ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية - الفصل 31 (1)
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية
الفصل الواحد والثلاثين:
⦅الموعد الأول♡⦆
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
✧ ❖ ملاحظة ❖ ✧
⟪ احضر مشروبك المفضل الفصل ٤٥٠٠ كلمة، ولا تكثر من الكافيين ستشعر بالغثيان، استمتع صديقي القارئ العزيز⟫
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
عندما وصلا إلى الكافيتيريا، كانت الساعة تقترب من وقت العشاء، لذا كان هناك عدد لا بأس به من الأشخاص. غير أن العاملين في المستشفى لا يتبعون مواعيد الوجبات المعتادة بسبب طبيعة عملهم، لذا من الصعب أن تمتلئ الصالة تمامًا.
قاد شيا فنغ يو دونغ إلى طاولة فارغة.
قال شيا فنغ: “اجلسي هنا، سأذهب لأحضر لنا بعض الطعام.”
“حسنًا.” أومأت يو دونغ بابتسامة.
بادلها شيا فنغ الابتسامة ثم توجّه إلى شبابيك الطعام.
“الدكتور شيا، العصيدة التي طلبتها جاهزة.” قال طاهي المقصف عندما رأى شيا فنغ، “سأذهب لأُحضرها لك.”
“شكرًا لك.” ردّ شيا فنغ.
“آه، لا داعي للشكر.” قال الطاهي بسعادة ودخل إلى المطبخ.
عاد بعد قليل وهو يحمل قدرًا خزفيًّا وقال: “لقد خرجت للتو من على النار، لا تزال ساخنة جدًا، فكن حذرًا.”
“شكرًا مرة أخرى.” شكر شيا فنغ الطاهي وهو يتسلّم القدر.
“ما هذا؟”
ارتجف شيا فنغ قليلًا، فلم يكن قد انتبه لاقتراب شاو ييفان منه. رفع شاو ييفان غطاء القدر، فانبعثت منه رائحة زكية. أخذ شاو ييفان نفسًا عميقًا وقال: “رائحتها شهية؛ عصيدة دجاج وفطر؟”
قال شيا فنغ بضيق: “أعد الغطاء!”
“أهي مطبوخة خصيصًا ليو دونغ؟ أعطني صحن أيضًا، لم أتناول طعامًا مغذيًا كهذا منذ مدة.” لعق شاو ييفان شفتيه.
“أتمزح؟” قال شيا فنغ.
“لا تكن بخيلًا، يو دونغ لن تستطيع إنهاء صحن كبير كهذا على أية حال.” حاول شاو ييفان استدرار عطف شيا فنغ ليمنحه صحن.
“ألست من قلت لي صباح اليوم إن يو دونغ هي قدوتك؟ فماذا تفعل الآن وأنت تحاول سرقة طعامها؟”
“بخيل!” أعاد شاو ييفان الغطاء وتذمّر للطاهي المربك: “أيها الطاهي، كيف تطهو أطباقًا خاصة لشيا فنغ فقط؟ أريد مثلها.”
“هاها، في يوم آخر، في يوم آخر…” كان الطاهي يعرف أن شاو ييفان يمزح، فسايره وهو يضحك.
هرب شيا فنغ وعاد بالقدر إلى يو دونغ. وضعه أمامها على الطاولة وقال: “انتظري قليلًا، سأذهب لأحضر صحن وملعقة.”
“حسنًا!” رأت يو دونغ شيا فنغ يتوجه إلى ركن الأدوات، فرفعت غطاء القدر بفضول، وحين رأت عصيدة الدجاج والفطر ذات الرائحة الطيبة، بدا شكلها شهيًّا للغاية.
جلست يو دونغ منتصبة وضحكت ضحكة خفيفة.
عاد شيا فنغ وأعطى يو دونغ ملعقة وهو يضع صحن صغيرًا أمامها.
أخذت يو دونغ الملعقة وهي تضحك وقالت: “أتعاملني كطفلة!”
قال شيا فنغ وهو يجلس ويبدأ بسكب بعض العصيدة لنفسه: “الأطفال يبكون ويتسببون بالمتاعب، أما أنت فمطيعة جدًا، كيف تكونين طفلة؟”
قالت يو دونغ بعد أول لقمة وقد ضاقت عيناها بسعادة: “لذيذة جدًا!”
قال شيا فنغ مازحًا: “أكأنك لم تتذوقي العصيدة من قبل!”
