رحلة ساحر - الفصل 163 : حثالة عالم السحر
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
أم ؟
نظر غلين إلى المبنى المتعرج و الطويل أمامه ، يبلغ ارتفاعه أكثر من 700 متر و بدا كما لو كان كتابا مفتوحا ، كان غلين متفاجئا بعض الشيء …
” مع مثل هذا المظهر ، لا عجبا أنه يمكن ملاحظته بشكل طبيعي ، هذا هو تصميم مكتبة المعرفة الأساسية في برج الخواتم السبعة ، واضح و فاتن للنظر ” غمغم غلين لنفسه ثم نزل من السماء .
أمام بابها يوجد مائة درج بالإضافة للوح حجري تم تدوين أشهر مقولة في عالم السحر على سطحه ” ناولني معرفة لا نهاية لها و سأستخدم نفسي كنقطة ارتكاز لأحرك العالم بيدي ! ” ، لكن لم ينتبه لها أحد .
لأن هذا النوع من الألواح الحجرية شيء شائع في عالم السحر .
نظر غلين إلى اللوح ثم صعد الدرج من دون تعبير مع الحفاظ على مسافة من الساحر في الأمام .
يوجد العديد من الدمى الميكانيكية التي يبلغ طولها ثلاثة أمتار عند مدخل المكتبة ، تقوم بمسح المشعوذين قبل دخولهم و بعد مغادرتهم مع تحرك التروس و تسجيل بعض الأشياء ، تم كتابة القواعد و اللوائح على صدر كل دمية ميكانيكية .
على عكس أكاديمية السحر إذ كان على المشعوذين المبتدئين أن يدفعوا الأحجار السحرية للحصول على المعرفة الأساسية في المكتبة ، باعتبارهم صيادي شياطين إذا أرادوا الحصول على القليل من المعرفة النظرية العامة فلا حاجة لدفع الرسوم !
يمكن اعتبار هذا أحد فوائد أن تكون صائدا للشياطين .
بعد حين .
قادته أنثى رقيقة تشبه الانسان لكن لها أجنحة كجناح الزيز خلفها ، يبلغ طولها نصف متر فقط ، وصل غلين إلى منطقة المعرفة التي تخص السموم في الطابق 15 من المكتبة .
أعطى حجرا سحريا للأنثى التي شكرته لتستدير و تطير بعيدا .
من أسفل قناع الرماد ، قام غلين بمسح الكتب من حوله و فحصها بصريا ، بدا أن هناك ما لا يقل عن 5000 كتابا في الصف الأول من الرف و الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار .
علاوة على هذا ، فإن هذه الكتب متباينة من ناحية الحجم منها الصغير و الكبير و لم تكن مرتبة بشكل أنيق كما هو الحال في مكتبة الأكاديمية ، بل يمكن رؤية مخطوطة قديمة عشوائية من آن لآخر معروضة في الزوايا السفلية لا يهتم بها أحد إطلاقا .
بالطبع ليس هناك شك في أن كل المعرفة المسجلة هنا ترتبط ارتباطا وثيقا بالسموم .
اختار غلين على مهله بعض الكتب من على الرف ، بالاعتماد على قوتي التنافر و الجذب تطفو في الهواء في انتظار غلين لمراجعتها .
أصبح غلين الآن يعتمد على قوة الطبيعة بعد أن صار ساحرا حقيقيا لتوجيه سحر الجاذبية المزدوج من خلال عروق الأرض .
أما بالنسبة لكومة اللفائف المرمية ، فكباقي المشعوذين لم يعرها غلين اهتماما .
فتح غلين كتابه الأول ، كان طوله مترا واحدا و سمكه نصف متر ، بعد قراءة المقدمة بعناية عبس ثم احتاج لنصف ساعة رملية لإكماله ، قام بمسح صيغة تخصيص المعادلة التناسبية من الدرجة 19 للسموم ثم أرجعه إلى رفه مع خيبة أمل .
لا بد أن يكون هذا الكتاب من إعداد رواد السحر المعاصرين و مبدئيا وفقا لحساباته تم كتابته بعد الصراع الحضاري الثاني لعالم السحر .
تعد طريقة القياس و المزج الأكثر اختلافا بين النظام المعاصر و القديم .
يقسم المشعوذون المعاصرون السموم إلى سبعة أنواع بناءا على طريقة القتل و آثار السم ، لقد سبق لغلين أن اصطدم بهذا النوع من المعرفة عند تعلمه لسحر خلط السموم و تتقية الجسد .
و مع هذا قبل الحرب الحضارية الثانية في عهد المشعوذين القدماء سواءا كانوا مختصين في السموم أو الخيمياء ، و ما إلى هذا لم يعتمد المشعوذون على الصيغ الحسابية و معالجتها .
