كتاب الموتى - الفصل 36
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 36 : في الشقوق
لم يستطع فعل ذلك، لم يقدر. لم يكن هناك الكثير مما يمكنه فعله، لكنه بذل قصارى جهده لدفن سيلا على بعد مسافة قصيرة من موقع وفاتها. حتى بمساعدة هياكله العظمية، استغرق الأمر ساعات لنقل ما يكفي من التراب، ليس وكأن أيديهم العظمية كانت ذات فائدة تذكر. بمجرد حفر الحفرة بعمق كاف بحيث حكم على أن الزبالين لن يحاولوا نبشها، أمسك بجسدها بفضاضة ووضعه في الحفرة.
شعر بالسوء حيال ذلك. كما لو أنه لم يكن يعامل رفاتها باحترام كاف، ولكن كل ما جعلها الشخص الذي كانت عليه فقد راح، كل ما تبقى هو قشرة فارغة. كان هو أفضل عارف بحقيقة بما يا يتبقى بعد الموت. ومع ذلك، حاول ترتيب جسدها ببعض مظاهر النعمة والكرامة قبل أن يجرف الأرض الناعمة فوقها، ويغطي تعبيرها المليء بالرعب والألم بالتربة الخصبة.
تم غرص عصا بسيطة على رأس القبر لتمييزه، فهو لم يكن ذا براعة لتصميم أي شيء ذا زخرفة.
مكملًا عمله وقف لمدة طويلة صامتًا ينظر إلى ما فعله، ويفكر في الشخص المستلقي أمامه الآن على عمق عدة أقدام تحت التربة الرخوة. ثم شد عزمه وابتعد، كان لديه أشياء للقيام بها.
لم يستطع إقناع نفسه باستحضار سيلا كخادم، وتجريدها من لحمها والاستفادة من عظامها، لكن الآخرين كانوا قصة مختلفة. كان من الغباء البقاء في هذه المنطقة لفترة أطول عندما كان من الواضح أن هناك ريفكين قوي يحوم بالأرجاء، لذا لم يكن براغب في البقاء لفترة أطول مما سمح به حظه.
وجد فرعين ذات أوراق كثيفة وقام بتكديس الأربعة جثث عليهما. حتى بعد تجريدهم من دروعهم، كانوا لا يزالون ثقيلين جدا بالنسبة له دون مساعدة أتباعه. إن مساعدة هياكله العظمية في السحب جعل العبء على ذراعيه أخف، لكنه أيضا زاد العبء على سحره، مما أجبره على التوقف والراحة قبل أن يقطع حتى منتصف الطريق إلى مكان راحته.
أمسك بواحدة من إمداداته المتناقصة من الكريستالات السحرية ووضعها في فمه ممركزًا إياها تحت لسانه للمساعدة في استعادة طاقته بشكل أسرع. أراد أن يبتعد عن الشق بأسرع وقت ممكن. من الواضح أن الأمور كانت تتدهور بشكل أسرع مما كان يتوقع.
بعد نصف ساعة شعر بأنه مستعد للمحاولة مرة أخرى وهذه المرة تمكن من العودة إلى المنزل ذو الطابق الواحد قبل أن ينهار، ملقيًا الأطراف السميكة للفروع على الأرض مما تسبب في تدحرج الأجساد الأربعة بفضاضةٍ على التراب. لم يهتم، كان مرهقا جدًا. ذراعيه تهتز من التعب شرع في فتح حقيبته وسحب بعض المؤونة بشكل يائس لإعادة بعض الطاقة إلى جسده. ثم جلس على بطانياته ليدرس ملاحظاته على احياء الموتى، لتحديد التحسينات والتغييرات المحتملة للرموز السحرية المستخدمة في التعويذة.
حاول إقناع نفسه بأنه كان يستفيد من وقته بشكل جيد لكنه في أعماقه كان يعلم بأنه كان فقط يتجنب ما سيأتي بعد ذلك.
إذا أراد من الجثث الأربع التي استعادها أن تتحول إلى هياكل عظمية، فيجب أن تكون هياكل عظمية بالمعنى الحرفي. مما يعني أنه لا يمكن أن يكون لديهم أي لحم على أجسادهم.
