الساحر اللانهائي - الفصل 518
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
ادعم رواية الساحر اللانهائي لزيادة التنزيل اليومي
الفصل 518 : السياف المجهول -2-
أمام النظرة الحادة المليئة بالتهديد من فوكس، حوّل ريان ببطء نظره بعيدًا.
كان يعلم أن تفادي القتال كلما أمكن أفضل درس تعلمه من فترة تجوله في ساحات المعارك.
لكن في الحقيقة، هذا كان كذبًا.
لقد شاهد كثيرين لم يخشوا الموت وظلوا متمسكين بمبادئهم حتى النهاية.
‘ما المشكلة إذن؟’
لم يكن الخوف البسيط من الألم عند الإصابة أو انتهاء كل شيء بالموت.
إنما كان عدم اليقين المتعلق بالسيف، والقلق من إلقاء نفسه في مستقبل غير مؤكد.
هذا القلق أحيانًا أشد من الخوف من فقدان الحياة نفسها.
لاحظ فوكس نظرات ريان الثابتة على وجهه، ثم أطلق ضحكة مستهزئة.
“ههه، مجرد فتى صغير لم يجف الدم من رأسه بعد.”
لم يكن هذا جديدًا.
الأشخاص الذين تعلموا القتال بالسيف قليلًا غالبًا ما يستعرضون قوتهم أمام العامة.
لكن فوكس كان مختلفًا، فهو يمتلك مهارات ومستوى يتجاوز بكثير تلك التصرفات الطائشة.
وما ميزه أكثر كان قدرته على استخدام “المخطط”.
“على أي حال، سأؤجل دفع الثمن لاحقًا.”
تمتم فوكس بهذا، ثم استدار نحو سيلفيا بنظرة مليئة بالشك.
“ما القصة هنا، سيلفيا؟ لقد كنت دائمًا جيدة معي، لكنك الآن جلبت رجلاً آخر؟ في النهاية، أنتِ مجرد امرأة.”
تجهم وجه سيلفيا من الاشمئزاز بسبب الاتهامات المبتذلة.
“رجل منحط. آخر شخص أريد سماع كلامه هو من يطمع في زوجة صديقه.”
احمر وجه فوكس غضبًا.
منذ أن تخلى عن حياته كجندي وأصبح لصًا، لم يبق لديه الكثير من القيم الأخلاقية.
لكن ذكرى زوج سيلفيا، الذي كان زميله، دائمًا ما كانت تحرك داخله شعورًا بالذنب.
“اصمتي! لقد مات! إنه غير موجود الآن!”
صرخ فوكس محاولاً التخلص من ذلك الشعور المزعج.
“وأنا أحبكِ منذ أن كنت صغيرًا. أريد فقط أن أكون معكِ.”
“الاهتمام بامرأة متزوجة لديها ابنة ليس حبًا. إنه هوس قذر.”
“هوس قذر؟”
تحولت ملامح فوكس فجأة إلى وجه بارد ومخيف.
“إذن هذا ما تعتقدينه؟ كان بإمكاني الحصول عليكِ متى أردت، لكنكِ تسخرين مني؟ حسنًا، لن أتحمل ذلك بعد الآن.”
تقدم فوكس بخطوات تهديدية نحوها، محاطًا بهالة عدائية، فقامت ليز بالوقوف أمام والدتها.
“لا تؤذي أمي! أبي لن يسامحك أبدًا!”
ركز فوكس نظرته الباردة نحو ليز وقال:
“ليز، أنا لا أحاول إيذاء أمك. أريد فقط أن أخلصها من هذا الجحيم. وحتى والدك كان ليشكرني على ذلك.”
شعرت سيلفيا بالدوار من الوقاحة المطلقة في كلماته.
“أنت مجنون. فقدت عقلك بالكامل.”
“ههه، ربما. ولكن حتى لو كنت مجنونًا، ما الفرق؟ طالما يمكنني الحصول عليكِ، فأنا مستعد لأن أجن.”
عندما أدركت سيلفيا أنها لن تستطيع إقناع فوكس، دفعت ليز نحو الخارج وهي تصرخ:
“ليز! اهربي!”
ثم أمسكت بقدر الحساء على الطاولة وألقته نحو فوكس.
“هاه!”
