الساحر اللانهائي - الفصل 433
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
ادعم رواية الساحر اللانهائي لزيادة التنزيل اليومي
الفصل 433 : فرصة الانتقام -5-
جليد “نيفلهايم” كان يهتز بشدة.
لو نُظر إليه من الأعلى، لظهر كما لو أن الجزيئات الجليدية تنشر موجات دائرية بشكل متناغم. وفي وسط هذا الاضطراب، كان يقف “غولد”، وكان كل شيء حوله فارغاً.
“آآآه!”
غولد كان يعض على أسنانه بغضب شديد، وكانت الأوردة البارزة في عنقه تصعد نحو صدغيه وتتحرك وكأنها كائنات حية. أما المرشد، فكان يركع على ركبتيه، وينظر بذهول إلى الفراغ الذي تركه حاصدين الارواح بعد اختفائهم.
“هذا، هذا أمر لا يُصدق.”
في تلك اللحظة، لم يتحمل الجليد هذه الموجات وبدأت تشققات كبيرة تنتشر في جميع الاتجاهات. كانت إحدى التشققات تمتد بشكل متعرج، وكأنها تمتلك وعيًا، متوجهة نحو المرشد.
“آآآه!”
أمسكت “كانغان” بياقة المرشد وسحبته بعيداً عن المكان، ومرت الشقوق بسرعة عبر المكان الذي كانوا يقفون فيه. ومع توقف الشقوق، كان المكان قد دُمّر بالكامل، تاركاً أثر وجود “غولد” في “نيفلهايم”.
وهج خافت تصاعد من الأرض بينما كانت أرواح حاصدين الارواح التي كانت ملتصقة بالجليد تصعد إلى السماء، وتطلق طاقتها المخزنة. كانت هذه الطاقة تتجسد في عشرة إكسيرات سوداء تطير عالياً.
“م، ماذا؟!”
عيون المرشد اتسعت من الصدمة، فقد كان هذا مشهدًا لم يره في حياته؛ عشرة من الإكسير الأسود ترتفع في آنٍ واحد كان حدثًا لم يتكرر من قبل. مجرد رؤية ذلك جعله يشعر بمتعة لا توصف تكاد توقف قلبه.
نظر إلى الإكسيرات التي تدحرجت على الجليد، وهرع نحوها وكأنه شخص مجنون، غير مدرك أن كفيه قد تقطعت على سطح الجليد البارد، وبدأ يجمعها بكل سرور. وعندما أمسكها بيديه، شعر بوزنها الثقيل، وكأنها أثقل شيء في العالم.
“لو كانت كل هذه لي…”
امتلأت عيناه بالطمع. لكنه عندما رأى وجه “كانغان” البارد، أدرك الأمر وعاد إلى وعيه سريعًا، وتحدث دون تفكير.
“أاه، أعني، نصفها لي…”
قالت كانغان ببرود، “اجمعها. كلّها.”
راقبت كانغان المرشد وهو يجمع الإكسير بلهفة، ثم التفت نحو غولد.
“يا لك من أحمق!”
الألم بمئة آلف ضعف. بالنسبة لمعظم البشر، هذا شيء لا يمكن حتى تصوره، لكنه بالنسبة لغولد، كان مجرد واقع يومي. الألم ما هو إلا إشارات تنتقل إلى الدماغ عبر الجهاز العصبي. ولكن بالنسبة له، كان عليه تحمّل ألمٍ مستمر لا يمكن الهروب منه أو رفضه؛ كانت هذه لعنةً أُلقيت عليه.
“هل أنت بخير؟”
استعاد غولد شكله المعتاد وتحدث بنبرة مرحة، ضاحكاً بخبث. “هاه، وإن لم أكن بخير؟ هل ستمنحيني قبلة؟”
/سانجي : يعاني بصمت فقط/
أطلقت “كانغان” زفيراً ساخراً.
في حال حدوث مثل هذا الأمر، كيف سيستقبل غولد ذلك؟ ألمٌ بسبب حساسيته الشديدة أم متعةٌ لا توصف؟
“آسفة، أنا لا أهتم بالمسنين.”
“ما بالكِ؟ أول مرة التقينا كنتِ خجولة لدرجة أنكِ لم تستطيعي حتى رفع رأسكِ.”
لم يحدث ذلك مطلقاً،
لكن “كانغان” استعادت ذكرياتها بألم؛ تلك اللحظة عندما كانوا قد التقوا لأول مرة.
