الساحر اللانهائي - الفصل 484
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
ادعم رواية المشعوذ اللانهائي لزيادة التنزيل اليومي
الفصل 484 : ليلة في الجنة -2-
عندما خرج غولد من الكهف، لم يكن هناك أي أثر لكانغان، ولكن آثار الأقدام على الأرض أشارت إلى أنها توجهت نحو الغابة.
وجه كانغان، وهي تتجول في أعمق وأشد الأماكن ظلمة داخل الغابة، كان متجهماً بشكل واضح.
وهي تحاول كبح صوت الأنين الذي يخرج من بين شفتيها المغلقتين، ظلت تنظر حولها بقلق، تدوس الأرض بقدميها بتوتر.
في النهاية، لم تستطع التحمل أكثر، فقفزت إلى داخل الشجيرات. وبمجرد أن فعلت، أسقطت سروالها وجلست.
لقد تحملت لمدة يومين كاملين دون الذهاب إلى المرحاض، مما جعل مثانتها على وشك الانفجار.
كان الألم أشد من الشعور بالراحة، ولكن بمجرد أن انتهت من تفريغ مثانتها، شعرت بالارتياح يتسلل إليها تدريجياً، وعادت ملامح وجهها إلى طبيعتها.
ومع ذلك، فإن شعورها بالارتياح لم يدم طويلاً، وسرعان ما أصبحت عيناها حادتين، تراقبان ما حولها بحذر.
الدروس التي تعلمتها منذ مغادرتها الجنوب كانت واضحة: لا تُعطي الفرصة للآخرين منذ البداية.
تصرفي بحزم وشراسة، ولا تنتظري حتى تتحول الشكوك إلى يقين.
هذه هي الطريقة التي تعلمتها آخر الناجين من قبيلة الذئاب للعيش في هذا العالم.
“كم تحملتِ ذلك؟”
عندما كانت كانغان على وشك الوقوف بعد إنهاء حاجتها، جائها صوت غولد من داخل الغابة.
وسرعان ما خرج غولد من بين الأشجار، بهيئته الشاحبة.
رغم أن ضوء القمر كان محجوباً، إلا أن عينيه كانتا تبدوان وكأنهما تبعثان الضوء من تلقاء نفسيهما.
تجعد أنف كانغان وهي تشعر بالغضب.
‘هذا الرجل، مثل غيره من الرجال، يحمل نوايا سيئة. ولكن الفرق الوحيد أنه قوي بما يكفي ليخفي وجوده تماماً.’
“الاحتفاظ بها لفترة طويلة سيؤذيك. هل تعرضتِ لشيء سيئ من الرجال؟”
ارتسمت على شفتي كانغان ابتسامة باردة.
لم يكن هناك أي رجل سبق أن سأل هذا السؤال وكان يهتم فعلاً بشأنها.
“أنا ذئب. إذا عاملتني كإنسان، فسأقتلك.”
“كانغان، أنتِ امرأة.”
تقدم غولد بخطواته نحوها.
كانت خطواته هادئة وكأن قدميه تطوفان فوق الأرض، مما جعل كانغان تتراجع خطوة خطوة بلا وعي.
“وأنا رجل.”
تراجعت كانغان حتى اصطدم ظهرها بجذع شجرة.
وعندما رفعت رأسها، وجدت غولد قد اقترب منها بشكل مخيف.
“أي شيء يمكن أن يحدث الآن.”
في اللحظة التي تغيرت فيها نظرة عينيه من تلك النظرة المجنونة إلى نظرة باردة، أدركت كانغان أن الأمور ستنتهي بشكل سيئ إذا لم تفعل شيئاً.
وبدأت بالهجوم.
ركلت غولد بقوة باستخدام ركبة منخفضة، ولكن ما حدث كان غير متوقع.
“ما هذا؟”
كان الأمر وكأنها ركضت بقوة نحو كيس هوائي ممتلئ بالهواء. لم تشعر بأي تأثير لضربتها.
“هاه!”
أمسك غولد بكتفها وضغط عليها، مما أجبرها على الجلوس أرضاً.
