رحلة ساحر - الفصل 103 : الحفلة
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
في غرفة يكتنفها التهيج و التوتر الشديد ، تساقط العرق من على جبين غلين و لم يكن حتى لديه مجال لمسحه .
” اللعنة معركة البرج المقدس غدا ! لكن سحر النيران المتفجرة سيستغرق ثلاثة أيام ليكتمل ! هل علي مواصلة إستكماله خلال المحاكمة ؟ هذا جنون ! ” غطى غلين رأسه بيديه و زأر ، من النادر رؤية غلين قلقا و تصرفه كمجنون .
أوه ….
أطلق نفسا عميقا و صر على أسنانه في محاولة للسيطرة على عواطفه .
في النهاية تنهد و قال ” انس الأمر غلين ، نظرا لأني لا أستطيع إكمال هذا السحر بعد الآن ، لذا قد ألتقي برفاقي في حفلة اجتماع رابطة شراع الدم … في النهاية الجميع موجود ما عدا … كريس ! ” .
شعر غلين بخسارة لا يمكن تفسيرها في قلبه .
هذا الشعور بالفراغ ليس فقط لمقتل كريس لكن لأن غلين سيصبح قريبا ساحرا حقيقيا مع نمو حكمته ، إذا أصبح ساحرا حقيقيا في البرج المقدس و وفقا لما قاله بيرانوس سيتم تحويل قوته العقلية إلى لياقته البدنية بعد قرون ، لكن ماذا عن أصدقاءه و من لم يستطع الاختراق ؟
لم يرد غلين التفكير في الأمر لذا هز رأسه بسرعة .
شعر بنفسيته الضعيفة في مواكبة الألم الذي قد تسببه حكمته و تطلعه للأمام !
يبدو أن كل ساحر حقيقي سيواجه شيئا لا مفر منه في مرحلة ما ، أصدقائه أو عائلته سيموتون جميعا أمامه واحدا تلو الآخر …
بالنسبة للسحرة هذه الفترة تشبه تماما فترة المراهقة لدى البشر ، إذ يتم دمج العقل الناضج تدريجيا مع حكمته ليستقر و يصبح ساحرا حقيقيا بالمعنى الحقيقي !
مع تطور معرفته و حكمته سيزداد إدراكه لكم هو صغير و عاجز في هذا العالم الكبير !
” ربما قد تكون هذه آخر مرة أرى فيها هؤلاء الأصدقاء ! ” بنبرة منخفضة تخلص غلين من مزاجه العصبي لأنه لم يكمل بحثه بعد ثم ترنح أمام طاولة الاختبار .
أثناء سيره بهدوء في اتجاه المرآة خلع غلين الرداء الفضفاض ثم ارتدى رداءا أزرقا أرستقراطيا أهدته إياه لافيتي ، ارتدى أقراطا مزخرفة و خاتم الكرمة و قلادة الفرح ، مع قبعة مهيبة مرصعة بالجواهر الكريمة ، كان شعره الذهبي مصففا بعناية ينسدل خلفه كالحرير الذهبي ، قام بارتداء زوج من الأحذية الأرستقراطية العالية و المخصصة للاحتفال في مناسبة النبلاء .
في خطوة نادرة التقط غلين زجاجة فينوس من زاوية كرسيه و قام بوضع القليل أسفل إبطه و رقبته .
نظر غلين لنفسه في المرآة ، لقد كان مختلفا عن شخصيته المعتادة الغامضة ، كما لو أنه تغير ، حاول قدر المستطاع أن يبتسم ابتسامة مهذبة ثم خرج من غرفته .
سار بخطى ثابتة على مهله نحو قاعة تجمع رابطة الشراع .
نظر بعض الأعضاء لغلين بدهشة ، بينما بادلهم غلين التحديق بغرابة فهو لم يعتد على كونه مركزا لاهتمام الجميع قط .
” في العادة أتمتع دائما بنظرة كالصقيع و غامضة ، إذا كان بإمكاني تغييرها فهل كان من الممكن أن أصبح صديقا لهم في ظل تغيير القدر و ترتيباته ؟ ” .
