سلالة المملكة - الفصل 283

الفصل 283: شغب

مدينة التنين الغيوم ، قصر الروح البطولية ، ساحات التدريب.

تحت أنظار عدد لا يحصى من حراس قصر الروح البطولية وحاشيته ، قام تاليس ، الذي كان رأسه غارقًا بالعرق ، بأرجحة سيف طويل في يده اليمنى. رفع الدرع على ذراعه اليسرى ، وفصل ساقيه ، ووقف رسميًا في وضع يُعرف باسم “نمط الجسم الحديدي” الذي مارسه مئات المرات.

على الرغم من أنه كان منشغلاً بالقلق ، إلا أنه يجب إجراء التدريب اليومي الإلزامي للأمير في الهواء الطلق.

“لا أعرف لماذا لا تزال تمارس أسلوب السيوف هذا.” كان يقف أمامه شاحب الوجه القائد السابق لحرس النصل الأبيض ، ورفع زويهاندر(سيف كبير يستخدم بيدين) بنظرة ازدراء. “حتى عندما كنا نواجه الاورك ، تم تجديد أسلوبنا القتالي العسكري مئات وآلاف المرات ، في حين أن أسلوب السيف الخاص بك حيث تمسك سيفك ودرعك وتنتظر بحماقة أن يضربك الآخرون …”

“هل ستستمر في قول الهراء؟” قال الأمير بفارغ الصبر. “أذكر أن هذا كان تدريبًا في الهواء الطلق ، وليس حفلة شعرية ساخرة.”

زم نيكولاس شفتيه بنظرة استياء.

كان موقف قاتل النجم المحايد تجاه الأمير الثاني على مدى السنوات الست الماضية قد تدهور بشكل حاد منذ جلسة شؤون الدولة أمس. بدأ ينظر إلى تاليس بنفور من الكراهية ، وأصبح قاسياً بقدر ما يمكن أن يكون خلال تدريب صبي  من الكوكبة في الهواء الطلق.

بالطبع ، اكتشف تاليس السبب لاحقًا.

هز تاليس كتفيه ، مشيرًا إلى أنه يمكن أن يبدأ الهجوم. في الثانية التالية ، افترقت قدمي  نيكولاس وألقى بضربة مائلة.

*صوت التصادم!*

اصطدم درع تاليس بزويهندر نيكولاس . اتخذ الأمير خطوة ، واندفع للأمام ، وهاجم  هجوم مضاد بالسيف الطويل في يده اليمنى. تم التهرب من الهجوم بسهولة من قبل نيكولاس.

“إذا كنت تريد حقًا أن تعرف ، فإن أسلوب السيف هذا يعني الكثير بالنسبة لي.” استدار تاليس ، مشيرًا بالسيف إلى الخصم مرة أخرى. “أخبرني مدرس صارم ذات مرة أنه يجب علي على الأقل الحصول على النموذج الصحيح.”

عند ذكر ذلك ، خطرت الرسالة التي طلب جيلبرت من بوتراي تسليمها إليه.

[أكدت سيدتي جينس أنه في عمرك يجب أن تراقب نظامك الغذائي. لا تكن انتقائيًا واحصل علي مزيج متوازن من الأطعمة المختلفة. حتى نبات الأشواك من الصحراء الغربية يحتوي على قدر كبير من القيمة الغذائية. يوصى بتجربته …]

ظهر وجه جينس الصارم والحجري في ذهن تاليس ، وفكر في شيء ما.

“احصل على النموذج الصحيح؟” شم نيكولاس ببرود. “من المؤسف أنك لم تتمكن من تحقيق ذلك.”

تقدم قاتل النجم للأمام ، ممسكًا سيفه بكلتا يديه ، وبمساعدة الجاذبية ، قام بتدويره لأسفل!

*انفجار!*

كاد يسحق تاليس ، الذي  حافظ  علي درعه بجهد كبير. ضغط الأمير على أسنانه ، وشعر أن قوة سيف نيكولاس تزداد تدريجياً.

[أما بالنسبة لأصدقائك القدامى ، فاغفر لنا. يجب أن أخبرك بالخجل وخيبة الأمل أنه حتى في البحث العاشر ، لم ننجح في العثور عليهم. على الأقل ، النادلة من حانة غروب الشمس وأولئك الأطفال المتسولين لم يعودوا في مدينة النجم الخالد. على الرغم من أنها ليست أنسب الأوقات ، يجب أن أنصحك بأنه ربما حان الوقت للتخلي عن محاولة سموك البحث عنهم. بادئ ذي بدء ، ربما كان من المفترض أن تكون هذه النتيجة. ثانيًا ، لن يفيدك البحث الذي دام ست سنوات …]

“أين عزمك عندما انتزعت الكتاب من يدك؟” زأر قاتل النجم بغضب. ”أخرجها! لا تجعلني أعتقد أنني أقاتل مع معتوه! “

انحنى تاليس إلى أسفل ولف وركه بصعوبة ، وحرف زويهاندر الخاص بالخصم جانبًا ، ثم ألقى [أختراق. “ربما يجب عليك إعادة تعريف بيانك. من كان يخطف الكتاب من من؟ “

لكن هجوم الأمير لم يكن له أي تأثير. انحنى  قاتل النجم القرفصاء وألقى ركلة ، تعثر تاليس لأنه كان على وشك تغيير موقفه.

