ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية - الفصل 22
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ولادة جديدة
على أبواب مكتب الشؤون المدنية
الفصل الثاني والعشرون:
⦅رمزُ المودَّة♡⦆
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
قبل عشرة أعوام ربما، لم تكن نسبة التلوّث بهذا السوء. وبالمقارنة بعام 2017، لم يكن المناخ بذلك الدفء. ففي ليلة الميلاد، بدأ الثلج يتساقط قليلًا في شنغهاي.
كانت يو دونغ ترتدي تنّورةً ورديّة، ومعطفًا أبيض من الريش، وحذاءً طويلًا كبيرًا.
كان وجهها جميلًا جدًا هذا اليوم، مع زينةٍ ركّزت على إبراز عينيها الكبيرتين وشفتيها الورديّتين. لم يكن الرجال قادرين على منع أنفسهم من النظر إليها وهم يمرّون.
نظرت يو دونغ إلى ساعتها مرّةً أخرى. لا بُدَّ أن الطائرة قد هبطت الآن، أليس كذلك؟ لماذا لم يخرج بعد؟
وبعد خمسِ دقائقٍ من الانتظار القَلِق، رأت يو دونغ أخيرًا هيئةً مألوفة.
“شيا فِنغ!”
قفزت يو دونغ ولوّحت بسعادة.
كان يرتدي معطفًا أسود. تجمّد في مكانه حين سمع النداء. وعندما أدرك أنّها يو دونغ، لوّح لها أولًا، ثم استدار ليودّع زملاءه، وسرعان ما اتّجه نحوها.
كانت يو دونغ سعيدةً جدًّا برؤيته، حتى أنها لم تستطع أن تنبس ببنت شفة، وكل ما فَعَلَتْه هو أن ابتسمت ابتسامةً واسعة.
نظر شيا فنغ إلى يو دونغ للحظة، ثم انفجر فجأةً قائلاً بتوبيخ:
“قالت النشرة الجوية إنّه سيتساقط الثلج اليوم، لماذا ترتدين القليل؟”
رمشت يو دونغ بعينيها، ثم عبست بشفتيها في تجهُّم.
“ما الأمر؟” سأل شيا فنغ وقد لاحظ تغيُّر مزاجها المفاجئ.
“لقد تأنّقتُ خصّيصًا اليوم، وذلك هو كل ما لديك لتقوله؟!” قالت يو دونغ وقد غمرها شعورٌ بالظلم.
ابتسم شيا فنغ وهو يستمع إليها. كانت يو دونغ تصغره بستّ سنوات، ومع مظهرها الحالي، لم يستطع منع نفسه من أن يشعر بأنه قد شاخ.
“جميلةٌ جدًّا، لكنّني بجوارك أبدو كبيرًا في السنّ، مثل عمّ.” رأى شيا فنغ رقبتها المكشوفة، ففكّ وشاحه ولفّه حولها.
في الحقيقة، لم يكن الجوّ باردًا في المطار على الإطلاق، لكن يو دونغ أُعجِبَت كثيرًا بأن شيا فنغ أعطاها وشاحه.
“لا تقلق، لا يُزعجني الأمر.” ردّت يو دونغ مازحةً.
“شكرًا لك!” ابتسم شيا فنغ ابتسامةً ملؤها الدلال.
“فلنعدْ إلى البيت إذن!” قالت يو دونغ وهمّت بسحب حقيبة شيا فنغ.
“حسنًا!” كيف له أن يدع يو دونغ تحمل حقيبته؟ أمسك بها، ثم استدار وأمسك بيدها بدلًا من ذلك.
نظرت يو دونغ إلى يدها بذهول، ثم رفعت عينيها لتجد شيا فنغ يبتسم بانحناءةٍ خفيفة من رأسه.
[حين أعود، أريد أن نجرّب ونرى إلى أين يمكن أن تصل علاقتنا!]
هل كانت هذه البداية؟
شعرت يو دونغ بالخجل، ولكنها كانت متحمّسة. أنزلت رأسها بصمت وبدّلت قبضتهما إلى تَشابُك أصابع.
شعر شيا فنغ بحركتها، بكفّها الدافئ، وأصابعها الطريّة الرقيقة، والملامسة الخفيفة بين راحتيهما. وتسلّلت تلك الملامسة على طول ذراعه لتستقرَّ مباشرةً في قلبه.
بسبب الثلوج، كانت الطرق مزدحمة، ما جعل يو دونغ مستاءة.
“ما رأيك أن تنام قليلًا؟ يبدو أنّ الوصول إلى البيت سيأخذ ساعةً أخرى.” قالت يو دونغ مكتئبة وهي تنظر إلى بحرِ السيارات أمامها.