غلين لا يعلم و لم يهتم .
و مع هذا ابتسم غلين اليوم و استقبل الجميع باحترام شديد مستخدما آدابه كساحر ، رد البعض عليه في حالة حماس و صدمة كما لو كانوا نبلاء منافقين مما غير طبيعتهم دون إدراك منهم .
بعد إلقاء التحية على بعضهم البعض بشكل عرضي ، غادر غلين بينما لا زال الجميع غارقين في حيرتهم .
قبل عامين ، أثار إدراج إسم غلين في القائمة المحتملة للأكاديمية ضجة لا يستهان بها في رابطة الشراع ، لأنه دليل على أن غلين له القدرة على أن يصبح واحدا من الأسياد 10 الأوائل ، و أن له أمل في النجاح في محاكمة البرج المقدس ، بطولة تأهيل صيد الشياطين !
سار غلين على مهله ، كما لو كان يحاول تذكر وجوههم في قلبه .
ربما …
بعد الغد ، هذه الوجوه ستصبح جزءا من ذكرياته فقط و إلى الأبد ، في أعماق لا وعيه … ( يا لشرفهم ههه 😂😂 أنا لا أمزح 🙃 ) .
على الرغم من أن أليستر و بيل لم يعترفا بعد بحبهما لبعضيهما البعض ، إلا أن العلاقة الحميمية بينهما واضحة للعيان .
” غلين من الرائع أن تتمكن من القدوم ! لا ينبغي أن تكون الملكة السامة غاضبة بعد الآن ! هاهاها ” ابتسم أليستر و سلم كأسا من النبيذ الأحمر لغلين .
ابتسم غلين بشكل عرضي و أخذ رشفة من النبيذ الأحمر .
مع تحرك عيون بيل و التي تعتبر الآن أشهر ساحرة مبتدئة في جيل غلين و هي تنظر إلى ملابسه مع ابتسامة ” غلين ! رداءك الأرستقراطي أكثر جاذبية من المعتاد ، كما متوقع من نبيل ساحر و أنيق ! ” .
ابتسم غلين و هز رأسه ” أنت مخطئة فأنا لم أكن كلافيتي قط … ” .
لم يقل غلين الكثير ، لأن الجميع على علم بأن غلين لم يكن من النبلاء في عالم البشر ، و نظرا لأن بعض الأشياء لم تكن مهمة فلا داعي لذكرها .
في وسط القاعة لا زال أزواج من المشعوذين يرقصون مع أنغام الموسيقى ، كان على وجوه البعض ابتسامة البهجة حتى أن البعض منهم نظروا للزوج الآخر و قاموا بتقبيله بحماس .
فجأة سار رجل في اتجاه غلين بشكل عرضي ، على الرغم من ارتداءه لملابس أنيقة إلا أنه لا زال يتسم ببرودته و قلة العاطفة كعادته .
هذا الشخص ليس إلا سام !
نظر سام إلى ملابس غلين المختلفة اليوم و مثل غلين بدا أنه يحاول أن يرسم ابتسامة بقدر الجهد ليقول ” تهانينا ، لقد تم وضع اسمك في قائمة الأكاديمية المحتملة ” .
هز غلين رأسه و لم يقل الكثير بل ابتسم ” بالمقارنة معك من تم تصنيفه ضمن الأسياد 10 الأوائل بالفعل لا زال أمامي طريق طويل لقطعه ! ” ( تبا لتواضع البطل 😑 ) .
أومأ الاثنان لبعضيهما البغض ضمنا .
كان الفارق هو أن سام قد نظر إلى غلين كما لو كان مسرورا و فخورا بإنجازاته ( يقصد غلين ) ، الساحر المتواضع الذي يصعد فجأة مع مكانة مرموقة ، تماما كما ينظر كبار السن إلى بعض الصغار بعقلية متفوقة ( لا أعلم لكن لدي إحساس أن سام سيتم دحسه 🙂🙂 حرفيا … أو ربما يصبحان صديقين ؟ حسنا موهبته و شخصيته لم تكن سيئة حقا 🤔🤔 ) .