“يكاد يكون كذلك، لم أتناول عصيدة منذ سبع أو ثماني سنوات.” في حياتها السابقة، كانت يو دونغ مدمنة على العمل، لكنها رغم ذلك كانت تواجه صعوبة في الاستيقاظ صباحًا. لذا كانت غالبًا ما تتخطى الفطور، وإن أكلت شيئًا، فغالبًا ما يكون وجبة سريعة، فمتى كان لديها وقت للاستمتاع بعصيدة دافئة؟
“سبع إلى ثماني سنوات؟” تفاجأ شيا فنغ.
“آه؟ آه، نعم هاها…” أدركت يو دونغ ما قالته، لكنها لم تعرف كيف تتابع الحديث، فلم تجد سوى أن تضحك بتوتر.
قال شيا فنغ دون أن يواصل الأسئلة: “العصيدة مفيدة للمعدة. أنتِ تستيقظين متأخرة وتتخطين الفطور كثيرًا، فاستغلي الفرصة وتناولي أكثر.”
“سأتناول المزيد.” أومأت يو دونغ موافقة.
شعر شيا فنغ بالرضا وعاد لتناول طعامه.
أخذت يو دونغ تقضم بهدوء بينما تتلفت حولها، كان الآخرون يتناولون الأرز أو أطعمة أبسط، فلم تستطع إلا أن تتساءل: “لقد كنت مشغولًا طوال اليوم، هل العصيدة كافية لك؟ هل تود أن تأكل شيئًا آخر؟”
“تناولت بعض الخبز في وقت سابق، ولست جائعًا كثيرًا الآن.” أجاب شيا فنغ.
“آه.”
لم تضف يو دونغ شيئًا آخر وركّزت على إنهاء طبقها. وبعد وقت، انتهت منه.
نظرت إلى وعائها الفارغ، وبقيت صامتة للحظة، ثم مدت الصحن إلى شيا فنغ فجأة.
رفع شيا فنغ رأسه باستغراب.
“صحن آخر!” ابتسمت يو دونغ ابتسامة دافئة.
(… أهي تندلّل؟) لم يستطع شيا فنغ إلا أن يبتسم للفكرة. وضع ملعقته وأخذ الصحن الممتد إليه.
قال شاو ييفان بحسد وهو يجلس على طاولة قريبة برفقة كبيرة الممرضات ليو: “كم هما متحابّان!”
ردّت الممرضة ليو: “هما عروسان جديدان، هذا طبيعي!”
قال شاو ييفان متعجبًا: “ليس لأنه حديثو الزواج فقط، بل لأن بينهما حب حقيقي! لكن شيا فنغ لم يكن هكذا من قبل.”
في الماضي، حين كان شيا فنغ مع آن آن، لم يبدُ هكذا أبدًا. حين كان يرافقهما في مواعيدهما، لم يكن يشعر بأي إحراج، أما الآن، فهو على بعد خمسة أمتار فقط وكأن الأجواء تغمره.
قالت الممرضة ليو وهي تعيد نظرها إلى طعامها: “كيف تقول إنهما متحابان وهما يتناولان الطعام فقط؟ لكن لا أنكر أن هناك شيئًا مميزًا في هذا الثنائي الشاب، الأجواء بينهما رائعة جدًا.”
“أليس كذلك؟” بدا أن شاو ييفان وجد أخيرًا من يشاركه الإحساس.
قالت الممرضة ليو حين لاحظت لمعة عينيه: “ما بالك؟ بدأت تُحرجني.”
انتهز شاو ييفان الفرصة وقال: “الأخت ليو، إن وجدتِ أحدًا مناسبًا، عرّفيني عليه.”
أجابت الممرضة متفاجئة: “هناك الكثير من الممرضات الصغيرات اللواتي يعجبن بك سرًا، وما زلت تطلب مني أن أعرّفك على إحداهن؟ مستشفانا في المدينة فيه عازبان ذهبيان فقط، والآن بعد أن أصبح أحدهما غير متاح، لا تقل لي إنك بلا خيارات.”
قال شاو ييفان بوجه متعب: “حتى لو وُجد نهر يمكن أن تغرف منه بألف مغرفة، فما فائدة ذلك إن كان ماؤه ضعيفًا لا يروي؟”
ضحكت الممرضة ليو وغادرت مع شاو ييفان بعد أن أنهت طعامها.
