ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية - الفصل 35
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية
الفصل الخامس والثلاثون:
⦅سأُخبرك الآن♡⦆
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
نادراً ما كان شيا فِنغ يغادر العمل في الوقت المحدد، لكنّه الليلة حظيَ بفرصة نادرة للمغادرة مبكراً. لم يعلم السبب، لكنّه لم يستطع الانتظار لرؤية يو دونغ، لذا قاد سيارته إلى محطة الإذاعة التي تعمل بها وأصغى إلى بثّها الإذاعي.
وأثناء إلقاء يو دونغ لكلمات الختام، لم تكفّ عينا شيا فِنغ عن التطلّع نحو أبواب المبنى. وأخيرًا، رأى يو دونغ تخرج وهي تضع وشاحًا حول عنقها.
“يو دونغ!” نادى شيا فِنغ وهو يترجّل من سيارته، ولوّح لها مبتسمًا.
في البداية، نظرت يو دونغ حولها بحذر، لكنّها ما إن أدركت أنّه شيا فِنغ، حتى ركضت نحوه.
“ما الذي أتى بك إلى هنا؟” سألت يو دونغ.
“شعرت فقط أنّني لم أقم بإيصالك منذ مدّة.” قال شيا فِنغ وهو يعدّل وشاح يو دونغ الذي ارتخى بسبب عجلتها.
“أنا أقود إلى العمل كل ليلة، لماذا أحتاجك لتوصلني؟” ضحكت يو دونغ.
“لكنني أريد ذلك!” ربما بسبب الإضاءة الخافتة، شعرت يو دونغ أنّ نظرات شيا فِنغ الليلة كانت رقيقة للغاية.
لم تعلم إن كان ذلك بسبب الطريقة التي نظر بها إليها، أو لأنّ هذا الجوّ كان يخلو من الغموض، لكنّها شعرت ببعض الارتباك. خفضت رأسها، وبدأت تحكّ الأرض بحذائها.
مشاعر النساء غريبة. حين لا يعجبهنّ أحد، يستطعن المزاح معه بجُرأة، لكنّهنّ إذا أحببن أحدًا، يُصبحنَ متوترات وخجولات.
كانت يو دونغ قد بدأت تهتم بشيا فِنغ، لذا بدأت تفرط في التفكير.
لقد بدأت تحبّه أكثر فأكثر، وإن لم يكن هذا الحبّ في نهاية المطاف على قدر توقّعاتها، فستكون محطّمة. لقد كانت يو دونغ قلقة من هذا الأمر منذ زمن طويل.
لكنّها لم تكن تفكّر في ذلك لوقت طويل، إذ كانت تشعر بعدم ارتياح بمجرد مجرّد التفكير به.
لذا، وكما في حياتها السابقة، كانت تُجهد نفسها بكلّ طاقتها حتى لا يتسنّى لها التفكير في أمور محبطة كهذه.
حقًا، لم تكن يو دونغ ترغب في التشاؤم، لم تكن تريد أن تخسر شيا فِنغ، لم تكن تريد أن تتعامل معه كهدف، بل فقط أن تكون سعيدة إلى جانبه.
“فيما تفكرين؟” طرق شيا فِنغ رأس يو دونغ برفق.
“آه…” رفعت يو دونغ رأسها، وكانت عيناها المستديرتان تلمعان. “لا أفكّر في شيء.”
“إذًا، لماذا رأسك منحنٍ إلى الأسفل؟” من الواضح أنّ شيا فِنغ لم يصدّق هذه الكذبة المكشوفة.
“كنت أضحك.”
نظر إليها شيا فِنغ، مرتبكًا.
ابتسمت يو دونغ وقالت: “أنت أتيت لإيصالي، لذا أنا سعيدة. لكن لا أريدك أن تعرف، لا أريدك أن تكتشف كم يسهل إسعادي.”
“أنتِ…” لم يستطع شيا فِنغ منع نفسه من الضحك. أمسك بيدي يو دونغ وسأل: “هل تشعرين بالبرد؟”
هزّت يو دونغ رأسها نافية.
“فلنتمشَّ قليلاً!” قال شيا فِنغ.
