الساحر اللانهائي - الفصل 399
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
ادعم رواية الساحر اللانهائي لزيادة التنزيل اليومي
الفصل 399: الوضع سريع التغير -3-
رطم!
بصفعة قوية، فتح “شيرون” باب السكن وأغلقه بقوة مماثلة، ثم اندفع نحو المكتب. كانت الدفاتر التي رتبها بعناية مبعثرة مجددًا. فتح أحدها وقلّب الصفحات بسرعة حتى وصل إلى ورقة بيضاء، ثم جلس وأمسك القلم.
“الجوهر… يجب أن أبدأ بالجوهر. إذن، ما معنى الجوهر؟ آه، صحيح، الجوهر أولاً…”
كان عقله متيقظًا لدرجة أنه لم يتمكن من معالجة جميع أفكاره في آن واحد. ارتجفت يده التي كانت تمسك بالقلم، وكأن هناك من يحاول سرقة أفكاره من عقله.
أولًا، كتب الخطوط العريضة بوضوح. شعر بالراحة، إذ تخلص من خطر النسيان. لكن يده بقيت مشغولة، وبدأ يدمج الأفكار العديدة التي سجلها مسبقًا مع الجوهر.
تحرك رأس القلم كأنه يشق الورق، وكانت الكتابة متسرعة وغير واضحة، بينما تتبعت عينه ما يكتبه دون أن يرمش. بعد النظريات، جاء دور الحسابات. تحقّق “شيرون” من واقعية الأمر باستخدام نظريات بسيطة في الفيزياء.
رغم أن الحسابات الدقيقة تتطلب التحقق من الخبراء، كان يمكنه تحديد إمكانية التنفيذ من خلال صيغ بسيطة. أخيرًا، بعد أن انتهى من الحسابات، وضع القلم بتنهيدة.
في الصفحة الأخيرة، كان هناك رقم يتجاوز القيم التي كان يسعى إليها. حدّق “شيرون” في دفتره بدهشة، وكأنه انجذب إلى تلك الأرقام التي تجاوزت توقعاته، ثم بلع ريقه ببطء.
بغضب، صفع بيديه على المكتب، ودفن وجهه في صدره، مرتجفًا دون أن يتحرك.
“هااااه.”
عندما رفع رأسه مجددًا، لم يظهر على وجهه الحماس الأولي لابتكار سحر جديد.
“حقًا… ان الأمر ممكن.”
لم يكن في مرحلة التأكد التام بعد، لكنه كان يعلم أن هذا الأمر ممكن نظريًا. رغم تعقيد القيود، إذا توافقت الظروف، يمكنه محو “الجنة” من الخريطة.
/سانجي : احس الأمر جنوني وغير منطقي… إخفاء الجنة بكاملها؟؟؟ الأمر كابسط مثال يتجاوز إخفاء قارة كاملة… /
شعر بخوف مفاجئ. كان يرى الأمر مستحيلًا من قبل لدرجة أنه لم يفكر في المضي قدمًا في هذا الاتجاه. رغم أن الهجوم المضاد على “الجنة” قد يُعتبر دفاعًا مشروعًا، لكن المضي فيه كان يفتقر إلى الحكمة.
“لو كنت أعلم عن نوايا إيدر مسبقًا، هل كنت سأتبع نفس الاستراتيجية؟”
كان هذا سؤالًا صعبًا.
لو لم يهاجم “إيدر” “مايا”، ولو كان قد نحّاه بحكم العقل، هل كانت النتيجة ستظل كما هي الآن؟
يقيم السحرة الأمور بناءً على جانبين: الهدف والفائدة. إذا كان “فيرمي” يعتمد على الفائدة، فإن “شيرون” يميل إلى الهدف.
قد تحقق الفائدة نتائج فورية، لكن الهدف يقود إلى مكاسب أكبر على المدى الطويل. لم يكن أحد الجانبين أفضل من الآخر، لكن تدمير “الجنة” كان يميل نحو الفائدة.
“يجب أن أقابل “إيكائيل”.”
لماذا نقلت اليه “أتاراكسيا”؟ هل كانت تعلم أن اختيارها سيتحول إلى سلاح يرتد لتدمير “الجنة”؟
“يجب أن أقابلها مهما حدث.”
