رحلة ساحر - الفصل 65 : ساحر ظلام ؟
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
” يا آنسة أدخلي بسرعة ! ” ذهل الرجل السمين و أسقط ستارة العربة ، حدق في غلين و الآخرين و قال بصرامة ” يا فرسان ! … ”
” سيدي لم نرى أي شيء ، لا تقلق ! ” قال فارس متجول مخضرم فورا .
نظر الرجل السمين و القصير لغلين و باقي الفرسان الذين تظاهروا جميعًا بالغباء و الذهول ، بعد النجاح في اختباره أطلق السمين شخيرا باردا و قاد القافلة .
” ما الذي تخاف منه ؟ بعد كل شيء ، سأصبح ساحرة مبتدئة بعد وصولي إلى مدينة بانغار … ! ” لم تستطع الفتاة الصغيرة إلا أن تتمتم من داخل العربة بعدم رضا ، طبعا تردد صوتها في آذان غلين و باقي الفرسان , اندهش هذا الأخير ، هل من الممكن أن تحتوي مدينة بانغار على ساحر حقيقي ؟ هل يخطط لقبولها كتلميذة له ؟
أسفل ستار الليل ، جلس الفرسان الخمسة حول النار بينما شربوا الخمر ، على الجانب الآخر جلس الرجل السمين مع الفتاة حول شعلة أخرى .
بعد عشرين يوما ، أصبح الفرسان الخمسة أكثر دراية ببعضهم البعض ، لذا حاول البعض التباهي مع بعض الثرثرة .
الرجل الأقوى بين الفرسان الأربعة لقبه هو حاكم الدببة ، مع رأسه الحليق و اللامع ، تفاخر بمغامراته السابقة و التقاءه ببعض السحرة و الوحوش المتحولة ، لكن كانسان عادي و فارس متجول اقتصر اتصاله و خياله على هذا فقط ، من جهة أخرى فارس آخر ذو نظرة شريرة و ماكرة ، لقبه هو الكوبرا ، أما الاثنان المتبقيان فكلاهما توأم ، لقبهما الفأس و المطرقة الحديدية ، كلاهما أيضا من النوع الثرثار كحاكم الدببة .
أخذ غلين رشفة من مشروبه القوي بينما عبس ثم قام بابتلاعه بالقوة أثناء شعوره بالاثارة الشديدة .
” هاها ! أيها الطاغية ! أليس شرابي منعش ؟ إنه قوي جدا ، رائحته قادرة على إسكار الناس ناهيك عن تجرعه كله ” قال حاكم الدببة أثناء ضحكه و الكأس في يده .
بعد طرد غلين للرجل سيء الحظ من الحانة بيد واحدة أطلق عليه باقي الفرسان كنية الطاغية نظرا لشراسته كما قد تم انتخابه كقائد للمجموعة الحالية .
لم يفتح غلين فمه ردا على الفارس ، بل تناول جرعة أخرى من الجعة ، في هذه اللحظة ، يبدو و كأن غلين قد تخلى كليا عن أخلاقه كساحر و آدابه ، أصبح أكثر شبها بالفارس المخمور و القذر ، لو شاهدته لافيتي أو روبينسون لشعر كلاهما بالصدمة الشديدة ، لقد أصبح غلين شخصا مختلفا كليا !
لكن كان في عقل غلين فكرة أخرى عن وضعه الحالي .
تتمتع تقنية التبديد بالقدرة على التحويل و التغيير ، فهي لا تحتاج فقط لتغيير المظهر بل مهارة في التمثيل ( لا أعلم لكن ذكرني بكلاين من لورد و تمثيله 😂😂 ) ، يمكن القول أن غلين في وقته الحالي في صدد اكتسابه للخبرة من خلال ارتدائه لقناع الفارس المتجول .