“لا بأس، لا أشعر بالنعاس، نِمتُ في الطائرة.” ثم أثنى شيا فنغ على قيادتها قائلًا:
“ما زلتِ حديثة العهد برخصة القيادة، لكن قيادتك ممتازة.”
“أنا ذكيّةٌ جدًّا، طبعًا!” قالت، دون أدنى حياءٍ كأنّها تقود منذ سنوات.
“إذًا يمكنك أن تقودي إلى العمل وتعودي بنفسك. سآخذ سيارة والدي في وقتٍ متأخّر.” قال شيا فنغ مبتسمًا.
“حسنًا!” فكّرت يو دونغ قليلًا، ثم تذكّرت فجأة: “لقد اقترب وقت الظهر. ما رأيك أن نتناول الغداء قبل أن نعود؟”
“لا مانع!” وافق شيا فنغ بلا اعتراض.
ولمّا رأت موافقته، غادرت يو دونغ الطريق السريع عند أول تقاطع، ودخلت شارعًا تجاريًّا.
ولأنّه كان مساء عيد الميلاد، كانت الشوارع مزدحمةً بالناس، وكان من الصعب إيجاد موقفٍ للسيارة. وأخيرًا وجدوا واحدًا، لكنّهم اضطرّوا إلى المشي مسافةً للوصول إلى المطعم.
“لماذا يوجد هذا العدد من الناس اليوم؟” تمتمت يو دونغ متنهّدة.
ألقى شيا فنغ نظرةً على الزينة المنتشرة في الشوارع.
وفجأة، لمح فتاةً تبيع الزهور على الجهة المقابلة، فاستدار نحو يو دونغ قائلًا: “انتظريني قليلًا.”
رأت يو دونغ شيا فنغ وهو يسرع في عبور الشارع، ويتوقّف أمام بائعة الزهور. وبعد تبادل بعض الكلمات، عاد وهو يحمل باقةً من الورود الحمراء.
“عيد ميلاد سعيد!” قالها شيا فنغ وهو يقدّم الورود كفارسٍ نبيل.
تلألأت عينا يو دونغ وهي تتلقّى الزهور، وتحتضنها وتضحك بمرح.
تفاجأ شيا فنغ من ردّة فعلها القويّة، لم يتوقّع منها ذلك.
“احذري الأشواك!” نبّهها.
“لا تكن سخيفًا، لقد أزالت بائعة الزهور جميع الأشواك.” ردّت يو دونغ.
“وكأنّك لم تري وردةً من قبل!” قال شيا فنغ ضاحكًا.
“بالطبع رأيتُها من قبل، لكنّ هذه مختلفة، لأنها من شخصٍ أحبّه.” أمالت يو دونغ رأسها لتنظر إليه، وعيناها تلمعان.
كان ذلك الفيض من الفرح موجّهًا مباشرةً إلى شيا فنغ. كانت سعادتها صادقةً للغاية، تنفذ إلى قلب من يراها.
“يا لكِ من فتاة!” لم يستطع شيا فنغ إلا أن يربّت على رأسها، ثم أمسك بيدها من جديد. ويبدو أن أجواء عيد الميلاد المبهجة قد جعلت كلّ خطوةٍ من خطواتهما مغمورةً بالحلاوة.
“لنأكل في مطعم غربيّ، لا نأكل الطعام الساخن.” قالت يو دونغ فجأة.
“لماذا؟ ألم نتّفق على أكل الطعام الساخن ونحن في السيارة؟”
“لأنّ الورود والطعام الغربيّ يتناسبان أكثر.” لا يمكن لهذه الأجواء الرومانسيّة أن تفسد بقدر الطعام المغليّ.
سحبها شيا فنغ بلطف نحو مطعم الطعام الساخن، ونظر إليها قائلًا:
“دعينا نأكل ما نريده، فالورود تتناسب معك أنتِ!”
“أنتَ… أنتَ…” لم تكن يو دونغ قد تأثّرت من قبل بهذا الشكل. احمرّ وجهها، وعضّت على شفتيها، ثم قالت بجديّة فجأة:
“المرّة القادمة إن فعلتَ هذا، فلن أكون مؤدّبة!”
“ماذا؟” لم يفهم شيا فنغ ما الخطأ الذي ارتكبه.
وفجأة، اقتربت يو دونغ منه، ووقفت على رؤوس أصابعها، ثم قبّلته بلطفٍ على جانب وجهه.
تفاجأ شيا فنغ، والتفت لينظر إلى الفتاة التي قبّلته، فلم يجدها سوى وهي تدخل المطعم، تصيح نحوه:
“تعال بسرعة، أنا أتضوّر جوعًا!”
