سلالة المملكة - الفصل 558
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
دعم سلالة المملكة لزيادة تنزيل الفصول :
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم
الفصل ٥٥٨: العقاب
“كما أسلفنا، فإن لغة الإيلفية قد تجاوزت فلك اللغات الذي نستطيع أن نحيط به. فجُلُّ معانيها الفعّالة تكمن في التواطؤ الوجداني والمُجاوَبة الروحية بين المُتحدِّثَين، وهي تستند إلى حواس الإيلف الفطرية المُدهشة التي تكاد تكون غريزةً أصيلةً في تلك السُلالة. فبمُجرَّد المكتوب، يستطيعون استحضار السياق، وإيصال الوصف الشامل، وإدراك الاتصال العاطفي من خلال النطق أو اللمس على حدٍ سواء. هذا أمرٌ لا يتخيله بنو البشر الذين لا يعتمدون إلا على الكلام المُبتذَل…”
في قاعة مُذاكرة “قصر مينديس”، كان المُعلِّم الأجلُّ بونار يُلقي درسه في قواعد اللغة بأسلوبه المُعتاد المُتَّسِم بالثقة والهدوء.
خلف منصة المذاكرة، كان تاليس يجلس بهيئة أنيقة، ينسخ بهدوءٍ وتدقيقٍ خطوط الإيلفية القديمة، وما يُقابل كلَّ حرفٍ منها من خمسة إلى خمسة عشر رمزًا صوتيًا.
وكأن شيئًا لم يكن في الليلة الفائتة.
“ولهذا السبب، ففي الكتابة غالبًا ما تكون الإيلفية مُقتضَبةً إلى حدٍّ مُذهل: فالنسق اللغوي لإيلف ‘سيا’ القديمة كثيرًا ما يُهمل الأزمنة والضمائر، وترتيب الكلمات في لغة إيلف ‘ريهان’ القديمة يحتوي بانتظام على انقلاباتٍ لا تُستساغ. حتى أنَّ هناك نادرةً تُروَى عن ذلك: فقد تُرجمت روايةٌ غراميةٌ عن مُثلَّثِ حُبٍّ من الإيلفية إلى لغة البشر الدارجة، ولكن القُرَّاء انقسموا إلى ثلاث فصائل مُتضاربة بعد الانتهاء من قراءتها، وكلُّ فصيلٍ منها يُجادل بأنَّ الثنائي الذي استهواه هو من انتهى به المطاف معًا. وفي آخر المآل، اضطُرَّ المُؤلِّف الأصليُّ للخروج والتبيان بأنَّه قد كتب في الأصل عن مُسدَّسِ حُبٍّ…”
كان صوت المُعلِّم بونار يئزُّ برتابة، فيما كان تاليس ما زال مُنتبِهًا.
كان حُرَّاس “بُحيرة النجوم” الذين يقفون عند المدخل ما زالوا على تشكيلة الشريك من مُقدِّم وحامٍ (على النحو الذي ارتضاه “مالُّوس”)، ولكن لم يعُد الغلَّوف ودويل؛ بل حلَّ محلَّهما الشابُّ “نِس” و”باستيا” ذو البنية الضخمة، وهما شخصان لا يألفهما تاليس. وقد أظهر كلاهما أداءً محمودًا الليلة الماضية: فقد سيطر الأول على ديدي بـ”قبضة من حديد” – الذي كان قلقًا على والده – بينما جرَّب تاليس بنفسه صلابة عضلات بطن الثاني.
‘إذًا، فقد أُعفِيَ لغلَّوف ودويل من ورديتهما،‘ فكَّر تاليس في سرِّه.
“وبالنظر إلى هذا، ففي السنوات الأولى للإمبراطورية، وخلال ‘العهد الجافي’، عندما أسَّس الرُّودُولِيُّون أبجديتهم استنادًا إلى خطِّ الإيلف، اضطُرُّوا إلى إضافة سيلٍ من القواعد النحوية، كالأزمنة وصِيَغ الفعل وترتيب الفاعل والمفعول به وما إلى ذلك، لتوضيح الأمور التي كان الإيلف القدامى يُدركونها دون الحاجة إلى وصفٍ مُضاف. وقد أدَّى هذا إلى مُنتهىً آخر، وتطوَّر الأمر إلى اللغة القديمة للإمبراطورية التي تتَّسِم بالتعقيد والإسهاب وتعدُّد الأساليب البلاغية. وبناءً عليه، يجب علينا توخِّي أقصى درجات الحذر عند قراءة وتفسير لغة الإيلف…”
لم تظهر الشمس في هذا اليوم. كانت ريحٌ قاسيةٌ تهبُّ، والقَرُّ يُعضُّ.
ولذا بدا “قصر مينديس” موحِشًا وخافتًا.
إذا كانت السنوات الماضية هي المعيار، لكانت “مدينة النجم الأبدي” قد غاصت في عُمق الشتاء الآن. ولكن خريف هذا العام بدا طويلًا على نحوٍ استثنائي، مما جعله مؤلِمًا، باهتًا، وشنيعًا.
