رحلة ساحر - الفصل 119 : إجتياح المناطق الخمسة (3)
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
بعد يوم واحد .
مع انقضاء الشمس الحمراء من السماء ، سحق ساحر مبتدئ القفل في يده بينما صرخ في حالة من اليأس .
تلاشى ضوء النار تدريجيا ، شعر غلين بارتفاع عدد نقاطه لكن لم يبدو سعيدا كما ينبغي أن يكون ، بدلا من هذا كان وجهه ملوثا بقليل من الشراسة و الجنون مع عيون حمراء و محتقنة .
لم يعد فرع القناع يصدر صوتا بعد الآن ، و أخيرا علم غلين ما هي اللعنة التي تعرض لها .
كلما أغمض عينيه ، كان يشعر و كأن شخصا ما يحاول الهجوم عليه من الوراء أو خلسة ، كما سمع كل من لافيتي و روبينسون و آخرين يطلبون المساعدة منه ، و غيرها من الظواهر الغريبة التي تأثر على مزاجه و عقله ، لكن بعد فتح عينيه سيعود كل شيء إلى حالته الطبيعية و كأن شيئا لم يجري .
ربما تمكن غلين من مقاومة نداء المساعدة من لافيتي و روبينسون بالاعتماد على حكمته ، لكن بالنسبة للشعور الذي لا يمكن تفسيره بالتعرض لهجوم مفاجئ مما جعله في حالة استعداد و توتر دائم ، يستدير فجأة و يقوم بأشياء مختلفة غريزيا كالدفاع عن نفسه .
ناهيك عن إغلاق عينيه للراحة ، حتى أن الرمش أصبح ترفا كبيرا بالنسبة لغلين .
إذا استمر الأمر ليوم أو يومين فقط لا زال بإمكان غلين الصمود ، لكن لمدة عشرة أيام ؟ …
بغض النظر عن كيفية تغييره لمعلوماته ، فإن هذه اللعنة لم تختفي ، كأنها لعنة غريبة و أكثر عمقا ، استغرق منها يوما واحدا فقط لجعل غلين في حالة ارتباك و جنون .
لا ! لن أكون ضعيفا !
كان غلين يجبر نفسه كما في برج المياه المدمر عندما اقتحم وحيدا ، لقد كان على شفا الجنون التام ، عيون حمراء و وجه مرهق ، أوردة منتفخة على جبينه مع زفير طويل ، طار غلين باستمرار إلى الأمام .
في الوقت الحالي ، تم هزيمة العديد من المشعوذين في المنطقة 12 ، تم قمع و طرد أديولو ، لذا لم يعد بإمكان أي أحد أن يهدده في هذه المنطقة أو أن يكون خصما له .
بالطبع هؤلاء السحرة هم أنفسهم يتنافسون من أجل تأهيل صيد الشياطين و من غير المرجح أن يشكلوا فريقا لمقاومته …
……
بعد مرور نصف ساعة !
أوه ! بوووم !
سقط شخص من السماء بينما طارده شخص آخر من خلفه بلا رحمة ، مع هدير عدم الرغبة حطم قفله و اختفى بعد تشوه الفراغ .
على الأرض وضع غلين سيفه الهيدرا بعيدا ، لم يتأثر بتزايد عدد نقاطه ، نظر بعيون محتقنة بالدماء إلى ثلاثة أشخاص لم يكونوا بعيدين عنه ، أصيبوا جميعا بالصدمة و الذهول !
أم ؟
الأخ الأكبر فارو ؟
في البداية لم يكن لدى غلين اهتمام بهم و لكن بعد رؤية فارو ، بعد التفكير في الأمر قرر المضي قدما و قول مرحبا .
طار غلين و أثناء اقترابه من فارو …
” اللعنة ! ”
مع صرخة ، قام الساحران بجوار فارو بسحق القفل من دون تردد ، لما لن يتجرأوا ؟ لقد رأو بأم أعينهم هذا الساحر و هو يطارد الأسياد العشر الأوائل من أكاديمية إيسوتا السوداء مما أجبرهم على سحق الأقفال و التخلي عن النجاح في محاكمة البرج المقدس .