بضربة من قبضته القوية، أطاح فوكس بالقدر بعيدًا. وبينما كان ينظر بعيدًا، اقتربت سيلفيا وطعنته بالشوكة في بطنه.
توقف للحظة، ثم نظر إلى الجرح بتعبير غير مبالٍ.
كان واضحًا أن الشوكة لم تستطع اختراق عضلاته القوية.
“يا لكِ من وقحة…”
صُفع وجه سيلفيا بقوة من قبل فوكس، فسقطت على الأرض بعنف.
“أمي! أمي!”
صرخت ليز بصوت يملؤه الرعب، بينما تجاهل فوكس صرخاتها.
“لا تلوميني على هذا. أنتِ من جلبتِه على نفسك.”
“توقف.”
جاء الصوت من خلف فوكس، وعندما استدار، رأى ريان واقفًا من كرسيه، بتعبير جاد على وجهه.
على الرغم من أنه لاحظ في البداية جسده الضخم، إلا أنه أدرك الآن أن جسمه متوازن بشكل مثالي.
“هل تتحدث إليّ؟”
“بغض النظر عن جنونك، لا ينبغي لك ارتكاب أفعال مشينة أمام طفل.”
“…أنت محق.”
رد فوكس وهو يحرك رأسه ببطء.
“إذاً، الخطوة الأولى هي التخلص منك. ما رأيك؟ إذا كنت واثقًا، تقدم.”
الرد على الاستفزاز يعني وضع عبء ثقيل للغاية على كتفي ريان.
“…”
نظر “ريان” إلى “ليز”. كانت النظرة المليئة بالتوقعات التي ارتسمت على عينيها تشير إلى نوع من الأنانية التي لا تظهر إلا عند الأطفال.
قال ريان بهدوء:
“لنخرج. لا أريد أن يتلطخ المنزل بالدماء.”
عندما اقترح ريان المواجهة، ارتجفت زاوية فم “فوكس” في حركة تشير إلى غضب مكتوم قبل أن ترتسم ابتسامة. يبدو أن فوكس لم يستطع تجاهل بنية ريان القوية.
قال فوكس:
“حسنًا، فلنخرج. وسأثبت لسكان القرية من هو سيد هذا المكان.”
خرج الجميع إلى الخارج حيث كان سكان القرية، الذين سمعوا الضوضاء، يختبئون بعيدًا عن أنظار فوكس ويراقبون الوضع.
نظر ريان إلى اللصوص الاثني عشر الذين كانوا يحيطون به. لم يكن هناك أي شيء يشير إلى أنهم سيقاتلون بشرف أو سيوفرون له فرصة متكافئة.
“12 ضد 1؟”
رفع فوكس سيفه الطويل وصاح مستفزًا:
“أيها الفتى! لماذا لا تهجم؟ أم أنك تنتظر أن يقرع أحدهم الجرس لإعلان البداية؟”
على الرغم من أن الهجوم الأول يكون دائمًا ذا فاعلية في أي معركة، إلا أنه لم يكن من المنطقي أن يبدأ ريان إذا لم يكن ينوي المجازفة بحياته.
رفع ريان سيفه الكبير ببطء. السيف الثقيل، الذي بدا وكأنه كتلة معدنية هائلة، امتد إلى الأمام حتى خرج عن مركز ثقله. عندها، شحبت وجوه اللصوص وهم يشاهدون ذلك.
قال أحد اللصوص بخوف:
“يا نائب القائد، هل يمكن أن يكون هذا الرجل قويًا بالفعل؟”
لكن فوكس قطب جبينه وقال بحدة:
“اصمت. إنه مجرد شخص واحد. حتى لو كان قويًا، فـ12 شخصًا يمكنهم القضاء عليه بسهولة.”
رغم القوة الهائلة التي أظهرها ريان، كانت مشاعره متضاربة. في الماضي، كان يندفع إلى القتال بكل ما أوتي من قوة، معتمدًا فقط على الحظ للفوز. لكنه الآن، كلما تعمق فهمه للسيف، أدرك مدى جنونه وتهوره في تلك الأوقات.
‘ما كنت أعتمد عليه كان مجرد حظ. سيفي ليس كاملًا. وربما… قد أموت هنا.’
