رحلة ساحر - الفصل 72 : لينتبه الجميع !
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
غرفة لافيتي ، في الخارج انتظر كريس و نينا و روبينسون و روبين بالاضافة لعدد قليل من المبتدئين ممن التقى بهم غلين و من لم يكن على دراية بهم أيضا ، لا بد أنهم أعضاء في رابطة شراع الدم أيضا .
طفا غلين من السماء و سأل على وجه السرعة أثناء نزوله ” ما خطبها ؟ ” .
” غلين أدخل بسرعة و ألقي نظرة عليها ، لم يسبق لي أن رأيتها تعاني بهذا الشكل ! لم تسمح لنا بالدخول حتى أنها طردتني ! ” قال كريس بوجه عابس و قلق .
” أمم حسنا ” .
أومأ غلين ثم دخل الغرفة و ترك الجميع .
تنهد كريس و قال ببطء ” غلين هنا ليتفرق الجميع الآن … ” .
بعد مغادرة الجميع لم يتبقى سوى كريس و نينا و روبن و روبينسون في الخارج في انتظار الأخبار من غلين .
لم تستطع روبن إلا أن تتردد و تقول بغير تأكيد ” الآن ؟ يبدو أن غلين لم يستخدم السحر للطيران أم أني مخطأ ؟ ” .
أم ؟
فجأة تذكر الجميع أن غلين حقا لم يستخدم أي سحر أثناء الطفو .
فتح روبينسون فمه على مصراعيه و قال متفاجئا ” هل اخترق و أصبح ساحرا حقيقيا ؟ فقط الساحر الحقيقي يستطيع فهم قوة الطبيعة و الطيران في السماء من دون استخدام السحر ! ” .
” مستحيل ! ” كان كريس أول من اعترض ، يا لها من مزحة ، لم يلتحق غلين بالأكاديمية إلا قبل أعوام تعد على أصابع اليد .
قالت نينا بخجل ” ربما … هو سحر فريد بالأخ غلين ، أليس لديه مرشد بالفعل ؟ ” ( باستثناء لافيتي ، لا كريس و لا نينا و لا روبن و لا روبينسون على علم بأن مرشد غلين هو عميد الأكاديمية ! ) .
بعد فترة غادر الجميع ببطء ، شعروا أن غلين أضحى غامضا أكثر فأكثر ، يبدو أن الفجوة بينهم في اتساع مستمر ! ( لقد قلتها في بداية الرواية أنتم من عوالم مختلفة ! 🙂 ) .
في الواقع تحليق غلين قبل قليل كان تأثيرا ناجما عن استخدام غلين المبسّط لسحر الجاذبية .
……..
بعد دخول غلين إلى غرفة لافيتي .
” ألم أخبرك ! أنا بخير ، لا داعي للقلق بشأني ! أخرجوا فورا من هنا ! ” على طاولة المختبر تقوم لافيتي بدراسة الأوراق الحمراء بانتباه و تركيز شديد ، تنضح هذه الأوراق برائحة قوية ، لم تستطع لافيتي إلا أن تصرخ مع شعورها بالخدر من دون أن ترفع رأسها في اعتقاد منها أنهم مجموعة كريس و باقي رفاقها .
تدفق ضوء الشمس و أنار مختبر لافيتي الواسع ، رف كتبها ذو الطابع الأرستقراطي و الكلاسيكي ، العديد من نبتاتها النادرة من بينها كرمة عملاقة تحيط بالمختبر مما حوله لحديقة نباتية خضراء ملونة .
بالطبع باعتباره شخصا مقربا من لافيتي ، علم غلين أن هذه النباتات لم تكن مجرد زينة .
في مثل هذه البيئة ، و بينما تدرس لافيتي بتركيز و جد ، لامس ضوء الشمس شعرها البني ، و الذي نما قليلا كاشفا عن غطرسة لافيتي المتأصلة .
فجأة تقلص بؤبؤ عين غلين بعد رفعها لشعرها عن وجهها عن غير قصد ، أحكم قبضته دون وعي منه .
لاحظ أن نصف وجهها قد فقد رطوبته و ذبل و بدا ميتا ، انتشر الجلد الذابل على طول الرقبة و حتى أسفل الملابس ، ربما تم تحويل نصف جسدها بالفعل ، رغم أن براعم النبتة الخضراء على جلدها تحاول إصلاح الضرر باستمرار ، إلا أن السرعة جد بطيئة و شبه مستحيلة لعلاجه بالكامل ، قد يستغرق تعافيها شهورا أو أعوام .
علم غلين أن السحر الذي أثر على لافيتي هو سحر بيونا النادر ، الإمرأة الشريرة التي تفضل التظاهر بالبراءة كملاك .
لكن بالتفكير في الأمر و مزاج لافيتي الحار و السام مع مزاج بيونا المتغير ، يستطيع غلين تفهم الصراع بينهما فهما كالماء و النار تقريبا إن صح القول .