حرَّك دوق بُحيرة النجوم معصمه بصمت، وشاهد الحروف تتشكَّل الواحد تلو الآخر على الرقعة.
فبعد ليلةٍ كاملة، كان ظهره مُتيبِّسًا، وجبينه مُتألِّمًا، وجانبه الأيمن من ساقه يشعر بالبرودة.
كلُّ هذه علاماتٌ تُذكِّره بأنَّ زاوية غرفة النوم ليست مُفضِيةً إلى نومٍ هانئ.
“ولذلك، فليس عسيرًا أن نفهم لماذا تتعدَّد الألسُن بين مختلف الجماعات، وكيف تُشكِّل الألسُن المُتعدِّدةُ سُلالاتٍ مُختلفةً – فاللغة هي أداة، وهي نتيجة، ولكنها أيضًا هي السَّامِيّن ، وهي السَّبب. إنَّها خير مثالٍ على الضيف الذي يغصِبُ مُضيفه ويُؤثِّر بعُمقٍ على مُستخدميه في تقلُّبات الأزمان…”
إذ يصغي تاليس إلى صوت المُعلِّم بونار الخفيض، كان تركيزه على الحروف أمامه، بينما كان طرف ريشته يتحرَّك ببراعةٍ كالآلة. كلُّ خَطٍّ كان مُتقنًا ورقيقًا.
لا شيء آخر سوى هذا.
ذاك “اللا شيء الآخر” الذي يزدري أن يُلاقيه.
“…سحيق.”
أصبح صوت المُعلِّم بونار مُضبَّبًا. وكانت نبرته غريبة ومُتقلِّبة.
لم يستجِب الدوقُ الشابُّ. فانتقل إلى ورقةٍ تاليةٍ بملامح خاوية، وتوجَّه إلى الصفحة التالية التي كان سينسخها.
الصفحة التالية.
والتي تليها.
لكن المُعلِّم بونار رفع صوته فجأة، “سحــــــــــــــيق!”
اهتزَّت ريشة تاليس، مُلطِّخةً الورقة ببُقعة حبرٍ.
استفاق من سُباته ونظر مُتفاجئًا.
“هاه؟ عفوا؟”
أمامه، كان المُعلِّم بونار الهادئ ينظر إلى تاليس باهتمامٍ وذراعاه مُتشابكتان.
ضحك المُعلِّم بونار وشرح له بصبر، “كانت تلك جُملةً بلغة إيلف ‘سيا’ القديمة. وإذا أُريدَ تفسير كلِّ معلومةٍ تضمَّنها النطق، فمن المُحتمل أن تُترجَم إلى—”
عاد المُعلِّم إلى مقعده وأردف برفق، “انتباهك ليس معي، ولا على الدرس، ولا حتى على الحروف تحت ريشتك، يا سامي المَقام.”
صُعِق تاليس لحظةً.
وعلى الرغم من أنه استطاع أن يرتجل بعض الأعذار على عُجالة، فقد تنهَّد أخيرًا واعتذر بصدق، “أنا، أنا آسف أيها المُعلِّم بونار.”
“آه لا، أنا من يجب عليه الاعتذار،” واصل المُعلِّم بونار – وهو يحمل فنجانَي شاي الآن – دون أدنى أثرٍ للغضب، “درسي لم يكن شيِّقًا بما يكفي لتُركِّز فيه وتنسى همومك، على ما يبدو.”
هزَّ تاليس رأسه. “هذا ليس ذنبك. أنت مُعلِّمٌ فائقٌ. ولكنني أنا فقط…”
لكن بونار قاطعه، “لقد سَمِعتُ بما جرى البارحة.”
توقَّف تاليس.
“من الحَسَن أن تكون مُحترِمًا ومُتفهِّمًا، يا سامي المَقام. والأجدرُ بالإجلال ألَّا تتغافل عن القيمة الإنسانية والجوهَر الداخلي للشخص – حتى لو كان ذلك الشخص عدوَّك.”
“هل هو كذلك؟” ارتسمت ابتسامةٌ مُتكلِّفةٌ على شفتَي الأمير عند سماعه تلك الكلمات وهو يكتم انفعالاته المُضطرِبة.
أغلق المُعلِّم بونار كتابه وقال بهدوء، “لكن لا تنسَ أنَّك أنت أيضًا إنسان.”
عند سماع هذه الكلمات، تَجمَّد تاليس لحظةً.
ابتسم المُعلِّم العجوز المُبجَّل. “لذلك، رأيتُ أن ننهي الصفَّ مُبكِّرًا.”
وضع تاليس ريشته جانبًا.
لقد أدرك للتو أن صفحة الإيلفية التي كان ينسخها تعجُّ بالأخطاء.
تنهَّد الشابُّ. “أشكرك على تفهُّمك، أيها المُعلِّم بونار. أنا مُمتنٌّ لك.”