وبحركة بسيطة، دفعها لتسقط على الأرض، ثم جلس على بطنها وضغط على كتفيها بيديه.
“اتركني! وإلا سأفعل……”
“توقفي عن الهروب من نفسك.”
أغلقت كانغان فمها.
“كونكِ امرأة أو رجلاً، هذا أمر قد حُسم. الأهم هو ما تستطيعين فعله.”
عندما اقترب وجه غولد منها، ارتعش جسدها دون إرادة منها.
كان ذلك نتيجة الخوف المترسخ في داخلها.
“حسناً، أخبريني. في هذه اللحظة، ماذا يمكنك أن تفعلي؟”
لم يكن بإمكانها فعل شيء.
كان جسدها مقيداً تماماً، وغولد كان أقوى شخص قابلته في حياتها.
“الهروب لن يجدي معه.”
رغم أنها لم تكن بقوته، إلا أن كانغان كانت ذكية بما يكفي لتفهم كلماته سريعاً.
“حسناً، لكنني لم أرفع سروالي بعد، أليس كذلك؟”
عندما حاول غولد التأكد، اصطدم رأسها به بقوة.
صوت ضربة عالية ملأ المكان، وسقط غولد للخلف.
“آاااه!”
نهضت كانغان وضحكت بسخرية، مليئة بالثقة.
“هاه! كيف كان ذلك؟…”
لكنها سرعان ما لاحظت أن غولد كان في حالة غير طبيعية.
رغم أنها ضربته بكل ما أوتيت من قوة، لم يكن من الطبيعي أن يبدو متألماً بهذا الشكل.
“آآآه! آآآآه!”
كان غولد يصرخ متألماً وهو يتلوى على الأرض ممسكاً برأسه.
حساسيته للألم، التي كانت أعلى بكثير من الشخص العادي، جعلته يشعر وكأن عقله يتعرض للطعن بعصا حديدية.
عندما لم تتوقف صرخاته، ادركت كانغان أخيراً خطورة الموقف وركضت نحوه.
“ما الأمر؟ ماذا حدث لك؟”
“آاااه! آاااه!”
“تحدث إلي! أين تشعر بالألم؟”
مهما صرخت كانغان، لم تصل كلماتها إلى مسامع غولد، الذي كان غارقاً في عذاب لا يُحتمل طوال الليل.
وكانت تلك بداية علاقة طويلة بينهما.
أثناء تنقلهما معاً في رحلة التدريب، بدأت كانغان تكتشف تدريجياً المزيد عن غولد.
رغم أنه لم يكن يميل إلى الكلام، فإن الكلمات التي كان يلفظها أحياناً كشفت عن أجزاء من حياته السابقة.
كان غولد يخوض هذا التدريب من أجل لقاء شخص ما.
أدرياس ميرو.
عندما أخبر غولد كانغان أن هذه المرأة هي التي تحمي العالم بيدها، لم تستطع كانغان إلا أن تشعر بالإعجاب تجاهها.
“إذن، هل ميرو هي أقوى امرأة في العالم؟”
“لا يوجد مفهوم واضح لما يعنيه أن تكون الأفضل في القتال. لكن رسمياً، نعم. ميرو تمثل البشرية، ولا أحد يستطيع التغلب عليها حالياً.”
نظرت كانغان إلى ظهر غولد، الذي كان يبتعد، مفكرة:
‘أقوى امرأة في العالم. هل يمكن أن يكون هذا الرجل يحب شخصاً كهذا؟’
“ماذا لو أصبحت أنا الأقوى في العالم؟ ماذا سيكون رأيك؟”
التفت غولد نحو الفتاة الصغيرة، التي لم تكن تصل قامتها إلى مستوى خصره، وقد بدت كلماتها جريئة.
“إذا كنتِ ترغبين في ذلك بشدة، فقد تصلين إليه. لكن من وجهة نظري، الأمر مستحيل.”
“لماذا؟ أنا لا أخاف من شيء. سأفعل أي شيء لأصبح قوية.”
