رحلة ساحر - الفصل 71 : القوة المزدوجة للتنافر و الشدّ ( الجاذبية )
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
أشرق ضوء الشمس و أطل على مقعد المختبر من خلال النافذة ، امتلئ جو المختبر برائحة زكية مصدرها سائل زهرة الكحول ، يانع و مرير ، مما يمنح الناس شعورا بالسكر .
” في هذا السحر المزدوج المتمثل في التحكم في الجاذبية من تنافر و شد ، كساحر مبتدئ لا تتمتع بالقدرة على توجيه قوة الطبيعة بعد ، لذا تستطيع فقط الصد و الشد باستخدام جسدك كمركز ثقل لتشكيل هجوم أو دفاع فعال ، قبل أن تصبح ساحرا حقيقيا ستستخدم هذا الحجر من عروق الأرض لأداء سحر التنافر و الشد مؤقتا ” .
يبدو أن بيرانوس يعاني من ضمور في فمه ، أخذ رشفة من زهرة الكحول ثم استمتع بمرارته .
بعد تدوين ملاحظاته ، كان تعبير غلين مرتبكا ” بعد زرع الحجر هل سيتحطم جلدي حقا ؟ مسببا ضررا دائما لا يمكن إصلاحه ؟ ” .
سأل غلين نفس السؤال للمرة الثالثة .
هذا الضرر الدائم يتمثل في انهيار الجلد و اللحم كالموجود على وجه بيرانوس و باقي أعضائه ، بعد تقشر الجلد و سقوطه من جميع أنحاء الجسم ، تتم خياطته من جديد ، ليبدو ككيس رمل قبيح أو كرة جلدية من المطاط .
” همف إذا رغبت في الحصول على شيء ما ، فلا بد من دفع الثمن ؟ و أيضا المظهر مجلد جلد على عظم ! من قد يهتم لأمره ! ” استنشق بيرانوس بغير رضا ، بدا غاضبا بعض الشيء ! ( فرع لي تشي ههه ) .
” انتظر ! انتظر ! ”
قفز غاهي القط الأسود فوق طاولة المختبر و قام بلعق مخالبه بينما ابتسم ” أيها العجوز ، أنظر ! بدون معمودية الزمن ، يولي السحرة الصغار اهتماما بالمظهر ، دعني أخبرك ، لنبدأ مع تحول العين السرمدية أولا ، على الأقل سيتغير مظهره بشكل أقل ” .
بعد أن استنشق بيرانوس مرة أخرى ، ألقى حجر الجاذبية على غلين و قال بحزن ” قرر بنفسك إذن ! ” ثم غادر المختبر .
” مرحبا أيها الصغير ! العجوز حزين فقط لذا استشاط غضبا بسرعة ، لذا غلين احذر ” رفع القط الأسود ذيله ثم مد مؤخرته و قفز بعيدا مرة أخرى .
التقط غلين الحجر الأسود المغطى بالمسامير و قام بشد شعره بتعبير قبيح ، شعر بالحرج الشديد ، بالنسبة له رغم أنه يكره المظهر القبيح أيضا إلا أنه قد يفعل أي شيء لاكتسابه للقوة و المعرفة حرفيا .
و مع هذا ، كان على غلين أن يأخذ في الاعتبار مشاعر لافيتي أيضا .
بالتفكير في الأمر ، إذا تم تحويل لافيتي لامرأة قبيحة ، فسيشعر هو الآخر بعدم الارتياح نوعا ما .
” ماذا سأفعل ؟ حجر الجاذبية ، التنافر و الشد ، … مهلا لحظة ! ” كان غلين قلقا و بما أن بيرانوس قد قال أن الضرر دائم فلا شك في أنه دائم ، أي أن تقنية التبديد الخاصة به لا يمكنها سوى تغطية السطح مؤقتا .
” انس الأمر ! سأفكر في المشكلة لاحقا ، أحتاج لدراسة هذا السحر أكثر ، ربما قد أعثر على بعض المعرفة لحل مشكلة الضرر ، علاوة على ما سبق ، صيغ تبادل و تفاضل السحر المزدوج تكفي لإبقائي مشغولا لمدة نصف عام على الأقل ، هذا السحر ليس بالسهل قط ! ” قام غلين بغربلة أفكاره و استمر في دراسة سحر الدرع الناري ثم دراسة الخيمياء و السموم ، الصيدلة و من ثم تحسين التطور السلبي باستخدام عشرة عصي سحرية …
منذ بداية تدريبه على خلط السموم مرة كل شهر و حتى الآن ، تتحسن لياقة غلين البدنية و مقاومته للسموم يوما بعد يوم .