السامي وحده من يعلم ما قد يقع لهم لو تأخروا عن كسر الأقفال ؟
حسنا ؟
طبعا تبيّن فارو غلين بشكل طبيعي ، لكنه كان خائفا بشدة من هالته المرعبة لذا حتى قبل أن يتاح له الوقت ليشرح لرفيقيه الوضع ، قاما بتحطيم الأقفال من شدة ذعرهما .
بالطبع فهم فارو أيضا مشاعر رفيقيه .
بعد كل شيء ، أراد الثلاثة فقط تجربة محاكمة البرج المقدس و رؤية الأسياد الحقيقيين ، لم يكن لديهم نية للتنافس على تأهيل صيد الشياطين ، صديقا فارو مشابهان له ، كلاهما يدرسان المعرفة الغامضة و لا يجيدان القتال .
اندهش غلين من ردة فعل رفيقي فارو ، لم يهتم كثيرا بينما نظر إلى فارو ” الأخ الأكبر فارو ! ” .
أخرج فارو لسانه و قال مازحا ” لقد أخفتهم بشدة أيها الشقي ، نحن مجرد جبناء في النهاية ! ” .
على الرغم من قوله هذا ، إلا أنه لم يستطع إلا أن ينظر بعيون مرتعشة إلى غلين بينما ابتلع لعابه بالكاد ” أيها الرجل ما المشكلة التي سببتها ؟ ” .
ضحك غلين على الرغم من أن ابتسامته لم تكن إلا قسرية .
فجأة بدا أن فارو قد فكر في شيء ما ، حدق في قناع غلين ثم قال في غير تصديق “عيون بلون الدم و وجه أبيض ؟ مهلا لحظة هل أنت هو الشخص ؟ لا تخبرني أرجوك ! تبا ! ” .
اندهش غلين أيضا ” عيون دامية و وجه أبيض ؟ ” .
نظر فارو إلى قناع غلين الذي كان شاحبا كالرماد ، و عيونه الحمراء ، بعد تأكيد فكرته ابتلع بقوة مع ” بلوو ” قال ببرود ” أيها الرجل إنه أنت حقا ! لقد قمت باجتياح المنطقة 12 بأكملها ! مما أدى إلى كل شيء ، هذا يفسر الكثير ، كان المشعوذون في قوائم الأسياد العشر الأوائل خائفين للغاية ، اختبؤوا جميعا اعتقادا منهم أن ساحرا أسطوريا من منطقة أخرى قد انتقل إلى المنطقة 12 ! ” .
في النهاية لم يتمكن فارو من العثور على كلمة لوصفه ، أراد إطلاق لعنة لكنه شعر أن الجو غير ملائم إذ كان لديه شعور بأن غلين لم يكن في حالة جيدة حقا .
” لماذا … ؟ ”
قال فارو بملل ” عندما تخرج سيشعر العجوز المزعج بالفخر الشديد ، الآن تم نقل ميراثه بالكامل لوريثه الحقيقي ، يستطيع أن يتباهى أمام باقي العجائز ، في الحقيقة لديك سلوك مشابه لأختي يو تشوان عند مشاركتها في محاكمة البرج المقدس آنذاك و قمعها للجميع ! ” .
هز غلين رأسه ” إذا علم المعلم أنك تناديه بالعجوز المزعج من خلفه ، فسيقتلك بالتأكيد بيديه يوما ما ” .
لوى فارو شفتيه و تابع ” كيف سيعلم إن لم تخبره ؟ حسنا حسنا ! أسرع و اجمع النقاط بسرعة ، علي المغادرة أيضا ، لن أجرؤ على التجول لوحدي هنا بعد الآن ! “.
مع قوله لهذت قام بسحق قفله فورا .
لم يكن حتى مغادرة فارو ، أدار غلين رأسه و نظر إلى المرأة الساحرة و التي تخرج ببطء من وراء عمود حجري ، قام بتضييق عينيه و قال ببرود ” كريتيا ؟! ” .
ترتدي فستانا أحمر و أخضر ، مقطوع في منتصفه كاشفا عن جلدها الأبيض و الحليبي ، تبين أن الأنماط الحمراء على فستانها هي عقارب حمراء نارية .