في هذه اللحظة ، نظر غلين للافيتي ، رأى أن مظهرها أضحى قبيحا و مثيرا للاشمئزاز ، لكنها لا تزال متعجرفة كعادتها ، كاد قلبه أن ينفطر ، تذكر وعده على متن السفينة مع لافيتي .
لن يستيطع غلين الانتقام للافيتي ، و الا فإن العلاقة بين الاثنين ستتغير مع نقض الوعد ، ما كان بوسعه الآن إلا الجلوس بهدوء بجوارها و محاولة دعمها .
ساد السكون لمدة طويلة في غرفة لافيتي مع نسيانها لمن دخل و انشغالها بالأوراق بين يديها ، لذا لم يحاول غلين كسر السكون .
لا علم لأحد بكم استغرق الأمر ، لكن يبدو أن تجربة لافيتي تحقق بعض التقدم إذا أنها قامت أخيرا بأخذ رشفة من قهوتها الباردة متمددة بكسل .
في هذه اللحظة نظر كلاهما لعيني الآخر مع جو من الرقة و الذعر .
لافيتي التي لم تهتم بوجهها قط في مواجهة كريس و البقية لم تستطع إلا أن تغطي وجهها الذابل فورا و برفق كغريزة منها ، يمكن القول أن عيون الملكة الفخورة و الواثقة تبدو الآن غير مستقرة و متسرعة .
ظل المختبر صامتا لفترة إلى أن كسرته لافيتي أخيرا ” هل أنت هنا ؟ ” ( لا ليس هنا ! ما ترينه مجرد شبح 😬🤦 ) .
كان صوتها قاسيا و باردا بعض الشيء ، حتى غلين حبيبها قد عاملته بلسانها السام و ببرود ، نظرا لمظهرها القبيح .
قامت بتخفيض يدها ببطء و التي تغطي وجهها ، يبدو أنها تستعيد بالفعل مظهرها الفخور إلا أنها قد قامت بتخفيض رأسها لكي لا يتمكن غلين من رؤية تعبيرها بوضوح .
لم يجبها غلين ، مشى برفق و استشعر درجة حرارتها باستخدام حاسة الشم ، حاول تحسس مزاجها المعقد بقلبه ثم همس ” هل من تقدم في التجربة ؟ ” .
تردد صوته الناعم و المنخفض ، كما لو أنه لم يهتم بمظهر لافيتي القبيح على الاطلاق ، لم يذكر بيونا ، في محاولة للتعبير عن مشاعره ‘ أنا هنا ! لا تقلقي ! ‘ .
كلاهما تجنب ذكر مسألة بيونا بذكاء .
تشي …
مع ضحكة مكتومة و عميقة ، وقفت لافيتي فجأة ، و بغض النظر عن مظهرها حدق غلين في عيونها اللامعة كالنجوم ، قالت في فرح منها ” غلين ! اتضح أن الموهبة مجرد وسيلة مؤقتة للدعم فقط ! قالت المعلمة لي أن المعرفة هي أهم شيء للسحرة ، لم نعد مجموعة من الأطفال السذج و الضعفاء بعد الآن كما كنا على متن السفينة ، حتى تقديسي لليائسين قد تغيّر ! ” .
ذهل غلين و لم يفهم الغرض من قول لافيتي هذا ، كان التناقض ضخما و غير منطقي ، لكن كلماتها صدمته بالفعل .
هل الموهبة مجرد أداة للدعم ؟ أما المعرفة فهي أبدية !
فجأة فكر غلين في سحره الثلاثي السري ، و هو سحر يعتمد على نسخ و تقليد هدايا الآخرين الفطرية ، كان هذا السحر في الأصل مجرد استخدام معين لمعرفته بقانون الحياة لمساعدته على سرقة موهبة الآخرين بالقوة ، الآن بعد امتلاكه لموهبة الجسد المغمور في النيران أراد غلين عدم استخدام هذا السحر لحين عثوره على موهبة أفضل في المستقبل .
لكن ….
لقد نسي النقطة الأهم ، و هي أن الموهبة هي مجرد أداة دعم مؤقتة فقط كما تقول لافيتي !
بالنسبة للمشعوذين ، فقط الهدايا الفطرية المميزة يمكن أن تساهم في مرحلة معينة من التطور و التغيير التجريبي ، و إلا فإن السحرة المبتدئين و من لديهم قوة عقلية أقل من 10 غير قادرين على إظهار مواهبهم الفطرية لن يكونوا تعساء .
نعم !
أخيرا فهم غلين قصد بيرانوس و الساحر أبولو ! تتحسن معرفة السحرة باستمرار ، بينما الموهبة لن تساهم إلا في مرحلة معينة و تزول ، لتصبح مجرد ذكرى في تاريخ الساحر ، في هذه المرحلة فقط من زاد تعطشه للمعرفة و تعلم المزيد من خلال خبراته هو الساحر الحقيقي !
……
ظل غلين جالسا في غرفة لافيتي ، صامتا كالشبح ، شاركها فرحتها و جانبها المندفع الذي لا تظهره الملكة المتغطرسة عادة إلا أمام غلين فقط !
