ما وراء الأفق الزمني - الفصل 724
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 724: الوصول إلى الشمس
بعد تلك الانحناءة الأخيرة، غادر السير غبار الشمس باحترام. لم يخفِ عليه أن الأمير السابع كان يراقبه عن كثب طوال الوقت. ولذلك لم يبذل أي جهد لإخفاء انفعالاته. سواءً كان تردده أو شعوره بالارتياح، فقد سمح لكل ذلك بالظهور بوضوح على وجهه.
بعد أن غادر القصر وابتعد مسافةً، اعتدل وابتسم واتجه نحو منزله. وفي طريقه، كان يُلقي التحية الودية على من يعرفهم.
لم يستخدم قاعدة زراعة العودة إلى الفراغ في مرحلته الثانية كذريعة للغرور. من البداية إلى النهاية، كان يتصرف بلطف وتهذيب. بمجرد دخوله مسكنه، أشعل بعض البخور، ثم جلس على لوحة الغو ليلعب لعبةً خفيفة مع نفسه. إذا دققتَ النظر في عينيه عبر دخان البخور المتصاعد، سترى شيئًا شريرًا بطبيعته. كان أشبه بأفعى مختبئة في بطن خروف!
“في أول يوم لي، ذكرتُ مسألة المرجل للأمير السابع. حينها، لم يُبدِ اهتمامًا… لكن اليوم، استدعاني فجأةً وأعاد طرح الموضوع…”
ابتسم السير غبار الشمس ابتسامة دافئة. كانت هذه غريزته. كلما فكّر في مواقف صعبة، كان يبتسم دائمًا.
“القائد الأعلى وجيشه، مع السحابة المُحلِّقة… فُقِدوا في مقاطعة روح البحر. والآن، يُريدني الأمير السابع أن أذهب لإحضار المرجل…”
أصبحت ابتسامته أكثر دفئًا، وأصبحت النظرة الشريرة في عينيه مخفية بشكل أعمق.
كان يُدرك تمامًا أن الأمير السابع ليس ساذجًا. كان الأمير شابًا، لكنه وُلد في العشيرة الإمبراطورية، ونتيجةً لذلك، تعلّم منذ صغره كيف يكون مُدبّرًا بارعًا. بمعنى آخر، كانت هناك دائمًا طبقاتٌ خفيةٌ تحت طبقات.
“ظاهريًا، يبدو أنه يريدني أن أحصل على المرجل. لكن الحقيقة أنني مجرد بيدق. إنه يستخدمني لاستكشاف مقاطعة روح البحر ومعرفة حقيقة ما يحدث هناك. يأمل أن يستخدمني لمعرفة مصير جيشه المفقود. أما هو، فهو يضع نفسه في موقف الهجوم أو الانسحاب أو الدفاع كما يشاء. وإذا حدث لي مكروه، فيمكنه الادعاء بأنني كنت أتصرف بمفردي.”
ابتسم السير غبار الشمس والتقط قطعةً من اللعبة. ثم، مع أنه لم يحرك ساكنًا، ظهرت قطعتان على اللوحة أمامه.
مع أن هذا قد لا يبدو مُبهرًا، إلا أنه لو كان خبيرٌ آخر في عودة الفراغ حاضرًا، لكانوا قد صُدموا. ذلك لأن هذا الفعل البسيط احتوى على قوانين سحرية سامية في استخدامها لدرجة أنها تجاوزت مستوى تحويل 10,000 حقيقة.
يتكون مستوى العودة إلى الفراغ من المراحل التالية: تحطيم الفراغ بـ1000 داو؛ تحويل 10000 حقيقة؛ 100،000،000 فكرة تقسم السماء؛ 1،000،000،000 سحر مجتمعة.
“أنا حقا أحب الرقم ثلاثة،” همس السير غبار الشمس بابتسامة دافئة.
***
بالعودة إلى مقاطعة روح البحر، في “محظور الخالد” تحت الأرض، فُتح باب قصر العنقاء الكبير. وبينما هو كذلك، ابتلع الظلام كل شيء. لم يقتصر الأمر على أجساد شو تشينغ والزهرة المظلمة، بل اتحدت عقولهما أيضًا مع الظلام. ثم رأوا مشهدًا يتكشف أمامهم لم يكن لديهم أي وسيلة لتأكيد حقيقته.
كانت القاعة واسعة، وخالية وباردة كزنزانة. في وسطها كان هناك تمثال. كان يصور امرأة في منتصف العمر تشبه الزهرة المظلمة إلى حد ما، لكن من الواضح أنها لم تكن هي. كانت ملامح المرأة أنيقة، وكانت تبتسم ابتسامة خفيفة. بدت عيناها رحيمتين، وظهرت تجاعيد حول عينيها. كانت تنظر إلى يديها أمامها.
كانت تحمل في يديها مصباحًا.
