رحلة ساحر - الفصل 138 : التناغم و الانسجام
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
بعد يومين .
طار بيرانوس وغرين بعيدًا عن المنطاد ، وعلى الأرض المسطحة عند أقدامهم من بعيد ، يمكن رؤية بحيرة متلألئة على شكل هلال تتدفق مياهها بهدوء ، مثل الأم التي تلد مولودا جديدا .
” يا له من مكان مزدهر … مسالم لهذا الحد ؟ ” صدم غلين حقا .
فوق المدينة التي تشبه اللؤلؤة اللامعة بجوار بحيرة القمر ، هناك سيل من قوافل الطيور التي لا نهاية لها ، ترتفع و تهبط ، تتجمع و تنفصل ، تنقل البضائع مرارا و تكرارا .
لا بد أن البضائع التي تنقلها هذه الطيور كمالية و لا يمكن تخزينها .
في وسط المدينة يمكن ملاحظة مبنى كبير ارتفاعه نفس ارتفاع البرج الأسود في أكاديمية إيسوتا السوداء ، لكن نهاية البرج لم تكن مستدقة و إنما منصة أسطوانية ضخمة في وسطها أشكال مصطفة بشكل منظم ، ييدو أن هذه المناطيد مشغولة بنقل المشعوذين العاديين و التجار و حتى القليل من الفرسان ، أحيانا يمكن رؤية بعض المغامرين و العلماء !
بعد فترة غادر المنطاد مع حمولة كاملة ، في الآن نفسه طار منطاد آخر من بعيد ليرسو ببطء على قمة المبنى الأسطوانية .
يبدو أن المناطيد قد تم استخدامها كوسيلة لنقل المدنيين في المنطقة المركزية وسط برج الخواتم السبعة المقدس .
ليس فقط هياكل التطوير و تبادل الأعمال ، و لكن أيضا الهياكل المعمارية الحضارية مختلفة كليا عن الخاصة بمدارس السحر .
لا تحتوي المدينة هنا على أسوار عالية أو أبراج مراقبة ، لا يوجد هنا سوى القلاع و القصور و المباني الرخامية البيضاء الموزعة بشكل منظم في وسط المدينة ، كما أن المشعوذون هنا يرتدون أردية سحرية تمتزج بسلاسة مع ملابس العامة ، مع عدم وجود خصائص طبقية واضحة أو غامضة بينهم .
بجوار جدول مائي متدرج نزل بيرانوس و غلين على أرض مرصوفة بأحجار زرقاء أنيقة .
يمكن رؤية العديد من الطيور تحوم حول الجدول مع نفح النسيم العليل ، لم يستطع بيرانوس و غلين إلا أن يغمضوا أعينهم في راحة و استرخاء من أجل التمتع بهذا الجو الساحر و الفاتن .
” في كل مرة آتي إلى هنا ، أشعر بتحسن كبير ” قال بيرانوس لغلين .
أومأ غلين برأسه و قال ” البيئة هنا جميلة مع الجو الهادئ مع أناقة و نبالة لا يمكن وصفها ، إنها أكثر تناغما من منطقة مدارس السحر الإقليمية ، كما أنها مناسبة أكثر لمشعوذي الغموض أثناء استكشافهم لحقيقة العالم و بحثهم عن المعرفة براحة بال ” .
بجانبهم انحنى العديد من العامة المارين باحترام لبيرانوس و غلين ثم غادروا كالمعتاد ، كان هناك العديد من الأطفال لا زالوا يلعبون بجوار الجدول يحدقون في غلين بفضول من بعيد ، لم يبدو خجولين أو مرعوبين قط بعد رؤية وجه بيرانوس الشرس و القبيح .
إن البيئة هنا في الواقع أكثر جمالا و انسجاما و تناغما و انفتاحا و إشراقا من بيئة مدارس السحر الإقليمية .