تفاجأت يو دونغ قليلًا، لكنها لم ترفض؛ فلا بدّ أنّ لدى شيا فِنغ شيئًا يودّ قوله.
كانت الشوارع هادئة، خالية على نحوٍ خاص في هذا الوقت المبكّر من الليل. تمرّ بين الحين والآخر سيارة أجرة، تُبطئ لتتحقّق إن كانا يحتاجان توصيلة.
كان شيا فِنغ، وهو يُمسك بيد يو دونغ، يسير على الطريق المستقيم دون وجهة محددة.
“لم أتمشَّ هكذا منذ وقت طويل.” قال شيا فِنغ فجأة. “إنه هادئ للغاية!”
“هل تُحبّ الهدوء؟” سألت يو دونغ.
“إنّه يُشعرني بالطمأنينة!” شعر شيا فِنغ أنّه يستطيع الاستمتاع بهذا النوع من السكون.
“لكنّي لا أحبّه كثيرًا.” نظرت يو دونغ إلى الأضواء النيونية البعيدة، وقالت بصوت خافت: “إنه يجعلني أشعر بالوحدة.”
لم تكن تعلم السبب، لكنّها شعرت في هذه اللحظة بثقل الحزن. شعرت وكأنّها طائر تائه يبحث عن طريق العودة إلى عشه، أو كغريبٍ قد طال اغترابه.
شدّد شيا فِنغ قبضته على يد يو دونغ، ثم التفت نحوها وقال: “سأكون إلى جانبك.”
“هممم!” ربما كان سبب هذا الردّ المتكلف هو تأثير حياتها السابقة على مشاعرها الحالية.
“اليوم، طلبت منا المستشفى تقديم جدول المناوبات لعطلة رأس السنة.” غيّر شيا فِنغ الموضوع، وقال: “لن أكون في مناوبة هذا العام.”
أضاءت ملامح يو دونغ من الفرح. “إذًا يمكنك أن تسترخي وتستريح.”
“نعم!” أومأ شيا فِنغ، ثم سألها بحذر: “فهل يمكننا أن نستغلّ هذه الفرصة لزيارة والديك؟”
تجمّدت يو دونغ عند سماع ذلك. اتسعت عيناها من الدهشة، وبدا فيها شيء من الفرح، لكنّ تعبيرها كان يحمل نظرة معقّدة وهي تحدّق في شيا فِنغ.
“ما الأمر؟” سأل شيا فِنغ بهدوء، “ألستِ راغبة؟”
هزّت يو دونغ رأسها بسرعة. “لقد كنتُ بانتظارك لتتخذ هذه المبادرة وتذكر الأمر بنفسك.”
وهذه المرّة كان دور شيا فِنغ في الذهول. شعر بشيء من الذنب وقال: “آسف، كنتُ عاجزًا، كان عليّ أن أطلب ذلك منذ زمن.”
هزّت يو دونغ رأسها من جديد.
“إن نسيتُ أمورًا مهمّة كهذه في المستقبل، عليكِ أن تُذكّريني.” قال شيا فِنغ.
“لا أعتقد أنّك فكّرت في الأمر جيّدًا!” قالت يو دونغ. فهما لم يتزوّجا عن حب، ولم تكن متأكدة إن كانت مشاعر شيا فِنغ قد بلغت هذه الدرجة من الحميمية.
فكر جيّدًا؟ لقد ظنّ دومًا أنّ تردّده في بداية علاقتهما كان مخفيًّا جيّدًا. لكن شيا فِنغ أدرك الآن أنّ يو دونغ كانت تعلم بكلّ ذلك طوال الوقت، لكنها لم تضغط عليه.
نعم، لقد كانت دائمًا تراعي مشاعر من حولها؛ تحاول أن تفعل ما تريده دون أن تفرض أفكارها على الآخرين.
“يو دونغ، أنتِ تعلمين… هل هناك شيء ترغبين في سؤالي إيّاه؟” أمسك شيا فِنغ بكلتا يدي يو دونغ، ونظر إليها في عينيها.
وربما كانت حرارة يديه وهما يُمسكان بيديها ما منحها الشجاعة اللازمة.
“أنتَ… هل تُحبّني؟” سألت يو دونغ، وكانت عيناها تموجان بالعواطف.
