رحلة ساحر - الفصل 170 : المفهوم النسبي للفضاء
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
تعتبر معرفة الزمان و المكان دائما الأكثر صعوبة و الأعلى في مدارس السحر .
في نظام المعرفة الخاص بالمشعوذين ، منذ أن شرع المشعوذون المعاصرون في تطوير صيغ حسابية للتحكم في العناصر الأساسية ، لم يعد الزمان و المكان وجودا ثابتا يتدفق بشكل موحد في العوالم التي لا نهاية لها بل أصبح مفهوما نسبيا متغيرا للوجود .
إن المفاهيم النسبية للتقاطع و التشويه و التفكك في الزمان و المكان تشبه الفأر الأبيض في منطاد يتحرك باستمرار نحو الأمام ، بقدر ما يمكن أن تلاحظه العين ، سيعتقد الفأر أن غرفة المنطاد الداخلية هي العالم بالنسبة له .
في هذا العالم ، يعتبر سلوك الفأر و حركته الأمامية و السفلية هي أول مستشعر للمساحة الذاتية و لكن في عالم السحر ، يعد هذا المنطاد مجرد مفهوم للتدفق النسبي للزمكان .
إذا حاول الفأر اختراق فضائه الأول و هو حاسة رؤيته ، فعليه أن يتجاوز سرعة المنطاد ليدرك عالم السحر من حوله .
لتحقيق هذا النوع من التسامي يحتاج الفأر لأن يتطور و يرتقي لمستوى أعلى من الحياة لتوفير مصدر طاقة مقابل .
ما ورد أعلاه هم المفهوم النظري للزمكان في نظام معرفة الساحر .
و عندما يتم تضخيم الإدراك النهائي إلى ما لا نهاية ، و تتجسد الحكمة المعرفية النظرية للساحر ، تتشكل أروع قطعة أثرية مقدسة في عالم السحر ، رافعة القدر .
إن القدرة الإعجازية لرافعة القدر على التحكم في الزمكان هي الشكل الأكثر تقدما من حكمة الساحر لاختراق الحدود النسبية ، و بالتالي اختراق الزمكان في ظل شروط معينة !
إن تراكم المعرفة لدى غلين ليس كافيا له للبدء حقا في فهم و تعلم معرفة الزمكان ، تماما كمعرفة صدع الأبعاد و التواصل من خلالها ، من الضروري أن يعتمد على معارفه و ذاكرته لكن كل هذا لا يأتي إلا مع العمر الطويل ، لا يوجد طريق مختصر معين .
لكن !
تم تقسيم معرفة الزمكان دائما إلى مفهومين منفصلين أساسيين الفضاء و الزمان كما أن طاقة الفناء تستمد من تضاد العناصر .
لو هذا ، إذا حاول غلين فهم القليل من معرفة الفضاء النظرية بالاعتماد على موهبة كيري لوضع الأساس لبعض أبحاثه المستقبلية فلا زال مقبولا نوعا ما .
بطبيعة الحال كان هذا بشرط ألا يعيق أبحاثه حول طاقة الفناء !
في مكتبة البرج المقدس ذو الخواتم السبعة ، نزل غلين ثم مر من خلال دمى الحراسة الميكانيكية ، اتبع أحد الخدم من عالم آخر و دخل غرفة معينة في الطابق العلوي من المكتبة .
كان العديد من المشعوذين يبحثون في أرففها على أمل العثور على بعض المعرفة و الإلـهام .
اتجه غلين نحو رف معين ، بعد إلقاء نظرة عرضية على الأسماء ، التقط كتابا بعنوان ” المفاهيم الأساسية لنظام معرفة الفضاء : المفهوم الثلاثي الأبعاد للضوء و الجسم الثلاثي الأبعاد الداكن و مفهوم إحداثية المرجع ” .
لم تستطع عيون غلين إلا أن تلمع بينما قام بتصفحه بسرعة .
