رحلة ساحر - الفصل 64 : فارس متجول
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
” آه … ”
تردد عويل هاري المؤلم بعد احتراقه في الهاوية ، رغم صراخه إلا أنه لم يستطع اطفاء النيران ، في غمضة عين اشتعل و تدحرج على الأرض و تمرغ في بركة الطين كالضفدع القبيح .
” لن تغفر لك نقابة صيد العاج ، سينتقم القائد فأس الرعد جاد لي ! ” حدق هاري ببغض و كراهية في غلين قبل مقتله .
لم يتأثر غلين و لم يهتم بالتهديد ، قال بهدوء ” إلى الجحيم ! ” رفع يده و ألقى كرة نارية أخرى .
” شوووو …. بووووم ! ”
بعد انفجار ، عم الهدوء و السكينة الوادي ، احترق هاري بالفعل و تحول لرماد ، سخر غلين و نظر إلى الشمس في السماء ، بالكاد استطاع تحديد اتجاهه ثم سار بعيدا .
بعد سبعة أيام .
المغامرة لعشرة أيام خارج أسوار الأكاديمية قد أفاد غلين حقت ، خاصة بعد مطاردته لهاري في الأيام القليلة المنصرمة ، شعر بطاقة لا نهاية لها في كل خلية من خلايا جسده بعد تعزيز إمكاناته الحقيقية .
لم يستطع إلا أن يتنهد ، فسحر صقل الجسم يحتاج حقا لأن يغامر صاحبه من فترة لأخرى و الممارسة بجد و بشكل متكرر .
في هذا اليوم ، رأى غلين أخيرا قطعة أرض ، على ما يبدو أنها مزرعة ، تأكد حينها أنه قد غادر بالفعل أراضي أكاديمية إيسوتا السوداء في غابة الأشواك و قد دخل بالفعل إلى مستوطنة بشرية ، في هذه الحالة ، عليه التخطيط بحذر من الآن و صاعدا .
أثناء تفكيره ، سارع غلين في اتجاه مزارع عشوائي من المزرعة .
كان هذا المزارع عجوزا طاعنا في السن و نسخة طبق الأصل عن العجوز هان ، عند رؤية غلين و رداءه الفضفاض ( الرداء هو رمز يشير للمشعوذين و يمنع على البشر ارتداءه في القارة السحرية ) ، أبدى عن سعادته و استعد لقيادته و توجيهه لكن … غلين قد رفض العرض …
أثناء سيره بمفرده فكر غلين في النقاط الرئيسية لهذه المهمة و أوجه القصور بها .
وفقا للمعلم بيرانوس ، على غلين أن يركز على اكتسابه للخبرة أولا و قبل كل شيء ، في النهاية لا زال ضعيفا و مجرد ساحر مبتدئ في هذا العالم ، لا حاجة للاندفاع بتهور ، في النهاية غاية بيرانوس و غلين على حد سواء هي محاكمة تأهيل صيد الشياطين بعد 15 عاما ، و لكن بما أنها مهمة داخلية تم تأطيرها من الأكاديمية و معله ، فعلى غلين على الأقل أن يتحقق من الوضع العام و تحليل المخاطر .
شرع غلين في التفكير في خطته فورا .
بالنسبة لساحر الظلام ، يتمتع هذا الأخير بسلوكين شاذين يميزانه عن باقي المشعوذين و هما ذبح البشر لغرض بحثي شرير ، الثاني هو تجنيد السحرة المبتدئين قسرا كعبيد أرواح ( فقط النخبة من سحرة الظلام من يستطيع استعباد المشعوذين ) .
على الرغم من أن بيرانوس قد قرر بناءا على كمية من معلوماته الاستخبراتية أن هذا الساحر المظلم مجرد مبتدئ ، فمن يستطيع تأكيد هذا ؟ ماذا لو كان ساحرا حقيقيا ؟ سيهرع آنذاك لمقتله و قبره لا غير .
لذا أفضل خطة هي التنكر …
بصفته من العامة سابقا ( متسول في طفولته ) ، كان غلين على دراية بقواعد المدن ، بعد التجول في الشوارع قام بشراء درع فارس ، بعد ارتداء الدرع وضع الخنجر العظمي على خصره ، ثم وضع القناع و الأقراط و القلادة و باقي أدواته جانبا ، استخدم تقنية التبديد ، مع اختراق ندبة على الجهة اليسرى من وجهه من عينه لجبينه بدا غلين شرسا و مرعبا .
ثم اتجه إلى محل حدادة متخصص في بيع الأسلحة .
