رحلة ساحر - الفصل 194 : يأس عالم أمونرو (9)
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
في لحظة من الذعر ، تم تفجير مشعوذ آخر ليتحول لسحابة من الدم على بعد خمسين مترا من غلين ، كانت عينا هذا الأخير محتقنتين بالدم مع سيلان العرق البارد من جبينه و على أنفه ، موجة من الطاقة العليا تضغط على الفضاء من حوله تقترب منه أكثر فأكثر .
في هذه اللحظة شعر غلين أنه يواجه نيزكا يسقط ببطء من السماء ، مع إحساس بالدمار الوشيك .
كساحر حقيقي قادر على التحكم في قوة الطبيعة ، شعر غلين بظهور منطقة غامضة ضخمة على شكل كرة سوداء ، كلما كان أقرب من هذه المنطقة أضحى غير قادر على التحكم في قوة الطبيعة كما لو أنها تحولت لمادة صلبة غير قابلة للتحريك .
هذه المنطقة التي يبلغ قطرها مائة متر ، كانت هائلة مقارنة بطول غلين الذي لا يتجاوز المترين .
بمعنى في حال اقترب هذا الكائن من المستوى الرابع من غلين لمسافة خمسين مترا ، فإنه سيفقد قدرته على التحكم في قوة الطبيعة ، سيضطر للقتال باستخدام قوته السحرية ، مثل ساحر مبتدئ ، و مع هذا لن يكون هناك فرق يذكر !
” لا ! ”
نظر غلين إلى كتلة الطاقة المقتربة منه ، صرخ غريزيا كأي كائن يواجه موته ، كان على علم أنه في حال لامسته الكتلة فسيتحول لسحابة من الدم في جزء من الثانية من دون القدرة على المقاومة .
في هذه اللحظة ، شعر غلين بأن عقله أضحى في غاية الوضوح ، غدته الكظرية و هي تفرز الهرمونات بجنون لتحفيز جسمه ، كل عضلة و كل خلية بدت و كأنها كائن حي مستقل ، شعر بتهديد مقتله !
تباطأ الوقت في عيون غلين .
كما لو أن الشقوق في شيفرته الجينية الناتجة عن تحولاته السحرية و التعديل المستمر لها قد ألقت اللثام عن العديد من الأسرار العميقة المدفونة منذ العصور القديمة ، هذه الأسرار كانت جزءا من التطور البدائي الذي نسيته البشرية خلال مسار تطورها .
وفقا لأبحاث السحرة ، في مرحلة ما من التطور ، كان لجميع الكائنات الحية التي تتكاثر سلفا مشتركا بلغ مستوى هائل من التطور ، ليكون كائنا من المستوى السابع !
الكائنات من المستوى السابع ذات قوة هائلة لن يستطيع كائن أضعف أن يفهمها إطلاقا ، قادرة على عبور الفراغ و السفر بين العوالم !
حتى البشر ! من يعتبرون جنسا ضعيفا حاليا ، كان لديهم في الماضي سلف تمكن من بلوغ هذه المرحلة ، مما سمح للسحرة الذين يسعون لتحسين أجسادهم أن يستمروا في تطوير أنفسهم أكثر !
في هذه اللحظة ، و بفضل التغيير في شيفرته الجينية تمكن غلين من بلوغ الطبقة الأولى من الغريزة البدائية بشكل غير واع ، و هي قدرة كانت عادة حكرا على المشعوذين الذين يركزون على صقل و تعزيز أجسادهم فقط !
بالنسبة لغلين كان هذا عالما جديدا !
شعر غلين بكل خلية تهلل بفرح ،كانت غريزة البقاء تتطور مع إشارات تحذير ترسلها كل خلية ، مع تعديل مستمر في أنسجته لمحاولة النجاة !
من تحت جلده ، تم تشكيل طبقة سوداء من الدروع لمقاومة العناصر ، و هي طفرة طورها غلين بنفسه .
و لكن الآن ، بدأت خلايا جسمه تلقائيا في تحسين هذه الطبقة ، مع إحساس غريب بالألم و الحكة ، كما لو كان يمر بمرحلة النمو ، صرخ غلين فجأة من الألم ، ظهرت العديد من القشور السوداء على جلده ، بما في ذلك وجهه أسفل قناع الحقيقة .
كانت هذه القشور السوداء في غاية اللمعان ، تبدو من الوهلة الأولى أنها تتمتع بدفاع هائل .