منذ أن أدركت يو دونغ أنّها تحبّ شيا فِنغ حقًا، أصبحت تخشى طرح هذا السؤال أكثر فأكثر. فإن أجاب بالنفي، فلن تستطيع البقاء إلى جانبه.
كانت تخشى أن تعيش مجددًا ما عاشته في حياتها الماضية.
لقد أعادت ولادتها شباب جسدها، لكنّ روحها ظلّت مثقلة بندوب عشرة أعوام من الوحدة. فمع تقدّم السن، يصبح الإنسان أكثر هشاشة!
“انظري إليّ!” رفع شيا فِنغ وجه يو دونغ بكلتا يديه. كانت أضواء النيون البعيدة تنعكس في عيني يو دونغ.
“أنا أحبّك!” قال شيا فِنغ بصدق، “أعترف أنّني كنتُ مشوَّشًا، ومتفاجئًا، بل وخائفًا أحيانًا، لكنّك… أنتِ فتاة لا يستطيع المرء إلا أن يحبّها.”
“أنتِ في الثانية والعشرين من عمرك فقط، ومن المفترض أن تعيشي أجمل سنوات حياتك. لكن لا أعلم لماذا أشعر بالوجع من أجلك، خصوصًا حين أعود إلى المنزل وأجدك نائمة على الأريكة، والأنوار كلّها مضاءة، وأنتِ ملتفّة على نفسك مثل كرة صغيرة.”
تشوّشت أضواء النيون في عيني يو دونغ وهي تنفجر باكية. شعرت أنّ روحها التائهة قد وجدت أخيرًا مرفأ دافئًا.
“لا تبكي!” قال شيا فِنغ في ارتباك، يحاول مسح دموعها بيديه. لكن بلا جدوى، فكلّما مسح دمعة، انهمرت أخرى، ولم يجد حلًا سوى أن يضمّ يو دونغ إلى صدره.
كانت دموعها في البدء من أجل شيا فِنغ، لكنّها حين أسندت رأسها إلى كتفه، بكت من أجل الحب، من أجل الوحدة، من أجل عشر سنوات من الانتظار العقيم.
ثمة أناس في هذا العالم يتمسّكون دائمًا بفكرة الحب الحقيقي. يؤمنون بأنّ هنالك، في مكان ما، شخصًا خُلِق من أجلهم، ويبحث عنهم أيضًا.
لهذا انتظرت يو دونغ عامًا بعد عام، باحثة عن نصفها الآخر. ضاعت منها سنوات طويلة، ولم تجد ذلك الشخص. ورغم الوحدة والانتقادات، واصلت الانتظار، بمفردها، وهي تكبر عامًا بعد عام.
“حسنًا، دعي الأمر يخرج كلّه!” استسلم شيا فِنغ أخيرًا، وكفّ عن محاولة تهدئتها، واكتفى باحتضانها وهي تفرّغ ما في قلبها.
لم يكن شيا فِنغ يعلم سبب بكاء يو دونغ المفاجئ بهذا الشكل، لكنه أراد فقط أن يكون بقربها، ويحتضنها وهي تبكي.
لم تعرف يو دونغ كم من الوقت بكَت. شعرت وكأنّها عادت إلى يوم بعثتها، يوم بكَت حتى شعرت بالجفاف والوهن.
وبعدما أفرغت كل تلك المشاعر، أصبحت محرجة، وعيناها متورّمتان مثل أرنب خجول.
“وجهك منتفخ!” قال شيا فِنغ بعطف ظاهر.
“منتفخ… وجميل!” لا يزال صوت يو دونغ مبحوحًا من البكاء.
“نعم، أنتِ الأجمل!” دلّلها شيا فِنغ وهو يمسك بيدها مجددًا. “فلنعد إلى البيت!”
“انتظر! لديّ ما أودّ قوله لك.” أمسكت يو دونغ بيد شيا فِنغ لتوقفه.
“نعم؟” توقف شيا فِنغ، واستدار نحوها.
“عليك أن تعلم أنّني أحبّك!” احمرّ وجه يو دونغ خجلاً، لكنّها تابعت بحزم: “أنا أيضًا أحبّك. وأردتُ إخبارك بذلك.”