” أحضر لي سيفا كبيرا ، من الأفضل أن يكون ثقيلا و متينا ” فكر غلين ، نظرا لرغبته في الاستفادة من إمكانياته الجسدية البالغة 36 نقطة ، قرر اختيار سلاح من النوع الثقيل لتحسين قوته و معدل تحمله .
امتلأ متجر الحدادة برائحة العرق و رائحة احتراق المعدن الكريهة ، بلحية محترقة على كلا خديه مع بعض العرق ، نظر الحداد لغلين ، خلع مئزره الأزرق القذر كاشفا عن أكتافه العريضة و عضلاته السميكة ، بعد لحظة أخرج سيفا من المستودع بمقبض عريض انزلق على الأرض تاركا أثرا واضحا .
بعد التقاطه للسيف الكبير ، لوح به غلين مرتين في الهواء ، شعر أن الحجم و الوزن مناسبين ، بالاضافة لكونه لا يمتلك أي مهارة تذكر في استخدام الأسلحة و فنون الدفاع عن النفس من قبل لذا قال بارتياح ” حسنا كم سعره ؟ ”
لم يستطع الحداد إلا أن يقلص بؤبؤ عينيه بعد رؤية غلين و هو يلوح بالسيف الثقيل بشكل عرضي ، لم يتمكن من إخفاء مدى صدمته بينما فكر سرا ‘ هذا الفارس قوي جدا ! ربما أقوى من هؤلاء الأوغاد في الحانة ، ربما قد يصبح فارسا أسطوريا في المستقبل ! ‘ .
كان هذا تقييم الحداد لغلين . ( هذا شرا يقول ؟ ) .
……..
بشكل عام يتم تقسيم المدن إقليميا إلى جزئين ، الجزء الأرستقراطي ( النبلاء ) و الجزء التجاري ( التجار ) .
تهتم الطبقة الأرستقراطية بالتباهي و الرقي فقط ، تقوم بانفاق الأموال التي تقوم بجمعها من الخدم و عامة الناس ، كما تهتم بمكانتها و تفوقها و إشباع رغباتها باستمرار عند الحاجة .
أما الجزء التجاري فهو مليئ بالفوضى و قمامة المجتمع و قذراته و حتى عنفه .
دخل غلين إلى الحانة حيث يتجمع الفرسان غالبا ، تم ملء الحانة بالأفواه التي تبصق الرغوة الممزوجة بالبيرة ، تردد صراخ النساء و ضحكاتهن و اللاتي واصلن التغزل بالفرسان و إمتاعهم ، بينما تفاخر بعض الرجال بمغامراتهم في القارة السحرية .
” بووووم ! ”
دفع غلين الباب بكل غطرسة ، مما جذب أنظار الجميع إليه بمن فيهم بعض الفرسان ، عثر على طاولة فارغة و جلس بشكل عشوائي ، بعد لحظة مرت بجواره إمرأة ترتدي ملابس كاشفة بمؤخرتها العريضة ، على الرغم من كبر سنها و أنها لم تعد جميلة كشبابها إلا أن مظهرها الحار و الناضج هو النوع المفضل لدى الفرسان ، قامت المرأة بالانحناء و وضع الجعة على طاولة غلين ، أثناء استلقاءها و النظر إليه ، تم ضغط ثديها على الطاولة بجوار يد غلين .
ابتسم غلين ، باعتباره متسولا عاش في مدينة بي سير ، فهو بالطبع على علم بالقواعد .
أخرج عملة فضية و قام بدسها في الفجوة بين ثديي المرأة تحت نظراتها الساخنة ، كالفرسان قام بلصق راحة يده على صدرها ضاغطا بقوة بينما تحسسها ببطء و غنج ثم قال ” إذا سمعتي عن أي مهمة في مدينة بامير أو بجوارها ، اتصلي بي … ” .
” أمم ! ”
أخرجت المرأة العملة الفضية من صدرها على حين غرة ، نظرت لعيون غلين مع قليل من الإثارة .
لقد مر عام منذ أن زار الحانة رجل كغلين يستطيع دفع عملة فضية ، لم تسطع إلا أن ترى غلين في ضوء جديد بعد تفكيرها سرا ‘ إذا لم أجد المهمة ، سأتصل به الليلة ؟ قد أجني دخلا آخر من يدري ؟ ‘ .
لكن سرعان ما قامت بتبديد أفكارها .
