ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية - الفصل 2
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
ولادة جديدة على أبواب مكتب الشؤون المدنية
⦅الفصل الثاني: حرق حبٍ ميت♡⦆
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
في صباح اليوم التالي، استيقظ شيا فنغ كعادته، وبقي ممددًا على السرير دقيقتين دون تركيز قبل أن يتحرك أخيرًا.
ومع ذلك، بدا أن هناك أمرًا غير طبيعي. ما هذه الرائحة الدخانية؟
لم يُسعفه الوقت لارتداء نظارته؛ ففتح الباب ليرى الدخان يتصاعد من المطبخ. انتابه الذعر فجأة، فهرع إلى مدخل المطبخ، ثم…
“ما الذي تفعلينه؟!”
شعر شيا فنغ وكأن الحياة تُسحب من جسده، بالكاد تمكّن من تمالك نفسه كي لا يطلق الشتائم.
“استيقظت؟”
قالت يو دونغ، التي كانت تحرق شيئًا في قدر، وهي في مزاج جيد هذا الصباح، والتفتت لتلقي التحية على شيا فنغ.
“ما الذي تحرقينه؟” كرر شيا فنغ سؤاله.
“بعض الصور، وتذاكر، ومذكّرات.” شرحت يو دونغ وهي تمسك بصورة بيدها. “هذه التقطتها مع حبيبي السابق.”
“ولِمَ تحرقين أشياءك في هذا الصباح الباكر؟”
“رأيتهم هذا الصباح حين استيقظت وفتحت حقيبتي، ولم أتمالك غضبي. ولكي لا يؤثر ذلك على حياة الزوجين الجديدة، قررت حرق حبي الميت.”
قالت يو دونغ ذلك بثقة وجدية.
“ولماذا تحرقينها في قدر؟”
سأل شيا فنغ من بين أسنانه المشدودة.
“كنت أعلم أن الأمر سيسبب دخانًا، ففكرت أن هناك جهاز شفط في المطبخ. وعندما وصلت، وجدت هذا القدر فقررت استخدامه في الحال.” ثم تذمرت قائلة:
“لكن هذا الشفاط ليس جيدًا، لا يزال هناك الكثير من الدخان. هل انتهت فترة ضمانه؟ إن لم تكن قد انتهت، عليك استبداله.”
ما الذي تُدرّسه المدارس هذه الأيام؟ طريقة تفكير هذه الفتاة غير مترابطة إطلاقًا.
“هل ستعدّ الفطور؟ أنا على وشك الانتهاء من الحرق، وسأغسل القدر بعدها لتستخدمه من جديد.”
كانت يو دونغ تظن نفسها ذكية.
“إذا استخدمنا هذا القدر للقلي لاحقًا، ألن تبقى بقايا حُبك الميت في كل وجبة؟” لم يستطع شيا فنغ إلا أن يتمتم.
“نعم، يبدو ذلك غير مُبشّر، من الأفضل أن نتخلص منه.”
لكن يو دونغ هزّت رأسها من جديد وقالت: “لا، هذا القدر يبدو غالي الثمن، لمَ لا نبيعه على الإنترنت؟ تعال، التقط له صورة وارفَعها بسرعة!”
شعر شيا فنغ أن مبادئه الثلاثة (في التفكير والمنطق والحكم) تتعرّض لهجوم عنيف، ولم يجد مهربًا سوى أن يغادر ليغسل وجهه ويهدأ.
وبعد أن نظّفت يو دونغ المطبخ، أسرعت إلى غرفة الجلوس لتستمتع بصورة زفافها الجديدة. رغم أن الصورة التُقطت على عجل، إلا أنها خرجت جميلة جدًا. وكان الاثنان يبدوان متناغمين معًا.
استغرقت يو دونغ بعض الوقت في التأمل بفرح. وعندما انتبهت أخيرًا، وجدت شيا فنغ قد وضع البيض المقلي واللحم المقدد على الطاولة.
“لم يكن في المنزل سوى هذه الأشياء، تناوليها أولًا.”
جلست يو دونغ بشكل طبيعي إلى الطاولة، وأخذت الحليب الذي ناولها إياه شيا فنغ وبدأت تأكل. وبالنسبة ليو دونغ التي لا تملك أدنى مهارة في الطبخ، فإن شخصًا يُعدّ فطورًا كهذا يُعتبر إلهًا.