بعد الأكل، ذهب شيا فنغ إلى رئيسه ليطلب الإذن، ثم عاد إلى المنزل برفقة يو دونغ.
قال شيا فنغ وهو يقود السيارة: “لا تذهبي إلى العمل الليلة، خذي إجازة.”
“أون!” شعرت يو دونغ أيضًا أنها ليست في حالة جيدة لتؤدي عملها كما ينبغي.
رن الهاتف فجأة!
سمع شيا فنغ رنين هاتفه. أخرجه من جيبه وبمجرد أن نظر إلى الشاشة، سلّمه مباشرة إلى يو دونغ.
نظرت يو دونغ إلى الشاشة فرأت أن المتصلة هي والدة شيا فنغ. “هل أضعه على أذنك؟”
“لا حاجة، فقط أجيبي مباشرة.”
“لكن عمتي هي من اتصلت بك.” تساءلت يو دونغ.
ضحك شيا فنغ وقال: “كل مرة تتصل فيها أمي، لا بد أن تذكرك على الأقل ثماني مرات.”
صُدمت يو دونغ للحظة، لكنها أجابت في النهاية: “أمي، أنا يو دونغ.”
(أمي…) ابتسم شيا فنغ لذلك.
قالت والدة شيا فنغ بمرح من على الطرف الآخر: “أوه، دونغ دونغ، هل أنتِ مع شيا فنغ؟”
“شيا فنغ يقود الآن، لذا لم يستطع الرد على الهاتف.” شرحت يو دونغ.
قالت الأم: “لا بأس في ذلك.” ثم فكّرت لحظة وسألت فجأة: “دونغ دونغ، هل أصبتِ بالبرد؟ صوتك يبدو غريبًا قليلًا.”
قالت يو دونغ: “آه، نعم، أصبت بنزلة برد خفيفة، لكنني تحسّنت تقريبًا.”
استمع شيا فنغ وعلى جبينه خط رفيع من القلق، لكنه لم يقل شيئًا.
صرخت الأم بغضب مفاجئ: “ما الذي حدث؟! حقًا، ذلك الابن لم يعتنِ بك كما ينبغي. افتحي مكبر الصوت في الهاتف، سأكلمه.”
أجابت يو دونغ بسرعة: “أمي، ليس خطأ شيا فنغ. أنا فقط لم أكن منتبهة للطقس وارتديت ملابس خفيفة ذات مرة.”
“لا، هذا خطؤه أيضًا. إنه أكبر منك وطبيب، كيف لم يقل شيئًا؟”
“أمي، لم يكن خطأه حقًا، كان في كونشان في رحلة عمل عندما أُصبت بالزكام…”
“ماذا؟ كنتِ مريضة، ومع ذلك ذهب في رحلة عمل؟ أعطيني الهاتف…” ازداد غضب الوالدة.
لم يستطع شيا فنغ سماع ما كانت والدته تقوله، لكنه استطاع التخمين من خلال ما كانت يو دونغ تنقله. وحين رأى يو دونغ تدافع عنه بقلق، وجد الموقف مضحكًا وامتلأ قلبه بدفء خفي.
قال أخيرًا: “ضعي الهاتف على أذني.”
“أون.” أطاعته يو دونغ ووضعته على أذنه.
“أمي.” كانت والدة شيا فنغ لا تزال توبّخه حين قال ذلك.
“ابني؟” أدركت التغيير في الصوت.
“أنا.”
“كيف تُصاب يو دونغ بالمرض وهي تحت رعايتك؟ ألم تتعلّم في كلية الطب سوى الهراء؟”
صوت والده كان يُسمع من الهاتف أيضًا وهو يقول: “أي هراء؟ الطبيب يتعلم كيف يعالج الناس، لا كيف يمنعهم من المرض. أنتِ غير منطقية!”
“اصمت!” صرخت الوالدة.
استمع شيا فنغ إلى مشاحنة والديه ولم يستطع منع نفسه من الضحك.
قال: “نعم، كان خطئي. لم أعتنِ بيو دونغ كما يجب.” وأمال رأسه قليلًا لينظر إلى يو دونغ، فوجد وجهها محمرًّا من الحرج.
قالت والدته بصوت منخفض فجأة: “جيّد أنك تفهم. قل لي، هل تبدو محرجة الآن؟”
نظر شيا فنغ إلى يو دونغ مجددًا وأجاب: “نعم.”