في الليل و مع ارتفاع القمر في السماء القاتمة ، سارت لافيتي في بهو الأكاديمية بكل ثقة بخطواتها الثابتة ، بدا أنها مختلفة و أقوى من أي وقت سبق لها ! ( نعم إنها الملكة ! 🌹🔥 ) .
في ليلة اليوم سيتجمع أعضاء رابطة الشراع ، يبدو أن لافيتي لم تعد تهتم بمظهرها أو سلوكها أمام الآخرين ، بغض النظر عن كونها جميلة أو قبيحة ، لا تزال تسير كالملكة كما لو أن كل شيء يتمحور حول ذاتها .
تابع غلين من خلفها كالظل من دون صوت أو رائحة مع رداءه الرمادي و البسيط .
” لافيتي ! لقد كنت في انتظارك ! ” فجأة تردد صوت حاد مع ظهور ساحر مبتدئ آخر في البهو الطويل .
هذا الساحر الذكر طويل القامة و نحيف كعمود الخيزران ، ارتدى رداءا أخضر ، شعر أسود طويل غطى وجهه ، لكن لم يستطع إخفاء الكراهية و الألم و الحزن في عيونه .
حدق في لافيتي بكراهية لا يمكن وصفها .
نظرت لافيتي بدورها لهذا الشخص و قالت بهدوء ” التاسع من بين الأسياد 10 الأوائل ؟ توأم الماء و الأرض لوه جيا ؟ ” .
لا زال صوتها فخورا و واثقا ، على الرغم من أن قوتها لا تقارن بقوة العشرة الأوائل في الأكاديمية ، إلا أنها على علم بأنها لم تكن وحيدة في هذا البهو .
” أختي الصغيرة بيونا ! هل تذكرتها ؟ فتاة بريئة و مفعمة بالحيوية و البهجة ! لم أرها قط تعاني من مثل هذه الإصابة منذ التحاقها بالأكاديمية ، يا لك من إمرأة شريرة و من دون ذرة رحمة ! كساحرة حقيقية معلمتي لا تستطيع الانتقام لها ، و لكن كأخ أكبر لا أستطيع العفو عن ما فعلته لها ! ” .
تردد صراخه المليء بالكراهية مع اندلاع موجة من القوة السحرية تلاها عمود من الماء .
لم تتحرك لافيتي و لم تحاول المقاومة !
خطى غلين فجأة و خرج من الظلال ، باسخدام درع النار مد يده و صد عمود الماء و مع هذا مع انفجار موجة النار تم تقليص حدقة عين غلين من أسفل القناع ” هذه القوة السحرية ! … ” .
صر على أسنانه ، و قام باستهلاك الأحجار السحرية ، ثم قام بتغيير اتجاه عمود الماء بصعوبة .
بوووم !
انهار أحد الجدران بعد تضرره ، بعد تردد صدى الانهيار تم تنبيه بومة ، مع عينيها الخضراوتين حدقت في لوه جيا الذي اتخذ إجراءا و هاجم لافيتي داخل أسوار الأكاديمية .
كان غلين كالظل ، تراجع في صمته وراء لافيتي ، لم يظهر أي عداء ، لم ينظر إلى لوه جيا حتى !
فتح لو جيا عينيه على مصراعيهما ، أخذ نفسا عميقا و حدق في غلين المقنع و تمتم بغير تصديق ” هناك ساحر مبتدئ مثلك في الأكاديمية ؟ .. ربما مر وقت طويل منذ مغادرتي للبرج الأسود ” .
حدقت البومة في لوه جيا و قالت بحدة و برود ” أنت الآن … ” .
فجأة يمكن رؤية صدمة البومة و ذهولها بعد توقفها عن تأنيبه ، هذا جعل لافيتي و غلين و لوه جيا مذهولين أيضا ، ألن تعلن عن عقابه ؟ ما الذي وقع لفريق إنفاذ القانون و حراس الأكاديمية ؟
بعد ربع ساعة ، لاحظ غلين أن البومة تقوم بنشر أجنحتها لتحلق عاليا ، لم تعد تهتم به أو الباقي ، تصيح في السماء مع صرخة ” انتباه ! لينتبه الجميع ! ليلتقي كل ساحر مبتدئ بمعلمه فورا في البرج الأسود ، بالنسبة لمن ليس لديه مرشد بعد ! تجمعوا في ساحة الأكاديمية ! انتباه … إلى جميع السحرة المبتدئين … ” .
مئات الآلاف من البوم تصرخ في السماء ، كما لو أن شيئا كبيرا قد وقع ، تردد صوتها في كل أرجاء أكاديمية إيسوتا السوداء !
في لحظة واحدة فقط تغير مزاج الحميع في الأكاديمية من الهدوء إلى الإثارة و الذعر ! 🔥🔥
تبقى فصلين على نهاية المجلد الثاني …
ترجمة و تدقيق : Younes39