“زوجي، أحسنتَ الاختيار حين تزوجتني.”
كاد شيا فنغ أن يختنق بالحليب الذي كان يشربه، بعد أن باغتته كلماتها.
“فمن دون زوجة عديمة القدرة على الطبخ، كيف كنت لتُظهر فضلك ومهارتك؟!” قالت يو دونغ بجدّية.
“هل عليّ أن أشكرك؟” قال شيا فنغ وهو يسعل.
“على الرحب والسعة!”
ما العمل مع هذا الإحساس المفاجئ برغبة جارفة في الشتيمة؟
بعد أن تناولا الطعام، بادرت يو دونغ إلى غسل الصحون وقالت:
“أنت تطبخ، وأنا أغسل. الكتاب الذي قرأته قال إن أعمال المنزل يجب أن تُقسم، ولا ينبغي أن يتحمّلها طرف واحد!”
“شكرًا!”
بعد كل ما سمعه، لم يجد شيا فنغ ما يقوله سوى “شكرًا.”
“لا شكر على واجب. علّق صورة زفافنا فوق الحائط خلف الأريكة مباشرة.”
نظر شيا فنغ إلى الأريكة، فرأى اللوحة الزيتية القيّمة المُعلّقة فوقها، وكانت هدية منزلية من صديق اختارها بعناية لتناسب ديكور المنزل.
قطّب حاجبيه قليلًا، ثم تردد وقال:
“قد يبدو تعليقها هناك غريبًا، فهي لا تتناسق مع طابع الغرفة.”
“إذًا، لا نعلّقها هناك!” قالت يو دونغ بحزم.
“كنتُ أرغب في تعليقها في غرفة النوم، لكنني خشيت أن تعترض.”
“سأعلّقها حالًا!” قال شيا فنغ، ونفّذ فورًا. أزال اللوحة الزيتية وعلّق صورة الزفاف في غرفة النوم. لكنه لم يستطع أن يمنع نفسه من التفكير: سيكون الأمر مفزعًا أن يستيقظ يوميًا على صورة الزفاف هذه كأول ما يراه.
ابتسمت يو دونغ وخرجت حاملة صحنًا بيدها، راضية وسعيدة.
علّق شيا فنغ اللوحة في غرفة نومه، ثم نظر إلى ساعته. لم يكن الوقت قد تأخر بعد. خطّط لتبديل ملابسه ثم الذهاب لرؤية والدته، ويبحث عن طريقة مناسبة ليقول، على نحو عابر، إنه قد تزوّج للتو.
وبعد أن ارتدى ملابسه بعناية، خرج من الغرفة ليجد يو دونغ ترتدي بدورها ملابس مرتبة وتقف في غرفة المعيشة.
“هل ستخرجين؟” سأل شيا فنغ.
“نعم! وأنت؟ ذاهب إلى العمل؟”
“لا، ذاهب لرؤية والدتي.” فكّر شيا فنغ قليلًا ثم قال:
“سأذهب اليوم لتحية والديّ، وإذا سمحت الظروف، فسأطلب منك بعد يومين مرافقتي لرؤيتهم في المستشفى.”
“وكيف يكون ذلك عبئًا؟ فوالداك هما والداي!”
“جيّد… صحيح!” قال شيا فنغ بصعوبة وهو لا يجد ما يرد به.
“لكن، ألن يُصدم والدانا إن استبدلت صديقتك فجأة؟” قالت يو دونغ بقلق.
كم أنتِ سريعة، وقد بدأتي تناديهم بـ”والدينا”؟ لكن، على الأقل، أمي لن تشك.
“لا، آن آن… أقصد، صديقتي السابقة، لم تلتقِ والديّ من قبل.” أجاب شيا فنغ.
“آه، هذا جيد إذًا. ما الذي يحبه والدانا؟ سأخرج لاحقًا لأشتري لهم بعض الأشياء.” سألت يو دونغ بعينين لامعتين.
شعر شيا فنغ بالدهشة؛ لم يتوقّع من هذه الفتاة الغريبة أن تفكّر في شراء هدايا. بدا له تصرفها هذا لطيفًا فجأة، فابتسم ورفض بلطف:
“لا حاجة لأن تنفقي مالك، سأشتري بعض الأشياء وأحضرها إلى المنزل، وأنتِ فقط قدّميها لهم.”