” مرحبا ! ما الذي تتكلم عنه … ؟ ” فتح الفأس فمه فجأة و شرع في الثرثرة هو الآخر عن النساء ثم أشار للفتاة و الرجل السمين ، بالطبع لم يكن مهتما بمجرد فتاة صغيرة ، ما أثار فضوله كأي فارس متجول هويتها كساحرة مبتدئة !
” أيها الأحمق هل تريد أن تقتل ؟ يمنع التكلم عن المشعوذين بسوء ! ” قام المطرقة بضربه على رأسه بينما زمجر بنبرة منخفضة .
من ناحية أخرى وقف الكوبرا من دون أن ينبس بحرف واحد و غادر ، بدا أنه على وشك ممارسته لبعض الفنون القتالية فهي تعتبر الطريقة الوحيدة للفارس من أجل زيادة قوته و صقل لياقته و قدراته .
بينما ثرثر حاكم الدببة مع التوأم المطرقة و الفأس لم يهتم غلين كالعادة بهم بل ركز على الكوبرا ثم سار في اتجاهه لمراقبته …
على مدى العشرة أيام الفارطة أو نحوها ، استمر الفرسان الخمسة مع القافلة في التحرك بنفس الوتيرة ، غلين باعتباره قائدا و فارسا متجولا ، ركض باستمرار للأمام و للوراء على أهبة من أي مخاطر محتملة ( و ؟ ) ما جعله محل توقير شديد لبقية الفرسان الكسالى .
في عشية اليوم مد غلين يده فجأة و أشار للقافلة بأن تتوقف عن التحرك .
” أيها القائد ما الأمر ؟ ” صاح حاكم الدببة بصوته العالي ، كما قام الرجل السمين باخراج رأسه من للعربة .
” شيء خاطئ في المقدمة ! ” قال غلين بهدوء ، كان غلين كفارس عجوز مع خبرة عالية و كأنه قد لعق طعم الدماء لأعوام ، في وسط الغابة و في مكان نائي ، إنه المكان الأفضل لنصبهم الفخاخ و الكمائن !
دهش المطرقة و حاكم الدببة ، عبس الفأس و قال ” من تجاربي السابقة ، لا ينبغي أن يتواجد أي قطاع طرق هنا ، أيها القائد هل أنت متأكد ؟ ” .
أومأ غلين برأسه ، بالطبع لم يقل أنه قد أحس ببعض قطاع الطرق من خلال حاسة الشم .
سرعان ما خرج قطاع الطرق من تلقاء أنفسهم ، أربعة عشر لص في المجمل ، أحاطوا بالقافلة من كل اتجاه ، مع ضبط النفس لم يتخذ الفرسان أي اجراء .
خرج الرجل السمين من العربة بابتسامة على وجهه ، ممسكا بكيس مليئ بالقطع الفضية ، ألقى به لزعيم قطاع الطرق قائلا ” هذا المال عربون صداقة مني ، من فضلك اسمح لنا بالتحرك ! أعتقد أنه أفضل لراحة كلينا ! ”
توجد قاعدة بين قطاع الطرق و الفرسان ، إذا لم يستأجر التاجر فارسا متجولا ، فإن قطاع الطرق سيتحملون اللوم عن محاولة القتل ، لكن في حال ما استأجر فارسا متجولا ، قد تؤدي المعركة إلى خسائر فادحة لكلا الطرفين ، لذا عادة ما يمكن التخلص منهم بمبلغ بسيط من المال ، في النهاية يدرك الجميع عيشتهم و رؤوسهم معلقة بأحزمتهم في هذا العالم ، لا حاجة للاقتتال إلا للضرورة بين البشر .
التقط الزعيم الكيس ثم نظر إلى الفرسان الخمسة هز رأسه و قال ” لو كان في الماضي ، لتركتكم ! و لكن لسوء الحظ ، أنا هنا بأمر … إنه يريد منكم البقاء هنا … ” لوح الزعيم بيده بابتسامة شريرة ، اندفع العديد من قطاع الطرق .
ذهل الرجل السمين و بذعر نظر لزعيم قطاع الطرق .