أصبح لديه سبب آخر لمقابلتها.
________
تم تجاوز مهام صف التخرج للاسبوع الثاني عشر. رغم أن الطلاب كانوا منشغلين للغاية بلا لحظة للراحة، كان جو المدرسة يعج بالفوضى، بل إن المملكة بأكملها كانت مشوشة.
كان طلاب صف التخرج يمسكون الصحف دائمًا؛ سواءً في المطعم أو في الحديقة، كانوا يتحدثون عن الحادثة المذهلة في جمعية السحر.
“ميكيا غولد”، رئيس جمعية السحر السابق، مطلوب بتهمة الخيانة.
قرأ “شيرون” العنوان الكبير في أعلى الصحيفة عدة مرات، ثم ركز على المقال.
تحدث المقال عن محاولة اغتيال الملك “أدولف الثاني عشر” قبل عشرة أيام في “تيروميا”.
لم يكن “أدولف” طاغيةً، وكان يحظى بشعبية في “باشكا”، مما جعل الخبر صادمًا. لكن الأكثر صدمة هو أن الشخص المتهم بترتيب الاغتيال كان “ميكيا غولد”.
تنافست الصحف لنشر الأدلة المتعلقة بالقضية. ومن بين الأدلة أن “ميكيا” انقطع عن الجمعية واختفى قبل يومين من محاولة الاغتيال، ما دعم الشكوك حول تورطه.
كان يمكن سماع أصوات الطلاب الذين دخلوا الحديقة يشتكون.
“حقًا؟ تهمة خيانة؟ ماذا كان يفكر عندما فعل ذلك؟”
“من كان سينكر ذلك؟ كان في الماضي مصدر فخر للمدرسة، ولكنه الآن أصبح وصمة عار. تهمة الخيانة ليست بالأمر السهل على المدرسة، فهي تعرقل مستقبل الطلاب الجدد أيضًا.”
رغم أن ذلك قد قيل في غياب “غولد”، إلا أن “شيرون” لم يستغرب شعورهم هذا. أعاد قراءة المقال. الشخصيات المختفية مع “غولد” شملت قائد حرس الجمعية السحرية “كاندو” وموظفة الطابق الثالث “فلور”.
أسفل الصحيفة كان هناك تقرير عن جلسة الاستماع الطارئة للأمن القومي التي عُقدت بالأمس، حيث عبر أغلب موظفي الجمعية السحرية عن شكوكهم في خيانة “غولد”. الوحيدة التي دافعت عن براءته كانت “إيزابيل”، مديرة مكتبة الجمعية من الدرجة الثالثة، لكنها اعتُقلت فورًا على يد عملاء الأمن القومي وهي الآن مسجونة.
‘الوضع معقد للغاية.’
طوى “شيرون” الصحيفة ونظر إلى السماء. “غولد” خطط للتمرد، ولكن هل هذا ممكن؟ ربما، لكنه تساءل عن السبب. قال “ناد”:
“حتى لو كان ساحرًا من الدرجة الأولى، فإن الدولة تتعقبه الآن. كيف ستكون الأمور؟ لاحظت وجود أشخاص غريبين في المدرسة. “ييروكي”، هل لديك فكرة؟ يصل إليك الكثير من الرسائل من والدك.”
بالنظر إلى سمعة وقوة والد ييروكي ، فمن المحتمل أنه يمتلك معلومات دقيقة. لكن “ييروكي” هز رأسه.
“قال والدي إن الوقت ما زال مبكرًا، ولن يكتب شيئًا حساسًا في رسالة. هؤلاء الأشخاص كانوا على الأرجح من جهاز الأمن القومي، سيبحثون في كل مكان قد يلجأ إليه “غولد”.”
نظر “ييروكي” إلى “شيرون”، كان يعلم أن الأخير زار الجمعية السحرية في فترة الإجازة، وشعر بأن هناك شيئًا مخفيًا.
“شيرون، هل تعلم شيئًا؟”
“…….”
التزم “شيرون” الصمت، خاصةً في هذا الوضع. إذا كانت “إيزابيل” قد اعتُقلت، فهذا يعني أن حتى أصدقائه قد يكونون في خطر.