من ناحية تم تغطية منطقة فخذها بواسطة تنورة طويلة لكن من ناحية أخرى تم إبراز قوامها الرشيق و المبالغ به ، على صدرها الشاهق تنزلق قلادة ذهبية غامضة بين قممها ، مما يثير خيال الناس ، و مع هذا كان وجه كريتيا الجميل و المغري في الأون الحالي مليئا بالصدمة بينما تنظر لغلين في ذهول تام .
” قناع الرماد غلين ؟ هل هذا أنت ؟! ” يبدو أن صوتها يتردد من أعماق حلقها مما يحفز رغبة الجنس الآخر .
لم يكن لغلين أي اهتمام بهذه الساحرة الغامضة ، نظرا إلى نقشها الداكن كالحبر و الذي يصل لمائة نقطة ، تومض عيونه المتعبة و الشرسة بضوء بارد ، كان على شفا اتخاذ اجراء لتصرخ كريتيا في ذعر ” لا تفعل ! لقد جئت إلى هنا لأجدك بمبادرة مني ! ” .
قال غلين مندهشا ” تبحثين عني ؟ لماذا ؟ لتعطيني نقاطك ؟ ” ( هههه 😂 ) .
اختنقت كريتيا بعد سماع كلماته ، لوحت بيدها و هي تحاول بذل قصارى جهدها لرسم ابتسامة نقية على وجهها ، قالت بعد تخفيض وضعها ” سيد غلين ، خلال محاكمة الوفد الجديد لم يكن بيننا ضغينة ؟ لذا هل هناك إمكانية للتعاون ؟ ” .
” هاه ؟ التعاون معك ؟ ” كانت عيون غلين الحمراء مليئة بالسخرية ، قال بازدراء ” هل تملكين ما يستحق للتعاون معي ؟ ”
ابتسمت كريتيا له ثم قالت أثناء هزها لرأسها ” قوتي طبعا لا تستحق الذكر ، فلو أني قوية حقا لما منحتني الفرصة للتكلم على الإطلاق ! ” .
في الواقع كانت نظرة كريتيا مليئة بالثقة ، مما جعل غلين مهتما أيضا بما ستقوله ، قمع الإرهاق في قلبه و الإشمئزاز من تضييع وقته ، قال ببرود ” أخبريني إذن ؟ ماذا ستقدمين لي ؟ ” .
لم تستطع كريتيا إلا أن ترفع رأسها بفخر شديد محدقة في عيني غلين لتقول بكل ثقة ” بعد محاكمة الوفد الجديد ، كنت أدرس مبدأ و تغير تردد طاقة النقش على جباهنا في الأكاديمية ، أعلم أنه من المستحيل أن أضمن حصولي على تأهيل صياد شياطين خلال محاكمة البرج الأسود ، و مع هذا إذا كان بإمكاني مساعدة ساحر قوي … ” .
نعم قبل أكثر من عشرة أعوام ، كان غرض كريتيا الحقيقي هو استعمال قدرتها على البحث عن النقوش و بيع النقاط لميلي أو أديولو لمساعدتهما على الفوز و في المقابل ستحصل هي أيضا على بعض النقاط كضمانة .
هذه هي الحكمة التي تنتمي لكريتيا وحدها !
سأل غلين متشككا ” تقصدين هذا النقش ؟ ”
” نعم ! هذا النقش ، طالما أن الساحر الآخر لا يستطيع التحكم في قوة الطبيعة ، بغض النظر عن مدى اختباءه و إخفاء نفسه ، أستطيع الشعور بوضوح بموقعه ! و موقع النقش طالما احتوى على أكثر من 300 نقطة في نطاق لا يتجاوز 5000 متر ! هذه هي نتائج أبحاثي خلال الأعوام المنصرمة ! ” كان لكريتيا لمحة من الفخر .
ذهل غلين للحظة و هو ينظر إلى هذه الساحرة بهدوء !
هذا النوع من الحكمة هو في الواقع نهج جديد ، لن يفكر به المشعوذون العاديون على الإطلاق ، على الرغم من أنه يعد نوعا ما غشا إلا أنه لا زال يعتمد على ذكاء و حكمة الساحر ، لذا منطقيا لا يعتبر انتهاكا للقواعد ، بل ربما قد يثني ساحر حقيقي على عبقريتها .
و مع هذا لم يصدق غلين حقا ما قالته كريتيا ، نظر إليها و سأل ” كم عدد نقاطي ؟ ” .