لكن …
غلين حاول طبع صورته فقط في قلبه .
هل سيخترق سام كساحر حقيقي أيضا و ينضم لجواره في البرج المقدس ليصبح صيادا للشياطين و يقاتل معه في عالم السحر ؟ ( أحيانا أشعر أن البطل منافق … مهلا لحظة هو منافق بالفعل 😑 ) .
أو ربما قد يصبح جزءا من ذاكرته فقط …
مشى غلين و سام في اتجاهين مختلفين ، لاحظ شخصيتين مألوفتين تسيران بجانبه ، لكن غلين نظر لجواره و لاحظ شخصا آخر بين الحشد رفع كأس النبيذ في اتجاهه كتحية .
لديه شعر أسود أملس ، و جسم طويل ، صدر عريض كما أنه قد قام بحلق لحيته ، ارتدى ثوبا أرستقراطيا بجانبه ساحرة تتكئ على كتفه .
هذا الشخص ليس إلا أرميدا الرجل الذي وقع في يوم من الأيام في غرام لافيتي و شعر بالغيرة من غلين و أراد قتاله في محاكمة الوفد الجديد .
عند رؤيته لغلين ظهر أثر من الرطوبة في عينيه و من أجل إخفاء مشاعره الهشة رفع كأسه و ابتلع النبيذ ثم بذل قصارى جهده ليبتسم بينما عانق رفيقته المجاورة له ، لكن أثناء احتضانه لها مارس القليل من القوة عن غير قصد مما جعلها تعبس .
ابتسم غلين أيضا و أومأ برأسه بخفة ، مر عبر الحشد الراقص ثم سار في اتجاه لافيتي و روبينسون و روبن .
” هاهاها غلين ! أنت هنا أخيرا ، أختي لافيتي ستفقد صبرها قريبا … ” قهقه روبينسون و رقص مع روبن على أنغام الموسيقى بحرية .
لاحظ غلين نظرة روبينسون و سعادته ، الابتسامة الصادقة على وجهه ، لن ينسى غلين أبدا هذه الليلة الضائعة و الحالمة ، هذا الرجل عديم الضمير لا بد أنه يحاول إراحة نفسه بجانبه فقط .
هناك بعض الأصدقاء لا يهتمون ببعضهم البعض عادة ، فقط في مواقفه الصعبة يدرك المرء أن له أصدقاء حقيقيين في هذا العالم يحمونه من خلفه .
نظر غلين إلى روبينسون ، الأصدقاء المقربون حقا يحبون إيذاء بعضهم البعض ..
نظر غلين حوله و قال ” هاه ؟ أين نينا ؟ ”
بعد لوي جسدها رمقته روبن و هي تشير بإصبعها إلى نينا المقنعة وسط الحشد الراقص ” أنظر هناك ! ” .
نظر غلين إلى نينا ، لاحظ ابتسامة مشرقة و ناضجة بادية على وجهها ، و هي ترقص ببراعة و دقة ، يبدو أن تعبير الفتاة الخجولة قد ولّى بالفعل ، في المقابل لاحظ الساحر المبتدئ الذي التقى به في محاكمة الوفد الجديد اسمه لوري .
كان متوسط المظهر ، ذو شخصية مملة ، قصير القامة و لا يتكلم كثيرا ، لكن نظر إلى نينا باهتمام شديد ، لا تزال خطواته أثناء الرقص متشنجة إلى حد ما .
” أتمنى لكم السرور ! حظا سعيدا لكم أيها الأصدقاء ! ” ابتسم غلين لروبينسون و روبن ثم سار مباشرة نحو إمرأة تجلس لوحدها أثناء شربها للنبيذ الأحمر بينما تتظاهر بعدم رؤيته .