كانغان كانت تملك العزيمة، وهو شيء اعترف به غولد. كما أنها تمتلك موهبة جسدية طبيعية تؤهلها لتكون مقاتلة بارعة.
إذا استمرت في التدريب، فلا شك أن جسدها سيصبح سلاحاً قاتلاً.
ولكن غولد، الذي جاب العالم وشهد الكثير، لم يكن يرغب في إثارة آمالها دون مبرر.
“الأمر ليس متعلقاً بالموهبة، ولا حتى بالجهد.”
“إذن، ما الذي يجعل ميرو كما هي؟”
أجاب غولد وهو ينظر نحو الصحراء الممتدة أمامهما:
“إنها… شيء يتجاوز الإنسان. ولكن ليس هناك مصطلح آخر لوصفها، لذا نطلق عليها ‘إنسان’ فقط.”
توقفت كانغان للحظة لتتأمل كلماته، قبل أن تتابع خطاه وهي تعبس قليلاً.
“سنرى. لكنني سأهزمها في النهاية.”
وصل الاثنان إلى صحراء أَكَّاد، في الشرق الأوسط.
هناك، أعلن غولد أنه سيبدأ تدريباً للتغلب على الألم الجسدي.
كانت الصحراء أرضاً للموت، ولم يكن بإمكانهما البقاء على قيد الحياة إلا من خلال المعاناة التي تتجاوز القوة.
في الكهف الذي استقرا فيه تحت الأرض، كان صدى صرخات غولد يتردد كل ليلة، بينما كانت كانغان تخرج ليلاً ونهاراً بحثاً عن الطعام لإبقائه على قيد الحياة.
في أعماق الصحراء، عاش الاثنان كالعاشقين المنفيين، متكئين فقط على دفء وجودهما معاً.
حتى يومنا هذا، لا تستطيع كانغان أن تصف طبيعة تلك العلاقة.
هل كانا عائلة؟ أصدقاء؟ زملاء؟ عشاقاً؟ أم أعداء؟
كل المشاعر التي يمر بها البشر مع الآخرين عاشاها معاً فقط.
فقط بهذا الشكل، استطاعا البقاء.
لكن ذات يوم، واجهت كانغان أسوأ مأساة في حياتها.
“آه، أشعر بالتعب.”
كانت عائدة بخطوات مثقلة إلى الكهف، تحمل كومة من الحشرات الصحراوية التي اصطادتها.
ولكن فجأة، سمعت صرخة غولد الحادة.
كان صراخاً مألوفاً لها، إذ سمعته كل يوم تقريباً. ولكن هذه المرة كان مختلفاً.
هناك شيء غريب ومقلق في صوته.
“يا عم!”
سقطت الحشرات من كومتها وانتشرت في جميع الاتجاهات، لكنها لم تهتم. ركضت بسرعة نحو عمق الكهف.
وعندما وصلت، توقفت الصرخات تماماً.
عينها المرتعدة رأت غولد ملقى على الأرض.
“يا عم! ما الذي حدث؟”
كان غولد يصدر أنيناً خافتاً، بينما كانت عيناه مثبتتين نحو السقف، ولعابه يتساقط من فمه.
كانت كانان تعرف مرض غولد: الطفرة الذاتية العائدة.
وفهمت فوراً ما حدث.
بعد اختبار حدود تحمله للألم بشكل متكرر، أصيب دماغه بخلل خطير.
كان الآن عالقاً في حالة من العذاب الأبدي، ولا أحد يعرف متى أو كيف سيتحرر من هذا الجحيم.
“يا عم! أرجوك، استيقظ!”
كان هذا أول شعور بالخوف الحقيقي في حياتها.
لم يكن هناك سوى اثنين في عالمها، لذا لم تستطع حتى تخيل عالم بدون غولد.
هكذا، لم تستطع الفتاة ذات الأربعة عشر عامًا فعل أي شيء سوى الانتظار لعدة أيام وهي تصرخ حتى بح صوتها، تنادي على غولد، آملة أن يعود.
بعد فترة، فقدت وعيها وسقطت بين ذراعيه الممدة، وغابت في النوم لمدة ثلاثة أيام متتالية.