أجاب المُعلِّم بونار بابتسامة.
“إنَّ السَّبب الذي يدعونا إلى تحسين قواعدنا ودراسة اللغات، وألَّا نتوقَّف عند مُستوى المُحادثة اليومية وكتابة الرسائل، يا سامي المَقام،” نهض وقال بعُمق، “هو لأنَّنا، نحن السامِين، نُقدِّر قيم ومشاعر بعضنا البعض، ولأنَّنا نرغب في التواصل وفهم بعضنا بعضًا على نحوٍ أفضل، كي نكتشف ونُعبِّر عمَّا يكمن في أعماقنا.
“بدلًا من الأفعال وردود الأفعال السطحية، والوعي الأعمى وسوء الفهم، والتخمينات الحاقدة والشُّبهات، وطبيعتنا وقواعدنا المُتبلِّدة.
“إنَّ الذي يُميِّزنا عن البهائم، يا سامي المَقام، ليس أنَّ ‘نحن’ نعرف كيف نُشعِل نارًا…”
قام المُعلِّم بونار العجوز بترتيب مواده التعليمية بعناية. “بل هو أنَّ من بين ‘نحن’ هذا، هناك من يعرف كيف يُشعِل نارًا، ومن لا يعرف.”
تأمَّل تاليس هذه الكلمات العميقة دون أن ينبِسَ ببنت شفة.
نهض وانحنى.
بعد انصراف المُعلِّم بونار، ألقى تاليس نظرةً على الطقس الكئيب في الخارج واستدعى “نِس” و”باستيا”.
“هل من خبرٍ من ‘قصر النهضة’؟”
“لا شيء، يا سامي المَقام.”
كان واضحًا أنَّ هذه هي المرة الأولى التي يُكلَّف فيها هذا الشابُّ، الذي يكبر تاليس بسنواتٍ قليلة، بمهام من الأمير الذي يخدمه، فكان مُتحمِّسًا بجلاء. نظر إلى الأمير بتوقٍّ واجتهاد.
“في الحقيقة، أظنُّ أنَّ القصر مشغولٌ الآن، بما… جرى البارحة.”
البارحة.
تنهَّد تاليس. شعر بالاكتئاب.
رمق “باستيا” – الذي كان أكبر سنًّا بقليل – “نِس” بنظرة، لكن الشابَّ كان غافلًا تمامًا وواصل بحماس، “هل تُريد إرسال شخصٍ للاستفسار في ‘قصر النهضة’؟ يمكنني أن—”
“لا. لا حاجة لذلك.”
نهض تاليس.
“أحتاج أن أُبدِّل ملابسي. درس الفنون القتالية هو التالي. وقبل وُصول ‘مالُّوس’،” نهض الدوق وراح يفكُّ أزرار أكمامه. فبعد ليلة الأمس، كانت لديه رغبة مُلحَّة في تأرجُح سِلاحٍ، “أُريد أن أُحمِّي عضلاتي في ميدان التدريب.”
أجاب “نِس” بابتهاج، “طبعًا. سأُعلِم الخَدَم الآن—”
“ولكن، يا سامي المَقام،” تردَّد “باستيا” – الذي كان أكبر سنًّا بقليل – في الكلام. كان صوته خشنًا، كأنَّه نفخٌ في مِسنَدِ حدَّاد.
“فيما يتعلَّق بميدان التدريب…”
توقَّف عن الكلام.
“ما الأمر؟” نظر تاليس إلى الحامي الذي كان قويَّ البنية كالتلِّ الصغير، وتذكَّر قوَّة هذا الأخير عندما حماه الليلة الماضية. وتساءل عمَّا إذا كان كلُّ حارسٍ مَلكيٍّ يتمتَّع بمثل هذه البنية.
“لقد عاد ديدي للتو.”
تجمَّدت اليد التي كانت تفكُّ أزرار كُمِّه.
لاحظ “باستيا” تعابير تاليس وقال على عُجالة، “أعني، دويل. إنَّه مع المُقدِّم الغلَّوف في ميدان التدريب… ومعهما القائد مالُّوس.”
استدار تاليس، مُرتبِكًا. “وماذا في ذلك؟”
تبادلا النظرات ولكنهما لم يُجيباه.
لم يكن عليه أن يتساءل طويلًا.
عندما وصل تاليس إلى ميدان التدريب، كان مُعظم حُرَّاس “بُحيرة النجوم” هناك. لقد انقسموا إلى فِرَقٍ بناءً على الرُّتب والواجبات، وشكَّلوا نصف دائرة – تمامًا كما فعلوا عندما “اختبروا” تاليس سابقًا.
أراد “نِس” أن يجذب انتباه الجميع ويجعلهم يُحيُّون تاليس، لكن “باستيا” أوقفه على الفور.
أحسَّ تاليس أنَّ شيئًا ما ليس على ما يُرام.
تحت السَّماء المُلبَّدة بالغيوم، وقف الجميع بانتباهٍ في صمت. لم يهمس أحد، ولم يتحرَّك أحدٌ قيد أنملة.
