عبد الظل - الفصل 2268
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2268 : لعنةٌ لا تُكسر
أطلق الهيكل العظمي القديم تنهيدةً، وأدار جمجمته لينظر إلى صني. بقي صامتًا لبعض الوقت، ثم قال بنبرة محايدة:
“أما بالنسبة لسؤالك الأصلي… تُسمى الكائنات المقدسة بالأرواح، لأن هذا ما هي عليه. إنها أرواح الأماكن، والمفاهيم، والقوانين… حسنًا، بطريقة ما. في الواقع، كانت كلمة الشَيَاطِين تعني الشيء نفسه في الأصل ‘1’. لأن الشَيَاطِين كانوا أول الكائنات المقدسة، وبالتالي أول الأرواح.”
رفع صني حاجبه.
“ماذا؟ ألم يكن الشَيَاطِين ساميين؟”
أومأ يوريس.
“أوه، كانوا كذلك. لكنهم لم يُولدوا ساميين. عند فجر عصر السَاميين، كان الشَيَاطِين السبعة المولودون حديثًا مجرد كائنات مقدسة. لكنهم أصبحوا ساميين بسرعة، وكأن ذلك كان في طبيعتهم ذاتها. كان ويفر الأول، ونيذر الأخير. وهذا ملائم جدًا.”
وبينما كان يقول تلك الكلمات، انجرفت شرارات نور قليلة فوق صني، مما جعله يعبس.
كانت روحه لا تزال تتعرض للتدمير على يد عالم الظل.
ولذلك، لم يكن لديه الكثير من الوقت ليضيعه.
نهض من كرسيه، وألقى نظرة على يوريس وسأله:
“أفترض أنك لن تخبرني ببساطة بكل شيء عن الشَيَاطِين، والسَاميين، وحرب الهلاك، والتسعة… وبالأخص عن ويفر؟”
ضحك الهيكل العظمي القديم بسخرية.
“أعتقد أنني أخبرتك بما يكفي، ألا تظن؟”
عبس صني، ثم أومأ بإيجاز.
“استعد للموت، إذًا.”
تريث لبضعة لحظات، ثم أضاف بصوت أقل حزمًا:
“أو… لا أعلم. استعد لتكون مستعدًا للموت؟ لست متأكدًا إن كان بوسعي قتلك بعد.”
حدق به الهيكل العظمي القديم مبتسمًا.
“هناك طريقة واحدة فقط لمعرفة ذلك، صحيح؟”
بقي صني ساكنًا لبرهة، يجمع شتات نفسه.
ثم مدّ يده إلى الظلال وشكّلها في هيئة أوداتشي أسود مرعب. وبما أن جوهره كان فائقًا الآن، فإن سيف الظل الذي صنعه كان بدوره سلاحًا فائقًا – وسلاحًا فائقًا فتاكًا على نحو هائل، بالنظر إلى أنه صُنع من الظلمة القديمة لعالم الظل.
تأمل صني يوريس لبرهة. لم يكن قتل هيكل عظمي خالد أمرًا بسيطًا. فبالنهاية، لم يكن يوريس يملك قلبًا نابضًا أو دماغًا وظيفيًا يمكن تدميره. لم يكن بوسعه أن ينزف حتى الموت أو أن يستسلم لجراح مميتة. بل في الحقيقة، لم يبدو أنه يملك روحًا أصلًا – على الأقل ليس واحدة يستطيع صني رؤيتها أو الشعور بها.
بل حتى ظله لم يكن يختلف عن ظلال الأشياء الجامدة.
كانت البيئة المحيطة مظلمة، لكن تواجد نورٌ بعيد من عاصفة جوهر هائلة لا يزال يصل إليهم. لذا، كان يمكن بالكاد رؤية ظل الهيكل العظمي القديم ممددًا على الغبار الأسود تحته.
أخذ صني نفسًا عميقًا، ورفع أوداتشيه، وصاغ إرادته في هيئة نصل قاتل.
ثم طعن بسيفه نحو الأسفل، مشبعًا إياه بنية قتل استبدادية – ضربة قاتلة وفتاكة بقدر ما يستطيع أن يحشد. انزلق نصل الأوداتشي بين أضلاع الهيكل العظمي، ومر عبر المكان الذي كان سيكون فيه قلبه، وانغرس في الظل من تحته.
