رحلة ساحر - الفصل 60 : تقنية التبديد
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
على طاولة تجاربه تم وضع مخلوقين شبه بشريين ينتميان لنفس العرق ، بعد وضع بعض القيود و التي ستمنع أي مخاطر غير معروفة أو متوقعة ، أخرج غلين دفتر ملاحظاته بتعبير جاد و بدأ في تقليبه بسرعة .
بعد دقائق جلس بهدوء على الكرسي ، بعيون فارغة غاضبا و ضائعا بين أفكاره .
” في التجربة الأخيرة التي تم إجراءها على الضفادع و الفئران ، زراعة ذبابة الحلزون و رعايتها في الواقع كان له نتائج عكسية ، وفقا لتخميني آنذاك ، فإن سببها هو التطور السلبي و الغير منتظم الذي تحفزه ذبابة الحلزون أثناء تداخله مع خلايا الكائن الحي ، لا بد أن كرة الضوء الموضحة هي الشكل الحقيقي لشيفرة الحياة ، إنها تمثل قانون الحياة و مصدرها و أصل كل شيء كما تقع في مركز الخلية من الناحية المجهرية ، كما أن لهذا المصدر الغامض إرادته الخاصة ، و هذه الإرادة بشكل ما هي جزء من إرادة الروح ! ” ( تذكير فقط هو يتكلم عن الحمض النووي ) .
بعد صمته ، هز غلين رأسه قليلا و تابع ” و مع هذا من الممكن أن تلك الفئران و الضفادع لم تتحمل فقط تحول مصدر الحياة لأنها مجرد بهائم ضعيفة و منخفضة ، لذا لا بد من إجراء التجربة على كائن حي واع شبيه بالبشر لتأكيد تخميني و فرضيتي ! ” وقف غلين من كرسيه و نظر للأنثى على طاولة الاختبار .
مدّ طرف إصبعه ، و ببطء تم عصر ذبابتي حلزون بحجم حبتي الأرز من مسام جلده ، و لأنه مرتبط بها من خلال الروح فهي كأي عضو آخر له ، لم يشعر غلين بأي اشمئزاز أو ازعاج ، قام بادخال الذبابتين في جسد الأنثى ببطء مع تحفيز منه .
لقد تم غلق تقلباتها العقلية لذا لم تستطع الأنثى المقاومة ، كما لو أنها في حالة غيبوبة .
بعد سبعة أيام ، دخل غلين إلى المختبر بعد إنهاء تجاربه الأخرى ، بعد تحفيز قوته العقلية وجد أن ذبابتي الحلزون قد تكاثرتا بالفعل و بسرعة إلى عدة عشرات الآلاف في كل أعضاء الأنثى كالطفيلي ، من شأن هذه الكمية أن تلبي احتياجاته لإجراء المزيد من تجاربه .
قام بأخذ عينة تجريبية من الأنثى و احتفظ بها ، ثم التقط حجرا سحريا من الدرجة المتوسطة بغاية تجديد استهلاكه للطاقة السحرية على المدى الطويل .
بعد أخذه لنفس عميق و كشفه عن لمحة من الجدية ، لمس بلطف بطن الأنثى على الطاولة بيد واحدة ، شعر بجلدها الناعم ، أغمض عينيه ببطء ، استخدم قوته السحرية و العقلية لتنشيط ذبابة الحلزون ، مما سمح لقدرته المتأصلة في التأثير على شيفرة الحياة إلى الحد الأقصى !
مع استمرار التحفيز ، تم تحفيز خلايا الأنثى بدورها أيضا .
بعد يوم واحد ، ابتعد غلين عن طاولة الاختبار بوجه رمادي ، نظر للأشياء النامية على طول الطاولة بفزع .
في البداية نما فم كبير في كفها و قام بعض رقبتها ، تم مضغها قطعة قطعة بفعل الأسنان الحادة ، ثم خرج لسان من فم الأنثى و التوى كالثعبان حول الطاولة ، تلاه مجس طويل و مقل الأعين الغريبة على ذراعها ، و شيء مجهول في بطنها استمر في التحرك .
” إذا هل تحفيز ذبابة الحلزون أدى إلى انهيار شيفرة الحياة بالكامل ؟ ” تمتم غلين بوجهه المرهق .
بعد أن هدأ من روعه ، أخرج العديد من المواد و الدعائم لأداء سحر اللعن ، أخرج العينة التجريبية كوسيلة لأداء اللعنة و نقلها .
بعد حين …
استخدم غلين سحر لعن بسيط قد تعلمه سابقا ، لاحظ أن الأشياء الغريبة على طاولة الاختبار لم تستجب للعنة ، قال بتعبير جاد ” يبدو أن شيفرة الحياة قد تغييرها كليا ، هذه الأشياء لم تعد جزئا من الأنثى بعد الآن ” .
قام بتخفيض رأسه لتسجيل النتائج التجريبية و بعض من أفكاره في الدفتر ، لكن فجأة ! ومض مصدر إلـهام عبر عينيه !
ماذا لو …
تمكن من اتقان هذه القدرة على تغيير شيفرة الحياة و معلوماتها ، ألا يعني هذا أنه سيصبح محصنا ضد أي لعنة ؟ و الأكثر من هذا ، ماذا لو استخدم سحر اللعن كدليل لتغيير بعض من خلاياه لنموذج حياة الشخص الآخر ؟ ألن يكون قادرا على لعنه بدوره ؟
مع هذا السَّامِيّام قرر غلين مواصلة تجاربه من أجل التعمق في هذا المجال أكثر .
