رحلة ساحر - الفصل 161 : هل أنا حقا مجرد بائس ؟
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
أم ؟
هذا ….
أثناء الطيران نحو قلعة صيد الشياطين ، من بعيد لاحظ غلين المأدبة التي أقامها الساحر الأبيض بجوار قلعته في الحديقة ، لم يستطع تصديق عينيه .
نار دافئة مشتعلة أمام قلعة الساحر الأبيض ، تم وضع سبعة أو ثمانية طاولات بها أطباق مختلفة من فواكه و نبيذ فاخر ، من حولها أكثر من عشرين ساحرا ذكورا و إناثا يرقصون على أنغام الموسيقى ، ضحكهم الجامح و الصادر من قلوبهم بحرية !
كل ساحر كان مليئا بالفرح و السرور أثناء النظر لبعضهم البعض بود شديد .
في نظرهم ، كان كما لو أن الجميع من حولهم هم أقاربهم الحقيقيين من نفس العائلة !
مشاعر خاصة مثل التي بين كريس و نينا ، علاقة حميمية مليئة بالصدق و الثقة و الدفئ !
” هل … هذه هي حياة الساحر الأبيض ؟ ” صدم غلين و هو يطفوا في السماء .
نعم …
منذ أن سيطر الساحر نيلمار بلا وجه على سفينة أكاديمية ليلثيا للسحر ، عندما قام بتفجير البحار أمام أعينهم بإصبعه ، تغير مصير غلين الأصلي جذريا ، من مجرد صبي إلى ساحر أسود قاسي من أكاديمية إيسوتا السوداء .
البقاء للأصلح على متن السفينة ، الاغتيال و محاولة قتل بعضهم البعض ، محاكمة الوفد الجديد الدموية ، طرد الضعفاء و القضاء على المبتدئين في الصراع الإقليمي بين مدارس السحر …
تقوم مدارس الفصيل الأسود بتلقين طلبتها و تحويلهم إلى الوحوش التي تستطيع التأقلم مع البيئة القاسية ، حتى أن هذه الوحوش تفقد ببطء مشاعرها و الثقة بين الناس .
لكن من ناحية … مدارس الفصيل الأبيض …
غير قادر على التحمل ، شعر غلين غريزيا بالحزن و الغيرة في أعماق قلبه .
من أجل تنمية نخبة مشعوذي الفصيل الأسود في عالم السحر ، فإن السعر مرتفع جدا ! هؤلاء المشعوذون يريدون البقاء و العيش بشكل أفضل ، هل يدفعون الكثير مقابل هذا ؟
لماذا ؟ فهم جميعا بشر في هذا العالم ، لماذا يمكن أن يكون لهؤلاء المشعوذين رفاق مقربون من حولهم ، لما يتم تشجيعهم على فعل هذا ؟ لما على الساحر الأسود أن يكون وحيدا طيلة حياته ؟ أن يتألم وحيدا ؟
لماذا مدارس السحر غير عادلة إلى هذا الحد ؟ لماذا عالم السحر غير عادل ؟ لماذا القدر غير عادل ؟
هؤلاء المشعوذون السود يبدون أقوياء و مستبدين أمام الجميع ، و لكن من وراء الكواليس لا يمكن إلا أن يكونوا أوغادا وحيدين ، مثيرين للشفقة يكافحون للبقاء و ذيولهم بين أرجلهم ؟
ما هي فوائد أن تكون ساحرا أسودا على أن تكون ساحرا أبيضا ؟
لا فوائد على الإطلاق !
يبدو أن الساحر الأسود له الأفضلية في قتال واحد لواحد و قوته القتالية أعتى و يمكنه الحصول على مزايا أكثر من الساحر الأبيض ، لكن لا تزال هذه المزايا مجرد وسائل للساحر الأسود ليزيد من قوته ، الساحر الأسود مجرد آلة قتل ، مجرد دمية في هذا العالم !
بغض النظر عن مدى قوة الساحر الأسود ، فهو مجرد بيدق في نظام الساحر !
من ناحية أخرى … الساحر الأبيض على الأقل … يمكن القول أنه أكثر حيوية … يتألم ، يفرح ، يحزن … بدلا من أن يكون دمية ميكانيكية تختص في القتل فقط .
تنفس غلين بصعوبة كابحا نفسه قدر المستطاع .
لكن فجأة اهتز جسد غلين !
هز رأسه بسرعة ، أظهر من أسفل قناع الرماد ألما رهيبا و توبيخا شديدا لذاته .
ماذا حصل لي قبل قليل حتى أظهر هذه المشاعر الضعيفة ؟ مثل هذا الوهن ! لا فائدة منه إطلاقا !
سواءا كان الشتاء البارد في طفولتي ، العمل مع العجوز هام في قصر النبلاء ، حياتي في أكاديمية إيسوتا السوداء ، الوقائع المصيرية التي واجهتها في عالم السحر ، فإن هذه العاطفة الضعيفة شيء لا أهمية له !