عندما استيقظت أخيرًا، شعرت وكأنها قد نامت ألف عام.
ولكن عندما رأت أن غولد لا يزال فاقدًا للوعي، انعكس في عينيها تصميم قوي لم يكن موجودًا من قبل.
“سساك.”
التقطت أذناها الحساستان صوت خطوات حشرة تزحف على الأرض.
وبينما كانت تفكر، مدت يدها بسرعة والتقطت الحشرة من جسدها.
وضعت الحشرة بحجم الإبهام في فمها ومضغتها، ثم اقتربت من غولد وأطعمته المواد الغذائية المطحونة بعد تقبيله.
أخرجت ماءً وسكبت بضع قطرات في فمه، ثم قالت بصوت مليء بالعزم:
“انتظرني يا عمي. سأعيدك مهما كلفني الأمر.”
خرجت كانغان إلى المدينة.
الطب، الأدوية، السحر، المعلومات—كل شيء كان يتطلب المال.
هل كان غولد يعرف؟
هل كان يعرف نوع الحياة التي عاشتها كانغان خلال عام كامل بينما كان فاقدًا للوعي؟
هل كان يدرك الصعوبات التي تحملتها لتعتني به وهو في حالة أشبه بالنبات؟
ومع ذلك، لم تتحدث كانغان عن تلك الأوقات الصعبة أبدًا.
كانت فقط تنتظر أن يستيقظ.
/سانجي : تسك… لا يوجد لدي ما أعلق به/
وعندما فتح غولد عينيه أخيرًا كما لو أنه حدثت معجزة، تلاشت كل مشاعر الغضب والحزن التي كانت قد تراكمت في قلبها.
“هووو.”
أول مشهد رآه غولد عند استعادته للوعي لم يكن الكهف المظلم والمقفر، بل كان سقف نزل متواضع.
وبعد لحظات، فتح الباب برفق.
كانغان، التي عادت حاملةً الطعام والأدوية، فوجئت بشدة عندما رأت غولد مستيقظًا على السرير يرمش بعينيه.
“عمي…”
ألقت كل شيء جانبًا وألقت بنفسها في حضنه، باكيةً بصوت عالٍ.
“عمي! عمي!”
كان عمر كانغان حينها خمسة عشر عامًا.
مر عام واحد فقط، ولكن غولد شعر بأن كانغان قد نضجت جسديًا وعقليًا بشكل لافت.
“لقد أنقذتني.”
هزت رأسها وهي تمسح دموعها.
لقد عاد. لم تعد وحيدة بعد الآن.
“لا تفعل ذلك مجددًا. عِدني. لا تتركني أبدًا.”
نظر غولد إليها بعمق.
لم يسألها السبب، لأنه كان يعرف.
كان يعرف أنها اضطرت للقتال وحيدة لتعتني به خلال تلك الأوقات الجهنمية.
احتضنها بقوة وقال:
“لنعد إلى تورميا. لن أتركك مرة أخرى.”
عاد غولد من الجحيم بشخصية أكثر قوة وعزمًا مما كان عليه.
كان الوقت قد حان ليبدأ خطته بجدية.
سيعود إلى تورميا ويصبح رئيس جمعية السحر.
لأن ذلك هو الحد الأدنى مما يحتاج إليه لاستعادة السيطرة على “المتاهة”، وستكون كانغان ذراعه اليمنى في تنفيذ المشروع.
كانت كانغان تهز رأسها داخل حضنه.
كانت الدموع التي ذرفتها من شدة المآسي التي عاشتها لا تتوقف، ولكنها أخفتها عن غولد.
“عمي، لقد اتخذت قرارًا هذه المرة.”
رفعت رأسها فجأة كما لو تذكرت شيئًا، فسألها غولد بابتسامة:
“حقًا؟ ما هو؟”
أجابته كانغان بابتسامة مشرقة:
“سأصبح ثاني أقوى امرأة في العالم!”
___________
سيتم دعس غولد وسحب تطبيلي له إذا لم يعد لكانغان…
ترجمة وتدقيق سانجي