‘ما الذي يحدث؟ لماذا تبدو الأمور بهذا التعقيد؟ هل كان “غولد” يحاول فعلًا اغتيال الملك؟’
لم يكن الأمر منطقيًا. بعد 20 عامًا من التحضير، اقترب مشروع “غولد” من التنفيذ. ربما يتضمن المشروع اغتيال الملك، لكن فشله بهذه السهولة كان مفاجئًا.
‘وفقًا للصحيفة، كان “غولد” يظهر مواقف عدوانية، حتى أنه أهان الملك أمام دبلوماسيين من دول أخرى. ورغم ذلك، حافظ على منصبه كرئيس الجمعية. كانت هناك حالة من التوازن بينهما، فلماذا انكسرت الآن؟’
بدت الأحداث وكأنها تطورت بشكل مفاجئ، وبدأ “شيرون” بالتفكير في الماضي.
‘إذا كان “غولد” قد قضى 20 عامًا في هذا المشروع، فلابد أن المعلومات بدأت تتسرب مع اقتراب الوقت. ربما بدأ أحدهم في محاولة عرقلة الخطة.’
إذا كان ذلك صحيحًا، فقد أصبح الموقف حرجًا.
“شيرون” كان جزءًا من مشروع “غولد”، وإذا توغلت الدولة في البحث، فقد يُكشف اسمه.
‘من يقف وراء ذلك؟ مملكة “تورميا”؟ أو جهة أخرى؟ ما الذي يعرفونه؟ ومتى ستكشف الأمور؟ ماذا يجب أن أفعل؟’
“……شيرون. شيرون.”
عاد “شيرون” إلى الواقع، ليجد “ييروكي” ينظر إليه.
“ماذا؟”
“فيما كنت تفكر؟ هل أنت بخير؟ تبدو شاحبًا.”
نظر “ناد” إليه بقلق.
“هل هناك شيء تود التحدث عنه؟ نعرف أنك تواجه صعوبة في تحمل ذلك بمفردك، لكننا هنا لدعمك.”
لم يكن “شيرون” يستطيع الإفصاح عن شيء. إفصاحه قد يورط أصدقاءه.
“آسف، سأخبركم بكل شيء لاحقًا.”
لم يشعر “ييروكي” بخيبة أمل؛ كان يعلم أن “شيرون” ليس غبيًا، ولو كانت الأمور قابلة للحل، لكان تحدث بالفعل.
“حسنًا، سنتركك. لكن لا تكن عنيدًا، حياتك هي الأهم. إذا أصبحت الأمور خطيرة، سأتصرف.”
كان تطمين “ييروكي” مريحًا بالنسبة لـ “شيرون”، خاصةً أن عائلته تمتلك شبكة واسعة من المعلومات.
“شكرًا. سأكون بخير. سأعود إلى السكن الآن، لدي بعض الأمور لأفكر فيها.”
نهض شيرون ببرود، لكن مشاعره كانت مختلفة في داخله. كان ممتنًا لوجود ييروكي وناد، وفي أسوأ الأحوال، لن يتخلى إيمي وريان عنه أيضًا.
حتى لو حدث له مكروه، كان هناك من يستطيعون حماية عائلته التي يحبها.
وكان ذلك كافيًا ليشعر شيرون بالرضا.
_________
مع حلول الصيف، أصبح هطول الأمطار متكررًا.
كانت الصباحات مشمسة، لكن الطقس المتقلب كان يجلب المطر في أي وقت.
هكذا جاء موسم الأمطار المبكر.
في منتصف الليل، وقف شيرون أمام النافذة، يراقب المطر الهاطل بغزارة.
مر ثلاثة أيام منذ اعتقال إيزابيل، لكن الأخبار حول غولد ما زالت غامضة.
كانت الصحف تضخم الأحداث وتكتب مقالات أكثر إثارة، مما جعله يبدو كعدو عام.
أولئك الذين يُعتقد أنهم من جهاز المخابرات لم يعودوا يظهرون. لكن قد يكونوا فقط يختبئون.
كان الجدول الدراسي يسير بشكل طبيعي، لكن حماس الطلاب كان واضحًا أنه انخفض بشكل ملحوظ.