بدا لها المصباح كنزًا ثمينًا للغاية. ربما كان أثمنها. كان مصنوعًا من حجر بنفسجي، يشبه زهرة بوهينيا متفتحة. فوق الزهرة، كان طائر عنقاء بنفسجي فاتح جناحيه. كان نابضًا بالحياة.
عند رؤية المصباح، عادت ذكريات شو تشينغ الضائعة إلى ذهنه فجأة. التفت لينظر إلى الزهرة المظلمة، وهو يسترجع الصور التي رآها عنها. تذكر رؤية شابة تقف أمام هذا التمثال تشبه الزهرة المظلمة تمامًا. تذكر أيضًا الباب وهو يُفتح ورجلًا يدخل. تذكر حديثهما. ذلك الرجل… كان ابن الإمبراطور القديم السكينة المظلمة! كل ذلك دخل إلى ذهن شو تشينغ، وأصبح كالصاعقة التي حطمت روحه.
في هذه الأثناء، ارتجفت الزهرة المظلمة وهي تنظر إلى التمثال. كان تعبيرها حزينًا وهي تُفلت يد شو تشينغ وهمست: “في حلمي، كل شيء مظلم باستثناء مصباح. إنه مُطفأ، لكنني أتخيله كزهرة بوهينيا مُزهرة، يعلوها طائر عنقاء بنفسجي. هذا هو نفس المصباح من حلمي. حلمي المُظلم. عالم الحلم هو هذا المكان.”
بدا صوت الزهرة المظلمة فارغًا نوعًا ما، كما لو كان يُسقط على هذه الحياة من سنواتٍ لا تُحصى في الماضي. تقدمت لتقف أمام التمثال. في الوقت نفسه، ظهرت فجأةً نسخة الزهرة المظلمة التي تذكر شو تشينغ رؤيتها.
كانت مجرد وهم، وهي تقف الآن في نفس مكان الزهرة المظلمة الحقيقي، فكانا متراكبين. نظرت إلى التمثال، وعيناها مليئتان بالإعجاب والمرارة.
تكرر المشهد نفسه الذي تذكره شو تشينغ. ظهر الأمير الإمبراطوري، يمشي عبر شو تشينغ ليقف أمام الزهرة المظلمة. كان يرتدي رداءً إمبراطوريًا عليه تنين بأربعة مخالب، وتاجًا إمبراطوريًا بتسع لآلئ. إجمالًا، بدا مهيبًا وقويًا.
قال الأمير الإمبراطوري شيئًا، لكن شو تشينغ لم يسمعه. كل ما رآه هو الزهرة المظلمة تنظر إلى العالم خلف القصر، وعيناها مليئتان بالحزن وتترددان في الانفصال.
هذه المرة، حدث شيء مختلف عن المرة السابقة. استطاع سماع الزهرة المظلمة يتحدث.
قالت بغضب: “لن أرحل! والدي يتخذ قرارًا خاطئًا. إنه يتخلى عن الناس وعن منزلنا. إنه يحوّل السماء إلى أرض مقدسة. ولكن ما فائدة العيش هناك وحيدًا؟ إنه يغض الطرف عن الكارثة التي حلت ببر المبجل القديم فقط لإنقاذ حياته؟ إنه… لا يستحق حتى أن يكون إمبراطورًا قديمًا!”
كلماتها تسببت في خفقان قلب شو تشينغ.
بعد لحظة طويلة، مدّ الأمير الإمبراطوري يده، وكأنه يُحاول إقناعها للمرة الأخيرة. هزّت الزهرة المظلمة رأسها بحزم. في النهاية، أخرج الأمير المُنهك زجاجة بنفسجية ووضع بها بضع قطرات من السائل على المصباح الذي بين يدي التمثال. وضع الزجاجة على الأرض جانبًا، ثم استدار وغادر، ووجهه مُغطّى بالحزن والمرارة.
غادر، وسار عبر شو تشينغ، ثم شق طريقه إلى المسافة.
بعد رحيله، أُغلقت أبواب القاعة ببطء. ساد صمتٌ تامٌّ في القصر. إلا أن لهب المصباح ظلّ مشتعلًا، مُصدرًا صوت هسهسةٍ خافتةٍ وهو يُنير قاعة القصر.
وأضاءت أيضًا وجه الزهرة المظلمة الحزين وهي تقترب من التمثال، وركعت أمامه، وبكت بصمت.
هنا توقفت ذكريات شو تشينغ. لكن أحداثًا أخرى كانت تتوالى.
بدا أن للوقت معنى في هذا القصر. مرّ بصمت، حتى سُمع في الخارج عويلٌ مُريع. انتشر ضوءٌ بلون الدم في كل مكان. صرخ الناس طلبًا للمساعدة.
وقفت الزهرة المظلمة. ظهرت عليها درعٌ وهي تشق طريقها عبر شو تشينغ وتخرج من القصر.