تجاوز بصر تاليس الحُرَّاس وركَّز على “مالُّوس”، الذي كان يقف في المُقدِّمة:
كان يضع يديه خلف ظهره. وكانت تعابيره هادئة كالمُعتاد ونظراته ساكنة، ولكن كان حوله هالةٌ مُقلقة.
وقف “باترسون” مُشرف العقوبات، و”ستون” مُشرف الإمداد، و”فُوبل” حامل اللواء – وهؤلاء حُرَّاسٌ مُخضرِمون ذوو مكانة خاصَّة – خلف الحارس بتعابيرَ جادَّة.
أمام “مالُّوس”، وفي وسط ميدان التدريب، كان رجلان راكعَين على إحدى ركبتيهما، واضعَين يدهما على صدريهما ورأساهما مُنخفضَان.
يتحمَّلان نظرات الجميع.
كان دويل وغلوف.
صُعِق تاليس للحظة.
وقف الأمير لا إراديًا على جانب ميدان التدريب ولم يتقدَّم للأمام.
أخبره حدسه بأنَّه لا يجب أن يقترب أكثر.
ومع ذلك، لاحظ البعضُ وصول الدوق، ولكن من الواضح أنَّ الموقف الذي كان أمامهم منعهم من تحيته بصوتٍ عالٍ. اكتفى الكثيرون بالإيماء قليلًا ووضعوا أيديهم على صدورهم.
لاحظ “مالُّوس” تاليس أيضًا على عُجالة. رمقه بنظرةٍ قصيرة، ثم عاد ببرود إلى الأمر الجاري. “باترسون، قُم بعملك.”
أمام الحشد، تقدَّم “باترسون” مُشرف العقوبات خطوةً باردةً مُتجاوزًا “مالُّوس” ووصل إلى الثنائي الراكع.
“الحامي من الدرجة الأولى، داني دويل.”
اهتزَّ دويل الراكع.
كان صوت مُشرف العقوبات ثابتًا، ولكنه خالٍ من الشعور، ويحمل طابعًا لا جدال فيه وكأنه في محاكمة.
“بصفتك حاميَ قصر مينديس ذا المنبت الأفضل والواعد الأكبر، فإنَّ تصرُّفاتك المُتسرِّعة الليلة الماضية عرَّضت السامي المَقام للخطر وأعاقَت عمل زملائك، مُخالفًا مسؤولياتك كحارسٍ ومُهمَّتك.”
أغلق تاليس – الذي كان يُراقب من الجانب – عينيه. لقد أدرك ما يجري.
لكن الليلة الماضية…
تذكَّر تاليس البارون دويل المُرعوب، والبارونة الهستيرية، وديدي الذي شهر سيفه بغضب.
وتذكَّر “آنكَر بيرايل” وابتسامته اليائسة.
وكذلك النظرات التي لا تُحصَى من المُتفرِّجين.
شعر بالضيق.
“اشحذ سيفك ليبرُقَ نصله،” نطق “باترسون” عبارةً قديمة، وخفض نظره ونظر ببرود إلى ديدي الراكع. “هل لديك ما تودُّ الاستئناف فيه؟”
كانت ملابس دويل مُرتبكة وشعره مُشعثًا. كان هذا تناقضًا صارخًا مع صورته المُعتادة كشابٍّ ثريٍّ كسولٍ ومُحتال ولكنه مُرتَّب المظهر.
“لا شيء، أيها المُشرف باترسون.” أخذ دويل نَفَسًا عميقًا. رفع رأسه بيأس. فقط عندما وقع بصره على تاليس، لمعت عيناه. “تهوُّري ورَّط السامي المَقام والجميع. أنا مُستعدٌّ لتحمُّل مسؤولية أخطائي.”
أنزل يده التي كانت على ركبته وركع على كلتا ركبتيه، ثم قال ورأسه مُنخفض، “اشحذ سيفي، فنصله يحتاج للبريق.”
لم يتكلَّم أيٌّ من الحُرَّاس المُتفرِّجين. كان الجميع يُراقبونهم بهدوء؛ وكان الجوُّ كئيبًا.
ألقى “باترسون” نظرةً على “مالُّوس”. لم يتكلَّم هذا الأخير.
“حسنًا إذًا،” أومأ مُشرف العقوبات وأمر ببرود، “تسعُ جَلدات.”
مع إصدار الحُكم، حدث ضجيجٌ طفيفٌ بين الحُرَّاس، ولكنه سُرعان ما قُمِع.
خلف “باترسون”، تقدَّم كلٌّ من “كابون” و”بيدروسي” من قسم الانضباط – الأول الذي كان ديدي يسخر منه دائمًا ويُسمِّيه “دشداشة باترسون الصغيرة”، والثاني كان عُضوًا في فصيلة القنص المُؤقَّتة الليلة الماضية – بتعابير خالية من أيِّ شعور.