أنا أحسد في الواقع حياة الساحر الأبيض ؟
حقا …
في أعمق جزء من قلبي ، هل أنا مجرد شخص بائس و تافه ؟ يكافح باستمرار ضد رغبته في تغيير المصير ؟
صر غلين على أسنانه ، من جهة هناك أثر للشوق عند النظر إلى مجموعة المشعوذين أمامه ، هذا المشهد يشبه إلى حد ما قضاء وقته مع أصدقائه ، من جهة ثانية هناك قبضة مشدودة بإحكام ، تحاول إجبار هذا الأخير على التخلي على كل الجبن العميق في قلبه .
لا !
هؤلاء المشعوذون ، إنهم فقط حفنة من البؤساء !
حياة سعيدة و حميمية بين الأصدقاء ؟
لكن خلال حربهم الأكاديمية ، شاهد هؤلاء المشعوذون رفاقهم يموتون و يقتلون من حولهم في ساحة المعركة ، كانوا عاجزين عن فعل شيء ! ما هو نوع الألم الهائل الناجم عن تحول المشاعر و العجز ؟
هذا الألم مشابه لمشاعر نينا و مقتل شقيقها !
فقط بعد تجربة هذا النوع من الألم ، في أعماق قلب كل ساحر أبيض ، مسار تفكير واحد و هو حماية من حولهم لجعل عالم السحر أفضل و تحمل مسؤولياتهم ، السعي لأن يصبحوا أفضل من مشعوذي الفصيل الأسود و من أجل منعهم من الظهور في عالم السحر … ؟
بعد الصراع الأكاديمي الإقليمي ، قابل غلين كيلي على متن المنطاد لكن لم يلاحظ أي كراهية أو ألم في عينيها رغم أنه قتل رفاقها ، بل فقط الاستقرار و الهدوء و عاطفة غريبة .
هل تم إخبار الناجين بشيء ما بعد حربهم الإقليمية ؟
يبدو أنه من خلال ما قيل لهم تم تغيير نظرتهم نحو مشعوذي الفصيل الأسود كليا ! دفعهم إلى النضج نفسيا ، إدراك مسؤولياتهم ، التخلي عن تصرفاتهم الطفولية و تطرفهم ، و حتى مشاعرهم !
هل هم مثلنا ؟ يشعرون بنوع من اللوم الذاتي ؟
على من يقع اللوم ؟ على المصير المثير للشفقة للساحر الأبيض و الساحر الأسود ؟
إلقاء اللوم على هؤلاء المشعوذين الروحيين ؟ إلقاء اللوم على عالم السحر ؟
لكن الحقيقة هي أن مشعوذي الروح الحقيقية هم أيضا مجموعة بائسة ، مجرد يائسين يتعين عليهم إتخاذ طرق فعالة لوراثة الحضارة السحرية و استمرار البشرية ، حتى مع حكمتهم ، كانوا يعلمون أن ما يقومون به في غاية القسوة و غير عادل و سيتم توبيخهم و نقدهم من قبل الأجيال اللاحقة ، لكن كان عليهم فعل هذا .
أما عالم السحر ؟ فهو الأكثر بؤسا ، حياته الآن في عد تنازلي مع رغبته في البقاء ، عليه أن يلتهم كل شيء من أجل تغيير المصير .
إذن من عليه أن يلوم ؟ عالم السحر ؟ المشعوذين الروحيين العظماء ؟
هل يلوم عالم الهاوية ؟ المصير ؟
لكن اذا انتصر عالم السحر على عالم الهاوية فماذا عن العوالم التي لا نهاية لها ؟ هل سيكون هناك عوالم و مجموعة من الأحباش العالقين يندبون حظهم و مصيرهم ؟
و لكن ما هو المصير ؟
لا !
المشعوذون عقلانيون لا يؤمنون بالمصير أبدا ! لأنهم لن يستسلموا و دائما يبحثون عن تفسير معين ، يتجنبون الأشياء التي تتعدا العقل !
لن يلوم عالم السحر إلا نفسه على ضعفه و كبريائه السابق و جبنه الحالي ، هذا هو الغرض من استمرار المشعوذين في المقاومة و عدم الاستسلام ، اللمسة العاطفية في روح كل ساحر و التي يتم جمعها لتشكل معا إرادة العالم الأصلية لعالم السحر ، قلب العالم !
تدريجيا تمكن غلين من قمع اضطرابه و شعر بالاستقرار في قلبه و روحه ( نعم إنه الشيطان الداخلي هههه ) .
مسكين ؟
إذا كان عالم السحر مثيرا للشفقة ، فماذا عن العوالم التي تم غزوها من قبله ، و الأعراق المثيرة للشفقة التي تصبح عبيدا ؟
إنهم لا يملكون حتى الحق في أن يكونوا بائسين !
نظر غلين إلى بعيد و ابتسم .