كما أنها أقل قسوة و عنفا و اقتتال ، أكثر هدوءا و ثقلا و سلاما .
” لنغادر ، لم أر هذا العجوز منذ عقود ، لا أعلم ما الذي يدرسه هذا المهووس مؤخرا ، جي جي جي … سأقدم له مفاجأة لن يتوقعها قط ! ” قال بيرانوس مع ضحكة شريرة بعد أن غطى وجهه بطبقة ضبابية ، سار في المقدمة و قاد غلين نحو وسط المدينة الصاخبة .
على طول الطريق انبهر غلين من تنوع منتاجتهم الرائعة .
المصابيح السحرية البلور الكريستالي الضوئي ، المساحيق السحرية و حتى القليل من الجرع السحرية البسيطة ، الأطعمة السحرية الشهية ، جميع هذه الأشياء تم عرضها بشكل أنيق في الكثير من المتاجر مع تحديد الأسعار بكمية الأحجار السحرية بوضوح .
في متجر للوحوش الأليفة ، تم وضع العديد من الأعراق الغريبة كالببغاء الساخر متعدد الألوان و الناطق ، قطط الظل الشقية و غيرها …
يوجد أيضا أماكن للمواعدة بين الرجال و النساء !
في ملهى منتصف الليل الرومنسي ، ترتدي فتياته زي أرنبة مع آذان طويلة أو أزياء قطط في أوضاع لطيفة و طفولية مختلفة ، كما استخدمن القليل من الدعائم السحرية لتعزيز الجو ، حتى أن شابة في زي ثعبان مع جرئتها لم تستطع إلا أن تغمز في وجه غلين و تنفخ .
حتى …
لاحظ غلين وجود متجر لبيع جرعة فينوس ، لكن بالإضافة إليها يمكن ملاحظة العديد من العطور مع أسماء غريبة و غامضة لكل تأثير خاص .
على مسرح كبير في الهواء الطلق ، يمكن رؤية تجمع من النساء و الرجال و الأطفال و هم يصفقون بحماس أثناء مشاهدتهم للمسرحية .
في مبنى آخر شاهق ، نظر الفرسان و المشعوذون المبتدئون و حتى المشعوذون الحقيقيون إلى مخطوطة معلقة على الحائط أثناء إتيانهم و ذهابهم ، من آن لآخر كانوا يناقشون شيئا ما بشكل ثنائي و ثلاثي …
يبدو أنه اذا أنفق العامة الأحجار السحرية هنا، فيمكنهم بسهولة استئجار بعض السحرة المبتدئين أو حتى السحرة الحقيقيين لإكمال مهام معينة أو لتحقيق رغباتهم .
في جميع أنحاء المدينة ، تم دمج عالم السحر مع عالم البشر و العامة بشكل مثالي و متناغم و مريح لكلا الطرفين .
” غلين عندما نصل و نلتقي بهذا العجوز لا تذكر شيئا واحدا عن أختك الكبرى يو تشوان ، هيهي … ” قال بيرانوس بابتسامة غريبة .
شعر غلين بالدهشة ، ثم أومأ برأسه بينما كان شارد الذهن .
خمن غلين في ذهنه أن شيئا ما قد حصل بين معلمه بيرانوس و هذا العجوز بخصوص أخته يو تشوان ، ربما بيرانوس قد استفاد منه .
يمكنه أن يخمن من ابتسامته الشريرة و الغريبة …
أمام عيون غلين يمكن رؤية قلعة رخامية بيضاء يبلغ ارتفاعها 70 أو 80 مترا ، كان الفناء أمام القلعة عبارة عن أرض عشبية خضراء متموجة ، تضيئها أشعة الشمس الساطعة و الدافئة ، في البعض الأحيان تطير فراشة أو اثنتين ، لا توجد أبراج أو جدران حول القلعة ، لا يوجد إلا أحواض مليئة بالزهور يستمتع بها الأشخاص ممن يمرون عبر السياج ، مما يدل على الرخاء المشترك و الانفتاح هنا .