خارج ملعب التدريب ، وضع ويا كاسو ، مرافق تاليس ، يده على سيفه الطويل. تنهد وهو يقول لرالف المقنع بالفضة الذي اتكأ على الحائط وذراعيه متصالبتين ،

“كما تعلم ، أنا لا أحاول التقليل من شأن الأمير ، في الواقع ، هو الطفل الأكثر نضجًا الذي رأيته على الإطلاق … لكن عليك أن تعترف بذلك ،عند وضع جانبا  المهارات التحليلية الجيدة والتخطيط وعندما يواجه ما هو وشيك، في الجسدية  والمعارك الدامية … “

شاهد ويا تاليس مرتبكًا ومرهقًا على أرض التدريب وهز رأسه. “إنه حقًا … يفتقر إلى الموهبة.”

عبس رالف ونظر إلى ويا الثرثار بنظرة منزعجة.

“صندوق الثرثرة هذا … لم يتوقف عن الحديث طوال السنوات الست الماضية. ما الذي يعتقده أنا ، أذن حرة للاستماع إليه في جميع الأوقات؟ حسنًا ، اللعنة عليه.

أطلق رالف نخرًا مستاءًا ، ثم التف بعيدًا ، ولم يكلف نفسه عناء توجيه رأسه نحوه ، لكن ويا لم يهتم. كان يعرف أن رالف الصامت يكره الثرثارين.

ومع ذلك ، إذا كان بإمكانه إزعاج “تابع الرياح الوهمية” ورؤية النظرة الصامتة والغاضبة للأخير ، فلماذا لا؟ كان الأمر كما لو كان رالف يستمتع برؤية وجه ويا الغبي عندما لم يستطع فهم لغة الإشارة التي استخدمها رالف للتواصل مع الأمير.

لم يعجب ويا بتصرفات رالف المتهورة والمبتذلة وغير المثقفة. كما أنه لم يكن مستمتعًا بلغة الإشارة التي يفهمها رالف والأمير فقط. لم يعجب تابع الرياح الوهمية يالثقة والوعي الذاتي للمرافق باعتباره المتحدث الوحيد باسم الأمير – وهو ما كان بالفعل كذلك. كما أنه احتقر اهتمام الأخير بالتفاصيل المتعلقة بالآداب الاجتماعية والعناوين.

ومع ذلك ، على الرغم من القتال جنبًا إلى جنب عدة مرات ، فإن العلاقة بين أتباع الأمير من خلفيات مختلفة جدًا لم تكن أبدًا على ما يرام.

“إذا كان لديه الوقت للاستعداد ، سواء كان ذلك للشطرنج ، أو للمفاوضات ، أو ممارسات القتال بالسيف ، فإن أدائه سيكون بلا شك ممتازًا ،” تابع ويا عابسًا. “ولكن عندما يواجه هجومًا مفاجئًا ، كما هو الحال الآن ، يصبح مرتبكًا وعصبيًا وفي النهاية يصيب بالذعر. بصراحة ، إنه يشبه المجندين الجدد ، وخاصة عامة الناس الذين تنفرهم إراقة الدماء أو ليسوا على دراية بالمعركة.

“هذا مميت خلال معركة ؛ أي خطأ يقع في لحظة حرجة هو بمثابة ندم مدى الحياة ، أو قد لا تندم عليه على الإطلاق “.

في تلك اللحظة بالذات ، مشى بوتراي نحو الرجلين ، وهو ينظر إلى ساحة التدريب. والغريب أنه لم يخرج غليونه. “يمكنك أن تكون صريحًا وتقول إن تاليس ليس جيدًا في القتال.”

“سيدي.” أومأ ويا برأسه بحذر ، بينما كان رالف يتمايل برأسه بشكل روتيني.

كانت عيون بوتراي متلألئة. “هل هناك أي طريقة للتغلب على ذلك؟ عادة تاليس الإشكالية المتمثلة في الخوف والذعر خلال اللحظة الحرجة؟ “

“أخشى أن يكون الأمر صعبًا.” أدار ويا رأسه ، وألقى نظرة على تاليس الذي تعرض للضرب وسقط على الأرض للمرة الثانية.  تنهد. “يمكن للمرء أن يمارس مهاراته في القتال بالسيف. يمكن تحسين التقنيات ، ولكن ليس من السهل تغيير العادات والخصائص طويلة الأمد “.