كان يعلم أن هذا هو الحال عندما أخذ مهارة الجزارة. لن يجعله امتلاك المعرفة الأساسية بها مرغوبًا به للفرق المحتملة فحسب، بل إن امتلاك المهارة من خلال أحد اختيارات مهاراته العامة الثمينة سيساعده على التحسن بشكل أسرع. كفائدة ثانوية، سيكون قادرا على إعداد الجثث بالطريقة التي كان يخطط لها بالضبط، ولكن الآن بعد أن وصل الأمر إلى ذلك، كان أكثر تقززًا مما كان يتوقع.
تقلبت معدته بشكل غير سار متذوقًا المرارة في حلقه لكنه تجاهلها طالما استطاع ذلك محاولاً الانغماس في دراسة سحره.
كان من المفيد أن إحياء الموتى كانت تعويذة آسرة ومعقدة. مئات العلامات السحرية تتموضع بترتيب دقيق لتشكيل المكون اللفظي، مع علامات إضافية مكتوبة جنبا إلى جنب مع الإيماءات المتناسبة. كانت تعويذة قوية ومرنة، معقدة حقا في تطبيقها، وأصعب بكثير في الأداء والفهم من ذلك السحرالأساسي الذي تمكن من تعليمه لنفسه. مع هذا النمط الواحد، يمكنه إحياء نوعين مختلفين من الموتى، الهياكل العظمية والزومبي، وكان يعتقد أنه مع الإعداد المناسب، سيكون بإمكانه الحصول على المزيد من المتغيرات.
كانت التعويذة نفسها قابلة للتكيف، وتستجيب على حسب الجثث التي تم تقديمها لها، وكان صانع الفرق هو ما فعله مسبقا بدلا من ما فعله أثناء الإلقاء نفسه.
مما أدى إلى ظهور فكرة مثيرة للاهتمام. قد يكون بإمكانه إزالة، أو على الأقل تعديل أجزاء معينة في التعويذة، وتبسيط العملية من أجل تخصيصها في إحياء نوعه المفضل فقط من الموتى. لم يكن لديه أي نوايا لإنشاء أي زومبي في الوقت الحالي، أو حتى في المستقبل، كان استخداما غير فعال لوقته وموارده، وزاد رفضه لذلك نظرًا لاختياراته في الإنجازات. ستتطلب هذه التكهنات تحليلا متعمقا لكل جزء من التعويذة حيث سيحاول تفسير كل شريحة مفردة على مستوى حُبَيْبي.
لم يكن لديه الوقت لذلك الآن، ليس عندما كانت الفوائد مبهمة في أحسن الأحوال أو غير موجودة في أسوأ الأحوال. سيكون من الأفضل له مواصلة محاولاته لتعديل التعويذة من خلال تحسين مكوناتها الرئيسية الثلاثة: العقل الاصطناعي، الارتباط، وضخ السحر من أجل تحريك الجثث.
في الوقت الحالي، لم يكن لديه أي فكرة عن كيفية تحسين العقل، فقد كان معقدا وتضمن العديد من العناصر التي لم يفهمها بالكامل بعد، ولكن تقدمه في تحسين كفاءة الارتباط، بالإضافة إلى تحقيق تشبع أكبر للسحر كان يتحسن باطراد.
أخيرا تنهد وأغلق كتابه. لم يستطع تأجيل ذلك لفترة أطول، بدأ الضوء في التلاشي وإذا لم يبدأ الآن فسيكون الظلام حالكًا للعمل. آخر شيء يريده الآن هو خلق الضوء في العراء وجذب الأنظار إليه في هذه الغابات الخطرة.
من الأفضل له أن يكمل عمله ثم الانتقال مرة أخرى. إذا كان محظوظا، فقد يجد مأوى أفضل يمكنه من خلاله إكمال عمله وإنشاء أحدث أتباعه الأربعة. في الوقت الحالي لن يكون قادرا على الحفاظ على هذا العدد الكبير، ولكن إذا كان محظوظا واكتسب بعض المستويات في فئة مستحضر الأرواح، وربما حتى في فئة الأناثيما، فقد يكون قادرا على الحفاظ على مثل هذا العدد.
مكتفيًا بالملهيات. سار إلى حقيبته وسحب أدوات الجزارة قبل أن يتخلله التردد. بعد توقف مؤقت لشد عزمه، التفت وسار بإتجاه الجثث، التي لا تزال في المكان الذي تركها فيه.
لقد مرت عدة أيام على موت هؤلاء القتلة وقد تخللتهم النتانة بالفعل. ربما كانت ستكون المهمة أسهل إذا كانوا في حالة اضمحلال أكثر، وربما كانوا سيكونوا أقل كأشخاص. لأنه كان بإمكانه التعرف عليهم، القتلة الذين جندوا سيلا وخرجوا من وودس إيدج منذ وقت ليس ببعيد.