ربما كانوا يشعرون بالإحباط لأن أفضل ساحر في المملكة، رئيس جمعية السحر، قد انتهى به الحال بهذه الطريقة البائسة.
‘هل إيزابيل بخير؟’
حسب معرفته، لم تكن إيزابيل من الحرس الخاص لغولد.
إذًا هل كانت تدافع عنه في الجلسة فقط من باب الوفاء؟
أم أن هناك شيئًا لم يكن يعرفه؟
استعاد في ذاكرته وجهها الجميل حينما شرحت له خوارزمية توجيه الليزر بلطف.
وتذكر أيضًا كيف كانت تضع خاتم كيوبريك في إصبعه وتشرح له طريقة استخدامه في آخر يوم.
نقرات خفيفة.
شعر قلب شيرون بالارتباك عند سماع طرقات على الباب.
لقد تجاوزت الساعة منتصف الليل.
في هذا الوقت، حتى المعلمون كانوا في فراشهم، ولم يكن هناك سبب يدعو أحدًا لزيارته.
نقرات خفيفة.
دخل شيرون في منطقة الروح، ليحاول ألا يلفت انتباه الشخص خلف الباب، ويقلص مساحة تأثيره.
تقدم بهدوء نحو الباب دون أن يصدر صوتًا، ولم يسمع صوت أي شخص غير معروف.
“من هناك؟”
عدم الرد يعني بالتأكيد أن الطارق ليس صديقًا، فلو كان كذلك لأرسل إشارة ما.
إذا كسر الطارق الباب، سيهرب عن طريق الانتقال الآني. كان هذا هو الإجراء الوحيد الذي ظل يتذكره وهو يقترب أكثر.
أخيرًا، عندما وصل إلى الباب، نظر من خلال الفتحة.
كان وجهه مشدودًا من التوتر، لكنه فجأة بدت عليه الصدمة، فأمسك بمقبض الباب وفتحه بسرعة.
“اختي؟”
كانت فلور تقف هناك، تمسك بكتفها المصاب.
بدت مستنزفة، بشرتها شاحبة وشفتيها مرتجفتان بلون أزرق. كان واضحًا أنها قد عانت كثيرًا.
كانت ملابسها ممزقة، ولم تكن ترتدي ملابس داخلية، مما جعل بشرتها الرطبة تبدو واضحة من خلال القماش الرقيق المبلل.
العنصر الوحيد الذي بقي كما هو كان نظرتها السحرية من وراء نظارتها.
“شيرون…”
ظهر شعور بالارتياح على وجه فلو لفترة وجيزة، لكنها لم تكمل كلامها وسقطت في حضن شيرون.
“اختي. اختي.”
احتضنها شيرون ونقلها إلى السرير، ثم تأكد من عدم وجود أي شخص في الممر قبل أن يغلق الباب بهدوء.
عندما عاد إلى السرير، كانت فلور قد جلست. كانت تغطي صدرها بذراعيها كنوع من اللباقة، لكن ملامح وجهها الجادة لم تُظهر أي إحساس بالخجل.
فكر في تحضير شاي دافئ، لكن لم يفعل شيئًا في النهاية.
هربت من باشكا إلى مدرسة الفياس السحرية.
وحقيقة أنها جاءت إلى شخص ضعيف مثله تعني أن الوضع كان أسوأ بكثير مما كان يتصور.
“اختي! ماذا حدث؟ كنت قلقًا عليكم!”
كان لديه العديد من الأسئلة، لكنه لم يعرف من أين يبدأ.
بدت فلور وكأنها تختار كلماتها بعناية، لكن ملامح وجهها بدأت تتغير بالحزن.
“السيد كاندو… لا، كاندو…”
نظرت فلور ببطء نحو شيرون، وبدأت دمعة تتسلل على خدها من عينيها الحادتين اللتين كانتا قادرتين على اختراق الفولاذ.
“كاندو خاننا.”
_____________
سانجي : يا ابننن الكلبب وانا حزنت في البداية حسبتك متت أو ضحيت..
واخيرا اقتربنا من الارك المنتظر
ترجمة وتدقيق سانجي