كان دويل – الذي كان راكعًا على الأرض – مُستعدًا تمامًا. بينما كان الجميع يُراقبون، أزال سِلاحه بصمت وسلَّمه، ثم نزع دِرعه ومُعدَّاته وأغراضه من ملابس واحدًا تلو الآخر: المِعطَف، والسترة، وحارس المِعصَم، وحارس الذراع، والدِّرع الجلدي، وحزام السِلاح، والوشاح، والصديرية الداخلية…
حتى كشف عن الجزء العلوي من جسده العضلي والمُتناسق، وهو يرتجف في ريح الخريف الباردة.
لم يتوقَّف مُشرف العقوبات. انتقل إلى الشخص التالي.
“كاليَب غلوف، مُقدِّم من الدرجة الأولى.”
لم يستجِب “الزومبي” غلوف، لكنه كان هادئًا كالمُعتاد.
وكأنَّ الاسم الذي نُودِيَ به ليس اسمه.
“بصفتك المُقدِّم الأقدم والأكثر كفاءةً، فقد أخفقت في ملاحظة الحالة العاطفية لشريكك. حتى بعد ملاحظتها، تجاهلت واجبك وحتى خالفت الأوامر بدافع التعاطف وتحمَّلت سلوكه المُتهوِّر.”
عضَّ دويل – الذي كان بجانبه – شفتيه ولكنه لم يجرؤ على النُطق بكلمة.
مُقارنةً بما سبق، كان توبيخ “باترسون” لـغلوف أشدَّ نبرةً. “اشحذ سيفك ليبرُقَ نصله.
“هل لديك أيُّ اعتراضات؟”
رفع غلوف رأسه ببطء، كتمثالٍ كان محبوسًا لألف عامٍ وتعرَّض للهواء، يتساقط منه الغُبار.
“لا،” قال “الزومبي” بصوتٍ أجشَّ ولكنه هادئ، “اشحذ سيفي، فنصله يحتاج للبريق.”
نظر إليه “باترسون” طويلًا قبل أن ينطق بالحُكم، “سبعُ جَلدات.”
دون الحاجة إلى تحفيز، ركع غلوف على ركبتيه كلتيهما بسرعة، وأزال دِرعه ومُعدَّاته بوعي ليكشف عن جسده العضلي ولكنه مدبوغ وخشن. كانت هناك ندوبٌ قديمةٌ كالنقرات الصغيرة في جميع أنحائه، على عكس دويل.
ركع الاثنان في ميدان التدريب والأجزاء العلوية من أجسادهما عارية، يتحمَّلان نظرات أقرانهما.
ظلَّ “مالُّوس” صامتًا، مُراقبًا ببرود فحسب.
تكثَّفت انفعالات تاليس المُتضارِبة.
أخرج “كابون” من قسم الانضباط قضيبَين قصيرَين بحجم المغزل من كيس المُعدَّات وناولَهما لـدويل وغلَّوف ليُمسِكاهما بين أسنانهما.
“لديك خبرةٌ في هذا،” أرخى “كابون” القضيب الخشبي في فم غلَّوف وهمس بين الاثنين، “لديَّ نصيحةٌ واحدةٌ فقط: عضَّ عليه ولا تدعه يسقط.”
من ناحية أخرى، سحب “بيدروسي” بطريقة منهجيَّة قطعتَين جلدَّيتَين بحجم القَبضة كانتا ملفوفتَين في عقدتي فراشة. ثم فكَّ اللفَّات ببطء إلى سَوطَين من الجلد.
كان السوطان نحيلين وقويَّين. حاول “بيدروسي” أن يجلدهما في الهواء الرقيق، مما أحدث أصوات طَقْطَقَة عالية.
هذا جعل العديد من الحُرَّاس يقطِّبون حواجبهم.
أخذ دويل نَفَسًا عميقًا. بدا غلَّوف وقورًا.
“تماسكوا يا فتيان،” قال مُشرف العقوبات “باترسون” ببرود، “ثقوا بي، لقد رأيتُ السِّياط المُشوَّكة التي يستخدمها أهل الشمال. إنَّها أسمك وأسوأ من الحبال المُستخدمة لتعليق الجثث على بوابات المدينة.”
كان لدى دويل نظرةُ قَبولٍ هادئة. استدار، نظر باتجاه تاليس وأومأ برأسه للأمير.
تنهَّد تاليس وأومأ برأسه بصمتٍ في المُقابل.
قطَّب “مالُّوس” حاجبيه عند هذا المَشهَد.
في الثانية التالية، لوَّح “باترسون” بيده.
كان “كابون” و”بيدروسي” خلف الثنائي الراكع، يقوِّمون السِّياط.
لكن في تلك اللحظة، وضع شخصٌ يده على كتف مُشرف العقوبات.
كان “مالُّوس”.
“غراي، أنت ستكون مسؤولًا عن غلَّوف.” نظر الحارس إلى “باترسون” المُتفاجئ. تقدَّم إلى الأمام وأشار إلى “كابون” ليُسلِّمه السَّوط. “أمَّا بالنسبة للحامي دويل، فسأتكفَّل أنا به.”