شدت يده حول مقبض الساطور بينما كانت معدته تتصاعد.
‘أنا حقا غير مظطر للقيام بذلك.’
للحظة هناك أصابه التردد، حاول بشدة التفكير في خيارات أخرى. بالتأكيد كانت هناك جثث أخرى يمكنه الوصول إليها. إذا نظر حول موقعه الحالي، فقد يكون قادرًا على تعقب البعض. أي شيء وجده في الدورية مع فريق دوڤ كان خارج المعادلة إلا إذا كان يائسًا حقًا. سيستغرق البحث في موقعه الحالي وقتًا. الكثير من الوقت. لقد كان يصطاد حول منزله لمدة يومين ولم يجد شيئًا.
كان عليه أن يفعل ذلك.
بوجه مليء بالخطوط قاتمة، انتقل إلى الجثة الأولى وسحبها إلى البقعة الأرضية الخالية. ثم حفر حفرة من جانب واحد، وبعد لحظة من التفكير، حفر حفرة أخرى باستخدام مجرفة يد صغيرة. كان يعتقد أن الحفرة الأولى قد تكون كافية للتخلص من اللحم عند الانتهاء، لكنه بعض لحظة من التفكير قرر أنه قد يحتاج حفرة أخرى لمعدته.
‘من المحال أن أتجاوز هذا بمعدتي المليئة هاته.’
مع عبوس أخير، أمسك بالسكين وواصل العمل.
*** داخل الأراضي المكسورة ***
“على مقياس من سيء إلى سيء جدًا، ما هي درجة سوء الوضع؟” سأل روجيل وهو يحدق في الشق.
طقطقت البوابات إلى ناغريثين بطاقة لم تكن تمتلكها في المرة الأخيرة التي زاروها. كان حجم وعدد الـ ريفكين الذين كانوا يتجولون أكبر أيضا. والأسوأ من ذلك، في الأراضي الضبابية وراء الصدع كانت هناك جحافل من الـ ريفكين مجتمعة، وتضغط على الحدود بين عالم وآخر.
“نحن بعيدين كل البعد عن سيء جدًا”، قال دوڤ، اسلوبه الاستهتاري المعتاد غير موجود. “لقد كنتم هنا قبل أسبوع فقط وقد ساءت بالفعل إلى هذا الحد؟ عدم استقرار الشقوق آخذ في التصاعد بسرعة. لمعرفة السبب، سنحتاج للمرور إلى الجانب الآخر، لكنني لست متأكدا من أن هذه فكرة جيدة الآن.”
“إذا كنا سنمر، فما هي احتمالات تمكنك من تحديد المشكلة؟” سأله قائد الفريق، وهو لا يزال يدرس الشق البعيد.
“ليس كبيرًا. قد يكون سحري مجاورًا لسحر سحرة الأبعاد، لكنني لا أعرف بقدر ما يعرفون عن الأشياء المهمة. بصراحة؟ في الظروف العادية، أعتقد أنه كان سيتم اسدعاء الـ ستيلارمز بالفعل للمجيء والتعامل مع هذا.”
أومأ المقاتل القوي برأسه بينما استمرت عيناه بالتحرك من تفصيلة إلى تفاصيلة، مع الأخذ في البيئة واستخدام عقود من الخبرة لتصفية المهم من غير المهم. أخيرا أغمض عينيه للحظة وجيزة.
كان فريقه قويا وعلى وشك الترقي، ولكن محاولة المرور واختراق ذلك العدد الهائل أمامه دون أي دعم فهو كمحاولة طلب الموت. تم اعتبار الـ ناغريثين في الطرف الأدنى من عوالم الشق من حيث التهديد، وكان الـ ريفكين الذين خرجوا من الشقوق عادة مخلوقات شبيهة بالحشرات عالية الركبة والخصر والتي يمكن أن تكون مهددة اذا كانت بأعداد كبيرة، ولكنها تفتقر إلى القوة للتعامل مع القتلة الأقوياء. مع حالة الأمور الآن، تمكن الكثيرون من العبور، وأصبح الـ ريفكين الكبار شائعين جدا. طولهم كطول الشخص، أو حتى كطول الحصان في بعض الحالات، كانوا أكثر خطورة بكثير. صعاب القتل وفتاكين، كانت هذه المخلوقات مهددة لدرجة ان حتى أصحاب الخبرة مثل روجيل بحاجة إلى توخي الحذر حولها.