همست الأم بمكر: “ابني، كلما وبّختك أكثر، كنتُ أساعدك، هل تفهم؟”
ضحك شيا فنغ وقال: “أفهم!”
قال والده ممتعضًا: “أيتها المرأة الماكرة.”
صرخت الأم مجددًا: “أتريد أن تحمل حفيدك قريبًا أم لا؟ إذًا اصمت!” ثم تابعت كلامها مع شيا فنغ: “على فكرة، بخصوص رأس السنة، تحدثتُ مع والدك واتفقنا أن عليك مرافقة يو دونغ هذا العام لزيارة أهلها.”
“هاه؟” تجمّد شيا فنغ.
“ما هذا الـ ‘هاه’؟ لا تفكر بالعمل الإضافي في المستشفى مجددًا كما فعلتَ العام الماضي. اذهب وأخبر رئيسك، كيف لا تزور أهل زوجتك بعد أن تزوجتها للتو؟” ثم تابعت: “ولا تظن أنك تستطيع التنمّر على يو دونغ فقط لأنها تدافع عنك.”
“حسنًا، فهمت.” أجاب شيا فنغ.
“جيّد، أعطني الهاتف، أريد التحدث إلى دونغ دونغ مجددًا.”
أمال شيا فنغ رأسه نحو يو دونغ وقال: “أمي تريد التحدث إليك.”
تفاجأت يو دونغ قليلًا، ثم وضعت الهاتف على أذنها وقالت: “أمي!”
قالت والدة شيا فنغ: “لقد لقّنتُ ذلك الولد درسًا نيابة عنك.”
نظرت يو دونغ إلى شيا فنغ الذي كان يقود السيارة، بشيء من الذنب.
تابعت الأم: “لا داعي لأن تحتفلي بعيد ميلاده يوم الجمعة.”
(عيد ميلاده؟ هذا الجمعة؟)
ألقت يو دونغ نظرة سريعة أخرى على شيا فنغ.
قالت الأم: “حسنًا، لن أزعجكما أكثر، سأغلق الخط.”
على الطرف الآخر من الهاتف، نظر والد شيا فنغ إلى زوجته وقال: “قلتِ ذلك فقط لتُلمّحي ليو دونغ عن عيد ميلاده، أليس كذلك؟”
قالت الأم نافيه: “عن أي شيء تتحدث؟ هما في حالة حب منذ مدة، كيف لا تعرف يو دونغ موعد عيد ميلاده؟”
لم يجد الوالد ما يقوله… لكن في أعماقه شعر أن ما قالته معقول. (طالما أنها تعرف بالفعل، لماذا تذكّرينها؟)
لكن الحقيقة أن يو دونغ… لم تكن تعرف إطلاقًا.
“ما الأمر؟ لقد وصلنا إلى المنزل.” لاحظ شيا فنغ شرود يو دونغ بعد أن أنهت المكالمة فسألها.
“آه؟ المنزل؟” نظرت يو دونغ إلى الخارج؛ نعم، لقد وصلا إلى مبنى شقتهما.
قال شيا فنغ: “اصعدي أنتِ أولًا، سأذهب لأركن السيارة.”
“أون.” نزعت يو دونغ حزام الأمان وهمّت بالخروج.
“انتظري!” فجأة مدّ شيا فنغ يده وأخرج قبعة صوفية، وساعد يو دونغ على ارتداء معطفها والقبعة قائلًا: “الجو بارد في الخارج. عندما تصعدين، شغّلي المدفأة فورًا ولا تخلعي المعطف إلا بعد أن تدفأ الغرفة.”
“أون!” كانت يو دونغ شاردة الذهن قليلًا حين خرجت من السيارة.
ركن شيا فنغ السيارة بسرعة، وعندما اقترب من مدخل المبنى، رأى أن يو دونغ لا تزال واقفة في الخارج. قطّب حاجبيه واقترب منها مسرعًا وسأل: “لماذا ما زلتِ واقفة هنا؟”
أجابت يو دونغ: “أنتظرك.”
“لقد ركنت السيارة بسرعة، لكنك للتو تعافيتِ من الزكام.” قالها بتوبيخ خفيف وهو يمرر البطاقة ويفتح الباب.
قالت يو دونغ بصوت خافت: “فقط… نادرًا ما نعود إلى المنزل سويًّا.”
عند سماع ذلك، أمسك شيا فنغ بيدها بقوة، ولم يعرف ماذا يقول. وعندها وصل المصعد ورنّ جرسه.