“حسنًا، فنحن عائلة واحدة، لا فرق بين من اشترى أنا أو أنت.” وافقت يو دونغ دون تردد وأومأت برأسها.
“كح!”
رغم أن هذه لم تكن أول مرة يُفاجأ فيها شيا فنغ بجرأتها، إلا أنه كان يجد صعوبة في تقبّلها كل مرة. من الأفضل ألّا أفكر في الأمر وأخرج بسرعة.
“انتظر!” صاحت يو دونغ على عجل وهي تلاحق شيا فنغ الذي كان يهمّ بالمغادرة.
“ما الأمر؟” سأل شيا فنغ.
“زوجي!” نادته يو دونغ بأعذب صوت لديها. “لا أملك مفتاحًا للمنزل، إن غادرت فلن أستطيع العودة!”
شيا فنغ، الذي سُمّي فجأة بـ”زوجي”، شعر بألم مفاجئ في معدته. فتح أحد الأدراج بجانب الباب، وأخرج مفتاحًا احتياطيًا وسلّمه لها. ثم، بعد قليل من التفكير، قال:
“يو دونغ، لا داعي لأن تناديني بـ‘زوجي‘، اسمي يكفي.”
“ماذا؟ ألا يعجبك ذلك؟”
لم يُجب شيا فنغ بعد، لكن تعبير وجهه كان كافيًا ليُظهر رأيه.
“حسنًا، حسنًا!”
تنفّس شيا فنغ الصعداء فجأة.
“أنتم معشر المهندسين مملّون جدًا.”
“أنا درست الطب!”
“كلّه واحد!”
“أنا ذاهب!” لم يشأ شيا فنغ أن يُكمل الجدال معها، وخرج سريعًا من الباب، شاعرًا بأنه لا يستطيع البقاء لحظة أطول.
نظرت يو دونغ إلى ظهره المتراجع بسرعة بنظرة ساخرة، ثم رمت المفتاح في حقيبتها وغادرت المنزل بدورها.
عندما فتحت يو دونغ حقيبة سفرها ذلك الصباح، وجدت مستندًا أعاد إليها ذكريات قديمة.
في حياتها السابقة، كانت يو دونغ تعمل في مجال المبيعات. ورغم أنها وصلت إلى منصب عالٍ ونجحت في مسيرتها المهنية، إلا أن حلمها الحقيقي كان أن تصبح مذيعة إذاعية.
وكانت النتائج واعدة. فقد حصلت على توصية من أستاذها، وتمت دعوتها لإجراء مقابلة لوظيفة “دي جي” في محطة إذاعية شهيرة في شنغهاي. وكان موعد المقابلة في الساعة الثانية ظهرًا من ذلك اليوم.
في حياتها السابقة، بسبب إغمائها أمام مكتب الشؤون المدنية، فوتت المقابلة. ولم تتح لها فرصة أخرى لدخول هذا المجال. وعندما رأت المستند، فكرت يو دونغ أن الزواج قد تم، والمنزل حصلت عليه، فلم يعد جمع المال بتلك الأهمية كما كان سابقًا.
وأثناء مرورها بجانب صالون تصفيف شعر في طريقها إلى المحطة الإذاعية، شعرت بثقل شعرها الطويل المتدلّي على كتفيها، وقررت الدخول.
“كيف تودين قصه؟” سأل مصفف الشعر.
“لدي مقابلة عمل بعد الظهر، وأعتقد أن شعري القصير سيكون أكثر ملاءمة، حتى مستوى الذقن.” رسمت يو دونغ شكل الطول بإصبعها.
“هل ترغبين في صبغه؟ سيبدو أكثر أناقة وعصرية.”
“نعم، اصبغه!”
في الساعة الثانية من بعد الظهر، ومع بلوغ درجة الحرارة في شنغهاي ٣٩ درجة مئوية، دخلت يو دونغ، بشكلها المنعش الجديد، مبنى محطة إذاعة موسيقى شنغهاي.
وعندما التقت بالشخص المسؤول، لم تكن كغيرها من المبتدئين المتوترين؛ بل كانت هادئة واثقة، وهو ما نال إعجابه.