بعد نصف عام .
جلس غلين في مكتبة بيرانوس أثناء تقليبه لأحد كتبه ، بينما راودته فكرة مجنونة .
عنوان المدونة التي قام بحملها غلين ” مناقشة عن الدم الميكانيكي ” ، كان كتابا عن إبداع سحر الميكانيكا ، و لأنه نوع جديد قام بيرانوس بإضافته إلى مكتبته الخاصة .
في الحقيقة ، لا يهتم غلين بالميكانيكا ، لا يعني أن سحر الميكانيكا ليس قويا أو أقل شأنا من باقي أنواع السحر و لكن غلين غير حساس بطبيعته اتجاه التروس و تحويل الطاقة لذا لم يحاول قط تعلم هذا النوع من السحر و أساسياته ، و مع هذا و بمرور الزمن مؤخرا ، تعرض غلين للاضطهاد المستمر من توبيخ بيرانوس ، لذا تردد بشأن استخدام حجر الجاذبية .
و مع هذا بعد قراءة مناقشة الدم الميكانيكي ! شعر غلين بقليل من الإلـهام .
أكبر فرق بين المشعوذين الميكانيكيين و المشعوذين العاديين ، بغض النظر عن أجزاء الجسد الميكانيكية ، هو تقنية تحويل الدم الميكانيكي الاصطناعي ، باختصار آخر ، تم استبدال الدم بسائل صناعي لنقل الطاقة و من ثم توليد طاقة حركية ميكانيكية .
الغاية من زرع حجر الجاذبية في الجسم هو على وجه التحديد من أجل تحويله كمركز ثقل في الجسم من أجل تحقيق توازن معين بين التنافر و الشد ، عبر عدة صيغ حسابية يتم تحديد و تفعيل إزدواجية قوة سحر الطرد و الجرّ !
في الأشهر الستة الماضية وجد غلين أن السبب الأكبر في الضرر الدائم الذي يلحقه الحجر بالجلد يعود إلى القوة الغير متساوية و التي تؤثر بدورها على الجسم بعد كل استخدام لقوة الطرد و الجرّ .
بكل بساطة ، لأن جسم الانسان ليس كرة و ليس له مركز ، مما يؤدي إلى تقشر الجلد و اللحم مع تأثير القوة المتضادة للمد و الجر ، الحل الوحيد هو خياطة الجلد و اللحم بخيوط سحرية مرنة ، ثم بووووم كن بيرانوس القبيح !
و مع هذا لدى غلين حل فرضي .
ماذا لو قام بطحن حجر الجاذبية لمسحوق ؟ ثم قام بمزجه بدمه و توزيعه بالتساوي في جميع أنحاء جسمه كالدم الميكانيكي ؟ ألن يغير هذا إحداثياته ؟ في هذه الحالة ؟ سيتم توزيع هذه القوة المتطرفة للطرد و الجر بالتساوي على الجلد و اللحم و لن يؤدي لأي آثار جانبية .
في خضم إثارته ، ركض غلين بسرعة و توجه إلى مختبر بيرانوس .
” حسنا … ربما قد تنجح هذه الفكرة ، لكن اذا تم خلط الدم الاصطناعي مع حجر الجاذبية … أممم تبا إنس الأمر ، لا معرفة لي بسحر الميكانيكا و علم الأحياء و نقل الدم ، سأقوم بأخذ نصيحة عجوز آخر ، إنه صديق لي ، لنرى إذا ما كان بإمكانه إنشاء سائل معدل اصطناعي ” بعد قوله غادر بيرانوس المختبر .
بعد شهرين ، حصل غلين على السائل الاصطناعي المعدل من بيرانوس كما أراد و شعر بالاثارة و الحماس لتجربته .
تنهد بيرانوس بجواره ” في صغري لو استخدمت عقلي بقدر ما تستخدمه الآن فلن أكون على هذا الحال لأكثر من 1000 عام ! ” .
” تستطيع إستبدال دماءك بهذا السائل الاصطناعي أيضا ، من دون استخدام قوة التنافر و الشد ، تستطيع بالتأكيد استعادة وجه انساني طبيعي بمساعدة تقنية علاج متقدمة ” قال غلين مع بعض الارتباك .
هز بيرانوس رأسه ” انس الأمر ، بعد أكثر من 1000 عام أنا معتاد على مظهري بالفعل ” .