حقا …
يشرح هذا الكتاب المعرفة الأساسية لساحر الفضاء و تحديد مواقع الإحداثية المكانية .
ينقسم تحديدها إلى نوعين : تحديد موضع إحداثية العالم الداخلي و تحديد موضع إحداثيته بين العوالم التي لا نهاية لها ، و يتضمن تحديد إحداثياته قواعد الحركة النسبية للعالم و معرفة عميقة بعالم الفراغ ، و بعض المفاهيم النظرية لذا قام غلين بتخطيها فورا .
بالنسبة لإحداثياته الداخلية و لبعد الإدراك الروحي للساحر فلا بد من تحديد موضعي لها بشكل مستقر .
يحدد الساحر الموقع الإحداثي بانقسامه لجزئين تحديد موضع الشبكة و الموضع النسبي للمرجع .
بالنظر إلى تحديد موضع الشبكة ، لا يحصل هذا إلا عند غزو عالم السحر لأحد العوالم في الكون الفسيح ، من خلال إرسال نخبة من المشعوذين ، يتم تحديد إحداثية الشبكة الداخلية ضمن النطاق الأقصى للتوسع المادي ، يمكن تطوير الشبكة و توسيعها من خلال استكشافهم للمزيد من العوالم ، إنها مهمة نخبة المشعوذين ، صائدي الشياطين و المشعوذين المقدسين في عالم السحر ، شبكة عالم السحر !
طالما أن نظام شبكة الزمكان الداخلي يقع ضمن إحداثية الشبكة يمكن لرافعة القدر أن تفتح صدعا فضائيا بدقة في الزمكان .
أما لإحداثية المرجع فهي صيغة حسابية نسبية تعتمد على أصل واحد غير متغير ، و الأكثر استخداما الأبراج السحرية ، يمكن ربط إحداثية الزمكان أيضا كالعلاقة بين غلين و شياو با ، و إذا أراد الساحر الانتقال لمسافة طويلة فلا بد من وضع مرجع و إكمال شروط معينة لتحديد موقع النقل و التحضير في حالة عودته .
دون إزعاج باقي المشعوذين ، استخدم غلين سحر الجاذبية لتمرير كتبه و تسجيل المعرفة في كرته البلورية ثم غادر المكتبة .
بعد مرور نصف ساعة رملية .
زار غلين مقر صيد الشياطين فرع الرداء الأسود .
مبنى سداسي الشكل يقع أسفل جذور شجرة الحياة ، كان الطابق العلوي عبارة عن مربع مسطح يستخدم لتجميع صائدي الشياطين ، الجزء الداخلي مسؤول عن وضع و توزيع مهام صيد الشياطين .
الغرض من قدوم غلين إلى هنا هو جمع نظام معرفة غطاء الساحر و اليأس .
بطبيعة الحال ، لم ينسى غلين معرفة الوحوش الاصطناعية أيضا و لكن لأنها ستكلفه الكثير فخطط لاستكمالها في خططه المستقبلية .
العديد من المشعوذين جاءوا و ذهبوا بينما غطوا وجوههم بأردية و أقنعة ، وجوههم ضبابية لا يمكن رؤية إلا عيون حمراء و خضراء متوهجة من خلالها ، تنافر غامض و شرير لا يمكن وصفه في هالاتهم .
كان غلين مفتونا بهذا الجو ، غطا وجهه بقناع الحقيقة و رداء فضفاض أسود ، تبع الحشد أمامه و دخل إلى مقر صيد الشياطيين الخاص بفرع الرداء الأسود .
أم ؟
بالنظر لأعلى ، في وسط القاعة كان هناك تمثال لساحر و مخلوق فضائي قريبين من بعضهما البعض ، احتضن الفضائي الساحر و فتح فمه على نطاق واسع ، لكن هذا الساحر كان يحمل سيفا طويلا و حادا ، بتعبير بارد طعن جسد الفضائي .
بدا التمثالين نابضين و حيويين للغاية !