‘هل… حقاً فعلت ذلك؟’
بينما شعرغولد بالارتياح، إلا أن النار كانت تتأجج داخله كلما رأى مدى تحمله. حتى الحساسية العالية للألم لديه ارتفعت فجأة بمئة ضعف.
إذا تعرض إنسان عادي لألم بسيط، كجرح في طرف إصبعه، وزاد هذا الألم بمئة مرة، فسوف يصرخ متأوهاً ويتلوى على الأرض. أما غولد، فإن مستوى إحساسه بالألم مضاعف بمئة الف مرة بشكل دائم.
كان واضحاً أنه لم يكن على ما يرام، حتى من دون النظر إلى داخله.
“استمع جيداً. في المستقبل، عندما ترغب في زيادة حس الألم…”
“الآن أستطيع رؤية الطريق بوضوح. هيا بنا بسرعة.”
قاطَع غولد حديث كانغان وتوجَّه إلى المرشد. كانت ملامح وجه المرشد الذي واجه الواقع مملوءة بالذعر. في بداية الرحلة، كان قد فكر أنه يستطيع تحقيق مكسب جيد، لكنه أدرك الآن، بعد أن شاهد قوة غولد في تدمير أربعين من حاصدين الارواح في لحظة واحدة، حقيقة المكان الذي جُرَّ إليه.
لم تكن المسألة مسألة خيانة أو طعنة في الظهر، فقد كان غولد في نيفلهايم، المكان الخالي من كل شيء سوى الأرواح الملعونة، أشبه بإله يمسك بزمام حياته.
‘سيقتلني، لا شك في ذلك.’
كان الشرط أن يحصل على 50% من الإكسير الذي يتم جمعه. كانت النسبة تبدو كبيرة، لكنها تعني عمليًا أنه في حال الحصول على زجاجتي إكسير أسود، سيحصل هو على واحدة منها. هذا كان الحساب حتى الآن، لكن مع زيادة عدد الإكسير، بدأت نسبة 50% تشعره بأنها عبء ثقيل.
وفي ظل أنه سيضطر لدفع كمية كبيرة من الإكسير، لم يكن هناك سبب ليبقيه غولد حيًا.
“كم عدد الزجاجات التي جمعناها حتى الآن؟”
تردد المرشد وهو يفتح حقيبته.
“حسنًا، لنرى… كان لدينا 24 زجاجة في البداية، وحصلنا الآن على 14 إضافية.”
بالتالي، وصل العدد الإجمالي إلى 38 زجاجة من الإكسير الأسود، وهو ما جعله يشعر وكأنه يعيش حلمًا.
“كما ترى، هناك 38 زجاجة.”
أضاف المرشد بسرعة ملاحظة:
“أنا لا أطمح إلى الكثير، لذلك أرجو منك…”
“عد أدراجك.”
“ماذا؟”
رفع المرشد رأسه بتعجب وهو كان يستعد للتوسل من أجل حياته.
“اترك نصف الكمية، وعد بالباقي. من الآن فصاعدًا، لن تكون لديك القدرة على إرشادنا.”
إذا ظهر أربعون من حاصدين الارواح في الوقت نفسه، فهذا يعني أنه كلما اقتربوا من “الجحيم” سيكون هناك المزيد من الأعداء. كان من الأفضل للمرشد أن يتخلى عن طمعه عند هذه النقطة، وكان غولد قد حسب أن نسبة الـ 50% ستكون عبئًا كبيرًا مع ازدياد كمية الإكسير.
‘اعود؟ هل هو جاد؟’
ربما كان جادًا، فلم يكن من المتوقع أن يخونه أشخاص أقوياء يمكنهم قتله متى شاؤوا. مع زوال أكثر الأمور رعبًا، بدأت أفكار المرشد تدور بسرعة. سيعود إلى الوطن بـ 19 زجاجة من الإكسير الأسود، ما يعني أنه سيتمكن من العيش بحرية لثمانية وثلاثين عامًا يفعل فيها ما يشاء.
‘أو ربما من الأفضل أن أستخدم 10 زجاجات من الإكسير الأسود لإنشاء مجتمع خاص بي، حينها سأستطيع أن أعيش حياتي بترف إلى الأبد.’