ابتسم شيا فنغ وهزّ رأسه.
ومدّ يده ليلمس الخدّ الذي قبّلته يو دونغ، ثم دخل المطعم وسط نظرات النادل الحاسدة.
وأثناء تناول الطعام، كان شيا فنغ يمدّ الخضروات في طبق يو دونغ قائلًا:
“لا تأكلي الطعام الحار فقط، انتبهي لمعدتك.”
لاحظت يو دونغ أنّ طبق شيا فنغ يكاد يكون خاليًا، فأخذت عيدان الطعام وملأت له طبقه، قائلةً:
“وأنتَ أيضًا، كلْ أكثر، لم تأكل طعامًا ساخنًا منذ ثلاثة أشهر!”
“حسنًا!” كان شيا فنغ على وشك أن يأخذ لقمة، لكن هاتفه رنّ فجأة.
أجاب شيا فنغ:
“ييفان؟”
“شيا فِنغ، هل وصلت؟”
“نعم، نحن نتناول العشاء.”
“مرّ على المختبر بعد أن تنتهي.” قال شاو ييفان، “واحدة من عينات التجارب قد تفاعلت.”
تألقت عينا شيا فنغ، وردّ بنبرةٍ مفعمةٍ بالفرح:
“حسنًا، سآتي حالًا!”
توقّفت يو دونغ عن الأكل ونظرت إليه بسؤال:
“ما الأمر؟”
“تجربةٌ سابقة أعطت نتائج. عليَّ أن أذهب لرؤيتها.” قالها شيا فنغ، ثم نظر إليها بأسف.
“آسف، لن أتمكّن من البقاء معك اليوم.”
تجربة؟ فكّرت يو دونغ في اختراق شيا فنغ المستقبليّ في الطب، فهزّت رأسها وقالت:
“لا بأس، هل أُقِلّك بسيارتي؟”
“لا حاجة! تابعي طعامك، سآخذ سيارة أجرة.” وحين هزّت رأسها موافقة، أخذ شيا فنغ معطفه وغادر.
لا عجب أن الناجحين مشغولون دائمًا، يفرّون في منتصف وجبتهم.
نظرت يو دونغ إلى الورود بجانبها، ثم أرسلت رسالة إلى شاو ييفان:
[ شيا فنغ أنهى رحلةً طويلة، ثم غادر وسط الغداء. أنتم على وشك الانشغال، لا تنسوا تذكيره بتناول الطعام. ]
[ هل قاطعتُ موعدكما؟ ]
[ هذه المرّة الثانية، دكتور شاو. ]
[ أنا آسف! ]
ابتسمت يو دونغ ووضعت هاتفها لتكمل طعامها. وقد أكلت معظم الأطباق، ثم نهضت لتدفع الفاتورة.
“آنسة، تم تسديد الفاتورة بالفعل. هذه بقيّة المبلغ.” قال النادل وهو يعطيها الإيصال والباقي.
غادرتَ بهذه العجلة، ومع ذلك لم تنسَ أن تدفع؟
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
حين عاد شيا فنغ إلى البيت، كان الوقت قد تأخّر ليلًا.
كانت يو دونغ جالسةً في غرفة الجلوس تنتظره، لكنها غفت على الأريكة.
وعلى الرغم من أنّ الغرفة كانت دافئة، فإنّ بيجامتها كانت خفيفةً نوعًا ما، فتقدّم شيا فنغ بهدوء، ناويًا أن يحملها إلى غرفتها.
لكنّه حين اقترب، لاحظ أنّ شعرها لا يزال مبلّلًا.
كان من الواضح أنّها غفت مباشرةً بعد استحمامها…
غطّى شيا فنغ جسد يو دونغ ببطّانية، ثم توجّه إلى الحمّام ليُحضِر مجفّف الشعر.
وعندما صار شعرها نصف جافّ، فتحت يو دونغ عينيها بتثاقل.
“استيقظتِ؟” سألها شيا فنغ بصوتٍ خافت.
“لقد عدتَ!” ردّت يو دونغ بنبرةٍ ناعسة، إذ لم تكن قد أفاقت تمامًا.
“لماذا لم تُجفّفي شعرك قبل أن تنامي؟” سألها.
“كنتُ نعسانة!”
نظر شيا فنغ إلى مظهرها البائس، وقال بعجز:
“في المستقبل، إن شعرتِ بالإرهاق الشديد، لا داعي لأن تغسلي شعرك.”
أومأت يو دونغ بطاعة.
مدّ شيا فنغ يده ولمس شعرها، ثم قال فجأة:
“شعركِ بدأ يطول.”