لو خرج الكبيرون حقا، فسيحتاجون إلى الرتب الذهبية للعناية بها، ولم يكن هناك أي منهم على بعد المائة كيلومتر.
“أنت لا تعتقد بأنه سيتم إرسال ماغنين وبيوري؟ حتى لو طلبنا مساعدتهم؟” التفت إلى الساحر وسأل.
تردد دوڤ قليلًا قبل أن يمضي قدما ويبصقها.
“ما يقلقني هو أنهم لن يأتوا، حتى لو طلب منهم ذلك. لماذا قد يخاطرون برقابهم هنا بينما طفلهم الوحيد هارب؟”
“هل سيعارضون الوسم؟” قال روجيل، كما لو قال أنهم سيفجرون الشمس.
“روجيل، إنهم يفعلون ذلك بالفعل.”
ترك الساحر كلماته تستنبط للحظة قبل أن يستمر.
“هل تعتقد بجدية أن طفلهم سيصمد أكثر من يوم أو يومين إذا قرروا البحث بجدية؟ فكر في من نتحدث عنه لثانية واحدة لعينة. إذا أرادوا الإمساك به، فسيتم القبض عليه حينها. ليس لدي أي فكرة عن كيفية ذلك، لكنهم صامدون. كم من الوقت يمكنهم القيام بذلك، ليس لدي أدنى فكرة، لكنهم يفعلون ذلك.”
“هل تعتقد حقا أنهم سيتركوننا هنا لنموت؟”
حتى في الوضع المزري الذي وجدوا أنفسهم فيه، لم يستطع دوڤ إلا أن يضحك.
“ماذا؟ أنت تعرف جيدا كما أعرف أن هذين الاثنين لا يهتمان، ليس حقا. ما فعلوه، فعلوه لأنفسهم. أنا أحترمهم بشدة، لكنني لست أعمى لكي لا أرى الواقع. أنت تعلم أن هذا هو الحال يا روجيل، لا تخبرني بخلاف ذلك.”
أومأ الرجل الأكبر سنا برأسه ببطء وأسند رأسه وفكر.
قال وهو يقف: “دعنا نعود إلى الآخرين”.
تسلل الاثنان ببطء عبر الأدغال حتى وجدا أريل ومونيكا مختبأتين في ظل شجرة مكسورة.
“كيف يبدو الوضع؟” همست مونيكا بعصبية.
أجاب دوڤ: “ملعون”.
ألقت نظرة سريعة على المستدعي قبل أن تحول نظرها إلى روجيل، والحيرة في عينيها.
أكد قائد الفريق بصوته العميق والمدمر: “ملعون حقا. الشقوق تخرج عن نطاق السيطرة، وبسرعة. إذا لم يتم فعل أي شيء، فقد يتمزقون في أقل من أسبوع.”
“أسبوع؟” شحبت مونيكا. “لا يمكنك أن تكون جادا.”
أومأ المقاتل برأسه.
“لقد رأيت هذا الوضع من قبل. بمجرد بدء التفاقم، إذا لم يتم احتوائه على الفور، فسيتصاعد بسرعة.”
“ماذا سنفعل إذن؟” تدخلت أريل. “هل سنجلس هنا على مؤخرتنا أم سنمر لإصلاحه؟”
بدت الكشافة وكأنها متلهفة، ولكن تحت السطح يمكن أن يشعر روجيل بتيار كامن من العصبية التي حاولت إخفائها. كانت خائفة، كما يفترض بأي شخص أن يكون.
نظر إليها مباشرة في العين أثناء حديثه.
“من الخطير جدا بالنسبة لنا نحن الأربعة أن نمر بمفردنا. هذا لن يحدث.”
كرر نفسه بينما بدت أريل وكأنها تتطلع إلى مقاطعته. لكنه حدق فيها حتى تراجعت وكانت مستعدة للاستماع.
“لكننا بحاجة إلى التحرك بسرعة. إليكم ما سنفعله. سننظف هذه المنطقة، ونحاول تخفيف الضغط حول الشقوق قبل أن نعود إلى الحصن ونخرج فرقا متعددة إلى هنا في أسرع وقت ممكن. ثم، مع وجود أعداد كافية، يمكننا الاختراق والمرور لمحاولة مسح الجانب الآخر. يجب أن أحذرك، عدد الـ ريفكين الذين يتسكعون حول الشقوق مرتفع، ستكون معركة صعبة وهذا فقط لتخفيف الشق.”
