تحدي السقوط - الفصل 10
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
– الفصل 10 – استعدادات
استيقظ زاك في صباح اليوم التالي وهو يشعر بالألم، لكن جروحه كانت قد التأمت بوضوح أكثر. لم يعد يؤلمه كثيرًا أن يحمّل وزنه على ساقه المصابة، بل أصبح قادرًا على لفّ جذعه دون أن يندلع ألم حارق.
غير أن الرائحة داخل العربة كانت تزداد سوءًا، وكان يعلم أنه لا بد من معالجة الأمر إن كانت ستصبح قاعدته في المستقبل المنظور. جمع أغطية السرير الملطخة بالدماء التي نام عليها عندما فقد وعيه من شدة جراحه، ووضعها في كيس قمامة. لكنه لم يجرؤ على رميه خارجًا بعد، خشية أن تجذب رائحة الدم الوحوش.
أمضى ثلاثين دقيقة أخرى في تنظيف معظم الدم باستخدام بعض المنظفات، فتحولت العربة من موقع يبدو كأنه حفلة مصاصي دماء إلى مخبأ قاتل متسلسل. كان الدم قد لوّث عدة أماكن بشدة، لا سيما حول منطقة الطعام، ولم يكن شيئًا يمكن إصلاحه على المدى القريب. على الأقل، أصبحت الرائحة أفضل بكثير.
وأخيرًا قرر إهدار بعض الماء لأخذ حمام سريع في حمام العربة، رغم محدودية المياه. وبعد فرك مكثف لإزالة الدم المتيبس على جسده، زالت معظم الأوساخ.
خرج من الحمام وارتدى طقمًا آخر من الملابس، شاعِرًا وكأنه رجل جديد. وأثناء الاستحمام، لاحظ أيضًا أنه بدا وكأنه أصبح في لياقة أفضل فعلًا؛ فقد اختفى معظم بطنه، وبدا أن عضلاته، إن لم تكن أكبر، فهي أصلب وأكثر تماسكًا من ذي قبل.
يبدو أن الإحصاءات كان لها تأثير على مظهره الجسدي.
تمنى في نفسه ألا يؤدي ازدياد الذكاء إلى تضخم رأسه أكثر فأكثر، متخيلًا مدى السخافة التي سيبدو عليها ذلك.
بعد فطور سريع، أصبح جاهزًا أخيرًا للخروج وفق الخطط التي وضعها بالأمس بعد تصفحه للمتجر. كانت هناك مجموعة مذهلة من الخيارات عند بناء مخفر، حتى مع كون معظم الخيارات معطلة.
كثير منها كان قادرًا على فهمه، أو على الأقل استنتاج الغرض منه، بعد عمر قضاه في لعب ألعاب الفيديو. كانت هناك مبانٍ مثل نُزُل، و ورشة حدادة، وأنواع مختلفة من المتاجر، وبنك، وغير ذلك.
غير أن معظم هذه الأمور كانت تتطلب وجود مدينة. وكان هناك أيضًا شيء هو متحمس جدًا للحصول عليه: جهاز النقل الآني. لو بناه، فقد يتمكن من الانتقال فورًا إلى مدينته الأصلية.
لكن كان هناك جانب محيّر في المباني، وهو أنه غالبًا ما وُجدت مئات النسخ من المبنى نفسه، خصوصًا المباني التجارية. ورغم أنها تؤدي الوظيفة ذاتها، فإنها كانت بتصاميم مختلفة، مع فروق طفيفة في الوصف.
وبعد مدة، لم يستطع إلا أن يستنتج أن هذه الخيارات المختلفة تمثل فصائل أو كواكب مختلفة. بدا أن إنشاء متجر لن يستحضر كائنات على نمط الشخصيات غير القابلة للعب، بل سينقل أشخاصًا من كواكب أخرى أو من شركات عابرة للمجرات.
كما أن عددًا هائلًا من المباني الداعمة كان قادرًا على تحسين الهجوم أو الدفاع، أو تحسين المدينة بطرق أخرى. بل بدا أن هناك نوعًا من مرافق التدريب القادرة على تحسين نقاط الإحصاءات تدريجيًا دون رفع المستوى. ولو كان الأمر ممكنًا، لانطلق زاك في جولة تسوق محمومة، لكنه أدرك سريعًا الحقيقة القاسية: ما يقارب عشرة آلاف عملة وصل لن تكفي إلا لشراء عدد قليل من أبسط المباني.
كان بحاجة إلى استكشاف المزيد قبل إنفاق العملات القليلة التي يملكها.
كان زاك قد رأى تلًا في اليوم الذي أُجبر فيه على الخروج لجمع الحطب، وخطط لتسلّقه من أجل الحصول على تصور أفضل للمكان. مرتديًا ملابس نظيفة وممسكًا بفأسه الموثوق، انطلق مجددًا إلى الغابة.