في تلك الثانية ، رفع رالف يده بلطف فجأة وقام بإيماءة قطع الحلق بنظرة قاتمة.

“أمم؟” لاحظها بوتراي وقوس حاجبًا. “ماذا يقصد؟”

نظر ويا إلى تعبيرات رالف ، وعيناه تضيقان قليلاً. “أه ، أعتقد أن ما يعنيه الابكم هو …

“… في البرج ، سمعت عن طريقة سريعة لتنمية غرائز المعركة: إرسال شخص إلى ساحة معركة مميتة. الدم والموت هما أكفأ المعلمين ؛ هناك ، خروف صغير غير ضار يمكن أن يتحول إلى تنين شرير. حتى الجندي الأكثر جبن أو المجند الجديد الأقل خبرة يمكنه القضاء على أسوأ عاداته. بالطبع ، هذا إذا تمكن من البقاء على قيد الحياة “.

“الأمر نفسه حتى مع مقاتلي الطبقة الفائقة مثل قاتل النجم و غضب المملكة. تراكمت مهاراتهم القتالية غير العادية ببطء في المعركة. التدرب على الدمى والأهداف الخشبية لن يجعل شخصًا ما مقاتلًا من الدرجة الأولى “.

أطلق رالف شخير خفيف. لم يكن مؤكدًا ما إذا كان يوافق أو يعبر عن ازدرائه.

عبس بوتراي.

تاليس ليس نورثلاندر. إنه أمير من الكوكبة ، وجاديستار ، وفي يوم من الأيام الملك “. نائب الدبلوماسي السابق هز رأسه. “إنه يحتاج فقط إلى المشاركة في كيفية عمل الأشياء في ساحات القتال. القتال شخصيًا أو الذهاب إلى ساحة المعركة شخصيًا ليس شيئًا يحتاج بالضرورة إلى معرفة كيفية القيام به. إنه لا يحتاج إلى أن يصبح مقاتلًا من الطبقة الفائقة ، فمسؤوليته هي التحكم في قطع الشطرنج في يديه أثناء حمايته من قبل الجيش “.

تمتم رالف بسلسلة من الكلمات غير المفهومة.

ويا زفر. “لكن كما تعلم ، خلال العام الدامي ، حتى مع الحماية الشديدة من الحراس ، عائلة جاديستار المالكة -“

عند ذكر هذه الكلمات ، تحرك رأس بوتراي. تحول الجو فجأة إلى البرودة.

“احذر كلماتك.” أجبر الوهج الحاد والمتجمد لبوتراي “ويا” على ابتلاع كلماته. “لا تصدر أحكامًا غير مبالية بشأن أشياء لا تفهمها ، وخاصة السنة الدموية.”

“و جاديستار.”

يحدق فيه ، في حيرة. أطلق رالف نفحة من البرد ، مستمتعا ببهجة من مصيبة ويا.

“أنا آسف. لم يكن يجب أن أتحدث عن العائلة المالكة بهذه الطريقة ، “تعاليم عائلته الأرستقراطية جعلت ويا يعتذر بأخلاق جيدة بشكل لا يصدق. تنهد ، يبحث عن موضوع آخر. “بالمناسبة ، يبدو أنك تخطط للبقاء لفترة طويلة في مدينة التنين الغيوم ، يا سيدي؟”

حوّل بوتراي انتباهه مرة أخرى إلى ساحة التدريب. قال بصراحة: “نعم”. “ربما أطول مما تتخيل.”

“بالحديث عن ذلك  الأمير ذكر الامر لي.” عبس ويا قليلا. “أين ذهبت قبل ست سنوات؟”

كان بوتراي مذهولًا بعض الشيء.

واصل ويا على مهل ، “منذ ست سنوات ، في اليوم الثاني لتتويج الملك تشابمان ، عندما بدأت ليسبان بتنظيف الفوضى في مدينة تنين الغيوم ، وعندما كان الأمير تاليس في ورطة عميقة … غادرت على عجل مدينة تنين الغيوم بدون قول كلمة.

“هذا جيد ، بما أننا لم شملنا الآن ، تم أخذ كل الأشياء في الاعتبار.” تراجع ويا عن نظرته وقال بقلق ، “لكن ما يزعجني أكثر هو أنه بعد ست سنوات ، لماذا عدت الآن؟ لماذا ليس قبل ذلك ، كما لو كان الأمير لم يستقر بعد ، أو لاحقًا ، كما هو الحال عندما يواجه الأمير مشاكل مثل الزواج؟

“لماذا الان؟ إنه يجعلني بالأحرى … قلقًا “.

