ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية - الفصل 27
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ولادة جديدة
على أبواب مكتب الشؤون المدنية
الفصل السابع والعشرين:
⦅بحرٌ آخر من الزهور♡⦆
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
خارج المدينة.
بعد أن أوقفت سيارتها، بدأت “يو دونغ” تسير باتجاه المبنى بينما كانت تتحدث مع “شيا فِنغ” عبر الهاتف.
“هل وصلتَ؟”
“وصلتُ للتو!” نظر شيا فِنغ إلى ساعته وقال: “لا بد أنكِ فوتِّ الإفطار مجددًا، اذهبي وتناولي شيئًا بسرعة.”
“تناولت الإفطار اليوم.” ابتسمت يو دونغ وقالت: “أنا الآن في طريقي للحديث مع أحد أفراد طاقم التصوير بشأن بعض الأمور.”
“أوه، في ذاك الاستوديو السينمائي والتلفزيوني في الضواحي؟” سأل شيا فِنغ.
“نعم!”
“إذًا كان عليكِ الاستيقاظ مبكرًا لتصلي إلى هناك في هذا الوقت، أليس كذلك؟” قال بقلق. “إن لم تنالي قسطًا كافيًا من النوم، فستكونين مترنحة وفاقدة للتركيز. لا يجدر بكِ القيادة في تلك الحالة.”
“كيف يكون ذلك؟ حتى لو استيقظت مترنحة، فبعد غسل وجهي بالماء البارد أعود نشيطة من جديد.” قالت يو دونغ بضيق، وتابعت: “أنا كبيرة المفاوضين في شركتنا، وأنت تتصرف وكأني طفلة ناعسة.”
“حسنًا، أنتِ الأفضل!” لم يستطع شيا فِنغ سوى الضحك.
“لماذا يبدو وكأنك تُمثّل فقط؟” تمتمت يو دونغ متذمرة.
“لن أقول شيئًا.” قال ضاحكًا.
“أوه، وصل المخرج.”
“حسنًا، اذهبِ إذًا!”
“إلى اللقاء.”
أنهت يو دونغ المكالمة وهي في مزاجٍ جيد، واقتربت من الطاقم المألوف للمخرج “ليو”.
“مرحبًا، مديرة يو.” كان “وانغ شين”، مساعد المخرج، هو من استقبلها.
“مساعد المخرج وانغ، هل المخرج ليو هنا؟ أحضرت عينة من الدبلجة التي طلبها.” نظرًا لمتطلبات المخرج ليو العالية بشأن الدبلجة، فحتى بعد توقيع العقد أصر على الإشراف عليها بنفسه، ولهذا طلب هذه العينات اليوم.
“المخرج ليو يزور طاقم العمل المجاور.” قال وانغ.
“سأنتظره هنا إذًا.” قالت يو دونغ.
“قد لا يعود المخرج ليو في وقت قريب.” هز وانغ رأسه ضاحكًا، وقال: “الطاقم المجاور يخص المخرج “تشاو”، وكلما التقيا يستغرقان ساعات في الحديث.”
“أهكذا إذًا؟” سألت يو دونغ، “هل يمكنني الذهاب إليه مباشرةً؟”
“نعم، إن أردتِ. يمكنني أن آخذكِ إلى هناك بعد أن أنتهي.” قال وانغ.
نظرت يو دونغ إلى الطاقم المشغول، ثم هزت رأسها أخيرًا وقالت: “لا، لا داعي لإزعاجك. يمكنني الذهاب بنفسي.”
“حسنًا، إذًا كوني حذرة!” حذّرها وانغ.
“آه؟” تساءلت يو دونغ مستغربة، عن ماذا يجب أن تحذر.
“المخرج تشاو يصوّر حاليًّا مسلسلًا غامضًا. من المفترض أنه يدور حول نشأة قتلة ساديّين، لذا هناك الكثير من المشاهد العنيفة يتم تصويرها الآن. بعض المساعدات أصبن بالخوف الشديد.” شرح وانغ.
“أوه، فهمت. سأكون حذرة، شكرًا لك.” ردت يو دونغ.
ورغم أن موقع التصوير كان مجاورًا، إلا أنه بعيدٌ نوعًا ما؛ فاضطرت يو دونغ للسير قرابة عشر دقائق لتصل إليه.
وحين وصلت إلى المدخل، رأت عدّة نساء يتجمّعن قرب صناديق القمامة، شاحبات الوجوه.
“عذرًا، هل المخرج ليو هنا؟” سألت يو دونغ أحد العاملين الواقفين بالجوار.
“نعم.”
“هل يمكنني الدخول؟” سألت يو دونغ.
رمقها الموظف بنظرة مترددة وقال: “المشهد الذي يُصوَّر الآن مرعبٌ نوعًا ما، يمكنني مناداته لكِ إن أردتِ.”
ما مدى رعب هذا العمل؟ تساءلت يو دونغ وقد أُثير فضولها.
“لا بأس، بما أنني جئت إلى هنا، من الأفضل أن أذهب إليه بنفسي.” قالت يو دونغ.
