ولادة جديدة على ابواب مكتب الشؤون المدنية - الفصل 13

“ولادة جديدة على أبواب مكتب الشؤون المدنية.”

الفصل الثالث عشر: ⦅ليس من السهل إيجاد حبيبة♡⦆

✦･ﾟ:‧₊˚.❀.˚₊‧:･ﾟ✦

عندما استيقظت يو دونغ، كان شيا فنغ قد غادر بالفعل إلى المستشفى. وفي مثل هذه اللحظات، لم تستطع سوى أن تتنهّد متسائلة: كيف يستطيع بعض الناس أن يناموا ساعات قليلة فقط كل يوم، ويواصلون مع ذلك العمل لساعات طويلة؟ إنه أمر ينافي العلم!

وبما أنها كانت تنوي فقط زيارة استوديو التسجيل الخاص ، لم تتكلف عناء وضع مساحيق التجميل وهي تستعد. وعلى مدخل محطة المترو، اشترت بعض الكعكات لتكون فطورًا متأخرًا.

كان الاستوديو هادئًا لأنهم أنهوا مؤخرًا دبلجة مسلسل تلفزيوني، لكن شياويي ينبغي أن تكون هنا، أليس كذلك؟

تملّكت يو دونغ الحيرة حين رأت مكتب الاستقبال وغرفة الانتظار خاليتين.

“شياويي؟” نادت يو دونغ بصوت مرتفع.

“أين ذهبت؟” تمتمت وهي تُخرج هاتفها لتتصل بها، فسمعت صوت نغمة الرنين ينبعث من غرفة الاجتماعات.

وعندما فتحت الباب، رأت شياويي مستلقية على طاولة الاجتماعات، ووجهها يعلوه الألم.

“شياويي، ما بك؟” هرعت يو دونغ نحوها بذعر.

“إنه… يؤلمني!” تمتمت شياويي بصوت واهن.

“أين يؤلمك؟”

“البطن…” بالكاد استطاعت أن تسمع جوابها.

“سآخذك إلى المستشفى فورًا!”

استدعت يو دونغ سيارة أجرة، ورافقتها في الرحلة إلى مستشفى المدينة.

ما إن وصلتا إلى المستشفى، حتى أصيبت يو دونغ بالذهول. المستشفيات لا تعرف الإجازات فعلًا، إذ كانت تعج بالناس.

رأت يو دونغ وجه شياويي الشاحب وقلقها يتضاعف، وحين فقدت الأمل في الانتظار، قررت أن تتصل بشيا فنغ.

استمعت شياويي إلى المكالمة، ولم تتمالك نفسها من التعليق بدهشة:

“لديك معارف في المستشفى؟!”

نظرت إليها يو دونغ مستنكرة وقالت:

“أأنتِ تتألمين، وكل ما يهمك هو أن لدي معارف هنا؟”

قالت شياويي بضعف:

“أشعر أن الأمر مجرد التهاب الزائدة… وإذا اضطررت للجراحة، فتذكّري أن تخبريهم بعدم ترك أي ندبة!”

صرخت يو دونغ:

“اصمتي!”

تذمرت شياويي:

“دونغ دونغ، لا تهتمين لأمري إطلاقًا!”

“أنتِ…”

كانت على وشك الرد، حين ظهر شيا فنغ وقال:

“يو دونغ!”

“شيا فنغ!”

لوّحت له، فأسرع نحوها.

نظر شيا فنغ إلى الفتاة الجميلة بجوار يو دونغ، والتي بدا عليها الألم، وسأل بقلق:

“أين تشعرين بالألم؟”

أشارت شياويي إلى بطنها، فبدأ شيا فنغ يفحصها بلطف:

“وهنا؟ هل يؤلمك هذا الموضع؟”

هزّت رأسها وقالت:

“كان يؤلمني ونحن في الطريق، لكن لا أعلم كيف، اختفى الألم فجأة.”

قال شيا فنغ وهو ينظر إلى يو دونغ:

“لا تقلقي، على الأغلب إنها الزائدة الدودية.”

سألت شياويي بقلق:

“أيها الوسيم، هل سأحتاج إلى جراحة؟”

صرخت يو دونغ بغضب:

“كفى هراءً! هل حياتك أقل قيمة من ندبة صغيرة؟!”

“لكن… الندبة!”

تذمرت شياويي.

“فلتتركي الزائدة في بطنك إذًا!”

قالت يو دونغ بحدّة.

وبينما كانت تتصنّع الألم مجددًا، قال شيا فنغ مبتسمًا:

“الجراحة لا مفر منها، لكن سأوصي الطبيب بالحرص الشديد لتقليل أثر أي ندبة.”

ثم التفت إلى يو دونغ وسأل:

“هل سجلتِ دخولها؟”

“لا بعد!”

قالت يو دونغ، وقد أربكها الموقف.

