الساحر اللانهائي - الفصل 483
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
ادعم رواية المشعوذ اللانهائي لزيادة التنزيل اليومي
الفصل 483 : ليلة في الجنة -1-
تحت قاعة السقوط في السماء الثانية “لاكيا”، هناك غرفة تعذيب مخصصة للملائكة الذين فقدوا قدسيتهم منذ زمن بعيد.
بالمعايير البشرية، يُعتبر الملائكة أقوى بشكل هائل من البشر، وبالتالي فإن أدوات التعذيب هناك ليست مثل أي شيء يمكن العثور عليه في العالم البشري، بل تتسم بحجمها الغريب وطرقها البشعة.
كانت كانغان معلقة في الهواء بسلاسل تربط يديها إلى السقف، حيث أُلقي بثقل جسدها كله عليها، مما جعلها تفقد الوعي.
على الأرض، زحفت ثعابين مجهولة الهوية، في حين أن الهواء المغلق كان مشبعًا برائحة الكبريت الناتجة عن المشاعل المشتعلة، وهي رائحة لا تُحتمل.
في الظلام، ظهرت عشرات الأعين المتوهجة بينما خرجت مارا من الظلال. كان هذا توركو، تابع الملاك الساقط ماوريل.
كان مارا هذا يظهر كعجوز أصلع ذو وجه نحيل، وبطن بارزة تشبه الضفدع، وأذرع طويلة مقارنة بساقيه القصيرتين.
في بعض العوالم، يُعرف توركو بإله الصرخات، لما يمتلكه من فهم كامل لجسم الإنسان، مما يجعله جلادًا بارعًا في إثارة الألم بأطراف أصابعه البارعة.
من زوايا الغرفة، انتشرت ضحكات خافتة ومرعبة.
“هاهاها، دعونا نسمع صرخاتها، صرخات هذا الإنسان البائس!”
“هل يمكننا ألا نقتلها؟ إذا استخدمنا 1/43 فقط من كراهيتي لميرو، ستلقى حتفها.”
كان الملائكة الساقطون الذين طالبوا بتسليم ميرو مقابل كانغان يمنحون أتباعهم فرصة لإخراج غضبهم، وكان هؤلاء الحاضرين في غرفة التعذيب من النوع الذي يستمتع بالآلام البشرية.
توركو اقترب وصفع خد كانغان بيده المضمومة. كان الصوت الناتج غريبًا ومختلفًا، حيث كان أشبه بصدى يُحطم عقلها.
“آاااه!”
فتحت كانغان عينيها ببطء، متألمة من الألم الذي شعرت به كما لو أن جمجمتها قد انشقت.
“أين…؟”
نظرت ورأت أمامها الرجل العجوز ذو الأنف المعقوف. لكنها شعرت أيضًا بالطاقة الشريرة المنتشرة في جدران السجن.
‘لقد تم القبض عليّ.’
تأكدت من ذلك، ولكنها كانت مستعدة لهذا المصير. كانت تتمنى فقط لو أنها ماتت بدلاً من فقدان وعيها.
عندما حاولت جذب السلاسل التي تربط معصميها بالسقف، اهتزت السلاسل، ولكنها لاحظت أن الأصفاد تسحب قوتها.
“الأصفاد تمتص طاقتي… هل هي من نوع الأوبجيه؟”
“نعم، إنها أوبجيه تُدعى ‘التقييد الذاتي’. كلما زادت قوتك، أصبحت الأصفاد أقوى. لا يمكنك الهرب.”
كانغان حاولت التخلي عن الفكرة بسرعة. لقد أدركت أنه لا فائدة من محاولة الهروب.
“اقتلني.”
قالت بصوت هادئ، وقررت التخلي عن أي خطط لا فائدة منها.
“ستموتين في النهاية، ولكن قد تحصلين على فرصة للعيش إذا أحضر البشر ميرو بحلول ظهر الغد.”
ضحك توركو بتهكم، منتظرًا رؤية يأسها. ولكنه فوجئ بضحكتها الساخرة.
“ميرو لن تأتي أبدًا.”
قالت بثقة، وهي تعرف أن غولد لن يضحي بجهود 20 عامًا مقابل حياتها.
‘أنا سعيدة له. إنه مع من يحب.’
على الرغم من تهديدات توركو، كانت كانغان تبتسم، مما أثار غضب مارا.
“إن لم تحضر، فلن يتبقى لكِ سوى الموت المؤلم. كيف ستصرخين؟ كيف ستتوسلين لي كي أقتلك؟”
ضحكات المخلوقات المظلمة تصاعدت في الأرجاء.