قال: “لنعد إلى المنزل.” وقاد يو دونغ إلى داخل المصعد.
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
كانت يو دونغ مستلقية في سريرها، تتذكر لطف شيا فنغ طوال اليوم. رقّته، ابتساماته، كل ما في رأسها كان شيا فنغ.
في غرفة الطوارئ، حين هرع بها بين ذراعيه قلقًا.
في الرواق، حين أمسك بيدها بشدة، ووجهه الوسيم يحدّق فيها.
وهو يملأ صحنها من العصيدة مبتسمًا، حتى حين كانت تتدلّل عليه عن قصد.
حين كان يقلق عليها ويتشاجر مع معطفها كأم عجوز، ويخبرها ألا تصاب بالبرد.
وحتى حين وقفت تنتظره في الخارج، لم يلومها.
تكوّرت يو دونغ تحت اللحاف، وتوصّلت إلى استنتاج سعيد:
في البداية تزوجته لأنه كان “مناسبًا”، ثم حاولت أن أُحِبه، والآن… يبدو أنني قد أحببتك فعلًا، يا شيا فنغ.
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
كان شيا فنغ يجلس على مكتبه، ينوي إعداد بعض بيانات التجارب. لكن ساعة مرّت، ولم يُلقِ نظرة على الأوراق قط، فقد كانت عيناه تسرحان دائمًا نحو باب غرفة يو دونغ.
متى أصبحتُ مشتّتًا هكذا؟
كأنني مراهق واقع في الحب.
استسلم أخيرًا وتوقف عن محاولة العمل. عاد إلى غرفته وفتح معطفه وأخرج المحفظة التي أعطته إيّاها يو دونغ. كان فيها بعض البطاقات، بضع أوراق نقدية، وبطاقة فضية موضوعة بعناية.
أخرج شيا فنغ البطاقة بعناية، وقرأ الكلمات المكتوبة عليها مرة أخرى:
{عزيزي السيد شيا فنغ}
[تهانينا، لقد فزت بالجمال الخارق الذي لا يُقهر في الكون، الآنسة يو دونغ. هذه عربون محبة من الآنسة يو دونغ، فتذكّر أن تعاملها بلطف في المستقبل![
<ملاحظة: مهما كنت مشغولًا، تذكّر أن تأكل! (* ^ _ ^ )*>
ضحك شيا فنغ كما في المرة السابقة:
“الجمال الخارق في الكون، لحسن الحظ أنها ليست كذلك، وإلا كيف سأكون… مناسبًا لها؟”
عندما كان في السابعة من عمره، كثيرًا ما رأى والده ينفذ أوامر والدته في أرجاء البيت. مقارنة بأمهات الأطفال الأخريات اللواتي كنّ رقيقات ومهذّبات، كانت والدته أشبه بسيدة مدلّلة دومًا.
سأل والده ذات مرة: “أبي، أمي لا تعاملك بلطف أبدًا، لماذا تزوجتها؟”
أجاب والده: “أمك تعامل والدك بلطف شديد.”
“كذب!” لم يصدقه الطفل شيا فنغ.
قال الأب: “دعني أروي لك قصة…”
“كنتُ أشارك في مكافحة الفيضانات حين كنت جنديًّا. في أحد الأيام، اجتاحت فيضانات كبيرة البلاد، وكان السد على وشك الانهيار. كنا نُجلي المدنيين أولًا. وفي اليوم الأخير، انهار السد، وغمرت المياه عشرات القرى.”
“جرفتنا المياه، أنا ورفاقي!” قال الأب بحزن يلمع في عينيه.
“انتهى بي المطاف في وادٍ على بعد 10 أميال. لحسن الحظ أنني لم أغرق، لكنني فقدت الوعي ليوم كامل.” ثم رقّ صوته فجأة وقال: “أول شخص رأيته عند استيقاظي كان والدتك. أذكر وجهها الموحل، وعينيها المنتفختين من البكاء.”
“حتى قائد فصيلنا ظنّ أنني متُّ، لكنها بحثت عني على طول النهر ليوم كامل.” قال الأب: “حينها، فكرت: إن كان هناك من يهتم لأمري لهذه الدرجة، ولن يتخلى عني مهما كانت الظروف خطيرة، فلا بدّ أنه يحبني كثيرًا.”
“آه!” أومأ الطفل شيا فنغ بذكاء وقال: “أمي أنقذت أبي.”