بعد ساعة فقط قام رجل سمين و قصير ارتدى خذاءا جلديا مطاطيا بفتح باب الحانة ، ألقى نظرة على الأجواء الصاخبة و القذرة داخل الحانة ، ابتسم كاشفا عن عدد قليل من أسنانه الذهبية المرصعة ، قال بصوته العال ” أحتاج لنقل بعض البضائع لمدينة بانغار ، أريد خمسة فرسان أشدّاء و أقوياء ، المكافأة عملة ذهبية واحدة ! ”
بشكل عام يستغرق الترحال من هذه المدينة إلى مدينة بانغار حوالي عشرين يوما ، كما أن مكافأة نقل البضائع تقدر بثلاثين أو أربعين عملة فضية فقط لكن من الواضح أن هذا السمين تاجر فاحش الثراء ! .
” هوو ! استأجرني ؟ معي لن يتجرأ أي لص على سرقة البضائع ” وقف فارس مغامر و الذي ضايق الفتاة المجاورة له قبل قليل ، زأر بصوته القوي كما أظهر جسده الذي من دون قميص كالدببة العملاقة .
” هاها ، من تظن نفسك ؟ أيها السمين لا تستمع لتفاخره ، لقد فر في إحدى مهامه من اللصوص ، لم يستأجره أحد في الحانة لعدة أشهر ! ” افترى فارس آخر و حاول التباهي بعضلاته .
من جهة أخرى وقفت المرأة بسرعة بجوار غلين لتهمس في أذنه ” مدينة بانغار تقع على بعد أحد عشر ميلا فقط شرق مدينة بامير ” .
” هوو هل تغازل … ؟ … ” .
مع انتشار الفوضى في الحانة ، خاض الفرسان معركة شرسة لتحديد الأقوى ، صرخت المرأة بجوار غلين بعد سقوط رجل آخر على الطاولة و كسرها ، نظر غلين إلى الطاولة ، بما أنه قد خطط لقبول مهمة نقل البضائع فلا بد عليه من إظهار مهاراته ، حاول اغتنام الفرصة فالتقط معصم الرجل سيء الحظ الذي اصطدم بالطاولة ، قام برفعه بذراع واحدة ثم مع تلويح منه تم طرد الرجل خارج الحانة بالرغم من كفاحه العقيم ، استمر غلين في تجرع كأسه بلا مبالاة .
بالطبع حركة غلين استطاعت جذب أنظار الجميع ، أدرك الفرسان أن غلين ليس مجرد فارس عادي و ليس من السهل العبث معه ، لذا تجنبوا عمدا عدم الاقتراب منه بينما استمروا في الشجار .
تومض عيون الإمرأة بجوار غلين أثناء اقترابها منه .
بعد عشرة دقائق ، فاز أربعة فرسان بالشجار ، عانوا جميعا من انتفاخ في الوجه و كدمة سوداء ، ضحك الرجل السمين القصير و قال ” لنغادر بسرعة ، الآنسة الصغيرة لا تستطيع الانتظار ! ” .
هاه ؟
ذهل غلين ، يبدو أن الآنسة الصغيرة جزء من البضائع أيضا ؟
في وقت لاحق ، اجتمع غلين و الفرسان الأربعة مع التاجر السمين و القصير أمام بوابة المدينة مع أربعة عربات ، ثلاثة منها محملة بالعديد من الأعشاب الخاصة ، ما عدا عربة واحدة فاخرة مخصصة لنقل النبلاء .
” مارينغتون ! هل كل شيء بخير ؟ ” ظهر وجه صبية من نافذة العربة ، من الواضح أنها في عمر 14 أو 15 فقط ، و مع هذا صدم غلين و باقي الفرسان .
رداء ؟ هل هي ساحرة مبتدئة أيضا … ؟
غلين لم يتفاجأ لارتداءها رداءا للساحر ، رؤية ساحر مبتدئ في قارة السحر أمر طبيعي ، ما فاجأه أن ساحرا قام باستئجار بعض الفرسان لحمايته ؟ حتى لكونها مجرد ساحرة مبتدئة فإن طاقة هجومها أقوى بالتأكيد من قوة الفرسان العاديين …
و لكن سرعان ما تغير تعبيره ، لأنه لم يشعر بأي تغيير في الطاقة السحرية من حولها ، لم يعتقد غلين أن القوة العقلية لمجرد فتاة صغيرة قوية لدرجة إخفاء قوتها السحرية عنه … إذا قام أي أحد بارتداء أردية السحرة من دون قوة سحرية ، إلا إن كان مرشحا من قبل أكاديمية سحر ، فسيتم التحقق منه من قبل فريق إنفاذ القانون التابع للأكاديمية ضمن نطاقها .
و عقابه خطير للغاية !
في جملة واحدة ! لا يمكن للعامة أن ينتهكوا كرامة السحرة ! ( العامة يقصد بهم البشر ، ليس تصنيفا أرستقراطيا بل تصنيفا خاص بالمشعوذين هناك بشر و هناك الساحر ) .
ترجمة و تدقيق : Younes39