كانت يو دونغ لا تزال مشوّشة الذهن، فأومأت بالموافقة.
“أتريدين قصّه؟”
“لا.” ردّت يو دونغ بنعومة، “أعتقد أنّ الشعر الطويل يليق بي أيضًا.”
“إذًا، لماذا قصصتِه في المقام الأول؟” تذكّر شيا فنغ أنّه حين رآها أوّل مرّة، كان شعرها واضحًا يتدلّى أسفل كتفيها.
“كنتُ أُبقيه طويلًا لأنّ حبيبي السابق قال إنّه يليق بي.” أجابت يو دونغ.
“آه!” لم يُكمل شيا فنغ، بل ركّز على تجفيف شعرها. وعندما كاد يجفّ، أطفأ مجفّف الشعر.
“هل تظنّ أنّ الشعر الطويل يليق بي؟” رفعت يو دونغ عينيها إليه بنظراتٍ ناعسة.
“يليق بكِ!” تذكّر شيا فنغ الفتاة الصغيرة ذات العينين المحمرتين أمام مكتب الشؤون المدنيّة، وكان شعرها الطويل الناعم يُضفي عليها مظهرًا سماويًّا.
“إذًا، هل أُطيل شعري لأجلك هذه المرّة؟” رمشت يو دونغ وسألته بابتسامة.
“لأجلي أنا؟” تفاجأ شيا فنغ قليلًا.
“ألم تقُل للتوّ إنّ الشعر الطويل يليق بي؟”
“لا حاجة لأن تفعلي أيّ شيء لأجلي.” ضحك شيا فنغ.
“لكنّني أُريد أن أكون كما تحبّ.”
تجمّد شيا فنغ في مكانه. ربما كانت صراحتها طاغيةً أكثر من اللازم، فجأةً شعر بعدم ارتياحٍ طفيف، فنهض وقال:
“يا لكِ من فتاة… نامي الآن!”
“حسنًا، تصبح على خير!” أغلقت يو دونغ عينيها وهمّت بالنوم.
“ألن تعودي إلى غرفتك؟” سألها شيا فنغ وقد تعثّرت كلماته.
“لا أُريد أن أتحرّك!” قالت يو دونغ بكسلٍ وهي مغمضة العينين.
هزّ شيا فنغ رأسه بلا حيلة، ثم حمل يو دونغ وهي متكوّرة داخل بطّانيتها، وسار بها ببطء إلى غرفتها، ثم دسّها في سريرها، وغطّاها باللحاف.
لا بُدَّ أنّها كانت مرهقةً جدًّا، فقد غفت دون أن تفتح عينيها مجدّدًا.
تحت ضوء المصباح الليليّ الخافت، نظر شيا فنغ إلى وجهها الفتيّ.
“أنتِ لا تزالين صغيرة… هل تفهمين فعلًا ما الذي تُحبّينه؟ وكم سيستمرّ ذلك؟” همس وهو يُبعد خصلة شعرٍ عن شفتيها. “أنا أُريد تفاهمًا يدوم عمرًا، لا شغفًا عابرًا في ربيع العمر. ستّ سنوات قد تبدو لا شيء، لكنها تمثّل فجوةً عميقة بين جيلَين.”
“تصبحين على خير!” قالها في النهاية، ثم نهض وأطفأ الأنوار وغادر غرفة يو دونغ بهدوء.
دخل شيا فنغ غرفته بعد أن اغتسل، واستلقى على سريره ذي الفرش النظيف والمعطّر. أراد أن يُطفئ المصباح الجانبي، حين لاحظ وجود محفظةٍ فوق الدُرج.
أخذ شيا فنغ المحفظة وتفقّدها. كانت أنيقة، وسطحها الناعم يُخفي نقشًا ما. وعندما فتحها، وجد بطاقةً بداخلها.
رفع شيا فنغ حاجبًا وهو يقرأ:
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
السيد شيا فنغ العزيز،
تهانينا! لقد حصلتَ على “الجميلة الخارقة التي لا تُقهَر في الكون” الآنسة يو دونغ. هذه هديةُ مودّة من الآنسة يو دونغ، فتذكّر أن تُعاملها بلُطفٍ دائمًا!
ملاحظة: مهما انشغلت، لا تنسَ أن تأكل! ( ^ _ ^ )
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
أعاد شيا فنغ البطاقة، وأمسك بالمحفظة بكلتا يديه، ثم أعاد البطاقة إلى مكانها داخل المحفظة. بعد ذلك، نهض من سريره وبدأ ينقل كلّ ما في محفظته القديمة إلى الجديدة.
ثم عاد إلى سريره، واستلقى وهو يبتسم، وغطّ في النوم.
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ترجمة:
Arisu-san