هبّت عاصفة رياح قوية فوق مقبرة الثعابين، وتأوهت الأعمدة الشاهقة من العظام القديمة، وسقط بعضها مدويًا في مكان ما في الأفق.
ارتفع سحابة من الغبار في الهواء.
وبحلول الوقت الذي هدأ فيه الغبار، كان يوريس ممددًا بلا حراك على الأرض، يحدق في صني بعينين خاويتين عديمتي الحياة. وبعد بضع ثوانٍ، قال:
“حسنًا… هذا مخيبٌ للآمال.”
نقر صني بلسانه.
“اللعنة. هيه… المشكلة ليست فيّ، بل فيك! أنا لست سيئًا في القتل، بل أنت فقط صعبٌ القتل بشكل مبالغ فيه. هل يمكن قتلك أصلًا؟”
أطلق يوريس تنهيدة طويلة.
“يُفترض أن ذلك ممكن. أعتقد أنكَ لست قويًا بما يكفي لكسر لعنة سَامي الظل بعد، يا فتى.”
بقي صني صامتًا لفترة، ثم بدّد الأوداتشي الأسود وتراجع خطوة إلى الخلف.
“سأصبح أقوى إذًا. أنا جديد نسبيًا في كوني فائقًا… ربما ستتغير الأمور عندما أتعلم استخدام قوتي بشكل أفضل.”
تردد للحظة، ثم سأل بنبرة محايدة:
“لستَ في عجلةٍ من أمرك، صحيح؟”
لم يُجب يوريس على الفور. وفي النهاية، ضحك.
“لقد رأيتَ أولئك المساكين في الصحراء البيضاء. كانوا يقاتلون بعضهم البعض منذ آلاف السنين، وليسوا على وشك التوقف. لكن… رغم أنهم يحملون نفس اللعنة التي أحملها، فهم يختلفون عني. لأنهم فقدوا ذواتهم منذ زمن، وتحولوا إلى قشور بلا عقل.”
خفتت ضحكته.
“أما أنا، فقد تمكنت من الحفاظ على معظم نفسي سليمة. ليس بقوة الإرادة أو لأنني مميز، بل ببساطة لأنني كنت مسمّرًا على تلك الشجرة اللعينة قبل أن تنتهي المعركة. كانت الشجرة هي ما أبقاني سليمًا. لكن الآن وقد تحررت، فسأتحول إلى وحش بلا عقل مثلهم قريبًا. يا للأسى! كنت آمل أن أموت قبل أن يحدث ذلك.”
حدق فيه صني بحزن لبرهة.
“وكم من الوقت بقي لك؟”
هز يوريس كتفيه وأجاب بلا مبالاة:
“أكثر مما تبقى لعالمك، على ما أظن.”
أومأ صني.
“سأعود إذًا لأحاول قتلك عندما أكون أقوى. ربما عندما أصبح روحًا، وربما قبل ذلك.”
وعندما بدّد كرسي الظل واستدار ليرحل، ناداه يوريس بصوت أجش:
“ألم تسمع ما قلتُه، يا فتى؟ لا فرصة لك في أن تصبح روحًا. هذا مستحيل!”
ابتسم صني.
“سمعتك جيدًا. لكن… ومن قال؟ تغيّر العالم كثيرًا منذ زمنك، يوريس. وإن لم يتغير بما فيه الكفاية… حسنًا، فسأضطر لتغييره أكثر.”
أصبح فأر الضواحي ملكًا.
وإن كان ذلك ممكنًا، فلماذا يكون التحول إلى سَامٍ أمرًا مختلفًا؟.
خاصةً إذا كانت رفيقته ليست سوى نجمة التغيير.
وبينما كان يبتعد، رفع صني يده ولوّح بها.
“سأقتلك قريبًا، يوريس من التسعة!”
***
1: الشَيَاطِين مع تشكيل ترمز الى كلمة DAEMONS والتي تأتي أيضًا بمعنى أرواح او ساميين أدنى.
ترجمة آمون