كان ذلك واضحًا لشيا فِنغ من تصرّفات يو دونغ في السابق، لكنّ هذه الجملة، حين قيلت بهذه الحزم، جعلت قلبه يرتجف.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يُقبّل فيها شيا فِنغ يو دونغ، لكنّه، في هذه اللحظة، رغِب بذلك بشدّة غير مسبوقة. وكأنّهما يستطيعان أن يصلا إلى أعماق قلبيهما عبر شفاهٍ واهنة وألسنة متشابكة.
في ذلك الشارع الصامت، تحت الأشجار العارية وأنوار المصابيح الخافتة، كان هذا الثنائي المُتعانق هو آخر مشهد يُرى في تلك الليلة.
من السهل أن تتقبّل حبّ الآخرين لك، لأنّ مشاعرهم تخصّهم وحدهم.
لكنّ مشاعرك أنتَ أصعب في الفهم، لأنّك تعرف تمامًا ما تشعر به.
الإنسان هو أبسط كائن، وأعقده في آنٍ معًا. يستطيع التنازل بسهولة، ومع ذلك يبقى عنيدًا على بعض الأمور.
لكن، ومهما يكن، أتمنّى أن تنالوا، أو تنالوا يومًا، السعادة التي يستحقّها كلّ إنسان!
في طريق العودة إلى المنزل، غفت يو دونغ. ربما أرهقها البكاء.
كان شيا فِنغ يحدّق في الطريق أمامه، فيما أفكاره مشغولة بصورة يو دونغ وهي تبكي.
يبدو أنّ ليو دونغ ماضيًا لا يليق بسنّها الصغيرة. دموعها لم تكن نتيجة إحباط أو عذاب حبّ.
بل كانت تنبع من عقلية لا تُبنى إلا بتجارب سنوات طويلة.
“لا أعلم ما الذي جرحك، لكن، من الآن فصاعدًا، سأكون هنا لأحميك.”
حمل شيا فِنغ يو دونغ برفق من المقعد الأمامي. ومع تغيّر درجة الحرارة، راحت يو دونغ تتكور لا إراديًا في أحضانه، فشدّد من احتضانها بينما مشى ببطء نحو المصعد.
وحين وصلا إلى باب المنزل، اكتشف شيا فِنغ أنّه لا يستطيع فتح الباب ويداه مشغولتان بحمل يو دونغ. لم يُرِد أن يُنزلها، فاضطر لإيقاظها.
“يو دونغ.” ناداها شيا فِنغ بلطف.
“همم~” لا تزال عينا يو دونغ ضبابيتين وهي تسأل: “هل وصلنا؟”
“نعم، تعالي، اتكئي عليّ، أحتاج أن أفتح الباب.” قال شيا فِنغ.
لكنّ يو دونغ تحرّكت قليلًا، وأخرجت المفتاح من جيب شيا فِنغ قائلة: “أنا سأفتحه!”
حملها شيا فِنغ إلى غرفتها، وغطّاها جيدًا.
وحين رآها تحدّق به، ابتسم شيا فِنغ وقال: “نامي الآن.”
“شيا فِنغ، أشعر فجأة بإحساس بالانتماء.” قالت يو دونغ.
توقف شيا فِنغ عن تعديل البطانية، وارتجف قلبه من الألم. يبدو أنّها كانت قلقة طوال هذا الوقت، ويبدو أنّه لم يبذل ما يكفي.
“فإلى متى سيستمر هذا الإحساس بالانتماء؟” ضحك شيا فِنغ.
“أم… أتمنّى أن يستمر حتى نصبح عاجزين عن المشي.” فكّرت يو دونغ ثم أجابت.
“أخشى أنني سأعتمد عليكِ لتقودي الطريق حينها.” ضحك شيا فِنغ.
“نعم، فأنت أكبر مني بكثير.” ضحكت يو دونغ معه.
“شكرًا مسبقًا!”
ضحكت يو دونغ بعد سماع ذلك.
“تصبحين على خير!” طبع شيا فِنغ قبلة على جبين يو دونغ قبل أن يهمّ بالمغادرة.
أنا آسف لأنّي قلتها متأخرًا،
لكنني أخبرك الآن: أنا أحبّك!
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ترجمة:
Arisu-san
ياه…