عبد الظل - الفصل 2412
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفضل 2412 : تهويدة ويفر
لقد كان أمامه طوال الوقت. لقد قال وصف نسيج العظام ذلك:
[عندما تمرّد أبناء الـ -المجهول- ضد السَاميين، كان ويفر الوحيد الذي رفض نداء الحرب. ممقوتًا ومطاردًا من كلا الجانبين، اختفى دون أثر. لم يعرف أحد إلى أين ذهب ويفر، ولا ما الذي فعله… إلا بعد فوات الأوان.]
إلى أين ذهب ويفر؟ وما الذي فعله؟.
لقد ذهب ليصنع تعويذة الكابوس.
كان صني مرتبكًا حين رأى الصورة الأخيرة للرؤية التي عرضتها له تضحية تمثال طاغية الثلج، لكنه أدرك الحقيقة الآن. الفراغ الشاسع، متاهة النجوم، ثم خيوط من النور الفضي تربط بينها. ما رآه كان ولادة تعويذة الكابوس، أو بالأحرى، تطوّرها من حالتها الوليدة إلى القوة الكونية التي أصبحت عليها اليوم. إلى نسخة ويفر من القوانين المطلقة.
كانت النجوم الكثيرة المشتعلة في الفراغ الأسود أرواح الكائنات الحية. كانت النجوم الأصغر هي أرواح البشر، بينما النجوم الأشد سطوعًا تعود إلى الأرواح والكائنات السَامية. وبينما احترقت معظمها في عزلة موحشة، كانت بعض الأرواح قد اتصلت بالفعل بخيوط باهتة من النور الفضي – وكانت تلك أرواح الحاملين الأوائل لتعويذة الكابوس الوليدة، مثل أنانكي وشعبها.
اختار ويفر كهنة من بين البشر أولًا، وأرسلهم لينشروا التعويذة بين اللاجئين اليائسين من حرب الهلاك. وفي فوضى نهاية العالم، انتشرت كالنار في الهشيم، دون أن يلحظها أحد أو يُقيّمها كما ينبغي. واضعة أساسًا لما سيصبح لاحقًا شكلها النهائي.
وببطء، وصلت إلى لحظتها الحرجة.
فكل ما كانت تحتاجه لتتطور إلى عظمتها الطاغية الحقيقية، في تلك اللحظة، كان محفزًا. وذلك المحفز هو ويفر. موته، على وجه التحديد.
عندما قتلت القاتلة شيطان القدر أمام بوابة الفراغ، والتي، على ما يبدو، كانت مخبأة في قلب سَامي الظل، أصبحت أنوية الأرواح السبع السامية للشيطان الغامض هي مراسي التعويذة الكبرى المنسوجة من خيوط القدر، مكتملةً بها.
لا، بل مطلقة انطلاقتها وانتشارها واكتمالها. لكي تُصبح ما صٌنعت لتكونه حقًا، كانت التعويذة بحاجة إلى وقود أكثر بكثير من مجرد روح ويفر.
فبدأت تلتهم السَاميين. وتلتهم الشَيَاطِين كذلك.
كانت الكوكبات الإحدى عشرة المتألقة التي رآها صني تُلتهم بمجسات هائلة من النور الفضي تعود للسَاميين الستة والشَيَاطِين الخمسة المتبقين. وبحلول الوقت الذي أدركوا فيه ما فعله ويفر، كان الأوان قد فات لإيقافه. وهكذا، أصبحت أنوية أرواحهم السامية اللامعة عُقَدًا في نسيج التعويذة كذلك.
هكذا انتهت حرب الهلاك. بويفر يُلقي تعويذة على الفراغ من وراء القبر.
‘الفراغ؟.’
لا. لا، لم تُلقَ التعويذة على الفراغ. لقد أُلقيت على الكائن الذي كان نائمًا في الفراغ، والذي كان من المفترض أن يستيقظ ويستهلك كل الوجود عندما تُفتح بوابة الفراغ. وقد فُتحت، حتى وإن كان صني لا يعرف حتى الآن مَن الذي فتحها.
ضحك ضحكةً مكتومة.
‘لا يُصدق.’
تعويذة الكابوس. لم يخطر في بال صني قط أن يتساءل لماذا سُمّيت بهذا الاسم. كابوس مَن ذاك الذي منح التعويذة اسمها؟ لقد افترض فقط أنها كابوس كل مَن يُصاب بها، أو على الأقل أولئك الذين يعيشون في عالم تجتاحه مخلوقات الكابوس والتعويذة المنفلتة.
لكنه كان مخطئًا. في الحقيقة، كانت كابوس السَامي المنسي. كانت تعويذة الكابوس تهويدة.