“هاهاها، صرخات البشر هي أجمل موسيقى في العالم.”
“فقط المحاربون يولدون محاربين ويموتون كذلك.”
رغم التهديدات القاتمة، ظل محاربو “رامواي” ثابتين بلا أدنى تردد.
—كانغان، أنتِ امرأة.
كانت المرة الأولى التي قابلت فيها غولد قبل 16 عامًا، عندما كانت تبلغ من العمر 13 عامًا فقط.
حياتها منذ ذلك الوقت كانت سلسلة من المحن، بعد أن أُبيدت عشيرتها الذئبية، مما اضطرها للفرار إلى الجنوب.
كل من مد لها يد العون كان يحمل نوايا خفية، وغالبًا كانت تلك النوايا بسبب كونها فتاة. رغم امتلاكها بنية جسدية استثنائية بين عشيرتها، لم يكن ذلك كافيًا لهزيمة أقوياء العالم، خصوصًا وهي في هذا العمر الصغير.
وفي النهاية، اختُطفت على يد مجموعة من اللصوص ليتم بيعها كعبدة في سوق النخاسة ببلدٍ آخر.
“لا تحدقي إليّ بهذه النظرة.”
قال الرجل الذي كان يجلس مقابلها في عربة البضائع.
“من البداية عليكِ أن تفكري بنفسك كأنكِ لم تكوني بشرًا. أنتِ مثل الكلاب، أو الخيول، أو حتى الخنازير. يعتمد الأمر فقط على الحيوان الذي ستكونينه لتعيشي حياة أفضل. لحسن الحظ، أنتِ جميلة ونادرة.”
“أنا ذئب.”
لكن الرجل لم يفهم لغتها الجنوبية. ومع ذلك، كان يعرف جيدًا أنه لا يمكنه بيعها بسعرٍ مرتفع ما دامت تنظر إليه بهذه النظرة الحادة.
قرر أن الوقت قد حان “لترويضها”، فأسدل ستار العربة ليغمر الظلام المكان. وعندما عاد ليتفحصها، تغيرت نظرة عينيه إلى شيء غير طبيعي.
“لنجرب جعلكِ كلبًا أولًا.”
قال الرجل، وهو يقترب منها.
لكنها، رغم يديها المربوطتين، جمعت كل قوتها لتصطدم برأسها في بطنه وتدفعه بقوة نحو خارج العربة، لتقفز خلفه وهي مقيدة اليدين.
“تبًا! هل فقدتِ عقلك؟!”
قفزها من عربة تسير بسرعة كان بمثابة انتحار.
لحظة سقوطها، كادت عجلة العربة تسحقها، لكن فجأة انفجرت العجلة، وانقلبت العربة تمامًا.
نهضت “كانغان” بصعوبة، لكنها لم تكد تستوعب الموقف حتى بدأ اللصوص ينهالون عليها بالضرب.
“اقتلوا هذه الصغيرة اللعينة!”
لكنها لم تستسلم؛ استغلت قدميها الحرة لتهاجم وتتفادى ضرباتهم.
بركلة قوية، أسقطت واحدًا من اللصوص الضخام، لكنه كان إنجازها الوحيد قبل أن تُطرح أرضًا مرة أخرى تحت وطأة الضربات.
“يا للمزعجة!”
قال الرجل الذي أسقطته، وهو يتقدم نحوها بسكين في يده.
“سأغرزها فيكِ مئة مرة قبل أن أقتلكِ!”
لكن قبل أن يتحرك، انفجر رأسه فجأة، مما أثار ذهول الجميع.
ظهر رجل شاحب، يبدو كأنه مجرد جلد على عظم، يسير ببطء من طرف الغابة.
كان غولد، خريج أكاديمية السحر، وقد بدأ رحلته الروحية في سن الرابعة والعشرين.
رغم مظهره الهزيل وشحوب وجهه، كانت عيناه تملأهما نظرة مليئة بالموت.
“من أنت؟ هل أنت ساحر؟”
سأل أحد اللصوص بحذر.
“هل رأيتم السَّامِيّ من قبل؟”
رد غولد بهدوء، وهو يحدق فيهم.
اللصوص تبادلوا النظرات، قبل أن ينفجروا بالضحك.
“هذا مجنون آخر!”
لكن غولد استمر بهدوء:
“هل حقًا لم تروا الإله؟ أين هو؟”
تقدم زعيم اللصوص بسكينه، قائلاً بابتسامة ساخرة:
“ولماذا تبحث عنه؟ هل ارتكبت خطيئة ما؟”
رد غولد، وعيناه تزدادان ظلامًا:
“أنا…”
قبل أن ينهي غولد كلامه، طار خنجر نحو منتصف جبينه.