سُمِعت همهماتٌ تأتي من الحُرَّاس.
كما تفاجأ دويل وغلَّوف للغاية.
قطَّب “باترسون” حاجبيه. “نحن، نتعامل مع الأمر شخصيًا؟ لا حاجة لذلك في الواقع…”
لكن “مالُّوس” قاطعه، “بما أنَّ هناك ضيفًا رفيعَ المَقام بين الحشد، فعلينا أن نتعامل مع الأمر بجديَّة أكبر، ألا توافق؟”
ألقى الحارس نظرةً جانبيَّةً على تاليس.
سُرعان ما قُمِعت ثرثرة الحُرَّاس.
شعر تاليس ببرودة في قلبه ورمق “مالُّوس” بنظرة استياء. “لكنني أنا—”
“على الرغم من أنَّ هذا شأنٌ داخلي للحُرَّاس، يا سامي المَقام،” لم يُعطِ “مالُّوس” تاليس فُرصةً للتكلُّم. انحنى للأمير وابتسم بهدوء، “فأنت مرحَّبٌ بك للمُشاهدة، وأن تكون شاهدًا.
“أو هل تودُّ أن تحسب عدد الجَلدات لنا؟”
كان تاليس مُندهشًا بينما كان يُكافح للعثور على الكلمات.
تنهَّد “باترسون”. سار خلف غلوف، ودفع “بيدروسي” المُذهول جانبًا وأخذ السَّوط منه.
وقف “مالُّوس” خلف دويل. هزَّ السَّوط في يده، ابتسم لتاليس وقال قبل أن يستجيب الأخير، “حسنًا، بما أنَّ السامي المَقام لن يفعل ذلك. توليدو، أنت قُم بالعد.”
في الحشد، صُعِق “توليدو” – ساعي “مالُّوس” العسكري – للحظة.
نظر إلى رئيسه، ثم إلى الأمير، وكان في حيرةٍ من أمره.
حتى أمر “مالُّوس”، مُستاءً، “الآن!”
لم يجرؤ “توليدو” على التردُّد بعد الآن. تقدَّم إلى الأمام، رفع رأسه وصاح، “واحد!”
تلاشى صوت صيحته.
وبينما كان تاليس يُراقب في ذهولٍ وغضب، تأرجح ذراعا “مالُّوس” و”باترسون” في تزامن.
ووووش وووش…
كانت تحرُّكاتهما ماهرة وكان انسياب حركتهما سلسًا. كانت أقواس كلا السوطَين مُتزامنةً تقريبًا وكان الصوت الذي أحدثاه وهما يُصفِّران في الهواء غير مسبوق!
توقَّف نَفَس تاليس مُتلكئًا.
في الثانية التالية، مزق صوت احتكاك الجلد بالبشرة عالي السرعة الهواء—
طراخ!
صوتٌ حادٌّ، صاخبٌ، قاسٍ، يجمِّدُ الدماء في العروق.
في ميدان التدريب، ارتجف دويل بعنف!
وضع يديه معًا لا إراديًا وانحنى للأمام، لكنه استجاب بسرعة لإنزال يديه مُجدَّدًا وتقويم ظهره.
بجواره، كان غلوف يضغط بإحكام على القضيب القصير بين أسنانه بتعبير لا يتغيَّر. صلبًا كالحديد، لم يرتعش جسده إلا قليلًا عندما أصابه السَّوط.
لكن نَفَسيهما تسارع.
رأى تاليس سريعًا، على ظهرَي الحارسين المُعاقَبَين – سواء كان الجلد خشنًا أم ناعمًا – خطٌّ أحمر نحيل وشنيع يظهر بشكل مائل من أعلى اليمين إلى أسفل اليسار. نضح الدم منه وانتشر إلى الجلد المُحيط.
“بهذه القوَّة،” استطاع تاليس أن يسمع باستيا يطلق تنهيدةً خافتةً، بقصدٍ أو بغير قصد، “سيترك ندبة.”
شاهد المُتفرِّجون بأنفاسٍ غير مُنتظِمة ونظراتٍ مُعقَّدة.
مدَّ “مالُّوس” يده اليُسرى وأوقف “توليدو” عن العد. قال تدريجيًا، “أيُّها الحامي داني دويل، هل تعلم ما كان أكبر خطأ لك الليلة الماضية؟”
كان ديدي ما زال غارقًا في الألم المُبرِّح للجَلدة الأولى ولم يتكلَّم. كان يضغط بإحكام على القضيب القصير بوجهٍ مُشوَّه.
توقَّف “مالُّوس” قبل أن يتَّجِه نحو “توليدو”.
لم يجرؤ “توليدو” على التلكُّؤ، وعدَّ مُسرعًا، “اِثنان!”
تأرجح سَوط “مالُّوس” و”باترسون” إلى الأمام للمرة الثانية.
طراخ!