يتمتع المشعوذون القدماء بمعرفة عدد لا يحصى من الصيغ السحرية الموروثة .
و ما يسمى بالمعرفة المسجلة في وصفة التمرير في الأصل غير مشتقة من الصيغ الحسابية و المنهجية وفقا لقائمة العناصر الأساسية للساحر المعاصر ، تعتمد معرفة التمرير على الظواهر الطبيعة و قليل من حظ الساحر و ظروفه ، ليتم تسجيلها فيما بعد و تناقلها .
على العموم فإن معرفة السحر القديم تشبه لحد ما دمية الذعر الدموية .
على الرغم من أن المشعوذ المعاصر يستخدم المنطق العكسي ، لكن بعد التوصل إلى المعرفة الأصلية و فهم السحر القديم و نظرياته القائم عليها ، لا تزال هناك بعض المفاهيم و أنواع السحر الغامض التي تحير الجيل المعاصر لحد الآن .
على وجه التحديد ، بالرغم من أن درجة المعرفة الإجمالية عند القدماء متخلفة عن درجة معرفة الجيل المعاصر ، لكن الفرق هو أن معرفة الجيل القديم تم التوصل إليها جميعا بمهاراتهم الخاصة و حكمتهم ، كما ينطبق الأمر على غلين !
لذا يمكن القول أن كل ساحر قديم كان تقريبا ساحرا مبتدئا من فئة الكابوس !
بالطبع المشعوذون القدماء أقوياء جدا ، لكن فقط كأفراد بشكل عام !
لقد نجم عن تعميم المعرفة الأساسية لسحر العناصر و الصيغ الممنهجة بين الجيل المعاصر إلى منع العديد من السحرة من إنشاء المعرفة التي تلائمهم أكثر ، مما أنشأ الكثير من القمامة و الحثالة بين المشعوذين في مدارس السحر ، كما أن قوتهم الفردية أقل بكثير من الجيل القديم ، و مع هذا فإن التطور الإجمالي لعالم السحر و حضارته شهد تغييرا نوعيا مقارنة بالماضي ، لدرجة بلوغها لمرحلة لم يتخيلها الجيل القديم قط ، حتى أن بعض النخبة بين قمامة مدارس السحر قد تستطيع منافسة المشعوذين القدماء .
ما يسمى بالقمامة في عالم السحر هم هؤلاء المبتدئون من يقومون بنسخ و تعلم السحر القديم و ممارسته ، يبلغ هجومهم حوالي 80 إلى 100 نقطة فقط ، بمثابة وقود مدفع خلال محاكمة البرج المقدس .
فتح غلين كتابا ثانيا أكثر تعقيدا من كتابة ساحر معاصر أيضا .
بعد لحظة هز غلين رأسه بخيبة أمل .
المعرفة المسجلة فيه لم تكن مختلفة عن سابقه ، كما أن طريقة تفكير صاحبها مشابهة لمن سبقه من المشعوذين ، لا جديد يذكر ، جميعها تعتمد على أساس كل ساحر كنقطة بداية و موقفه ، يتم اشتقاق الصيغة بناءا على نظرية ممنهجة أساسية .
و مع هذا فإن خيبة أمل غلين راجعة لكون هذا السجل مجرد نسخة مبسطة من سحر خلط السموم و تنقية الجسد ، بمعنى لا جديد ليتعلمه .
إذا كان لغلين الفسحة ليقوم بحساباته بنفسه و يخترع صيغة سموم ، لما سيأتي للمكتبة من الأساس ؟
الغرض من قدومه هو ضيق وقته في المستقبل لأنه سيركز بشكل عام على تطوير سحر العناصر بعد الانتهاء من تجاربه حول طاقة الإبادة ، لذا هو بحاجة لتحسين قوته ليوازن قدراته من أجل البقاء ، و بالتالي الحصول على المزيد من الفوائد لتعزيز بحوثه .
و لكن اذا ركز غلين على دراسة سحر السموم و تطوير صيغة مبنية على بديهياته النظرية ، فهذا هو الطريق الصحيح حتى أنه سيحقق تقدما مطردا بكونه ساحر صقل جسد ، لكن لا مجال للشك في أنه سيستهلك الكثير من وقته و بالتالي أبحاثه حول طاقة الإبادة ستمتد إلى أجل غير مسمى !
الشيء الأكثر أهمية هو أن طموح غلين هو أن يصبح ساحر عناصر و ليس ساحر صقل الجسد !
يفضل غلين أن يبقى في الظل و يتحمل لقرون ليصبح مشهورا فيما بعد ، و يصبح وجودا بعيد المنال كالكابوس بين العديد من المشعوذين ، بدلا من أن يكون متوسطا و يترك القواعد و المصير و لحن العالم يملي عليه اتجاهاته .