عبس رالف كذلك. لا يبدو أنه منزعج من ثرثرة ويا ، وهو أمر غير معتاد بالنسبة له.

فجأة ساد الهدوء ركنهم.

تدلت جفون بوتراي. وصلت يده إلى صدره ببطء وسحب الأنبوب القديم الذي كان يستخدمه طوال السنوات الست الماضية.

نائب الدبلوماسي السابق النحيل حشا التبغ في غليونه على عجل. أخرج أحجاره وأشعل الأنبوب. “كما تعلم ، منذ زمن طويل عندما كنت صغيرًا ، قال معلمنا هذا أثناء استكمال دراستنا: جيلبرت كاسو لديه طموح كبير. لن ينبهر عندما يدرك مشكلة ، لكنه سينجح في التفكير خارج الصندوق ، وفهم ما يكمن وراء رؤيته. ربما سيصبح أحد هؤلاء الاستراتيجيين ذوي البصيرة العظيمة ، ويتفوق في التخطيط الاستراتيجي طويل المدى. لذلك ، كان هذا الوغد الساذج يفكر دائمًا كثيرًا “.

عندما سمع عن إجابة بوتراي ، والتي لم تنجح في الإجابة على سؤال ويا على الإطلاق ، أثار ويا دهشة. “هاه؟”

“حتى لو رفضت الاعتراف بذلك يا ويا”. أخذ بوتراي نفخة من الدخان قانعًا مبتسمًا كما قال ، “من نواح كثيرة ، أنت تشبه والدك كثيرًا … تفكر كثيرًا ، لشخص واحد.”

كما لو أنه فكر في شيء ما ، أغلق ويا فمه وابتعد بتعبير قاتم. أوقف تحقيقه.

على أرض التدريب ، تراجع تاليس خطوتين إلى الوراء وألقى نظرة على الديناميكية الغريبة بين بوتراي و  ويا.

ظهرت الأسئلة في قلبه ولم يستطع إلا تذكر شيء آخر مذكور في رسالة جيلبرت.

[صاحب السمو ، ضع ثقتك في بوتراي كما هو الحال دائمًا ، خاصة خلال هذه الفترة الزمنية الخاصة. من أجل مستقبلك ، يرجى الوثوق به! في ملاحظة جانبية ، يرجى إعطاء المعلم الجديد الاحترام الذي يستحقه ، كن متواضعا وتعلم. إنه على الأرجح الشخص الثاني الذي أحترمه أكثر في هذه الحياة.]

أكد جيلبرت مرتين أنه وضع ثقته في بوتراي.

‘لماذا؟’

يومض بريق السيف ، وضرب نيكولاس مرة أخرى. هذه المرة ، وجد تاليس ، الذي كان يتراجع حتى هذه اللحظة ، فرصة طال انتظارها.

عندما ضرب الخصم درعه للمرة الثالثة ، ألقى الأمير هجمة مرتدة كان يستعد لها بمجرد صد الضربة.

هاجم الخصم من يساره ، حيث كان الدفاع ضعيفًا ، مما جعل عيون نيكولاس تلمع.

“تفكير جيد.”

ولكن بعد ذلك بوقت قصير ، أرجح قاتل النجم  زوهيندر وواجه الهجوم المضاد الشرير.

متتبعًا مسار زوهيندر الخاص بخصمه ، قام تاليس بأرجحة الدرع بقوة في يده ، متفاديًا الهجوم المضاد للخصم بجهد كبير.

* وووش! *

أرجح نيكولاس زوهيندر ، متتبعا عبر سطح الدرع. الرياح القوية التي أحدثها النصل المتأرجح مرت بشعر تاليس. ارتجف تاليس من البرد الذي شعر به في تلك اللحظة بالذات.

بعد الشعور المتزايد بالخطر الوشيك ، شعر تاليس بقشعريرة غريبة أخرى تنفجر من أعلى العمود الفقري ، تنزلق نحو دماغه.

في الثانية التالية ، اندلع هذا التيار المألوف والغريب ، خطيئة نهر الجحيم ، بداخله دون حسيب ولا رقيب. استيقظت فجأة ، مثل وحش قفز مستيقظًا من السبات!

كانت أيضًا مثل عاصفة بَرَد مفاجئة تغزو كل شبر من جسده ، بما في ذلك دماغه.

شعر برغبة في ترك نفسه يرحل … لكن الأمير لم يشعر بأي ارتياح على الإطلاق.

شعر تاليس بالاندفاع العنيف لخطيئة نهر الجحيم ، وغمره الرعب.

‘لا…

‘لا!!’

ترجمة: Dark_reader