قال الأب: “قد لا تفهم الأمر الآن، لكن عندما تبحث عن فتاة في المستقبل، لا تنظر فقط إلى شكلها.”
سأل الطفل ببراءة: “هل أبحث عن فتاة تنقذني أيضًا؟”
قال الأب بتوبيخ لطيف: “يا ولد، كيف يسمح رجل أن تظل الفتاة تنقذه!”
“لكن أمي أنقذت أبي!” أصرّ الطفل.
قال الأب وهو يضحك: “أنا أيضًا أستطيع فعلها! كفى، لماذا أجادل طفلًا؟ المهم، حين تبحث عن زوجة في المستقبل، اختر من تُشعرك بالدفء، كما شعرت أنا عندما استيقظت ورأيت والدتك.”
حينها، ظنّ شيا فنغ أنه فهم. لكن ربما لم يدرك مغزى تلك الكلمات حقًا… حتى رأى يو دونغ صباح اليوم خارج المستشفى.
مرّر شيا فنغ أصابعه على سطح المحفظة، شعر بالملمس الأملس تعترضه بعض الخطوط. لم يكن قد نظر إلى النقش من قبل. وأخيرًا، بدافع الفضول، وضع المحفظة تحت مصباح المكتب وتأملها بدقة.
وحين رآه، لم يستطع منع نفسه من الابتسام على وسعه.
كانت سمكة كبيرة.
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
في صباح اليوم التالي.
استيقظت يو دونغ لتجد أن شيا فنغ قد غادر بالفعل.
كان على الطاولة عصيدة وطبق صغير من المخللات، ومعهما ورقة صغيرة:
[ كلي المزيد من العصيدة! لا تنسي ارتداء وشاح عند الخروج! ]
لم تستطع يو دونغ إلا أن تضحك. وضعت الملاحظة جانبًا وبدأت تأكل… وكانت العصيدة البسيطة أحلى ما ذاقته.
بعد الفطور، أخذت يو دونغ وشاحًا وقادت سيارتها نحو استوديو شياويوي.
“دونغ دونغ، لقد وصلتِ.” قالت رين شينشين حين رأت يو دونغ واقتربت منها.
“لا تقتربي!” أوقفتها يو دونغ وقالت: “أُصبت بنزلة برد مؤخرًا، يجب أن نكون حذرين، قد أنقلها إليكِ.”
قالت شيانغ شياويوي وهي تأكل فطورها: “صحيح، يوجد كمامات في درج الاستقبال، اذهبي وخذي واحدة، لا تنقلي العدوى لشينشين.”
استمعت يو دونغ إلى كلامها وخرجت لتأخذ كمامة.
رين شينشين لم تعرف إن كانت تضحك أو تبكي وقالت: “أنتم تبالغون!”
ثم سألتها: “دونغ دونغ، لم تتناولي الفطور بعد، أليس كذلك؟ ما رأيك أن أطلب شيئًا إضافيًا، خذي هذا أولًا وكليه.”
“لا حاجة، أكلت بالفعل.”
“حقًا؟” شكّت رين شينشين.
“حقًا. شيا فنغ أعدّ لي عصيدة.” أجابت يو دونغ.
تنهّدت شياويوي قائلة: “آخ، العشاق يتقدّمون بسرعة البرق هذه الأيام. لكن لماذا لم يُشفِكِ من الزكام تمامًا؟”
قالت يو دونغ: “هل تظنينه جنّيًا؟ هل تظنين أن الدواء يقضي على المرض في ثوانٍ؟”
هزّت شياويوي رأسها وقالت: “لا داعي للدواء أصلاً، كل ما عليه فعله هو أن يحتضنكِ ويمتصّ الفيروس من شفتيكِ.”
“اذهبي إلى الجحيم!” رمت يو دونغ وسادة في وجه شياويوي.
لم تتفادَ شياويوي الضربة، بل انفجرت ضاحكة حتى اضطُرّت للاستلقاء على الأريكة.
رين شينشين أمسكت بطنها محاولة كبح ضحكتها: “لاااا، الضحك يؤلم.”
قالت يو دونغ وهي تندفع نحو شياويوي بابتسامة ماكرة: “لم لا تمتصينه أنتِ بدلًا منه؟”
بدأت شياويوي بالهرب هربًا يائسًا، وضحكت رين شينشين أكثر.
وبعد جولة المزاح، راجعت يو دونغ بقية التسجيلات الصوتية، ثم انطلقت إلى محطة الإذاعة.