لم يستطع شو تشينغ سوى المشاهدة. مرّ الوقت، وتلاشى الصوت الخارجي. ظهرت الزهرة المظلمة مجددًا. بدت منهكة وضعيفة وهي تشق طريقها ببطء إلى القصر. كان درعها متضررًا ومكسورًا تقريبًا. كانت مغطاة بالجروح. لكنها كانت تحمل رأس سمكة بين يديها. في اللحظة التي رآها فيها شو تشينغ، أدرك أنه رأس الملك الذي كان نائمًا في “محظور الخالد”.
أمسكت الزهرة المظلمة الرأس، ثم سارت عائدًة نحو التمثال. كان وجهها شاحبًا، لكن تعبيرها كان رقيقًا.
قالت بهدوء: “أمي، كل ما استطعتُ فعله هو قطع رأس الملك الغريب مرة واحدة. بعد سنوات، سيستيقظ هنا. ومع ذلك، عندما يستيقظ، لن تكون له شخصية ملك عظيم. بل استخدمتُ اللعنة التي علمتني إياها لأضمن موته الوحشي نفسه في المستقبل. للأسف… لن أكون هنا لأشهد ذلك.”
أرادت الزهرة المظلمة التقاط الزجاجة البنفسجية واستخدامها لإضافة بعض الزيت إلى المصباح. لسوء الحظ، كانت ضعيفة جدًا. في النهاية، كل ما استطاعت فعله هو الانحناء أمام التمثال وإغماض عينيها. طارت أرواحها الروحية. تبددت أرواحها الجسدية. استمر المصباح في الاشتعال، ولكن دون إضافة أي زيت إليه، خفتت النيران ثم انطفأت في النهاية. عاد القصر إلى ظلام دامس. مع انطفاء النار، عاد البرد. التهم الظلام كل شيء.
مرّ الزمن. مرّت سنواتٌ وسنوات. بعد فترةٍ غير مُحدّدة في “محظور الخالد”، ارتجف كل شيء فجأة. ظهرت إرادة صحوة، مصحوبةً بعواء ملك. ظهر الجسد في “محظور الخالد”، منتشرًا، مُغطّيًا جميع القصور.
مرّ وقتٌ طويل. مرّ وقتٌ طويل. في أحد الأيام، في ظلمة ذلك القصر، أمام التمثال، ظهرت دائرةٌ بنفسجية من الضوء. في تلك اللحظة، ملأ هديرٌ شديدٌ مكانَ محظورَ الخالد.
دوى هدير غضب، مصحوبًا بإرادة مرعبة ملأت أعماق المكان. وبينما كانت الإرادة تكتسح، امتدت يد من دائرة الضوء البنفسجي. أمسكت بالمصباح المنطفئ وسحبته إلى الدائرة. أرادت اليد أن تمسك بالزجاجة البنفسجية، لكن لم يكن لديها وقت، إذ وصلت إرادة الملك بقوة تهز الجبال وتجفف البحار. اصطدمت بالدائرة واليد.
تحطمت الدائرة، وأصبحت شظايا لا تُحصى تبددت في الهواء. ارتجفت اليد، ورغم أنها ظلت ممسكة بالمصباح، سقط الفتيل واختفى في العدم.
إنتهى كل شئ.
انقطعت رؤية شو تشينغ. اختفى كل شيء، حتى القصر والتمثال.
المنطقة بأكملها أصبحت أطلالًا مرة أخرى. كأنها حلم.
بعد انتهاء الحلم، اختفى كل شيء إلا الزهرة المظلمة، واقفةً هناك بين الأنقاض، كحبة برقوق وحيدة في وادٍ ثلجي. لم يكن يهم إن كان هناك من ينظر إليها أم لا. بدت كصورةٍ للوحدة وهي تنظر إلى السماء، وملامحها كئيبة.
وبعد وقت طويل قالت: لنذهب.
توجهت شو تشينغ نحوها. وغادرا معًا “محظور الخالد”. لم يتحدث أي منهما.
لقد جاؤوا ليلًا. وعندما ظهروا، كان النهار قد حلّ بعد أيام. كانت السماء زرقاء صافية، والشمس أشرقت بنورها.
نظر شو تشينغ إلى الزهرة المظلمة وهي تمشي بعيدًا بحزن.
“الزهرة المظلمة”، قال.
توقفت ونظرت إليه.
“هل يمكنني رؤية راحة يدك؟”
مع غروب الشمس، مدّت يدها. كل خطّ وطيّة كانت ظاهرة. كأنّ القدر مرسوم.
“هل تعرف ما هو الموجود في راحة يدك؟” سأل شو تشينغ.
ارتبكت، هزت رأسها.
نظر في عينيها وقال: ضوء الشمس.
رفرفت حواجبها وهي تنظر إلى كفها. ثم… ابتسمت.