لذا هناك ثلاثة أشياء على غلين أن يقوم بها .
أولا ، أن يفعل ما بوسعه لتقصير زمن أبحاثه حول طاقة الإبادة و تسريع وتيرتها .
ثانيا ، أن يسعى جاهدا لتحسين سحر العناصر و تطويره و هذا لموازنة قوته من أجل السعي للحصول على فوائد معينة لتعزيز ترسانته .
ثالثا ، أن يبذل قصارى الجهد ليخترق كساحر صقل جسد بسرعة و يطور من لياقته البدنية .
في هذه الحالة ، من المؤكد أن غلين لن يقضي الكثير من وقته في التأمل و سيعتمد على سحر خلط السموم مؤقتا ، خطوة بخطوة وفقا للعملية الممنهجة لصيغة السم ، و بعد هذا ينتقل إلى الممارسة …
التطور المزدوج السلبي لغلين ، أثناء ممارسته لسحر خلط السموم سمح له بتخطي التجربة الفيزيائية و بالتالي توفير الكثير من وقته ، مما سمح له كساحر عناصر بالاعتماد على لياقته و سحر العناصر معا في محاكمة البرج المقدس و سحق المشعوذين المبتدئين الآخرين .
بالطبع أولا بدعم من حجر بيرانوس المشع ، ثم لاحقا من خلال استخدام عين الشر مي لوه ! لذا لم يخطط غلين لابتكار صيغة سم أثناء نشأته .
لكن في هذه اللحظة ، أراد غلين بالفعل مواصلة هذا الخطأ الغبي و الاستمرار ، لأجل تحسين قوته بشكل كبير في فترة زمنية قصيرة .
و ما عواقبه ؟ هذا القرار ؟
قد يتمكن غلين بالفعل من تحسين قوته بسرعة لكنه لن يتحسن إلى الأيد ، بل و ربما قد يحد من تحسنه في المستقبل البعيد و يمنعه عن التطور ، إذا أراد غلين الاستمرار في التحسن باستخدام سحر خلط السموم فعليه أن يعتمد على حكمته الخاصة و يبدأ من الصفر ، و اختيار الصيغة التي تناسبه .
حينها سيضطر غلين لدفع ثمن غبائه و اختياراته ، هذه هي قواعد التوازن في العوالم التي لا نهاية لها .
بعد قرائته لعديد الكتب على التوالي ، هز غلين رأسه بخيبة أمل .
‘ يبدو أني بحاجة لدفع بعض الأحجار السحرية أو الأرواح الساحرة لاستبدال القليل من صيغ السموم القياسية من بعض المشعوذين ‘ .
على هذا النحو …
أم ؟
رأى غلين فجأة لفافة قديمة مفتوحة في زاوية تالفة و ذهل ( هل هو كنز عجوز الجبل يا ترى ؟ تابعونا لنرى ) .
صفع غلين رأسه !
ما مشكلتي ؟
ما هذا الغباء ؟ لما لم أفكر في الأمر ؟
تبادل صيغ السم في ظل نظام السحر المعاصر ؟ و هذا من أجل تجنبه لصيغ السموم القديمة و الغريبة ؟
على الرغم من أن معظم هذه الصيغ قد تكون غير مكتملة لنقص المواد اللازمة لتحضيرها ، و أيضا معظمها غير مناسبة لسحر خلط السموم المعاصر ، لأن التحكم في سميتها غير ممكن ببساطة .
بعد كل شيء غلين مجرد ساحر صقل جسد ببنية جسدية تبلغ 139 نقطة فقط ، لا زال بعيدا على أن يكون انتقائيا كساحر رفيع يتمتع بمقاومة قوية للسموم .
ربما بالنسبة للمشعوذين الممارسين لسحر خلط السموم فإن صيغ القدماء مع سميتها التي لا يمكن التحكم بها لا يمكن خلطها أو استعمالها لتنقية الجسد ، و لكن بالنسبة لغلين القادر على التأقلم بالإعتماد على التطور المزدوج السلبي ، فهو قادر على تقبل هذا النوع من السموم رغم عدم اسقرارها .
مندهشا لم يستطع غلين إلا أن يجلس على الكرسي من جديد و يشرع في قرائته لمخطوطة تلو المخطوطة و التي لم يهتم بها من قبل ، و التي لم تكن إلا قمامة في عيون المشعوذين المعاصرين .
بعد ثلاثة أيام .
بعد تسجيل ستة صيغ اختارها غلين بعناية غادر المكتبة أخيرا بارتياح .
بعد قضاء أكثر من 12 ساعة قام خلالها بشراء بعض المواد لدراسة طاقة الإبادة و بعض المواد لصنع السموم ثم عاد لقلعته .
ترجمة و تدقيق : Younes39