أومأ دوڤ برأسه للتأكيد.
“لذا سوف نقدم ما بوسعنا، نحافظ على نظافة الوضع ونتبع القواعد. لا يمكننا المساعدة إذا كنا ميتين. هل فهمتم؟”
أشار الآخرون إلى موافقتهم وسرعان ما رسم روجيل خطة للهجوم قبل أن ينفصلوا ويتوجهوا إلى مواقعهم.
منحنيًا خلف حطبة ساقطة، نظر دوڤ إلى المناظر الطبيعية الملتوية للأراضي المكسورة، العاصفة المتشابكة فوقه ليست بغريبة عليه مع خبرة سنوات طويلة كقاتل. لقد عد عقليا الوقت وهو يحظر طقوس الاستدعاء الخاصة به. قبل دقيقة واحدة من مرور الخمسة المتفق عليهم، بدأ في الإلقاء. قد لا تكون موهوبته كموهبة ذلك الطفل اللعين، لكنه كان يعرف هذه التعاويذ كما يعرف راحة يده.
تدحرجت كلمات القوة باستمرار من لسانه وهو يحاول التواصل مع العالم النجمي والعقود التي أبرمها هناك.
كما فعلوا دائما، أجاب شركاؤه وأصدقاؤه على نداءه.
ذئب عملاق لامع تكوّن من على جانبه، يليه ثعبان ذا قلنسوة*١ ملفوف ومتشابك من حول جسده. فوق رأسه، سمع نداء طير قاسي، معلنًا للآخرين عن انتهائه من التحضير.
“اذهبوا ونالوا منهم”، شجع استدعائاته، استجابت الكائنات الذكية من العالم الاخر لكلماته، اندفع الذئب إلى الأمام بسرعة هائلة، أسرع مما يمكن أن تتبعه العين قبل أن يسقط على أقرب وحش ويبدأ في تمزيقه إلى قطع بفكيه القويين.
نظر إليه الثعبان للحظة قبل أن يهسهس بهدوء ويبدأ في اتباع خطى الذئب النجمي بوتيرة أكثر هدوءا. بمجرد أن بلغ التلال المطلة على الشقوق، نهض الثعبان، وتوهجت قلنسوته عندما بدأت مسامير من السحر النجمي النقي بالظهور في الهواء من حوله. لمعت الطاقة في مكانها للحظة قبل أن تنطلق كالشهاب في الهواء، مما أدى إلى ثقب ثقوب في الكيتين*٢ الخاص بكل ريفكين سيء الحظ بما يكفي ليصبح هدفا لها.
شاهد دوڤ أقوى استدعائيه يذهبان إلى العمل من خلال عيون الصقر أعلاه، لكنه لم يستريح على أمجاده. كان الجلوس والسماح لإستدعائاته بالقيام بكل العمل هو الخطأ الأول الذي ارتكبه العديد من المستدعيين الشباب، بمن فيهم هو نفسه. شكلت يداه أنماطا في الهواء أثناء حديثه، مجريًا طقوسًا أخرى.
مع خروج بنية روجيل الضبابية من خط الشجرة، قطع بنصله بسرعة وقوة غير إنسانية لتقسيم وحش كبير بضربة واحدة، بينما قد اكتملت تعويذة دوڤ الثانية.
على ارتفاع مائة متر فوق رأسه، أطلت بوابة بظلالها على الوجود منبعثا منها ضوء أزرق داكن بدا وكأنه يتوسع، ويزحف إلى الخارج مع كل لحظة تتواجد فيها الدائرة المشرقة. البوابة النجمية. لقد أخذه دهرًا لإتقان هذا السحر بعد أن وصل إلى المستوى الأربعين. نظر إليها دوڤ بارتياح عندما بدأت المخلوقات النجمية البرية الضالة بتمرير أنوفها. في اللحظة التي لمحوا فيها الـ ريفكين أدناه، جن جنونهم، وهرعوا لإلقاء أنفسهم على أعدائهم اللدودين كالمتوحشين.
ابتسامة علت محيا دوڤ.
“حان وقت الوليمة!”
{*١ – ثعبان من فصيلة الكوبرا.}
{*٢ – الكيتين أو الشيتين هي مادة فطرية تغطي أجساد الحشرات وبعض الحيوانات.}
~ORANOS~