“لا بأس. أعطيني بطاقة التأمين وبطاقة الهوية، سأتولى الأمر!”

قال شيا فنغ.

صرخت يو دونغ في شياويي:

“أعطني بطاقتك بسرعة!”

ثم أخرجت الحقيبة التي أحضرتها معها لحسن الحظ.

قال شيا فنغ:

“انتظري قليلًا، سأطلب من الممرضة أن تأتي بعربة.”

وبعد برهة، جاءت ممرضة صغيرة تدفع كرسيًا متحركًا، نقلت به شياويي إلى غرفة مزدوجة، وبدأت بإعطائها مصلًا مهدئًا للألم.

عاد شيا فنغ لاحقًا، وأعاد بطاقة الهوية إلى يو دونغ قائلًا:

“سجّلتها، وسيأتي الطبيب بعد قليل. لديّ مرضى آخرون الآن، سأعود إلى عملي.”

أجابته يو دونغ بسرعة:

“شكرًا لحضورك، أعلم أنك مشغول جدًا!”

ابتسم شيا فنغ وقال:

“اتصلي بي إذا احتجتِ شيئًا.”

ثم التفت إلى شياويي وقال مطمئنًا:

“أخبرتُ الطبيب بشأن مخاوفك، لا تقلقي، لن يُترك أي أثر.”

صرخت شياويي بسعادة:

“شكرًا أيها الوسيم!”

قالت يو دونغ وهي ترفع حاجبيها:

“أصوتك عالٍ جدًا، ألم تكوني تتألمين؟”

“تحسّنت حالتي!”

قالت شياويي وقد استعادت روحها، وبدأت تنقل الحديث إلى مساره المفضل:

“من هذا الوسيم؟ ليس فقط وسيمًا، بل طبيب وأنيق، وصوته ناعم جدًا!”

نظرت إليها يو دونغ بحذر وسألتها:

“وما الذي تخططين له؟”

ردّت شياويي بجرأة:

“أنا امرأة وحيدة، ماذا تتوقعين؟ كيف لي أن أفرّط بمثل هذه الجوهرة؟ عرّفيني عليه!”

ضحكت يو دونغ وقالت:

“أنتِ بنفسك تعترفين أنه كنز، فكيف أتركه لكِ؟”

أجابت شياويي غير متأثرة:

“أوه، أأنتِ من تضعين عينك عليه إذًا؟ حسنًا، لن أزاحمك عليه. لكن إذا ظفرتِ به، لا تنسي أن تعرفيني على أحد زملائه!”

“……”

دخل طبيب خمسيني إلى الغرفة، تفحّص حالة شياويي وقال:

“حالُك ليست خطيرة. سأجري لك الجراحة بعد قليل. لا تقلقي، الدكتور شيا أخبرني بمخاوفك، سأحرص على ألا تتركي أي ندبة.”

قالت يو دونغ ممتنة:

“شكرًا لك، دكتور!”

كانت جراحة الزائدة عملية بسيطة تستغرق حوالي ساعة واحدة.

وعند نهايتها، مرّ شيا فنغ مرة أخرى ليطمئن على حال شياويي، ولم يغادر حتى تأكد أنها بخير.

انتظرت يو دونغ بصحبتها إلى أن وصل والداها، ثم غادرت المستشفى. وفي طريقها، مرّت على قسم الأورام، لكن الممرضة أخبرتها أن شيا فنغ يجري عملية في تلك اللحظة.

وحين أنهى شيا فنغ العملية، أخرج هاتفه، ووجد رسالة من يو دونغ تخبره بأنها عادت إلى المنزل.

ابتسم وأرسل لها ردًا بأنه تلقى الرسالة.

قال شاو ييفان وهو يجلس على الكرسي:

“كان يومًا مرهقًا! كيف انتهى بي الأمر طبيبًا بهذا الذكاء المحدود؟”

رفع شيا فنغ حاجبًا وقال:

“لطالما اعتقدت أنك تعتمد على الحظ فقط.”

تنهد شاو ييفان قائلًا:

“ومع ذلك، صمدت كطبيب طيلة ثماني سنوات! بجهد وكفاح فقط استطعت البقاء.”

قال شيا فنغ مازحًا:

“لقد صمدتَ حتى الآن. انظر إلى مديرنا، يعمل طبيبًا منذ ثلاثين عامًا. واصل التظاهر بأنك تفهم ما تفعل، وستبقى مثلهم.”

“هيه!”

ربت شيا فنغ على كتفه وقال:

“كفى صراخًا، هيا نذهب لنأكل!”

ذهبا معًا إلى كافيتريا المستشفى. ورغم أن الوقت كان متأخرًا عن ساعات العمل المعتادة، إلا أن الكافيتريا كانت قد خصصت كشكًا صغيرًا يعمل على مدار الساعة.