رغم أن اللصوص كانوا محاربين متمرسين، فإن مهارات ريان كانت كافية لهزيمتهم جميعًا.
لكن في أعماقه، شكك ريان في قدرته.
ملئته الشكوك، وتثاقلت عليه الأسئلة. هل طريقته صحيحة؟ هل يمكنه فعلًا أن يقتلهم؟
بدأ وجه ريان يشحب بينما كان اللصوص يقتربون منه، وهم يضحكون بسخرية:
“ما هذا؟ يبدو أنه خائف بالفعل! هل هو مجرد أحمق قوي الجسد؟”
عندما فقد ريان ثقته بنفسه، اقترب اللصوص منه أكثر فأكثر. في تلك اللحظة، بدت “ليز” وكأنها تفقد الأمل، و”سيلفيا” التي كانت تصلي من أجل فوزه، شحب وجهها أيضًا.
صاح فوكس:
“هيا! اقتلوه!”
اندفع اللصوص باتجاهه. ومن خلفه، رأى ريان لمحة من سيف يتوجه نحوه. حاول صد الهجوم بسيفه الثقيل، لكن توازنه انزلق إلى الخلف. دون أن يحدد مواقع خصومه، ضرب بالسيف بقوة في حركة عشوائية.
قال لنفسه بمرارة:
‘يا لها من ضربة بدائية يا ريان.’
تقنية “التجاوز السَّامِيّ”، التي تعتمد على الغضب كمصدر للقوة، لم تكن لتجدي في هذا الموقف.
إذ بدون يقين وثقة في السيف، لم يكن بإمكانه التركيز بشكل كامل على أي حركة.
صاح فوكس بغضب:
“لا تترددوا! اقتلوه الآن!”
بدأت سيوف اللصوص تنهال عليه من كل جانب. بعضها كان يستهدف رأسه، والبعض الآخر يتوجه نحو بطنه.
قال ريان لنفسه:
‘لا مفر!’
لكن، خلافًا لتوقعاته، نجح في تفادي الهجمات والدفاع عنها بشكل مثالي. ومع ذلك، لم يشعر ريان بأي رضا. كان يرى ذلك مجرد حظ.
مع كل ضربة كان يوجهها، كانت رقاب اللصوص تتطاير. ورغم ذلك، استمر في لوم نفسه:
‘هذه ليست مهارة. إنه الحظ فقط.’
بالنسبة للآخرين، كان ما يفعله ريان أشبه بالإعجاز. لكن بالنسبة له، كان يرى الأخطاء فقط.
مع كل ضربة، كان يقضي على المزيد من اللصوص. وعندما أدرك اللصوص قوة ريان الحقيقية، شحبت وجههم.
قال أحدهم وهو يرتجف:
“ما الذي يحدث؟ من يكون هذا الرجل…؟!”
صرخ فوكس بغضب:
“لا تراجعوا! أيها الاغبياء!”
عندما أدركوا أن الأعداد تتضاءل، انطلق فوكس حاملاً سيفه الضخم ليقضي بنفسه على ريان.
ومع انضمام زعيم العصابة، بدا أن زخم الهجوم قد يفوق قدرة ريان، إلا أن المعركة كانت متكافئة بشكل غير متوقع.
“لقد توغلتُ بعمق كبير، هذا ليس فن القتال بالسيف.”
رغم أنه لم يشعر وكأنه يُجهز على أعدائه، كان عدد اللصوص يتناقص تدريجياً. ومع ذلك، لم يشعر ريان بأنه يحقق انتصارًا. كان يحاول تطبيق الأفكار في ذهنه بدقة، إلا أنه لم يكن يمتلك وسيلة لإثبات صحة هذه الأفكار. بل وحتى لم يعد يعرف إن كان يستخدم فن السيف أم مجرد يؤدي رقصة بالسيف مثل مجنون.
صوت رنين!
عاد ريان إلى وعيه فجأة على وقع صوت السيوف. عندها فقط، أدرك أن 11 من اللصوص قد قُتلوا، ولم يبقَ سوى فوكس.
“تبًا!”
تراجع فوكس تحت وطأة هجوم ريان العاصف.