هل كانت هذه الفتاة تطمح فعلًا إلى وظيفة لا تتطلب الظهور الإعلامي؟
تساءل المسؤول في سره، وهو ينظر إلى وجهها المريح، ثم بدأ يطالع معلوماتها:
“درجاتك ممتازة، وأستاذك رشّحك مباشرةً للمدير. نحن راضون جدًا عنك، لكن معظم زملائك سَعَوا للعمل في المحطات التلفزيونية. هل لي أن أعرف لماذا اخترتِ الإذاعة بدلًا من التلفزيون؟”
فكّرت يو دونغ قليلًا… ماذا قال المعلم حينها؟
آه، تذكرت. قال بالحرف:
“طالما أنك على هذا النحو، فاعملي في الإذاعة، فالأمر لا يختلف كثيرًا عن التلفزيون!”
تبا! أيتها المعلمة العزيزة، لمجرد أنني لا أتبرج طوال الوقت لا يعني أنني قبيحة. زميلاتي كنّ يملكن المال، يستعنّ بمصففي شعر محترفين، ويشترين الملابس الفاخرة. وبالمقارنة بهن، كنت كخلفية الجدار!
قالت يو دونغ بلا حول ولا قوة:
“أنا شخص متواضع بطبعي. وإن عملت في محطة تلفزيونية، فقد يكون من المزعج أن يتعرف عليّ الناس في الأماكن العامة!”
أوه! هذه الشخصية الجذابة التي تزعم التواضع… يبدو أن خلفيتها العائلية ليست بسيطة أبدًا.
“بالنسبة للوظيفة، لدينا وقتان متاحان.” قال المسؤول وهو ينظر إلى يو دونغ.
أشارت يو دونغ له أن يتابع.
“الأول هو الساعة الثامنة مساءً، وهو وقت الذروة لدينا. يقدّم البرنامج المذيع الشهير فانغ شياو، واسم البرنامج هو ‘رواد الموسيقى‘. ستعملين معه، ما يمنحك فرصة لاكتساب الخبرة والاندماج أكثر في العمل الإذاعي. أما الخيار الآخر، فهو منتصف الليل، حيث لدينا برنامج جديد، بإمكانك تقديمه بمفردك.”
“تقديم منفرد؟ ذلك الوقت لا أحد يستمع فيه، أراهن أنكم فقط تريدون ملء الفراغ بأي محتوى.” أصابت يو دونغ كبد الحقيقة.
“كح!” حاول المسؤول أن يبدو هادئًا بعدما انكشف أمره. “أنا شخصيًا أوصي ببرنامج الثامنة مساءً!”
“لا، سأختار الفترة الليلية!”
“هاه؟ ولماذا؟”
“لست معتادة على العمل مع الآخرين!” أجابت يو دونغ بلهجة حاسمة.
بعد ذلك، أنهت يو دونغ الإجراءات الرسمية، واتفقوا على مواعيد العمل، ثم عُرّفت على أقسام المكتب. وعندما عاد المسؤول إلى مكتبه، لم يستطع إلا أن يتساءل: كيف تتصرف هذه الفتاة الصغيرة وكأنها تملك خبرة عمل لسبع أو ثماني سنوات؟ لا شك أن خلفيتها العائلية مميزة. فهي تملك كاريزما مختلفة تمامًا!
ذهبت يو دونغ لتناول العشاء في الخارج، وفكرت أن شيا فنغ، الذي ذهب إلى المستشفى لزيارة والدته، على الأرجح لن يعود مبكرًا. وعندما عادت إلى المنزل، كان توقّعها صحيحًا؛ لم يكن شيا فنغ قد عاد بعد.
رأت يو دونغ أن الوقت لا يزال مبكرًا، فقررت غسل ملابسها باستخدام الغسالة. وبعد فترة، وأثناء نشرها الغسيل على الشرفة، سمعت باب المنزل يُفتح.
دخل شيا فنغ حاملاً بضع أكياس.
“لقد عدت!” نادته يو دونغ.
رفع شيا فنغ رأسه ورآها بقصّة شعرها الجديدة القصيرة. بدت أكثر شبابًا وجمالًا. وفي يدها كانت تمسك… احمرّ وجه شيا فنغ قليلًا، وأدار وجهه إلى الجانب قائلًا:
“كح… هل تنشرين الغسيل؟”
نظرت يو دونغ إلى الأسفل في حيرة، لترى أنها كانت تمسك بيديها حمالة صدرها الوردية من مقاس 36B.
✦・゚:‧₊˚.❀.˚₊‧:・゚✦
ترجمة:
Arisu-san