أخذ بيرانوس غلين إلى البوابة ، أخرج كرته البلورية ثم قام بضخ السحر .
بعد لحظة ظهر وجه قبيح يشبه كرة من اللحم تم خياطتها على الكرة البلورية !
” مرحبا أيها الأخ الأصغر ، أخوك الأكبر هنا لرؤيتك ، لماذا لا تنزل و تفتح البوابة و تستقبلني ” عندما كاد تعبير غلين الفارغ أن يسقط على الأرض من الصدمة ، قال بيرانوس هذا .
حسنا …
صديق المعلم المزعوم هو في الواقع الأخ الأصغر له ؟
بعد أن تفاجأ الوجه القبيح الآخر على سطح الكرة البلورية ، يمكن سماع تغريد مفاجئ من خلفه مع صدى كسر كما لو أن شيئا ما قد تحطم ، في الآن نفسه تردد صدى ضحكة مشاغبة لطفلة صغيرة .
” أوه اللعنة باربرا ، يرجى التزام الهدوء ، لا تسببي لي المشاكل مجددا خاصة الآن ” يبدو أن هذا الصوت الأخير قد أيقظ الساحرالعجوز المقابل من ذهوله ، بعد أن قال هذا استدار و مسد لحيته و صرخ في وجه بيرانوس ” لا تتفاخر أمامي ، سأستعيد الأسماك عاجلا أم آجلا ، أيها اللص المنافق … ” .
أضحى وجه غلين مظلما ، يبدو أن الوضع بين معلمه و أخيه الأصغر كان عميقا بعض الشيء .
” هيهي ! أيها الأخ الأصغر ، أنت حزين جدا لقول هذا لي ، لقد قمنا برهان فقط في البداية ، وافق كلانا ، الآن لما تقول أني لص و منافق ؟ أنا حزين الآن أيضا و غاهي سيحزن أيضا ” رد بيرانوس مع لهجة لئيمة للغاية و مصطنعة .
” أيها الوغد لا تذكر لي هذا القط الأسود البغيض ، كلاكما كاذبان و لا أحد منكما جيد ” كاد الساحر العجوز على الجهة الأخرى أن يفقد صوابه و هو يشير نحو بيرانوس .
هوووو …
تم قطع الاتصال .
استدار بيرانوس و لاحظ أن غلين يحدق في حالة صدمة ، سار ببطء نحو غلين بابتسامة مؤذية و قال ” تحرك إلى هناك ! ” .
حسنا ؟
لم يجرؤ غلين على عصيان أمر معلمه و سار إلى الموقع المحدد ، بعد هذا قام بيرانوس بإلقاء سحر مجهول مما جعل غلين ينكمش تدريجيا بعد قليل من الأنفاس ، تحول إلى رجل صغير بطول الإصبع ، تجذر على الأرض في حالة صدمة .
و مع هذا لم يشعر بالقلق كثيرا .
يبدو أن هذا السحر تطبيق عميق لنوع من عناصر الفضاء ، يبدو أن غلين في حالة شبه مختومة في هذه اللحظة .
انحنى بيرانوس و التقط غلين براحة اليد ، أدخله إلى كمه و انتظر هناك مع ابتسامة .
بعد حين .
تم فتح بوابة القلعة ببطء مع صرير عال ، سار ساحر عجوز قديم يرتدي أردية بيضاء مع عصا خشبية ، كان وجهه مليئا بالخيوط و آثار الخياطة كوجه بيرانوس ، دخل بيرانوس إلى الفناء الصغير بحماس شديد .
” هاهاها ! أخي الأصغر ، لم أر شجرة الفاكهة ذي الألوان السبعة في قصرك منذ عقود ، أعتقد أنها الآن أكثر خصوبة من السابق صحيح … ؟ ” .