رغم أن فوكس عزز قوته البدنية باستخدام “المخطط”، إلا أنه بالكاد تمكن من تفادي ضربات ريان. كان وجود “المخطط” أو غيابه يحدث فرقًا كبيرًا في المعارك، يُشبه الفرق بين الأنواع. إذا لم يستطع فوكس ملاحظة هذا الفارق، فهذا يعني أن الفجوة في المهارة بينهما هائلة للغاية.
‘من هذا الرجل؟ إنه ليس مبارزًا عاديًا.’
لكن أكثر ما أثار استياء فوكس هو أنه رغم مهارات ريان الواضحة، لم يظهر عليه أي أمل في الفوز.
“الأمر خاطئ، هذا أيضًا خاطئ، كل شيء خاطئ!’
ما كان ريان يراه، لم يكن بإمكان فوكس رؤيته. لذلك، مع كل ضربة، كان ريان يشعر بإحباطٍ يشبه الموت.
“لا، ليس هذا!”
لم يكن لدى ريان تلك البصيرة العبقرية التي تصيب الهدف من أقصر مسافة. ما كان لديه هو طريق طويل مليء بالتكرار، حيث يُعدل كل ضربة بدقة أقل من ملليمتر، ساعيًا نحو الكمال.
‘هذا ليس هو!’
لكن رغم ذلك، كان يلمح شيئًا. رؤية مثالية لا يمكن تفسيرها بالكلمات. هذه الرؤية، التي لم تكن سوى انعكاس لتطلعاته، أفسدت كل معاييره وجعلته يتخبط.
“قلتُ هذا ليس هو!”
وفي تلك اللحظة، تفجرت قوة “التجاوز السَّامِيّ” لأول مرة. السيف الذي رفعه فوكس للدفاع، شطره ريان بسهولة، وقسم جسده عموديًا قبل أن يتوقف.
حينها عم هدوء يشبه توقف الزمن.
حين سقط جسد فوكس على الجانبين مُحدثًا صوت ارتطام، بدأ سكان القرية بالعودة إلى منازلهم ببطء.
“لقد قضى على عصابة اللصوص بأكملها بمفرده.”
في قرية مدمرة لا تمتلك حتى عشبًا يُؤكل، كان من المستحيل رؤية شخص بهذه القوة.
“هاه… هاه!”
شعر ريان لأول مرة منذ بدء القتال بالراحة، لكنه لم يستطع تذكر وضعية جسده أثناء الهجوم الأخير مهما حاول.
“ما الذي حدث؟”
بعد أن أعاد سيفه إلى غمده، نظر حوله. لم يكن هناك أحد سوى سيلفيا وليز.
‘هل انتصرت؟’
لا، لقد نجا. كانت مجرد سلسلة من الصدف السعيدة التي قادته إلى البقاء على قيد الحياة. لكن إلى متى يمكنه الاستمرار بهذه الطريقة؟
“آه…”
حين التقت عيناه بعيني سيلفيا، أطلقت همهمة لا إرادية. لقد كانت عيناه وكأنهما تحملان هموم العالم بأسره.
مع ذلك، أدار ريان رأسه بسرعة، غير راغب في أي شفقة، وبدأ بفحص الجثث المتناثرة حوله.
“لقد تسببتُ في هذا.”
رغم أنه لم يستطع حتى حماية نفسه، إلا أنه تدخل مرة أخرى في ما لا يعنيه.
“تخلصوا من الجثث.”
وجَّه حديثه إلى القرويين الذين كان يفترض أنهم يسمعونه.
“إذا كنتم لا تريدون تحمل المسؤولية، فهذا أفضل شيء يمكنكم فعله.”
لم يكن هناك حاجة لتقديم المزيد من التفسيرات، لأن أحدًا لم يرغب في تحمل مسؤولية ما حدث.
“لندخل الآن. أخبريني بما حدث بالتفصيل.”
قال ريان ذلك ثم توجه إلى المنزل أولاً، فيما سارعت سيلفيا باللحاق به، وكأنها استيقظت من صدمة.
أما ليز، فقد بقيت مكانها، تنظر بدهشة إلى ساحة المعركة المدمرة التي صنعها ريان.
“ذلك الأخ… إليس قويا حقا؟”
______
ريان متزعزع تماما… ودي يلتقي بكوان أو اي شخص ثاني يرشده
ترجمة وتدقيق سانجي