” بين 6300 و 6400 ” قالت كريتيا بابتسامة و من دون تفكير .
هذه المرة آمن غلين بقدرتها ، قال بعمق ” إذن ما الذي تريدينه في المقابل ؟ ” .
بعد لعق شفتيها ، لم تجبه على الفور بل قالت له بحماس ” في الأصل كنت أريد مساعدتك في العثور على بعض الفرائس و لكن الآن أعتقد أني أستطيع مساعدتك أيضا في شيء آخر ، هل تتعرض للعنة ؟ إن لم أكن مخطئا فهي اللعنة الغامضة التي خلفها اللعنة الأصلية أديولو ! ” .
أصبح تنفس غلين سريعا بينما رد ” نعم صحيح ! هل تعريفين كيفية حل مشكلتي ؟ ” .
عند رؤية قلق غلين ، شعرت كريتيا بالراحة في قلبها ، مع تحرك عينيها قالت له ” طالما قام السيد غلين بتوقيع عقد معي ينص على حصولي أولا على ألفي نقطة في الأيام القليلة المقبلة ، سأخبرك بكيفية كسر اللعنة ، بالطبع سأكون متوفرة للعثور على الفرائس التي تحتاجها لجمع النقاط أيها الصياد ! ” .
ألفي نقطة ، حتى لو تم طرد كريتيا لاحقا من عالم محاكمة تأهيل البرج المقدس ، فإن 1000 نقطة كافية لضمان كون كريتيا مؤهلة كصياد شياطين .
وفقا لتقدير غلين ، هناك ما بين 200000 إلى 250000 ساحر مبتدئ في هذا العالم بأكمله ، مما يعني إجمالي 250000 نقطة ، من بينها يستطيع الساحر الذي تم طرده أو غادر هذا العالم أن يحتفظ بنصف نقاطه فقط ، على الرغم من أن قتل البعض قد يسمح بأخذ جميع نقاطه ، إلا أن عدد النقاط التي من الممكن أن يتنافس عليها ما تبقى من السحرة في هذا العالم هو حوالي 150000 أو أكثر .
خسارة ألفي نقطة مقابل قدرة كريتيا و كسر اللعنة ؟ …
بدون أي تردد قال غلين بصوته العميق ” اتفقنا ! ”
بعد لحظة ، عندما علم غلين أنه قد لعن عن طريق سيفه الهيدرا قام بوجهه القبيح بإلقاءه بعيدا من دون تردد ، بالتفكير في الأمر الآن ، لقد قطع غلين ذراع أديولو باستخدامه ، ربما قام باستخدام دمه و تلويثه لإلقاء اللعنة .
بعد التخلص منه ، على بعد خمسين مترا ، كافح مخلوق غير مرئي و ناعم كالهلام ، كما لو كان شيئا غامضا يلتصق بسيفه الهيدرا من دون شعوره ، في الوقت نفسه يمكن ملاحظة هالة غامضة تتخلل الهواء في الأرجاء كالنسيم البارد .
(ستتم مناقشة الأمور الغامضة لاحقًا في الرواية جنبًا إلى جنب مع موهبة بطل الرواية في الوصل بين الأبعاد ، إنه شيء ينخرط قليلًا ضمن ” الخيال العلمي ” ، ويرتبط بمحتوى أعمق في القصة ، لكن لا تفكر كثيرًا ، فلا علاقة لها بحروب الأبعاد وما إلى ذلك ، فلا توجد هذه الأشياء ، ولا تزال القصة تُروى وفق ” النظام المادي النوعي ” ، كان هذا كلام م . ر )
بعد أن ترك غلين سيفه الهيدرا على بعد بضعة أمتار ، بدأ الصداع العقلي في التبدد ، و يستطيع أخيرًا إراحة جسده و عقله و التنفس ببطء ، من خلفه لم تستطع كريتيا إلا أن تبتسم و هي تتبعه بفخر ، لتقوم بلعق شفتيها الحمراء بلسانها .
……
بعد سبع أو ثماني ساعات رملية …
بتوجيه من كريتيا ، قام غلين بطرد جميع المشعوذين ممن لديهم أكثر من 300 نقطة من عالم محاكمة البرج المقدس في المنطقة 12 ليترك هذه الغابة المقفرة من أعمدة حجرية .
ترجمة و تدقيق : Younes39