كانت سحرًا صُنِع ليُعيد سَامي الفساد إلى سباته بمجرد أن يفتح أحدهم – ربما التسعة – بوابة الفراغ ويوقظه. ولماذا لم يُدمَّر الوجود عندما تحرّر السَامي المنسي؟ لأنه، بعد هروبه من الفراغ، سُجن في مكان آخر. سُجن داخل كابوسٍ لا ينتهي.
كان السَامي المنسي نائمًا يحلم. ببذور الكابوس، ببوابات الكابوس، بمخلوقات الكابوس، وبالفساد المنتشر… كانت كلها مجرد تجليات لكوابيسه، تنتشر ببطء في ما تبقى من الشعلة.
‘انتظر… انتظر.’
اتسعت عينا صني. كانت التداعيات أكبر من أن يستوعبها بسهولة. موت السَاميين، نهاية الحرب… غاية التعويذة؟ نية ويفر المخفية؟ لم يكن واثقًا من استنتاجاته بعد، لكن إن كان على حق، فبوسعه استنباط حقيقةٍ نهائية واحدة.
لطالما ظن أن الكابوس السادس – الكابوس الذي سيجعل من ينجو منه كائنًا ساميًا – هو الأخير. لكن إن كانت التعويذة قد أُطلقت لتُعيد السَامي المنسي إلى النوم، فهذا يعني أن هناك كابوسًا أخيرًا بعد ذلك.
الكابوس السابع. حيث سُجن السَامي المنسي، حالمًا بقلق. الصراع الذي كُتب على المتحدّين لهذا الكابوس المخيف أن يحلّوه… هو الصراع الذي يعصف بكل الوجود. قدّر الشعلة.
“أنا، أفهم الآن.”
كانت التعويذة تُبقي السَامي المنسي محبوسًا في كابوس. وفي الوقت ذاته، كانت تُنمّي البشر بقسوةٍ ليصيروا السَاميين الجُدد. ويقتلوه. تلك هي حقيقة العالم المحتضر.
بقي صني ساكنًا لفترة طويلة، ثم تنهد تنهيدةً عميقة.
“آه، هذا، طموحٌ مبالغ فيه قليلًا، حتى بالنسبة لي.”
لقد وعده شيطان القدر بأن يُريه كيف يقتل السَاميين. لكن، حقًا… كان ويفر بإمكانه أن يعده بأن يُريه كيف يُصنع السَاميين. ذلك الشيطان الخسيس.
“وما الذي نعتني به ويفر، بـحق الجحيم؟ إبيغون – الخليفة الأدنى؟ يا للوقاحة، يا لها من كلماتٍ جريئة، تصدر من شخصٍ – هو سُبع سَامٍ مختلٍ عقليًا!”
ربما كان صني قد تعثّر بالغرض الحقيقي من مخطط ويفر. لكن ذلك لا يعني أنه مضطر إلى تحقيقه.
فبعد كل شيء، كان قتل السَامي المنسي هدف ويفر. أو يبدو أنه هدفه، على الأقل. لكنه لم يكن هدف صني، ولا هدف أعوانه ورفاقه. ولا هدف نيفيس. كان هدفهم ببساطة هو أن يضمنوا نجاة البشرية، وأن يبنوا لها موطنًا جديدًا في عالم الأحلام. كان عليهم أن يصبحوا السَاميين ليحققوا ذلك، لكن قتال السَامي المنسي؟ رغم أنه يعني حلّ جذور المشكلة، إلا أنه أيضًا يتجاوز ما أرادوا تحقيقه.
كانوا يريدون بناء ملجأ من العواصف، وليس محو مفهوم العاصفة من الوجود.
من كان ليتخيل أن يصبح التحول إلى سَامٍ هدفًا متواضعًا، ذات يوم؟.
ابتسم صني بقتامة.
“فليذهب ويفر إلى الجحيم.”
لم يكونوا دمى تتحرك حين يشدّ شيطان ميت الخيوط. بل سيقررون بأنفسهم ما يريدون فعله، وما الثمن الذي هم مستعدون لدفعه لتحقيق أهدافهم.
في تلك اللحظة، اهتز الجبل بعنف أخير، وشعر بأنه يُدفع خارج النطاق المصغر للعبة آرييل. واختفت قلعة الثلج الشاسعة، ولبرهة، أصبح كل شيء مظلمًا. أو بالأحرى، أصبح كل شيء عدمًا، لا مكان له، لا يمكن إدراكه.
ثم رأى صني سقفًا مألوفًا بدرجة مبهمة فوقه. وسمع صوتًا مألوفًا جدًا.
“حسنًا، حسنًا، حسنًا. أنظروا من قرر أخيرًا أن يظهر!”
تأوه صني، وشعر بعددٍ لا يُحصى من وجهات النظر وأسابيع من الذكريات تنهار على ذهنه دفعة واحدة. وكان الصوت صوته، بطبيعة الحال.
ترجمة آمون