ارتجف دويل وغلوف مُجدَّدًا.
ابتعد تاليس لا إراديًا، وكأنَّه يستطيع أن يشعر بالألم الحارق بمُجرَّد المُشاهدة.
“أجِبني.”
كشف “مالُّوس” عن ابتسامته الهادئة المُعتادة. “أيُّها الحامي دويل…
“هل تعلم؟”
تنفَّس ديدي بلهثٍ وبدا وكأنَّه يُكافح.
لكنه أخذ نَفَسًا حادًا أخيرًا!
بصق القضيب القصير وقال بعزمٍ وألم، “بسبب اختياري، وتهوُّري، وأنانِيَّتي، عرَّضتُ السامي المَقام والجميع للخطر!”
سخر “مالُّوس” بهدوء وأشار إلى “توليدو”.
“ثلاثة.”
مزقت السِّياط الهواء مرَّةً أخرى.
طراخ!
تأوَّه دويل من الألم ومال جسده بالكامل إلى الأمام. استغرق منه الأمر بضع ثوانٍ ليجثو مُنتصبًا مُجدَّدًا.
نظرًا إلى دويل بجانبه، ضغط غلوف على القضيب القصير بقوَّة أكبر.
“إجابة خاطئة،” قال “مالُّوس” بهدوء.
“قل لي، يا ديدي، عندما يكون هناك تعارُض بين المصلحة الشخصية والمصلحة الجماعية،” هزَّ الحارس سَوطه، “أيَّهُما تختار؟”
بمُجرَّد أن قيلت هذه المُلاحظة، صُعِق تاليس، ودويل، وغلوف وجميع الحُرَّاس حولهم.
“ربما يجب أن أُصيغها بعبارةٍ أوضح. في يومٍ من الأيام، عندما تتعارض عائلتك وأقاربك مع واجباتك ومسؤولياتك،” واصل “مالُّوس” ببرود، مُلقيًا نظرةً جانبيَّةً على “توليدو” المسؤول عن العد، “كيف ينبغي أن تختار؟”
تنهَّد “توليدو”. “أربعة.”
طار السَّوطان.
طراخ!
تنفَّس دويل من بين أسنانه المُطبَقة. بدا الأمر وكأنَّه أكثر من اللازم لتحمُّله بالنسبة لـغلوف أيضًا، حيث بدأ جسده يتمايل.
لهثا للحصول على الهواء بينما كان الدم يسيل على ظهريهما.
“ماذا لو أمسك شخصٌ بحياة أحد أفراد عائلتك وهدَّدك بإلحاق الأذى بـالسامي المَقام؟”
بدأ صوت “مالُّوس” يرتفع. “أو الأسوأ من ذلك، ماذا لو طلب منك فردُ عائلتك الأقرب خيانة السامي المَقام؟”
شعر تاليس بضيقٍ في قلبه.
تذكَّر فجأة “سجن العظام”، والحُرَّاس المَلكيِّين القُدامى.
استعاد دويل أنفاسه وتمكَّن من تقويم ظهره مُجدَّدًا، لكنه كان مُغرَقًا بالعرق بالفعل، ويبدو في حالةٍ يُرثَى لها.
أطلق فحيحًا من الألم. “أنا، لقد أخفقت في أداء واجباتي الليلة الماضية، أيها القائد مالُّوس!”
قطَّب “مالُّوس” حاجبيه.
هذه المرة، ألقى سَوطه دون انتظار “توليدو” للعد. سُمِعَ صوتٌ انفجاريٌّ، أكثر رُعبًا من ذي قبل.
طراخ!
عوى ديدي من الألم وانهار على الأرض، يرتجف بلا سيطرة.
اهتزَّ الحُرَّاس المُتفرِّجون أيضًا.
فُوجِئ “باترسون” قبل أن يستجيب على الفور ويجلد غلوف، مما تسبَّب في تقوُّس ظهر الأخير في تشنُّج.
أسرع “توليدو” للمُواكبة، وصاح، “خمسة!”
لم يستطع تاليس أن يتحمَّل النظر أكثر. وجَّه نظره بعيدًا وشعر بثقلٍ في قلبه.
زفر “مالُّوس”. نظر إلى دويل المُرتعِش واستدار لينظر إلى الحارس الآخر الذي كان يُعاقَب. “أنت أيُّها المُقدِّم كاليب غلوف.
“أجِب أنت.
“كيف ينبغي أن تختار؟”
غلوف – الذي كان مُغرَقًا بالعرق أيضًا ووجهه مُغطَّى بالأوساخ – أخذ بضعة أنفاسٍ عميقة. بنظرةٍ مُصمِّمة في عينيه، قوَّم ظهره.
بصق “الزومبي” القضيب القصير وردَّ بصوتٍ أجش، “لقد قطعنا عَهدًا، يا سيدي! أن نُكرِّس حياتنا للعرش ونخدم السُّلطة المَلكية.”