” اللعنة ! إلى المعركة أيها الفرسان ! ” زمجر حاكم الدببة ، بينما شعر الكوبرا و التوأم باليأس ، من الواضح أن سلوك قطاع الطرق الجامح و الدموي مدعوم و ليس مجرد ابتزاز أو سرقة .
فجأة ، عم السكون المكان ، نظر الجميع للسيف العملاق الدموي في حالة صدمة .
” آه ! ” تردد صراخ بائس ، نظر زعيم قطاع الطرق إلى السيف العملاق الذي اخترق جسده و مزقه لنصفين ( أليس ميتا بعد ؟ ) ، حاول الكفاح زاحفا مرة أخرى بيده ، تناثر الدم و عدة أجزاء من أعضائه الداخلية في كل مكان .
تفاجأ غلين .
بعد اندفاع زعيم قطاع الطرق في اتجاهه ، و لأنه لم يتعلم بعد أي فنون دفاع عن النفس ، فقد لوح بسيفه الثقيل فقط بشكل غريزي ، لم ينتبه الزعيم لقوة هجوم غلين ، حتى أنه استعد للهجوم المضاد ، في نظره كان مجرد مبتدئ .
و لكن في اللحظة التي صد فيها سيف غلين الكبير ، شعر بثقل شديد ، مع احمرار عيونه تم كسر ذراعه بينما اخترق السيف العملاق من خلال جلده و لحمه ممزقا اياه الى نصفين .
مشاعر و أفكار الاثنين طبعا لم تكن معروفة للباقي ، سواءا قطاع الطرق أو الفرسان ، ما رأوه فقط هو تلويح غلين العشوائي و قطع الزعيم لنصفين بأدنى جهد يذكر .
” أنت !… اللعنة !…. أيها الطاغية … هذا ! ” تلعثم حاكم الدببة من شدة الصدمة ، حتى أنه قد شعر بالشفقة على زعيم قطاع الطرق .
كان الكوبرا و الفأس و المطرقة جاهزين أيضا للمعركة لكن من كان يتوقع هذا التغيير المفاجئ في عكس الأدوار ، و أن الفجوة في القوة قد تؤدي إلى انهيار الجميع على الفور .
أما غلين فشعر بالعجز الشديد .
‘ كانت رغبتي في الأصل هي القتال مع قطاع الطرق لفترة ، على أي حال لدي تقنية التبديد ، طالما لم يقطع رأسي فلا حاجة للذعر ، غايتي هي تطوير مهاراتي و صقل جسدي من خلال القتال كفارس ، لكن على ما يبدو أن قوتي تتجاوز بالفعل قوة الفارس العادي ! ‘ .
لمس غلين أنفه و تردد ، متساءلا عن ما إذا كان ينبغي عليه الاستمرار في قتل باقي قطاع الطرق .
” فارس أسطوري ! إنه فارس أسطوري ! ” صرخ أحد اللصوص و أشار لغلين مرتجفا ، إنه التفسير الوحيد لقدرته على قتل الزعيم بشكل عرضي مع مجرد تلويح .
نظر الفرسان الأربعة لغلين بنظرة تقديس ، لم يستطع الكوبرا الذي ظل صامتا إلا أن يتمتم ” فارس أسطوري ؟ كم هو عظيم ! ” .
الفرسان الأسطوريون ، من صقلوا لحمهم و دمهم إلى أقصى حد ، يستطيعون استجماع القوة من اللحم و الدم في المعركة لتخطي حدود البشر ، كما يستطيع الفارس الأسطوري أن يصبح خادما للساحر ، ثم سيحاول أن يرفع من قوته باستخدام السحر و ربما في يوم ما قد يسير أخيرا في طريق القوة الحقيقية ! أن يصبح فارسا سحريا !