لكن مع أن عقله كان يفكر بهذه الطريقة، إلا أن قلبه كان مترددًا. إذا أسس مجتمعًا، فسيبقى معه 9 زجاجات فقط. ولكن يا له من شعور مزعج أن يكون لديه 19 زجاجة ويخسر 10 منها. كان الرقم المتبقي، 9 زجاجات، يبدو غير كافٍ لحياة طويلة آمنة.
‘أوه، لو كان لدي زجاجة واحدة إضافية فقط لأصبحت الأمور مثالية. 10 زجاجات تبدو مثالية، فلماذا يجب أن تكون 9 فقط؟’
/سانجي : الطمع الطمع… هو كان راضي لو حصل اكسير واحد وقبل قليل كان مستعد يتخلى عن بعضهم لكن الآن طمع بواحدة حتى/
اختفى الشعور بالرضا الذي شعر به حينما حصل على زجاجة واحدة من الإكسير الأسود أمام الطمع الذي تملكه بعد الحصول على المزيد.
‘نعم، زجاجة واحدة إضافية فقط. على أي حال، العودة الآن سيكون خطرًا كذلك.’
كان يعرف الطرق التي تقل فيه احتمالية ظهور حاصدين الارواح، لكن البيانات لم تكن دقيقة بنسبة 100%.
“كيف تفسخ العقد هكذا فجأة؟ لا يمكنني الانسحاب بهذه السهولة. سأرشدك إلى “الجحيم”.”
نظر غولد بتمعن إلى عيني المرشد. كانت نظرة مليئة بالإصرار، وكأنه يلتقط آخر فرصة في حياته.
“هاها، نعم، إن كان المرء رجلًا حقيقيًا فيجب أن يسعى لفرصة كبيرة. قُدنا إذن.”
“كلامك صحيح تمامًا.”
نهض المرشد بسرعة وأخذ يتقدم في الطريق، متفقدًا حقيبته المملوءة بالإكسير الأسود، وتذكر كلمات والديه في صغره:
‘عندما تأتي الفرصة، عليك أن تستغلها.’
#4. الصدمة الحيوية
“لقد انتهينا. انهض من فضلك.”
خلع شيرون وفلور الجهاز الذي يشبه النظارات، ونهضا من السرير.
كانا في الحجر الصحي لمدة 7 أيام، حيث كانا يخضعان لفحص جسدي مرة واحدة يومياً، واليوم كان موعد قياس موجات الدماغ.
“لا توجد أي مشاكل حسب رأيي. سيتم رفع إجراءات الحجر اعتباراً من الآن، ويمكنكما العودة إلى السكن.”
زفر شيرون بارتياح.
لقد انتهت أخيرًا تلك الفترة من المراقبة الصارمة التي حالت دون الذهاب إلى الحمام براحة.
خرج شيرون وفلور من غرفة الفحص وتوجها معاً إلى السكن.
وبعدما كان شيرون حذراً في كلامه طيلة الفترة، تحدث أخيرًا.
“أليس غريبًا؟ لماذا يقومون بفحصنا بهذه الدقة؟”
كان من الواضح منذ البداية أن عدوى المرض غير المحدد ليست سوى ذريعة.
ومع ذلك، لم يظهر ذلك للعلن لأنه لم يرغب في فقدان فرصة توجيه ضربة مضادة في موقف يديه مقيدتان فيه.
“أنا أيضاً أستغرب ذلك. حتى موضوع دمج الثوار الذي تم الاتفاق عليه لا يزال متعثراً. ربما الآن بعد رفع الحجر ستحدث بعض التغييرات. سأحاول معرفة شيء بينما تركز أنت على الأنشطة الخارجية.”
“هل يجب أن نقوم بذلك فعلاً؟ ربما يكون الأمر لا علاقة له بنا على الإطلاق.”
مهمة فريق شيرون الأساسية هي توحيد الثوار.
حتى لو كانت هناك أسرار لدى رايسيس، طالما أن الأمر يتعلق بشؤون القيادة الداخلية، فلا داعي لتحريك المشاكل دون سبب.
‘لا، لا بد من وجود شيء ما.’
خلال فترة الحجر الصحي، كانت المعلومات الخارجية محظورة بشكل صارم، لكن التغييرات الطفيفة التي لاحظتها أثناء الذهاب والإياب إلى غرفة الفحص جعلتها تشعر بعدم الارتياح.
‘يجب عليّ التحقيق، دون أن أثير الشكوك.’
ألقى أحد أفراد جنس النورديين نظرة خاطفة على فلور أثناء مروره في الممر.