“حسنًا إذًا!” أشار الموظف إلى اتجاه معين وقال: “المخرجان تشاو وليو كلاهما هناك.”
شكرت يو دونغ الرجل ودخلت.
وحين اقتربت، سمعت رجلين يتشاجران بصوتٍ عالٍ.
“أقول لك، تشاو، لن تتمكن من توزيع هذا.” من الواضح أن من تكلّم هو المخرج ليو.
“هذا ما يُدعى بالواقعية. أليس على صانع الأفلام أن يكون منطقيًّا وواقعيًّا؟” ردّ المخرج تشاو، “أتظن أن مجرد استخدام أزياء تاريخية دقيقة يكفي لإظهار الواقعية؟ وأنه لا بأس بكيفية إظهار موت الشخص، يكفي أن نُظهر دمًا يسيل من زاوية فمه؟”
“تتجرأ على الرد؟ هذا المشهد دمويّ للغاية، سيتوجب عليك تمويهه بالكامل حتى تتمكن من عرضه.” ردّ المخرج ليو بعصبية.
“إذًا لن أعرضه في الصين، سأطرحه في الخارج.”
“يا لك من رأسٍ ثور—”
دق دق!
“مخرج ليو!” قاطعت يو دونغ الجدال المحتدم.
“يو دونغ؟” لمحها المخرج ليو وتذكّر: “آه، صحيح، كنتُ قد طلبت عينة من الدبلجة اليوم.”
“أحضرتُ عدّة عينات لتطّلع عليها. إن كان هناك أي مشكلة، فلا تتردد في إخباري، يمكننا تعديلها في أي وقت.” ناولته يو دونغ العينات.
أومأ المخرج ليو برأسه وهو يتلقّاها.
“هاه؟” لمحت “يو دونغ” شاشة المخرج “تشاو” عن غير قصد، وشعرت فجأةً أن المشهد مألوفٌ قليلًا.
“خفتِ؟” ضحك المخرج ليو.
“لا، فقط يبدو مألوفًا بعض الشيء.” فكّرت يو دونغ للحظة، لكنها لم تستطع تذكّر أين رأته من قبل مهما حاولت.
“رأيتِه من قبل؟” سمع المخرج تشاو ردّها وشعر بالأمر غريبًا قليلًا. فالمشهد رتّبه كاتب السيناريو الأصلي، ومن المفترض ألّا يكون أحد قد رآه من قبل.
“إنه فقط… مألوف بعض الشيء.” كانت يو دونغ لا تزال تحاول التذكّر.
وفي تلك اللحظة، دخل فتى مراهق نحيف يحمل دلوًا من الدم المزيّف. أضاءت عيناه حين رأى يو دونغ، وابتسم ابتسامة مشرقة قائلًا بفرح:
“أختي!”
“أنت؟!” صُدمت يو دونغ حين رأت الفتى.
“أختي، أتيتِ لرؤيتي وأنا أصنع فيلمًا؟” قال الفتى بسعادة وهو يقترب منهم.
“أأنت تصنع فيلمًا؟” سألت يو دونغ بدهشة.
“ألستِ أنتِ من أوصت بي لأحد المستثمرين؟” غمز لها الفتى.
تذكّرت يو دونغ ما حدث سابقًا وسألت:
“إذًا آلان استثمر فعلًا؟”
“نعم!” أومأ الفتى مبتسمًا. “وجعل المخرج تشاو مديرًا عامًا، والمحرر وانغ يساعدني في تعديل السيناريو.”
“هل هذه أختك؟” سأل المخرج تشاو.
“إنها الأخت في السيناريو!” ضحك الفتى.
“في السيناريو؟” فجأةً أمعن المخرج تشاو النظر في يو دونغ وسأل:
“ما اسمك؟”
“مرحبًا، مخرج تشاو، اسمي يو دونغ، وهذه بطاقتي.” لم تكن يو دونغ لتفوّت فرصة التعارف مع مخرج مشهور كهذا.
“جيد.” أخذ المخرج تشاو بطاقتها وقال:
“لقد أنقذتِ عبقريًا، تعلمين ذلك؟”
“هاه؟” شهقت يو دونغ بدهشة.
“أختي، سأريكِ أحلامي.” نسي الفتى تمامًا أنه جاء ليقابل المخرج تشاو، وأمسك بيد يو دونغ ليأخذها إلى موقع التصوير الذي يجري العمل عليه حاليًا.
نظرت يو دونغ إلى المشهد الملطّخ بالدماء، وشعرت وكأنها نُقلت إلى مشرحة—الأضواء الباهتة، الأجساد المشوّهة. فجأةً سرت قشعريرة في عمودها الفقري.
“أختي، هذا هو مشهد الموت الخامس في أحلامي.” قال الفتى، “قال كلٌّ من المخرج تشاو والمحرر وانغ إن هذا الموت هو الأفضل، لذا نبدأ بتصويره أولًا…”
كان من الصعب على يو دونغ أن تتابع كلام الفتى، كانت تود أن تصرخ “توقّف!” بينما استمر في سرد تفاصيل مروعة.