اندهش غلين من رد بيرانوس .
………
بمرور الأيام انغمس غلين في استكشافه للمعرفة التي لا نهاية لها ، و مع كل يوم شعر غلين بمدى صغره كما زاد تعطشه للحصول على المزيد .
بعد مرور عام آخر ، استطاع غلين تعلم سحر الدرع الناري ، و مع تجربته تمكن من فهم هذا السحر بالكامل و طريقة عمله .
بادئ ذي بدء ، يستطيع سحر الدرع الناري الدفاع ضد أي نوع من الطاقة .
نظرا لخصائص الجسد المغمور في النيران و النيران الأبدية ، يمكن لسحر غلين الدفاعي بسهولة صد متوسط هجوم عنصري بقوة تقل عن مائة نقطة ، كما أنه قادر على إضعافه في حالة كان الهجوم بقوة أعلى من مائة نقطة .
و مع هذا يبدو أن دفاع الدرع الناري أوهن ضد عناصر الرياح و الأرض ، فقط من 70 إلى 80 نقطة ، بينما تزداد فعاليته ضد عناصر الماء إذ تصل إلى 150 نقطة ، بالطبع إذا تمكن هجوم عنصر الماء من اختراق نطاق الدرع الناري ، فقد يصبح أكثر فتكا لغلين من العناصر الأخرى !
أما بالنسبة للدفاع ضد الهجوم الجسدي ، تبلغ حوالي 30 نقطة فقط ، و لكن نظرا لأن هذا السحر قد تم إنشاءه باستخدام عناصر النار المكثفة في فترة زمنية قصيرة ، و من خلال ضغط الطاقة بشكل كبير قدرة الهجوم الناري المضاد أعلى بالتأكيد من عنصر النار العادي الخاص بغلين ، قوة دفاع أعلى بمعدل 30 بالمئة ، بالاضافة لنيران غلين الأبدية .
نظرا لأن درع النيران عبارة عن سحر يسمح بضغط عناصر النار على الفور ، بالنسبة للساحر العادي سيتبدد الدرع نظرا للضغط العالي بعد تلاشي عناصر النار للحظة ، لكن حالة غلين شاذة نوعا ما ، نيرانه لديها خاصية الخلود ، يستطيع استهلاك طاقة سحرية أقل للحفاظ على اشتعال النيران ، هذا يعني قدرته على الحفاظ بشكل مستمر على سحر الدرع الناري !
مع هذه المزايا ، من الآن و صاعدا سيصبح درع النيران أقوى دفاع لغلين و أفضل من درع قناع الرماد .
بسعادة شديدة ، قرر غلين دراسة سحر النيران المتفجرة أخيرا .
كما أنه أدرج التعليم الأساسي لعناصر الماء و الرعد في جدول دراساته و أبحاثه .
” حسنا سأشرع في دراستها بعد انتهاء التجربة ! ” فكر غلين .
لكن …
في عشية اليوم ، استقبل غلين اتصالا غير متوقع من روبينسون .
” روبينسون ؟ ما المشكلة ؟ ألن تدردش معي كالعادة في الكرة البلورية ؟ هاها ” وضع غلين المنتج الشبه نهائي في يده أثناء دراسته للخيمياء و مازح روبينسون بابتسامة .
كان غلين في مزاج جيد بعد تحقيقه لتقدم أولي في سحر القوة المزدوجة التنافر و الشد ( الجاذبية ) من خلال تبسيطه و تطبيقه ، كما أن تجاربه تسير باتزان خاصة بالنسبة للخيمياء .
لكن سرعان ما أدرك غلين أن هناك خطأ ما بروبينسون ، برؤية التعبير القبيح على هذا الأخير إذ لم تكن له نية للمزاح على الاطلاق !
” ما المشكلة ؟ لا تتردد في القول ” قال غلين على وجه السرعة و شعر بعدم الارتياح .
صر روبينسون على أسنانه و قال” لافيتي قد عادت لتوها من الفناء المهجور و قد تعرضت للإصابة ! … ” .
تغير تعبير غلين ، عادة الإصابة هي مسألة تافهة للساحر المبتدئ ، و لكن نظرا لوجه روبينسون الجاد و القبيح فلابد أن إصابتها خطيرة على غير العادة .
” من هو ؟ ” تردد صوت غلين البارد عبر كرته البلورية .
رد روبينسون ببطء ” بيونا ! ” .
ترجمة و تدقيق : Younes39