إختراق الطبقة الأولى من الغريزة البدائية كان قفزة هائلة في إمكانات تطور غلين ، في وعيه بدت غريزة البقاء على قيد الحياة أقوى بكثير كما لو أنها على قيد الحياة بحد ذاتها و لها وعي خاص بها !
قبل أن يتمكن من الإستمتاع بهذا الإختراق المفاجئ ، شعر بظل الموت يحيط به ، في رؤيته المعززة لاحظ كائنا مغلفا بكتلة من الطاقة السوداء و الرمادية على بعد سبعة أمتار منه ، يتحرك في إتجاهه ، على الرغم من أنه أراد الفرار إلا أن جسده أبا التحرك .
” تحرك ! تحرك ! هيااا ! ”
صرخ غلين بكل قوته داخليا ، و لكن من دون جدوى ، حتى عندما حاول الإنحناء كان هذا الفعل غير ذي أهمية مقارنة بسرعة كائن من المستوى الرابع !
في عينيه ، جلس كائن سمين قزم براحة مقتربا منه بسرعة ، كما لو كان على شفا قتل ذبابة حتى من دون النظر إليها .
كان هذا المشهد مشابها لقتل غلين للعديد من أمونرو الدرجة المنخفضة .
في لحظة الموت ، بدا أن غلين قد تمكن من فهم شيء عن قمع مستويات الحياة فيما يتعلق بالزمن .
بالنسبة للسحرة ، الزمن يقاس بالقرون ، و لكنهم يقسمون الثانية لأجزاء من أجل تسجيل الملاحظات و مراقبة تجاربهم ، لا يمكن للمشعوذين المبتدئين تخيل هذا حتى ، و لكن بالنسبة لكائن عال المستوى كان هذا بسيطا جدا !
هل هذه هي النهاية ؟
عندما كانت كتلة الطاقة على بعد متر من وجه غلين ، تم تمزيق غطاء الساحر على الفور ، تجعدت القشور السوداء على جلده و تشوهت بسبب الحرارة الشديدة ، الضغط من حوله كان قويا حتى أنه شعر بالسحق كما لو كان سيتحول لعجينة من اللحم ، أصدرت عظامه صوت طقطقة و هي تكافح .
تدفق الدم من فمه ، كان غلين في حالة يأس تام !
على الرغم من أن التحويل عبر الفضاء قد يكون وسيلة فعالة للفرار بالنسبة لساحر مبتدئ ، إلا أنه بالنسبة لساحر حقيقي ، هناك فترة توقف قد تجعله عرضة للهجوم .
في هذه اللحظة تم تشويه الفضاء من حوله و غلقه مما جعله عالقا .
في لحظات اليأس الأخيرة له ، لم يستطع غلين إلا أن يبتسم بشكل مرير ، هل كان مصيره الموت في هذا المكان؟ حتى بعد هذا الإختراق ؟
حتى قبل أن تلمسه الطاقة السوداء كان الضغط من حوله كفيلا بتمزيقه .
راودته العديد من الأفكار ، و التي قد تستغرق ثوان في عالم الكائنات الأضعف ، لكنها مجرد لحظات عابرة بالنسبة لكائنات المستوى الأعلى .
لكن في لحظة الحياة و الموت ، و قبل أن يتحول غلين لسحابة من الدم ظهرت إحداثيات غامضة في روحه ، مع رغبة جامحة منه للنجاة قام غلين بضخ طاقته السحرية و إختفى على الفور .
ظهر فجأة في مكان آخر ، حيث وقف طائر ملون على رأس وحش يشبه التمساح بجوار ساحر أسود يتجادل معه .
” غلين ! لقد ظهرت أخيرا ! أرأيت هذا ؟ هذه هي قوة إستدعائي العظيم ! ” .
إنفجر الببغاء ضاحكا ، و لكن غلين لم يكن في حالة تسمح له بالمزاح ، تغير تعبير هذا الأخير بينما نظر من حوله .
كان هناك ظل أسود ملتف حول خصره ، إمتد من الفضاء المشوه ، مع صوت مزعج تمدد الظل إلى ما لا نهاية كما لو كان شريطا مطاطيا .
” لا ! ” .
بسرعة لا تصدق تم سحب غلين مرة أخرى نحو الفضاء المشوه مع إحساس بأن جسده على وشك التمزق إلى نصفين بسبب الضغط الشديد .
ترجمة و تدقيق : Younes39