شخر الساحر ذو الرداء الأبيض و حدق في بيرانوس ” لا تفكر حتى في تغيير انتباهي أو تشتيته … ” .
بقول هذا أراد الساحر العجوز ذو الرداء الأبيض أن يقود بيرانوس نحو القلعة ، لكن هذا الأخير ابتسم له و قال ” هاه ؟ بالمناسبة ، أيها الأخ الأصغر ، ألم تجد تلميذا بعد منذ آخر 10 أعوام ؟ ” .
” ماذا تريد أن تقول ؟ ” نظر إلى بيرانوس بحذر شديد .
كان هذا التعبير ببساطة أشبه ببتعبير جمال عاجز أمام أعين المنحرفين المتطفلين .
عبس بيرانوس و تنهد ” مرحبا … أيها الأخ الأصغر ، لماذا تتكلم معي هكذا ؟ ماذا يمكن أن أفعل أيضا ؟ أرى أنك قد قبلت تلميذا موهوبا ، أنظر كان فوزي في الرهان قبل ستين عاما ، لذا تهانينا ، بعد تذوقي لهذا النوع من الأسماك النادر أعتقد أنه حان دورك الآن … ” .
تبدو لهجة بيرانوس كعجوز أسيء فهمه .
فتح الساحر ذو الرداء الأبيض فمه ثم أشار إلى بيرانوس و قال بصدمة ” إذن لماذا لا … ” .
” نعم ! أنظر ! أنظر ! أنظر ! ” أشار بيرانوس إلى أخيه الأصغر مع تعبير عن خيبة الأمل ” هل تريد مني إعادتها و أنا خالي الوفاض ؟ هل تعتقد أنها هدية ! هل تريد مني أن أقدم لك هذه الأسماك … لا … ” .
في كم بيرانوس بالكاد استطاع غلين قمع ضحكته أثناء تغطية فمه .
صر الساحر ذو الرداء الأبيض على أسنانه و قال مع ارتعاش جفونه ” ماذا تقصد … ” .
قال بيرانوس برسمية ” وقع عقدا ، نفس العقد كالأعوام الفارطة ، دع تلميذي يتنافس مع تلميذك ، حينها سأعيد الأسماك إليك يا أخي الأصغر ! ” .
” العقد ! هذا الأمر مرة أخرى ! أقول … ”
كان الساحر ذو الرداء الأبيض على شفا القفز من غضبه لكن بيرانوس أوقفه و عبس بينما قال ” لقد تم قبول تلميذي قبل أعوام قليلة ، اليس لديك حتى الثقة في تلميذك ؟ مثير للشفقة أخي الصغير … ” .
همم قبل أعوام ؟ هل هو فارو ؟
يبدو أن الساحر ذو الرداء الأبيض قد تذكر شيئا ما بينم تم هز روحه !
نظر إلى بيرانوس متفاجئا ، كان يعلم عن فارو و إمكانياته و أراد منه أن يقاتل طالبه … هذه مجرد هدية مجانية …
ها ها !
كان الساحر ذو الرداء الأبيض مرتاحا بينما ابتسم سرا بفرح ، نظر إلى بيرانوس بحنان و قال ” الأخ الأكبر لم أتوقع قط أن مزاجك قد تغير بعد كل هذه الأعوام ! ” .
في لحظة تغير لقبه إلى الأخ الأكبر من اللص !
ابتسم بيرانوس بحزن و لم يقل شيئا ، بدا و كأنه قد أسيء فهمه لأعوام ، لم يستطع إلا أن يتنهد بخيبة أمل .
كان هذا التعبير أفضل من تمويه و تنكر غلين .
بعد مدة من الزمن ، تم توقيع عقد متساو ، كان رهان الساحر ذو الرداء الأبيض هو شجرة الفاكهة ذي الألوان السبعة ، أما بيرانوس فسبعة و عشرون سمكة مجنحة ، كلاهما شعر بالإثارة سرا .
ترجمة و تدقيق : Younes39
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.