بالطبع لا زال هذا المسار محدودا ! و ميؤوسا منه ، على الأقل لم يظهر قط أي فارس أسطوري سحري ( ملاحظة فقط من الممكن أن يتغير هذا المصطلح مسقبلا ) في عالم السحر بقوة ساحر من المستوى الرابع منذ العصور القديمة !
” آه .. هذا صحيح ! ”
أومأ غلين ببساطة ، على أي حال سينفصل عن القافلة بعد وصوله لبوابة مدينة بانغار ، لا توجد إمكانية لرؤية بعضهم البعض مجددا في المستقبل ( سواءا تعلق الأمر بالمكان أو الزمان ، فإن مبتدئي السحر و الفرسان ليسوا على نفس المستوى ، يبلغ الحد الأدنى لعمر ساحر مبتدئ 200 عام و أحيانا أكثر ، أما الفارس ؟ فهو مجرد انسان الحد الأدنى له 100 عام فقط ! ) .
بعد سماع رد غلين ، أظهر اللصوص و الفرسان تعبيرا صادما ، الفرسان الأسطوريون في الحقيقة أندر من المشعوذين في هذا العالم .
” جيجي … فارس أسطوري ؟ عظيم … ! ” تردد أزيز ثم ضحكة غامضة و شريرة فجأة على مسامع الجميع ، ظهر شخص من العدم بابتسامة غريبة على مرأى من الجميع ، صرخ قطاع الطرق و الرجل السمين القصير باستثناء فرسان غلين ” ساحر ظلام ! ” .
من خصائص سحرة الظلام وجود هواء عفن رمادي و رائحة الموت من حولهم ( فقط للمشعوذين منخفضي المستوى ، رفيعوا المستوى لديهم القدرة على قمعها بقوتهم العقلية ) ، على ما يبدو نتيجة لقتل الكثير من الناس و امتصاصهم لطاقة الحياة من البشر و حتى طاقة الموت من الموتى ، بالاضافة لطاقة أخرى غامضة كنوع من المشاعر السلبية كاليأس و الفزع و الغضب و الحزن !
قيل أن البرج المقدس هو الوحيد الذي لديه القدرة على اخفاء و تبديد هذه الطاقة السلبية ، لذا فإن من يرعاهم لا يطلق عليهم سحرة ظلام على الاطلاق ! بل صيادي شياطين !
هذا الساحر المظلم له وجه طفولي ، من الواضح أنه في 16 أو 17 من عمره تقريبا ، بالطبع لم يفكر البعض في عمره بل شعروا بالفزع الشديد فقط ، فكلمة ساحر ظلام مرادفة دائما لقتل و ذبح البشر في قارة السحر .
” انتظر ! ”
خرجت الفتاة من العربة بسرعة مذعورة كاشفة عن علامة سوداء غريبة في يدها ، لم تكن على علم بما هي ، لكن فور رؤية الساحر المظلم للعلامة تغير تعبيره و ذهل للحظة .
من ناحية أخرى ، ذهل غلين أيضا .
لكن سبب ذهوله مختلف كليا ، هذا الساحر المظلم بدا ضعيفا جدا … لا ؟
حتى نقاط قوته العقلية البالغة 30 نقطة قادرة على الاختباء من إدراكه ، لم يدرك حتى أنه ساحر مبتدئ ، ماذا جرى لعالم السحر حتى يتجرأ ساحر ظلام واهن على التجول بطلاقة و حرية في القارة السحرية ؟
نظر غلين إلى الساحر المظلم الذي ظهر فجأة كما لو كان ينظر لعينة تجريبية نادرة ( اعتادوا على الأمر ههه البطل مهووس و مريض ) .
ربما ينبغي له الحفاظ على هذه العينة التجريبية ؟ ( باستخدام سحرة الظلام كفئران مختبر أتساءل عما إذا تجرأ البعض منهم على الانتقام ؟ ) أو ربما أقطع رأسه و أقوم بتسليمه للمعلم كمهمة فرعية ؟
ففي النهاية ، لا زال ساحر ظلام ! …
ترجمة و تدقيق : Younes39