وسرعان ما وصل إلى التل، فانحنى لئلا يُرصد من أي تهديد محتمل. لحسن الحظ، كان التل مليئًا بالشجيرات الكثيفة، بل وحتى شجرة طويلة في القمة، ما وفر قدرًا من الحماية. وللأسف، لم يكن التل مرتفعًا بما يكفي ليمنحه نظرة شاملة على المحيط، إذ ظلت تيجان الأشجار الأكبر تحجب الرؤية نحو الداخل. ومع ذلك، تمكن من رؤية عربته، وكذلك ما وراءها عبر المحيط.
كان يريد معرفة ما إذا كان بالفعل على جزيرة، أو إن كان النظام قد نقل أي نوع من الحضارات إلى الجوار. سيكون من الجنون أن يعيش كمتنقل منعزل في العربة بينما توجد مدينة على بعد بضعة كيلومترات فقط.
لوّح بالفأس وغرسه قليلًا في الشجرة، ثم بدأ بتسلّقها للحصول على موضع أفضل للرؤية. اندهش زاك مرة أخرى من تحسّن بنيته الجسدية نتيجة ازدياد إحصاءاته. شعر وكأنه قرد جيبون، يجرّ نفسه إلى الأعلى عبر الأغصان بذراعيه بسهولة شبه تامة، وهو أمر كان مستحيلًا في الماضي.
وبعد وقت قصير، أصبح قريبًا من قمة الشجرة، وخشي أن يتابع الصعود أكثر، إذ بدت الأغصان غير قادرة على تحمل وزنه. ونظرة سريعة حوله أكدت مخاوفه للأسف.
بدا إلى حد كبير أنه على جزيرة لا تظهر فيها أي حضارة. ومع ذلك، لم يكن متأكدًا تمامًا، إذ كانت هناك جبال في البعيد. لم تكن عملاقة، لكنها كانت كبيرة بما يكفي لتحجب الرؤية كليًا عما وراءها. كان من الغريب وجود جبال شديدة الانحدار بمحاذاة المحيط مباشرة، لكن زاك افترض أن هذا ما يحدث عندما يضغط النظام زر العشوائية عند إنشاء عالم.
الخبر الجيد أن هناك يابسة مرئية في البعيد، لكنها بدت كجزر متناثرة أكثر من كونها كتلة أرضية واحدة متصلة.
الجزيرة —كما قرر زاك أن يسميها حتى يثبت العكس— التي كان عليها كانت هائلة الحجم، ولم يكن قادرًا على تقدير مساحتها بدقة. كان هو وعربته عند طرفها البعيد، بينما كان الشعاع الأحمر المتوهج دائمًا يقع تقريبًا على الجانب المقابل، في وادٍ يقع في منتصف المسافة بين مركز الجزيرة والجبال. وخمّن أن سبب مواجهته لكلب عفريت واحد فقط حتى الآن هو أن معظمها يظهر متناثرًا حول التوغّل نفسه.
لم يكن لدى زاك وقت لتحليل الوضع أكثر. إذ انفجر غصن عند أطراف مجال رؤيته فجأة بالحركة، وكان عنده في لحظة. وقبل أن يتمكن من التكيّف مع الموقف، كانت أفعى بنية قد التفّت بعدة لفّات حول جذعه، ولم تترك له حرًا سوى الذراع التي كان يستخدمها للتشبث بالشجرة. بدا طول الأفعى أكثر من ثلاثة أمتار، وكانت أكثر سمكًا بقليل من ذراعه.
شعر فورًا بضغط هائل على صدره، خرج الهواء من رئتيه، وصرخت جروحه الجانبية احتجاجًا. شدّ زاك بكل ما أوتي من قوة حتى احمرّ وجهه من الجهد، لكنه لم يتمكن من تحرير ذراعه المحاصرة على الإطلاق.
كانت الأفعى قد أمسكته كالكماشة، وحتى مع قوته المحسّنة، لم يستطع الإفلات. ارتفع رأسها ببطء نحو رأسه وهي تُطلق فحيحًا.
كاد الهواء يُعصر تمامًا من رئتي زاك، وبدأ وعيه يتشوّش، وتراقصت الأضواء في مجال بصره. أدرك زاك أن وقته ينفد. حان وقت الرمية الأخيرة. فجأة أفلت الشجرة بيده الحرة، وأمسك برأس الأفعى الخانقة، وضربه بكل ما استطاع جمعه من قوة في جذع الشجرة.
كان للاصطدام تأثير واضح على الأفعى، إذ خففت قبضتها عنه قليلًا. ومع قوة جديدة استمدها من نفس متقطع، حطّم زاك رأس الأفعى مرتين أخريين في الشجرة بشراسة أكبر.
لكن في اللحظة التي شعر فيها زاك بنشوة النجاة من قبضة الموت، أحس بالغصن الذي كان يقف عليه ينكسر، ليسقط هو والأفعى —ولا تزال ملتفة حوله— سقوطًا مدويًا نحو الأسفل.
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.