“اريد أن اقتله.”
بوووووووم!
انفجرت رؤوس جميع اللصوص الذين كانوا يقفون حول العربة المقلوبة بفعل ضغط الهواء.
بإيماءة بسيطة، تجنب غولد الخنجر وأخذ يمشي بخطوات بطيئة. ثم نظر بلا مبالاة إلى كانغان التي كانت تحدق به في ذهول وقال:
“يا صغيرة، هل سبق أن رأيت سّامِيّاَ؟”
/سانجي : ابننا عندما كان مجنون…. ولو هو فعليا حتى الان هو مجنون/
رغم الخوف الذي لم تشعر به من قبل والذي أحاط بجسدها، هزت كانغان رأسها ببطء.
“أين هو؟ أين يمكن أن يكون؟ يجب أن أقتله.”
بينما كان غولد يدور في الغابة يبحث عن شيء ما، بدا منظره لكانغان في غاية الغرابة.
‘هذا الرجل… مجنون تماماً.’
وبينما كان غولد يتفحص المكان، انحنى نحو كانغان وفك الحبال التي كانت تربط يديه.
‘يجب أن أهرب.’
كانت تلك أول فكرة خطرت ببال كانغان. ولكنها قبل أن تتمكن من التنفيذ، مد غولد يده فجأة.
“هل تستطيعين النهوض؟ من مظهرك، يبدو أنكِ من الجنوب. ما هي قبيلتك؟”
نسيت كانغان خوفها للحظة وحدقت في غولد بنظرة حادة.
لم يكن هناك شخص واحد من أولئك الذين أظهروا لها اللطف من قبل كان نافعاً لها.
“أنا ذئب.”
أغمض غولد عينيه نصف إغماضه وهو ينظر إلى وجه كانغان الغاضب.
“قبيلة الذئب، إذن. سمعت أنها أُبيدت. لا بد أن الأمر كان صعباً.”
‘إنه يفهم لغتي الجنوبية؟’
تعجبت كانغان من قدرة هذا الرجل، الذي كان يبدو أكثر بؤساً من المتسولين، على فهمه.
“ما اسمك؟”
وبينما كانت تتسائل في ذهنها عن هوية هذا الرجل، فتحت كانغان فمها ببطء.
“كانغان. أنا كانغان من قبيلة آهو.”
“كانغان؟”
حاول غولد أن يتذكر المعنى من خلال ذاكرته التي أصبحت باهتة مؤخراً.
“روح الذئب، إذن.”
ثم ابتسم قليلاً وقال:
“اسم رائع يا كانغان.”
لن تنسى كانغان أبداً المشاعر التي انتابتها في تلك اللحظة.
“هيا بنا. أنتِ مصابة بشدة وتحتاجين إلى علاج.”
تبعت كانغان غولد إلى كهف في أعماق الغابة. ورغم أنها كانت لا تزال في حالة من الحذر، إلا أنها أدركت حاجتها للمساعدة في تلك اللحظة.
أخرج غولد من حقيبته خبزاً جافاً وقدمه لها. كان صلباً كالحجر، لكن الكمية تكفي لأيام.
كانت كانغان جائعة بشدة، فبدأت في الأكل، لكن القطع كانت قاسية لدرجة أنها لم تستطع كسرها إلا بلعابها.
أما غولد، فكان يأكلها بسهولة. لكن ما أثار استغراب كانغان هو الأنات الخفيفة التي كانت تصدر من أعماق حلقه كلما مضغ.
ظنت كانغان أن هذا الرجل مجنون حقاً وقالت بتحذير:
“سأغادر عند الفجر.”
هز غولد رأسه موافقاً دون اعتراض.
تلك الليلة…
“آآه… آآه…”
استيقظ غولد على صوت أنين خافت قادم من ناحية كانغان.
“ما بكِ؟ هل تشعرين بالألم؟”
“لا شيء… أنا بخير.”
جلس غولد ولاحظ وجه كانغان الشاحب المليء بالعرق البارد.
“أخبريني. ما الذي يحدث؟”
“قلت لك… أنا بخير…!”
حاولت كانغان بكل قوتها أن تتمسك برأيها، فلم يهتم غولد أكثر واستلقى مجدداً.
“نمي الآن. سنخرج مع شروق الشمس.”
ومع مرور الوقت واقتراب منتصف الليل، زحفت كانغان بصعوبة إلى خارج الكهف ودخلت الغابة مترنحة.
وبعد لحظات، فتح غولد عينيه فجأة.
________
هممممم واخيرا الفلاش باك المنتظر…
ترجمة وتدقيق سانجي