبعًا، كان يتم تشجيع البشر العاديين على أن يصبحوا مستيقظين.
الآن بعد أن هاجر الناس جماعيًا بأعداد كبيرة إلى عالم الأحلام، تغيّرت طبيعة الاستيقاظ.
في السابق، كان على المرء أن يكون مختارًا من قبل التعويذة كي يتمكن من تحدي الكابوس الأول. أما الآن، فكل من عبر بوابات النوم يستطيع فعل ذلك. كل ما عليهم فعله هو أن يطلبوا ذلك.
ولم يعودوا بحاجة للرجوع إلى عالم اليقظة بمساعدة قديس، ولا مغادرة نطاق نيف. كان يكفي أن يتمنوا ذلك بصدق في قلوبهم.
وبمجرد أن تشعر نيفيس برغبتهم القوية في تحدي الكابوس، كانت قادرة على رفع الحماية عنهم داخل نطاقها.
والغريب، أن الناس أصبحوا يميلون لفعل ذلك معًا. الأماكن التي كانوا يجتمعون فيها للتعبير عن رغبتهم كانت هادئة ومهيبة، وكانوا يتأملون بصمت لساعات، وأحيانًا لأيام… وبالنسبة لصني، كانوا يبدون مثل مؤمنين راكعين في معبد يؤدّون صلواتهم.
في الواقع، كان من المقلق رؤية مدى سهولة نسيان الناس أن نيفيس إنما هي بشرية أيضًا، وبدأوا يتعاملون معها كسَامية.
وهو كان يعلم تمامًا أن هذا التطور الغريب لم يكن له علاقة بما كانت تريده نيفيس أو كاسي.
في الواقع، كانتا تردن العكس تمامًا، لأن الإيمان بسَامية خيّرة يغرس في الناس – ولو بشكل غير واع – الثقة بأنها ستنقذهم، بدلًا من أن يُلهمهم بالسعي لامتلاك القوة الكافية لإنقاذ أنفسهم.
أرادت نيفيس أن تصبح ما ظن الناس أنهم قادرون على تحقيقه، وليس كائنًا أسمى لا يمكن بلوغه أبدًا.
…على أي حال، كان عدد المستيقظين يزداد شهرًا بعد شهر. لم يعد عليهم انتظار الانقلاب الشتوي – فقد أصبح كافيًا عبور بوابة الأحلام وربط أنفسهم بالقلعة ليصبحوا مستيقظين، حتى وإن كان البعض لا يزال يختار اجتياز الاختبار الثاني للتعويذة دون مساعدة.
هذه الواقع الجديد جلب معه عواقب لم تكن متوقعة. على سبيل المثال، ولأول مرة منذ تأسيسها، اضطرت أكاديمية المستيقظين إلى التغيير وفتح أبوابها أمام الناس العاديين. فبما أن أي شخص أصبح بإمكانه أن يصبح نائمًا إذا رغب، لم يعد من المنطقي حرمان الشباب الطموحين من أفضل تعليم ممكن.
لكن الجانب الآخر من هذا التغيير كان أكثر قتامة.
كان الناس يُشجعون على أن يصبحوا أقوى، لكن لم يُجبَروا على ذلك. ومع ذلك، فإن عددًا متزايدًا من البشر العاديين بدأوا يتحدون الكابوس الأول، وعددًا متزايدًا من المستيقظين بدأوا يتحدون الثاني، وعددًا متزايدًا من الأسياد بدأوا يتحدون الثالث. عدد المحاربين البشريين من الرتب المستيقظة والصاعدة والمتسامية كان في ازدياد…
ولكن لم ينجُ جميع المتحدين. فمقابل كل من نجح، كان هناك عدد أكبر ممن فشلوا.
كان الحصاد الكئيب للأرواح الذي جمعته تعويذة الكابوس وفيرًا كما لم يحدث من قبل، باستثناء ربما الأيام الأولى لنزولها.
وفي الوقت نفسه، كانت المزيد والمزيد من بوابات الكابوس تنفتح في عالم اليقظة، ومع كل يوم، يُصاب المزيد من الشباب بتعويذة الكابوس.
وللأسف، لم يكن بوسع نيفيس فعل الكثير حيال ذلك، حتى لو أرادت. إن نطاق السيف ونطاق الأغنية كانا يقومان على الأساسات التي أرستها تعويذة الكابوس، على القلاع. أما نطاقها، فلم يكن له حدود مادية، بل وُجد في قلوب أولئك الذين استلهموا منها.
لقد شمل كلا العالمين… لكن نيفيس وصني سرعان ما اكتشفا أن التأثير الطاغي للنطاقات على بذور الفساد الصغيرة المختبئة في قلوب المتحدّين لم يكن في الحقيقة تجلٍّ لقوة السيادي.
في الواقع، كان هذا تأثيرًا من آثار السحر الموجود في القلاع – تمامًا كما أن الكوابيس نفسها كانت وظيفة من وظائف هذا السحر، تمنح الناس فرصة لتدمير البذور قبل أن تتفتح.
ولهذا، فإن أتباع نيفيس الذين كانوا يعيشون داخل مجال تأثير قلاعها فقط هم من استطاعوا النجاة من الكابوس الأول.
ولهذا أيضًا، كان بإمكان سكان حديقة الليل عبور العالم إلى الأرض والنجاة من المحنة القاتلة، أما الشباب المصابون في عالم اليقظة فلم يكن بإمكانهم الاعتماد على سَاميتهم لإنقاذهم من لقائه.
كل ما أمكنهم فعله هو عبور بوابة الأحلام لتأجيل بداية الكابوس إذا أرادوا ذلك… وكان لديهم وقت كافٍ للهروب.
وفي النهاية…
استجمعت البشرية شجاعتها وبدأت تسعى نحو آفاقٍ أعلى.
لكن، في ظل تمردها، كانت لا تزال هناك جبلٌ من الأحلام المحطّمة يختبئ في أنقاض عالمٍ مُدمّر.
ترجمة آمون