وعندما وصلا، رأيا مدير المستشفى.

قال شيا فنغ بتحية محترمة:

“المدير وانغ!”

ضحك المدير وقال:

“شيا فنغ، ييفان، جئتما للأكل؟”

قال شاو ييفان:

“نعم! أنهينا عملية جراحية للتو.”

قال المدير وهو يهمّ بالمغادرة، لكنه تذكّر شيئًا فجأة، فالتفت إلى شيا فنغ وقال:

“تلك الفتاة المصابة بالتهاب الزائدة يبدو أنها تحب الفلفل الحار كثيرًا. ذكّرها أن تتجنبه مؤقتًا.”

أومأ شيا فنغ وقال:

“شكرًا لك، آسف على الإزعاج!”

ابتسم المدير وقال:

“لا عليك، فليس من السهل على الطبيب أن يجد حبيبة. نحن الأطباء نهتم بالناس أكثر من حياتنا الخاصة. ثم إن معالجة فتاة جميلة لا يُعد إزعاجًا!”

وغادر وهو يضحك.

سأل شاو ييفان بدهشة:

“أي حبيبة؟ هل مرضت يو دونغ؟”

ردّ شيا فنغ:

“لا، إنها زميلتها في الجامعة.”

“هل هي جميلة؟”

سأل شاو ييفان باهتمام.

“أجل، يو دونغ تخصصت في الإذاعة، ومعظم الفتيات في هذا التخصص جميلات. هل هي عزباء؟ هل يمكنك أن تعرّفني بها؟”

“…”

وكان رد شيا فنغ أن غادر ببساطة.

في المساء، توجّهت يو دونغ إلى عملها بالحافلة كالمعتاد.

عندما رآها السائق، قال بحماسة:

“سأستمع إلى بثّكِ ما إن أصل إلى المحطة الأخيرة!”

ضحكت يو دونغ وقالت:

“حقًا؟ أتعجبك برامجي؟”

أجاب السائق بابتسامة:

“إنها رائعة! أوصيت بها زملائي أيضًا، وكلهم قالوا إن صوتكِ جميل جدًا.”

قالت يو دونغ مبتسمة:

“بل أرجوك بلّغهم شكري.”

رغم أن يو دونغ لم تكن تتوقع الكثير عندما بدأت في تقديم البرنامج، فإن سماع الناس يمتدحونه ويدرجونه ضمن برامجهم المفضّلة كان كافيًا لإدخال السرور إلى قلبها.

دخلت يو دونغ إلى الاستوديو كعادتها ومعها بعض الوجبات الخفيفة.

قال كبير الموظفين يو بمرح:

“شكرًا على الطعام، كما العادة!”

فردّت يو دونغ مبتسمة:

“وشكرًا لك على مساعدتي في استقبال المكالمات، كما العادة!”

“لا شيء يستحق، لا تشغلي بالك.” ثم أردف بابتسامة واسعة:

“آه، صحيح! هناك أمر أردت أن أريكِ إياه!”

ناولها ورقة مطبوعة، وعندما نظرت إليها، فوجئت يو دونغ بأنها نتائج نسب الاستماع لعدد من البرامج الإذاعية خلال فترات زمنية مختلفة. ولاحظت أن برنامج “شبح منتصف الليل” مدرج بينها.

توسعت عيناها دهشة:

“الأول في هذا التوقيت؟!”

قال الموظف الكبير يو بسعادة، وكأنما البرنامج له شخصيًا:

“رغم أن نسبة الاستماع ليست مرتفعة جدًا عمومًا، إلا أنها تعتبر عالية بالنظر إلى أنها فترة منتصف الليل!”

غمر الفرح يو دونغ أيضًا، فامتلأ البرنامج ذلك الليل بأغانٍ مرحة وخفيفة.

قالت يو دونغ أثناء البث بصوتها الرقيق:

“ها قد حان الوقت من جديد لنلتقط مكالمة أخرى من جمهورنا!”

وأشار الموظف يو بأنها قد وصلتهم مكالمة بالفعل.

“مرحبًا، معكم سمكة الجيلي!”

“مرحبًا سمكة الجيلي، معك السيد قوي!”

منذ أن بدأت يو دونغ تنادي المتصلين الذين يرفضون ذكر أسمائهم بلقبي “السيد قوي” و”الآنسة جميلة”، أصبح المتصلون الجدد يبدؤون مكالماتهم بهذه الأسماء الطريفة.

قالت يو دونغ:

“مرحبًا بك، سيد قوي. هل لديك قصة تودّ مشاركتنا بها الليلة؟”

“في الواقع لا، أردت فقط التحدث مع أحد.”

قطبت يو دونغ حاجبيها قليلًا، لكنها سألته برفق:

“وماذا تود أن تقول؟”

“لا أعلم… فقط أفكر… المدينة كبيرة جدًا، ولا أحد يرغب في الاستماع إليّ.”