ترتدي تنورة حمراء ساخنة تبرز شكلها الرشيق ، تتألق أقراط القمر الكريستالية على أذنها ، رموش طويلة و شعر قصير أسود بني ، عيون باردة و حادة كالنسر مع قليل من الاستبداد ، اهتز حذاءها الأبيض مع كعبه العالي على إيقاع أنغام الموسيقى .
في هذه اللحظة قال غلين في قلبه ” إنها لافيتي ! الملكة المتسلطة و السامة و التي يخافها الكثيرون ، تحمي أقاربها و رفاقها بصدق و إخلاص ، بالطبع مع قليل من التنازل ، لا تستسلم أبدا و لا تهتم بسوء فهم الآخرين لها ، إنها لافيتي و لا تزال ، فريدة من نوعها ، إمرأة تجعل قلبي ينبض ، أجمل إمرأة في نظري و النور الساطع الذي لن يختفي من ذكرياتي ! مطلقا ! ” ( هاه 🫤 البطل متى صار شاعر رومانسي ؟ تبا أنا لا أزال عزابي يا جماعة قلبي يتشقق 💔 ) .
مشى غلين ثم مد يده بابتسامة مرحة ” سيدتي الجميلة إسمحي لي بهذه الرقصة ؟ ” .
ظهر قوس ساحر على زاوية فم لافيتي ، بعد وضع الكأس على الطاولة و بابتسامة مازحته بعد مد يدها ” أخشى أن مهاراتي في الرقص قد تطغى ؟ صحيح ؟ ” .
رد غلين ” إذن من فضلك اعتني بي ! ” .
في أعماق عينيها الباردة و المتسلطة ، ابتسامة لطيفة لا تحبذ إظهارها أمام الغرباء ، اتبعته لافيتي بسرعة و رشاقة ، بعد خفض حاجبها و النظر لرقصة غلين المتشنجة لم تستطع إلا أن تنفجر من شدة ضحكها .
هذه هي المرة الأولى التي يرقص فيها غلين في حياته ، و ربما تكون أيضا …. الأخيرة له ( مممم هذا السطر له معنى … 🙂🙂 ) .
نظر غلين و لافيتي إلى بعضهما البعض ، كلاهما حاول كتم ضحكتيهما قدر المستطاع للحفاظ على الجو الرومانسي بينهما .
من النادر أن يتمتع المشعوذون بهذا النوع من المرح خاصة بالنسبة لساحر أسود …
لم تستطع لافيتي إلا أن تنظر في عيون غلين لتقول ” أشعر أنك مختلف قليلا اليوم ؟ هل طرأ شيء ما ؟ هل تعاني من شيء ؟ ” .
لم تختفي ابتسامة غلين ، لكن نظر إلى لافيتي بهدوء شديد ، قام بتخفيض حاجبيه قليلا ثم هز رأسه و قال ” لا ! لا شيء ! لا تقلقي فقط لنرقص حتى ترضى قلوبنا ! ” .
لم تطرح لافيتي المزيد من الأسئلة ، كلاهما استمتع بالتفاهم الضمني و درجة الحرارة المألوفة و نبض قلبيهما مع قليل من الحيوية .
بينما كان يرقص ، لاحظ غلين فتاة تجلس بمفردها و هي تشعر بالملل ، أوليفيا التي كان لكريس علاقة معها ، لكن غلين لم يعلم إذا ما تطور حبهما لبعض أم لم يفعل قبل وفاته .
في الزاوية كان بيرج ، أحد زعماء رابطة الشراع ، ابتلع الشامبانيا الخضراء بهدوء ، وضع يده على وجهه فجأة و يبدو أنه يفكر في شيء ما ، نظر إلى الحشد الراقص بعيون عميقة و حزينة ، كحكيم يحاول فهم فلسفة الحياة من حوله !
بعد إطلاقه لتنهد إبتسم غلين مجددا .
وضع يده على خصر لافيتي ، استمتع بهدوء بلحظاته الرائعة ، كما لو أنه أراد طبع هذه الصور للأبد في روحه ، لن ينساها أبدا …
ترجمة و تدقيق : Younes39
أممم كان فصلا جميلا حقا رغم بساطته …
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.