نادراً ما كانت تزور محطة الإذاعة في هذا التوقيت. كانت تعرف أسماء معظم زملائها، لكن القليل منهم كانت على علاقة ودية معه.
ومع ذلك، في طريقها إلى مكتب المدير ما، استقبلها الكثيرون بحرارة.
طرقت الباب.
“ادخلي!” قال المدير ما.
“مدير ما!” دخلت يو دونغ وحيّت الرجل.
“لا داعي للرسميات.” وقف المدير ما وجلس معها على الأريكة مبتسمًا.
قال وهو يمدحها: “منذ البثّ المباشر، تلقينا ردود فعل إيجابية هائلة. حتى عمدة المدينة أثنى على محطة الإذاعة وعليكِ خاصةً، لقد قمتِ بعمل رائع.”
قالت يو دونغ: “المدير يبالغ. أعتقد أن أي زميل لنا كان سيفعل الشيء ذاته في تلك الحالة، لقد صادف فقط أنني كنت هناك.”
“سواء كانت مصادفة أو لا، ينبغي الإشادة بفعل الخير.” ثم تابع: “رئيس القسم قرر منحكِ مكافأة خاصة.”
ابتسمت يو دونغ وقالت: “شكرًا لك، سيدي.”
“وبالمناسبة، أليس رأس السنة قريبًا؟ القنوات التلفزيونية تُعدّ لحفل رأس السنة الأدبي والفني. ويُطلب من محطات البث إرسال مذيعين اثنين لتقديم الحفل، وذلك لتعزيز صورة الإذاعة والتلفزيون. وقد تقرر أن تشارك محطتنا، وأظن أنكِ مناسبة لهذا الدور.”
“هاه؟” تجمّدت يو دونغ. “مدير، أنا لا أملك أي موهبة في التقديم.”
قال المدير ما: “لا تتواضعي، سمعتُ أنكِ تغنين كثيرًا في برامجك، والجمهور يتفاعل بشكل إيجابي. الأمر محسوم، قدّمي أفضل ما لديكِ!”
“……”
(ما هذه الوتيرة السريعة في الحديث؟)
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
في المستشفى، كان شيا فنغ يفتح باب المكتب حين كاد يصطدم بـتشياو مينغ الذي اندفع خارجًا بسرعة.
سأل شيا فنغ شياو ييفان: “ما الأمر؟”
ردّ شياو ييفان وهو يحمل كوب ماء: “لا شيء.”
“فلماذا يركض بهذه السرعة؟”
أجاب شياو ييفان: “ليذهب إلى حبيبته.”
“حبيبة؟” استغرب شيا فنغ. “لكننا في وقت العمل.”
ضحك شياو ييفان وقال: “لا تكن صارمًا جدًا. تشياو مينغ منشغل بتحضير أطروحته مؤخرًا، وأنت كنت في أمريكا ثم كونشان، وقسمنا يعاني نقصًا في الأطباء. حين كنت غائبًا، لم يبقَ سوانا أنا وهو. لا بأس لديّ لأنني بلا مسؤوليات، لكن تشياو مينغ لديه حبيبة يريد أن يخرج معها لتناول العشاء أو مشاهدة فيلم. عدد مرات خروجه معها يمكن عده على أصابع يد واحدة.”
تابع وهو يضحك: “أرسلَت له رسالة تهديد قبل قليل: إما أن يخرج معها الليلة للسينما، أو تنفصل عنه فورًا. والمسكين لم يرَ الرسالة إلا بعد انتهاء عمليته الجراحية. لا أعلم إن كان سيلحق العرض!”
شعر شيا فنغ ببعض التعاطف وقال: “هل تريد أن نمنحه بضعة أيام إجازة؟”
“إجازة؟ إذًا نحن من سيعمل لوقت إضافي!” صرخ شياو ييفان. “أنا أعمل وقتًا إضافيًا منذ 3 أشهر!”
“لكنّك قلت بنفسك أن حبيبته أعطته إنذارًا نهائيًا.”
قال شياو ييفان بلا مبالاة: “لننتظر عودته أولًا ثم نقرر.”
بعد ساعة ونصف، عاد تشياو مينغ إلى المكتب، مكسور النفس.
نظر شياو ييفان وشيا فنغ إلى بعضهما البعض.
قال شياو ييفان: “عدت باكرًا؟ لم يمر وقت كافٍ حتى لإنهاء فيلم.”