—
دخلت رايسيس إلى المختبر السري في القيادة الثانية.
كانت ترتدي عباءتها الحمراء المعتادة، وبدت حالتها النفسية مرتفعة للغاية.
“هل أرسلت الشيء الذي طلبته من جماعة الظلام؟”
“نعم، يتم تفكيكه الآن. تحققِ بنفسكِ.”
كان هناك على طاولة التجارب قطعة لحم رمادية اللون ذات جلد سميك مغطاة بمادة لزجة.
وعلى الطاولة المقابلة كان الجزء الذي يمثل وجه ذلك الكائن مستقرًا.
عند رؤيتها للأنف الطويل الشبيه بالثعبان والأسنان الحادة مثل الشفرات داخل الفم الدائري، ارتجفت رايسيس من السعادة.
“إنه هو حقاً. أخيراً حصلت عليه.”
كائن إيزيرمونغ الطفيلي.
كائن ينتمي إلى رتبة الصيد A في الجنة، يمتلك خاصية “التعارض” التي تمكنه من تقييد أي كائن غير منتمٍ لنوعه.
يمكن القول بأن هذه قدرة مضادة للقوانين، وهي ظاهرة يعتقد أنها تنبع من الآليات الفريدة للكوكب الأم الذي يعيش فيه إيزيرمونغ.
“لقد استهنت بجماعة الظلام كثيراً. إيزيرمونغ؟ حصلوا عليه بسرعة أكبر مما توقعت.”
“أجل، لقد فوجئت أيضاً. حتى جنود النخبة في القيادة لم يتمكنوا من التغلب على خاصية التعارض.”
“ربما وجدوا طريقة للصيد أو استأجروا شخصاً ماهراً. قد تكون الاحتمالان معاً. على أي حال، لنبدأ الآن. شغلوا آلة “فيوزيكس”.
/سانجي : أرمين والشباب شغالين بالصيد/
كان في المكان جهاز يتوسطه أنبوب زجاجي بارتفاع 4 أمتار، ويوجد في كل زاوية من الثماني زوايا المحيطة به كرة زجاجية ضخمة.
جهاز خلط الكائنات “فيوزيكس”.
يستخدم هذا الجهاز لدمج نوعين أو أكثر من الكائنات، لإنتاج كائن جديد بخصائص مركبة.
“يجب تعزيز إيزيرمونغ بأي ثمن.”
كائن إيزيرمونغ يمتلك قدرات مميزة بذاته، ولكن عند دمجه مع خصائص أخرى تستفيد من قدرة “التعارض”، يمكن أن يتحول إلى سلاح مثالي.
“قدرة “التعارض” التي يمكن أن تقيد أفعال الملائكة. إذا لم يكن له هذا التأثير فلن يكون مفيداً في الحرب.”
بعد إذابة مختلف الإكسير بنسب مثالية، تم إضافة إكسير أسود، وبدأ سائل أسود رقيق بالانسياب عبر الأنابيب.
كان هذا السائل يُعرف بـ “بلازما”، وهو مادة تذيب الكائنات العضوية وتستخلص معلوماتها الجينية الفريدة.
عندما يُدمج هذا السائل مع بلازما آخرى ويُحفز كهربائياً، يُخلق كائن جديد يحتوي على خصائص الكائنين المدمجين، وهي نفس الآلية المستخدمة في تقنية “الإحياء”.
ولكن بما أن هذه التقنية لا تقتصر على البشر فقط، فإن احتمالات الفشل تزداد مع زيادة أنواع الكائنات المستخدمة.
وهذا هو السبب في اهتمام رايسيس بشيرون، فبفضل قوته الذهنية كنيفيليم، يمكن أن يساهم في التحكم بمتغيرات الاندماج بين الأنواع.
“قائدة، البلازم الخاص بإيزيرمونغ جاهز.”
أضاءت عينا رايسيس بفرح وهي تنظر إلى البلازم المتماوج داخل الأنبوب.
ورغم أن الرائحة الكريهة كانت تملأ المكان، إلا أن هذه الرائحة كانت بمثابة العطر الأعذب بالنسبة لها.
‘سأواصل التطور إلى ما لا نهاية.’
كانت هذه هي مياه الحياة التي ستقودها إلى عرش السَّامِيّن .
___________
شيت الكل يستغلنا…
ترجمة وتدقيق سانجي