صحيحٌ أن يو دونغ قرأت السيناريو في ذلك اليوم المشؤوم على سطح المبنى، لكنها لم تتصفّحه سوى لتُظهر أنها تقرأ، ولم تتعمّق فيه حقًا، بل كانت تتابع الفتى نفسه.
لكن الآن، وبعد أن استمعت إليه، أدركت يو دونغ أن الفتى يبدو أكثر سعادة، خصوصًا حين يتحدّث عن المحرر وانغ.
“تقول إنك المسؤول عن ابتكار طرق القتل في السيناريو، وكان عمل المحرر وانغ أن يكتب مسار التحقيق الشرطي في الجرائم؟” سألت يو دونغ بعد أن استمعت له.
“نعم! لم يكن هناك أي شرطة في أحلامي، لكن المحرر وانغ لاحظ هذا، وقال إن أحلامي لا تبدو واقعية بهذه الطريقة.”
منذ شهرين، كان الفتى يبتسم، لكن عينيه لم تكونا متألقتين هكذا. لم يكن يبدو متصلًا بالعالم حينها.
“هل لا تزال تراودك تلك الأحلام؟” سألت يو دونغ.
“لم تعد.” ابتسم الفتى، “منذ أن أمسك المحرر وانغ بكلّ القتلة في أحلامي، لم أعد أراها مجددًا.”
“وماذا عن عائلتك؟” تذكّرت يو دونغ أن والدَيه أرادا إرساله إلى الولايات المتحدة.
“انتقلت للعيش وحدي.” قال الفتى، “أعتقد أن الأمر انتهى لصالح الجميع أنني غادرت.”
شعرت يو دونغ بالحزن حين سمعت ذلك، لكنها لم تعرف ما تقوله لتواسيه.
“لكنني أفضّل حياتي كما هي الآن.” ضحك الفتى، “قال المخرج تشاو إنني عبقري، والمحرر وانغ يحب الحديث معي. نتحدث عن القصة، نكتب السيناريو معًا، ونصنع الأفلام سويًا. قال المخرج تشاو إنه بعد ستة أشهر، سيُعرض فيلمنا في كل أنحاء العالم، ليتمكن الجميع من رؤية أحلامي.”
“مبروك!” قالت يو دونغ بإخلاص.
“أختي، هل تعلمين؟ صناعة الفيلم لم تكن الجزء الأفضل من كل هذا.” كان وجه الفتى ممتلئًا بالرضا حين تابع، “الأفضل كان حين أدركتُ أنني وإن كنت مختلفًا عن معظم الناس، إلا أنني لستُ مختلًّا نفسيًّا.”
“بالطبع لا، أنت عبقري!” ردّت يو دونغ بكلمات المخرج.
“أجل!” أومأ الفتى بسعادة.
“أعطني توقيعك! عندما تُصبح مشهورًا، سأتباهى به أمام أصدقائي.” أخرجت يو دونغ دفتر ملاحظاتها.
“هاها…” وقّع الفتى بخجل.
“تشين وانغ؟” قرأت يو دونغ الاسم بصوت عالٍ.
“أختي، آسف لن أتمكن من البقاء معك، المخرج ناداني.” لوّح الفتى لها مودّعًا وركض عائدًا إلى موقع التصوير.
نظرت يو دونغ إلى الاسم على دفترها، وتذكّرت السطح المليء بالزهور في حياتها السابقة.
ما كان الاسم المكتوب على المقعد الذي اعتدت الجلوس عليه؟
“برج المراقبة؟”
انتظري…
“شرفة الحارس وانغ؟”
ذلك البحر من الزهور كان يُجسِّد حياةً رائعةً ذبُلت وماتت باكرًا. وكانت تلك الحديقة تُرافق يو دونغ في أيام وحدتها المديدة في حياتها السابقة، وهي ترثي حالها وغمر العمل لها.
أما الآن، فإن ذلك البحر من الزهور، الذي كان ملاذ يو دونغ، قد تحوّل إلى رمزٍ لأحلام الفتى الجديدة. وربما، في يومٍ من الأيام، سيقدّره العالم بأسره.
لكن، ماذا عن الملاذ الذي كان يخصّ يو دونغ؟
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
تلك الليلة.
[ هل تُجيد العناية بالزهور؟ ] أرسلت يو دونغ رسالة إلى شيا فِنغ.
[ ما الأمر؟ هل ترغبين في زرع الزهور؟ ]
[ أريد أن أزرع بضع زهور على شُرفتِنا، لكنني لا أملك يدًا خضراء. لا أستطيع حتى إبقاء صبّارٍ حيّ. ] كانت يو دونغ تشعر بالحزن.
[ لنذهب إلى سوق الزهور حين يأتي الربيع. ]
[ هل ستعتني بها؟ ]
[ سأعتني بها! ]
هل ستكون بحري من الزهور؟
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ترجمة:
Arisu-san