إن مشعوذي الفصيل الأبيض و الأسود المثيرين للشفقة هم مجرد مظهر من مظاهر المشاعر الضعيفة ، من أجل عالم السحر ، المنزل المشترك لجميع البشر ، و بما أننا جميعا بشر ؟ ألا ينبغي لنا أن ندفع القليل و نضحي لحمايته ؟
في هذا العالم ، هناك دائما أشخاص يحتاجون لتقديم المزيد و التضحية ، هذا ما يسمى بالعطاء ، فقط لا يمكن للبعض أن يفهم …
تماما كمحاكمة البرج المقدس و المنافسة في عالم السحر ، لن يفهم الجهلاء في القاع إطلاقا المعنى الحقيقي أبدا .
لأن ما يرونه فقط هو مصيرهم البائس .
لكنهم يجهلون أيضا أنه من دون اتباع هذه القواعد القاسية حتى مصيرهم المزعوم سيختفي من هذا الكون !
…..
يومض شياو با و ظهر في حالة سكر فوق ذراع غلين ، كان عليه أن يضع جناحا على وجه غلين حتى لا يسقط .
هز شياو با رأسه ، و هو يتساءل عن سبب انتقاله إلى هنا ثم لاحظ قناع غلين ( قام غلين بسحبه من الشلة ههه ) .
” هاها ، اتضح أنه الوغد الصغير ! لقد عاد ، ههههه هيا هيا السيد شياو با سعيد اليوم لن ألتقط العظام اليوم ! هاهاها هذه هي حياتي الرائعة ! لا بد أن يعيش الساحر هكذا ! يا الهـي ما هذا الأسود و الأبيض ؟ بعد مقتل هذا الوغد القديم قام هؤلاء الأوغاد الصغار غير المحظوظين بتقسيم نظام السحر إلى فصيل أبيض و أسود ، ما هذا الهراء ؟ هذا … ” .
لم يمتنع شياو با عن قول الهراء ، حدق غلين به و هو يعلم أنه في حالة سكر بعد شربه للكثير من الخمر .
طبعا لاحظ المشعوذون اللامعون غلين ، تردد البعض ثم ابتسموا له دون أن يقولوا شيئا و استمروا في الدردشة و الرقص فيما بينهم .
” آه مرحبا ! أنا أنجيل ! ” ابتسم الساحر الأبيض و جار غلين أثناء اقترابه منه .
قدم له كأسا من النبيذ الأحمر الفاخر .
أومأ غلين برأسه لكن هالة لا مبالته لا تزال تنفر الآخرين من حوله ، أخذ كأس النبيذ من يد أنجيل و لكن لم يكن لديه نية لتذوقه ، قال بهدوء ” أنا غلين ” .
” أم ! ” .
أومأ أنجيل برأسه ، أشار لرفاقه من خلفه و قال ” كما تعلم ، جميعنا من الفصيل الأبيض لذا نجتمع من أجل المرح قليلا ، على أمل ألا نزعجكم ، حسنا ، هذا الببغاء هنا يتمتع بشخصية مثيرة للاهتمام حقا ، نحن نعامله كصديق فقط و ليس لدينا سوء نية ” .
عند رؤية الصدق على وجه أنجيل ، أومأ غلين بشكل عرضي .
” لا يهم حقا ، قلعة صيد الشياطين معزولة بحاجز ، لذا لا حاجة للاعتذار عن الإزعاج ” بعد قول هذا تابع غلين ” أما بالنسبة لهذا الببغاء ، على الرغم من أنه جزء من أملاكي ، إلا أنه عبد روحي أصلي ، رفيق روح تكافلي ، و ليس كباقي العبيد ، لذا صداقاته لا تهمني حقا له الحق في فعل ما يشاء ما دام لا يزعجني بأفعاله … “.
بعد تبادل قصير ، ألقى غلين نظرته الأخيرة على السحرة و هم يغنون و يرقصون بمرح في الحديقة ، سرعان ما طار عائدا إلى قلعته .
كان في تناقض تام مع الفرح و الضجيج في الحديقة .
أنجيل ، شاهد غلين يغادر ، حمل كأسين من النبيذ ثم تنهد ” هل بدأ يستمتع بكونه وحيدا من الآن ؟ من دون مشاعر ؟ الساحر الأسود حقا مثير للشفقة كما قال المعلم ! مجرد آلة قتل تم تجهيزها من قبل البرج المقدس ! ” .
بعد أن قال هذا ، رفع رأسه و ابتلع كأس نبيذ غلين ، استدار و مشى عائدا على ايقاع الموسيقى بجوار رفاقه ، انعكس تعبير وجهه السعيد على ضوء النيران .
في الظلام ، قام العديد من النساء من أنصاف البشر بالتقاط الحطام من مأدبة النار بينما نظروا بشوق و مشاعر مضطربة إلى المشعوذين الذين يغنون و يرقصون بمرح .
و مع هذا لم ينظر إليهم و لا ساحر واحد .
لأنه في أذهانهم و أذهان جميع المشعوذين ، لا فرق بينهم و بين الدمى و مصباح الشارع ، لن ينتبهوا لوجودهم إطلاقا !
إنهم مجرد عبيد ليس لهم مصير بعد الآن .
ترجمة و تدقيق : Younes39
الجملة الأخيرة لها 1000 معنى 😏