قال تشياو مينغ بصوت حزين: “نعم، ربما نصف فيلم فقط.”
“آه، هل جلبتُ له الحظ السيئ؟” تمتم شياو ييفان.
صرخ شيا فنغ فيه: “اصمت!” ثم توجّه إلى تشياو مينغ وقال له: “لقد تحدّثنا، ما رأيك أن تطلب إجازة من المدير؟ يمكننا أن نغطي عنك لبضعة أيام لتتحدث معها مجددًا؟”
قال شياو ييفان مؤيدًا: “صحيح، بما أن شيا فنغ عاد، فعددنا كافٍ. ثم إنه متزوج، وأنا أعزب. ليس لدينا ما هو عاجل مثل حالتك.”
قال تشياو مينغ بهدوء: “لا داعي. انتظرتها خارج السينما ساعة كاملة، ثم رأيتها تخرج وهي بذراع رجل آخر.”
“سحقا!” لم يستطع شياو ييفان تمالك نفسه.
قطّب شيا فنغ جبينه.
تابع تشياو مينغ: “فكّرتُ بالأمر في طريقي للعودة. حتى عندما كنّا معًا، لم نكن نلتقي إلا نادرًا. وغالبًا ما نرى بعضنا فقط في المستشفى. نعم، ربما كان الانفصال هو الأفضل؛ لو تزوجنا، لانتهينا بتعاسة.”
ربّت شياو ييفان على كتفه وقال: “لهذا أنا ذكي، لا أقع في الحب أبدًا، فقط أعيش لحظات الغموض أو العلاقات القصيرة.”
قال شيا فنغ متأففًا: “لا تعلّمه أشياء فاسدة.”
ردّ شياو ييفان فجأة: “إن كنت تظن أن أسلوبي فاسد، فلمَ لا تعلّمنا أنت؟ أنت تقضي وقتك في المستشفى والمختبر أكثر منا، ومع ذلك واعدت آن آن 4 سنوات. رغم أنكما انفصلتما، لكن أخبرنا ماذا كنت تفعل؟”
نظر تشياو مينغ بإعجاب إلى شيا فنغ.
قال شيا فنغ منزعجًا: “هل يمكنك ألا تذكر آن آن؟”
قال شياو ييفان: “حسنًا، فلنتحدث عن يو دونغ إذًا. تزوجتها مؤخرًا، ولم يمرّ على زواجكما نصف عام. ومعظم هذه الفترة كنت في رحلات عمل. ما مقدار الوقت الذي قضيته معها غير النوم؟”
تجمّد شيا فنغ.
سأل تشياو مينغ: “كم مرة تناولتما الطعام معًا؟ كم مرة ذهبتم إلى السينما؟ كم مرة خرجتما للتسوّق؟”
قال شيا فنغ وهو يحاول التذكّر: “تناولنا الطعام في الخارج 4 مرات؟ أو 5.”
“منذ عودتك؟” سأل شياو ييفان.
أجاب شيا فنغ: “منذ زواجنا.”
تبادل الرجال نظرات الدهشة.
قال شياو ييفان: “والسينما؟ كم مرة ذهبتما سويًا؟”
أومأ شيا فنغ برأسه نافيًا.
“لا تتذكّر؟ أم أن لديكما موعد قريب؟”
قال شيا فنغ: “لم نذهب أبدًا.”
سأل تشياو مينغ: “وماذا عن التسوق؟ لا بد أنكما خرجتما معًا؟”
ضحك شيا فنغ وقال: “هل المشي بعد الأكل يُعدّ تسوقًا؟”
قال تشياو مينغ بجدّية: “شيا فنغ، يجب أن تتأمل فيما حدث لي. لقد خسرتُ حبيبتي رغم بذلي أقصى جهدي. لا بأس، لكن الزواج أمر مختلف، ويجب أن تكون أكثر حذرًا.”
وكأن روحه عادت إليه، ارتدى تشياو مينغ معطفه الأبيض وخرج يتفقد المرضى.
أما شيا فنغ، فجلس في مكانه يُفكر، ثم نظر إلى شياو ييفان وسأله:
“هل أنا عاجز فعلًا؟”
قال شياو ييفان: “حتى لو كنت أعز أصدقائي، ضميري لا يسمح لي أن أقول “لا” على هذا السؤال.”
“…أوه.” اتكأ شيا فنغ على ظهر كرسيه غارقًا في التفكير.
يتبع…