مشى “مالُّوس” جيئةً وذهابًا وضمَّ شفتيه. “إذًا؟”
تحت وطأة الألم والإذلال، ردَّ غلوف بتعبير مُرعِب، “لذلك يجب علينا أن نُقدِّم تضحيات. الواجب فوق العائلة.”
تسارع نَفَس تاليس وهو يستمع إلى ردِّ غلوف.
استدار “مالُّوس” فجأة وترك سَوطه يطير!
طراخ!
بعد صوت طَقْطَقَة مُريع، عوى غلوف من الألم وانهار للأمام!
قطَّب “باترسون” – وهو يمسك سَوطه – حاجبيه. نظر إلى غلوف، الذي كان مسؤوليته المُفترَضة، ونظر إلى “مالُّوس”، الذي كانت نظراته مُتشائمة، وكان في حيرةٍ من أمره.
“امنحوه خمس جَلدات إضافية.”
دون انتظار “توليدو” للعد، أشار “مالُّوس” بذقنه إلى غلوف على الأرض وقال لـ”باترسون”، “أيضًا، تلك الجَلدة لا تُحتسَب.”
صُدِم مُشرف العقوبات وشعر بالارتباك.
“لأنَّك تراجعت، يا غراي،” لم ينتظره “مالُّوس” ليُجيب قبل أن يُواصِل بلامُبالاة، “أنت تعلم أنني أثق بك كثيرًا.”
ارتعش “باترسون”.
تمسَّك مُشرف العقوبات بمقبض السَّوط بإحكام دون أن ينبِسَ بكلمة، ولم يجرؤ على إظهار الرحمة بعد الآن.
وهو ينهض ببطء، نظر دويل إلى غلوف، الذي كان يرتجف على الأرض، وقال على عُجالة، “السَّامي مالُّوس، يا سيدي! لا علاقة لـ’الزومبي’ بهذا. الليلة الماضية، كنت أنا من…”
تجاهل الدموع والمُخاط التي كانت تسيل على وجهه وقال من بين أسنانه المُطبَقة، “لقد اتَّخذتُ الاختيار الخاطئ! لم أكن شُجاعًا بما يكفي لتقديم التضحية!”
قطَّب “مالُّوس” حاجبيه وأرجح ذراعه.
طراخ!
انهار دويل على أربع تحت قوَّة السَّوط. سال الدم على طول ظهره بينما كان يلهث بشكل غير مُنتظِم.
“هذا أيضًا، امنحوه خمس جَلدات إضافية،” أمر “مالُّوس” بلامُبالاة دون إبداء أيِّ أسباب.
لم يجرؤ “توليدو” على التردُّد أكثر، وواصل العد.
غير قادرٍ على تحمُّل هذا المَشهَد أكثر، أراد تاليس أن يتكلَّم. ولكن عند التفكير في حقيقة أنَّ وجوده هو الذي زاد الموقف سوءًا وأضاف إلى عقابهم، اضطُرَّ إلى إجبار نفسه على التهدئة وابتلاع كلماته.
رفع “مالُّوس” نظره نحو الحُرَّاس.
“التضحية.”
كان صوت الحارس هادئًا، ولكنه كان كافيًا لجعل الجميع يقفون بانتباه.
“إنَّها كلمةٌ سهلة القول، أليس كذلك؟
“مُقدَّسة، ومَجيدة، وشريفة، ومُحرِّكة، وتجعل المرء يشعر بالرِّفعة.”
بدأ “مالُّوس” في المشي جيئةً وذهابًا ولم يُواصِل الجَلد.
“لكن الكثير من الناس ينسون.”
نظر “مالُّوس” نحو السَّماء القاتمة. كانت نظراته مُضبَّبة، وكأنَّه ينظر إلى إلهٍ سحيق.
“أنَّ التضحية، في جوهرها…
“هي صفقة.”
تحت نظرات الذهول، خفض الحارس رأسه.
شدَّ دويل وغلَّوف على أسنانهما وقوَّما ظهريهما مُجدَّدًا.
“في الأزمنة الغابرة، عندما كان الإيمان بـالسامي النيِّر ما زال سائدًا، كان الفانون يُقدِّمون قرابين دينية على المذبح مُقابل النِّعَم. هذا هو أصل التضحية.”
عند الانتهاء من جُملته، بدأ “توليدو” في العدِّ مما أدَّى إلى جَلدةٍ أخرى.
طراخ!
انهار الثنائي المُعاقَب على الأرض مُجدَّدًا. أسندا نفسيهما على مرفقيهما.
ضيَّقت حدقتا تاليس عنوة.
“لذلك فهي عكس ما تبدو عليه تمامًا – التضحية، هي أنانِيَّة.”
كانت نبرة “مالُّوس” عميقة، “إنَّها صفقةٌ تسعى إلى الربح.”
إن أعجبتكم الترجمة، أتمنى منكم دعمي بالدعاء لأهلنا وإخواننا في فلسطين والسودان، جزاكم الله خيرًا.
تمت ترجمته بواسطة محب القطط الأول RK
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.