في هذا الآن كان هناك العديد من المشعوذين ذوي الرداء الأسود لكن لم يصدروا صوتا واحدا ، ساروا فقط ببطء و سكون تام .
مر غلين عبر القاعة و دخل قاعة جانبية .
تم وضع لافتة على جدار القاعة ” ينبوع اليأس ” ، نظر غلين إليها و لاحظ القيود السحرية الغير مرئية للعين ، بعد تعديل قوة الطبيعة سار بهدوء للأمام .
اندفع تيار من الرائحة الدموية في اتجاهه يثير الغثيان و الاشمئزاز .
بركة مكونة بالكامل من الدم الأحمر الداكن ، بلغ قطرها حوالي مائة متر ، من حولها ستة ينابيع ، وضع أكثر من عشر مشعوذين أيديهم داخل بركة الدم و استشعروا شيئا ما أثناء إغلاقهم لأعينهم .
” التوجيه من ينبوع اليأس ، روح ساحرة يوميا ، اجمع المعرفة الأساسية لليأس مقابل خمسة أرواح ساحرة فقط ” .
فوق بركة الدم نظر ساحر أسود يطفو في الهواء مغطى بطاقة دموية إلى الجميع ، لاحظ غلين بينما حدق فيه بزوج من العيون المتعطشة للدم كانعكاس قمرين دمويين ، للحظة شعر غلين أنه قد سمع نواح دزازين من الفضائيين و صراخهم اليائس .
تغير تعبير غلين !
إن ساحر صيد الشياطين الأسود هذا بالتأكيد ساحر قوي جدا سار عبر جبال من العظام و بحر من الدم و خاض العديد من الحروب بالفعل !
لوح غلين و فتح صدعا بعديا ، أخرج خمسة أرواح ساحرة و قال ” أريد جمع المعرفة الأساسية لليأس ! ” .
قام الساحر بعد استلام الأرواح بإخراج كرته البلورية ليتلو بشيء ما سرا ، ثم رماها نحو غلين تطفوا أمامه .
أم ؟
أخرج غلين كرته البلورية و نقل المعرفة الأساسية لكرته البلورية .
من جهة أخرى خارج القاعة الجانبية ، تم وضع حاوية ضخمة من قبل دمية ميكانيكية ، في داخلها ثلاثين عينة من عرق أجنبي ما جلدهم أسود ناموا من دون حراك .
” هذه عينة تجريبية إضافية يقدمها مقر الساحر الأسود ” لم تتغير نغمة الدمية الميكانيكية .
نظر غلين إلى عيناته التجريبية .
طول الواحد منهم 1.5 متر فقط له جلد أسود و من دون شعر ، جلده يشبه طبقة من الدروع العظمية ، أظافر كالسكين ، متوهجة ببرود .
باقي الأعضاء لم تكن مختلفة عن الخاصة بالبشر ، ما عدا عدم وجود أنف ، يبدو أن هذا المخلوق لا يحتاج للتنفس ، أو أن لديه أعضاء تنفس مختلفة لم يكتشفها بعد ؟ ربما يتنفس من جلده ؟
قال ساحر صيد الشياطين ” إنهم عينة طازجة مع نوعية رفيعة ، لا بد أن تكون كافية ! ” .
أومأ غلين برأسه .
بالنظر لخصائصهم ليس من السهل قتلهم أو موتهم ، حينها يستطيع إجراء تجاربه و أبحاثه من دون التفكير في قتل عيناته .
قام بفتح شظية عالمه و ألقى عيناته التجريبية في الداخل .
جو ! … جو !
تظهر نوافير من الدم باستمرار داخل البركة ، يعلم غلين أن ينابيع الدم تعزز فهم الشخص لجمع طاقة اليأس لكنه لم يتعرض بعد للمعرفة الأساسية لذا لا حاجة لاستخدام بركة الدم .
بعد إعطاء تحية خفيفة غادر غلين القاعة الجانبية .
ترجمة و تدقيق : Younes39