قالها بصوت غائم.

فجأة، تذكّرت يو دونغ فيلمًا شاهدته قبل ولادتها من جديد، فسألته بتردد:

“أ… أنت لست واقفًا على سطح مبنى، أليس كذلك؟”

ردّ السيد قوي بدهشة:

“كيف عرفتِ؟!”

قالت يو دونغ بأقصى ما استطاعت من هدوء:

“إذاً، لم يعد لديك رغبة بالقفز، أليس كذلك؟”

ضحك بصوت خافت وقال:

“لستُ أحمقًا، لما أقفز من فوق مبنى؟!”

أجابت يو دونغ مبتسمة:

“هذا جيد. فقط تذكّرت قصة عن رجل كان يعيش وحيدًا في المدينة الكبيرة. كان يشعر بالوحدة الشديدة، يعود كل يوم من عمله وليس له أحد يحدثه سوى كلبه. ومع الوقت، بدأ يُصاب بالاكتئاب، فصار يتصل بمحطة إذاعية يوميًا ليتحدث مع المذيعة. كانت تقول له دائمًا: ’خذ الحياة خطوة بخطوة‘، ففهمها ذات يوم خطأ، وأخذ بالفعل… خطوة خارج السطح.”

ساد الصمت فجأة على الطرف الآخر من الخط.

وفي غرفة البث، انهالت الرسائل من المستمعين مملوءة بعواء الذئاب، وبدأ البعض يلوم “سمكة الجيلي” على سرد قصة رعب مخيفة في منتصف الليل!

لكن صوت السيد قوي عاد بعد هدوء وقال:

“سمكة الجيلي، استماعًا إلى قصتك شعرتُ أنني لست في وضع بائس جدًا بعد كل شيء. يبدو أن هناك من هو أكثر هشاشة مني… اطمئني، لن أخطو إلى خارج السطح. سأتوجه إلى منزلي الآن.”

قالت يو دونغ بصدق:

“أتمنى لك التوفيق!”

ثم أنهت المكالمة وأدلت بتعليقها الختامي:

“هل تذكرون ما قلته في نهاية بث البارحة؟ إن كانت الحياة تجعلك تشعر بالوحدة، فتذكّر دومًا أن هناك من ينتظرك في مكان ما. وعندما تلتقيان، ستستطيعان تبديد برودة الوحدة بحرارة وجودكما معًا.”

✦･ﾟ:‧₊˚.❀.˚₊‧:･ﾟ✦

بعد ساعتين من البث المباشر، غادرت يو دونغ محطة الإذاعة.

كان شيا فنغ واقفًا أمام البوابة بهدوء ينتظرها، وما إن اقتربت منه، حتى ابتسم ومدّ إليها كوبًا من شاي الحليب الساخن.

قالت يو دونغ بدهشة:

“لم أكن أتوقع أن تأتي!”

أجابها شيا فنغ ببساطة:

“انتهيت من عملي للتو، فقلت أمرّ لأراك.”

لم يخبرها أنه كان قد أوقف سيارته بالقرب من المحطة قبل أن يبدأ برنامجها، وظل يستمع بصمت إلى كامل البث لمدة ساعتين.

قالت يو دونغ بقلق:

“ساعات عملك طويلة، كان عليك أن تذهب إلى المنزل وتنام جيدًا.”

أجابها شيا فنغ:

“لن أعمل غدًا على أي حال!”

شعرت يو دونغ ببعض الارتياح، لكنها استدركت:

“لكن لا يمكنك الاستمرار هكذا. لقد نمت بضع ساعات فقط خلال الأيام الماضية.”

ضحك شيا فنغ فجأة.

سألته يو دونغ متعجبة:

“ما الذي يضحكك؟”

قال مبتسمًا:

“تذكرت ما قاله المدير وانغ… قال إنه من الصعب على الأطباء أن يجدوا حبيبة، لذا علينا أن نُقدّرهن أكثر.”

رمقته يو دونغ بنظرة خفيفة وقالت:

“إذًا جئت لتصطحبني؟”

“جئت لأصطحبك، وأحضرت لك خصيصًا شاي الحليب الساخن.”

[في نهاية المطاف، ومهما ابتعدنا، سنظل دومًا نشتاق إلى الدفء المنزلي…

لأنه هناك، في مكان ما، دائمًا يوجد من يفكر فيك.]

✦･ﾟ:‧₊˚.❀.˚₊‧:･ﾟ✦

ترجمة:

Ａｒｉｓｕ－ｓａｎ

✧ ❖ ملاحظة ❖ ✧

⟪هه بالمناسبة اسمها في البرنامج الاذاعي هو قنديل البحر< jellyfish > وترجمته سمكة الجيلي لانه افضل⟫