بعد أسبوع آخر ، نظر غلين إلى جثة الذكر الآخر ، كان جسده مليئا بحشراته الطفيلية الناضجة .
بعد استخراج عينة منه أخرج غلين سائلا عكرا ، هذه الزجاجة التي تحتوي على السائل العكر هي بالضبط سائل المصدر الذي قام غلين باستخراجه و تصفيته من معدة طائر الكركي لمقاومة تحور ذبابة الحلزون ، بالطبع لم يكن لغلين أي عاطفة تذكر عند تعامله مع كائن حي شبيه بالبشر ، في نظره هي مجرد فئران مختبر ، قام بحقن السائل مباشرة في وريد ذراع الذكر .
” لنرى ما إذا كان سائل المصدر لا زال بإمكانه منع الطفرة بعد تنشيط قدرة ذبابة الحلزون للحد الأقصى ” مع وضع هذه الفكرة في الاعتبار ، قام غلين فورا بتحفيز حشراته .
بعد يوم واحد فقط نظر غلين للذكر الذي أضحى جسده الآن مغطا بأعضاء و أوجس ( جمع مجس ) غريبة و مختلفة .
على الرغم من تحوره أيضا كالأنثى لكن هذه المرة ، هذه الأعضاء الجديدة لا تعمل وفقا لغرائزها كأعضاء الأنثى ، لا تزال تطيع غريزة هذا الذكر ، إذ لم تحاول قتله أو تمزيقه بجنون كما حصل للأنثى .
ألقى غلين لعنة أخرى لكن لم يتأثر الذكر .
” ربما يمكن لسائل المصدر أن يتحكم في معدل الطفرة في جسم الكائن الحي ؟ ” بالتفكير على هذا النحو ، لم يتردد غلين ، قام بحقن كمية إضافية من السائل العكر في الموضوع التجريبي ، كنتيجة و بعد فترة ، عاد الذكر لمظهره الطبيعي و الأصلي ، استلقى بهدوء على الطاولة مع تلاشي طفرته الوراثية .
امتلئ وجه غلين بالدهشة و الصدمة .
بعد التفكير لبرهة قام بإلقاء لعنة أخرى على الموضوع التجريبي ، من الواضح أن الذكر قد تعرض لرد فعل قوي بعد التعرض للعن .
” ها ! ”
مع إشراق عيني غلين بحكمة تمتم ” إذا احتوى الجسد على عضو قادر على تجديد سائل المصدر ألن يتمكن من التحكم في شكل حياته ؟ في هذه الحالة لن يقتصر على التحصن من سحر اللعن بل حتى الأوبئة و بعض أنواع السحر الأخرى ، كما قد يعتبر جد فعال من ناحية التمويه و التأقلم و الشفاء ! ” .
فكر غلين بحماس شديد .
” سأشرع أولا في دراسة علم التشريح من أجل تحويل و تطوير و زرع العضو الذي يستطيع انتاج سائل المصدر ، عندها فإن سحري الفريد سيسمح لي بصد أي لعنة و سأتمكن من إخفاء جوهر حياتي ككل ، سأطلق عليه تقنية غلين للتبديد ! بنفس اسمي ! ” .
بينما كان على وشك المغادرة رأى غلين الكائن التجريبي الأخير ، الأنثى نصف بشرية ، فجأة تبادر لذهنه فكرة قد لا تخطر ببال أي أحد .
سار في اتجاهها بعد اخراج ذبابة حلزون من جسد الذكر على الطاولة ، أرسل من خلال روحه أمرا بنسخ الشيفرة لشكل الحياة السابق ، قام بوضعها في جسد الأنثى نصف بشرية من أجل التكاثر .
” لنرى النتيجة بعد أسبوع من الآن ” ركض غلين إلى غرفة بيرانوس بنيّة دراسة علم التشريح .
بعد أسبوع …
استخدم غلين دم الذكر لإلقاء اللعنة ، و لكن كمفاجأة كان للأنثى نفس رد الفعل !
ألا يعني هذا أن ذبابة الحلزون لها القدرة على نسخ شيفرة الحياة حقا ؟ إذا كان هذا هو الحال حقا ! …
على عجل عاد غلين إلى غرفته ، التقط الزجاجة التي خزن بها دم ابنة الشمس ، أخرج ذبابة حلزون من جلده وقام بوضعها في الزجاجة بدون أي تردد .
إن جسد مينا ابنة الشمس مميز على حد تعبيرها ، يطلق عليه الجسد المنقوع ( المغمور ) في النيران ، نوع من الموهبة الفطرية ، وفقا لمعارفه ، ما يسمى بالقدرة أو القوة الفطرية هي فقط أشكال حية متطورة بشكل مميز ، أشبه بكونه طافرا فريدا من نوعه .
و مع هذا ، ماذا لو استطاع غلين تغيير شيفرة حياته و تعديلها كالمصفوفة بحيث تحتوي على جزء أو عدة أجزاء من شيفرة حياة ابنة الشمس المتحورة ؟ ألا يعني هذا أنه سيتمكن من امتلاك نفس قدرة ابنة مينا و موهبتها ؟
اذا كان هذا هو الحال فهذا يعني أن غلين قد يصبح الساحر الأعلى موهبة في العالم السحري مستقبلا ، ربما قد يصل حقا لمستوى غير مسبوق ، ليس لأي غرض آخر ، فقط لأن غلين لديه القدرة على سرقة هدايا الآخرين الفطرية .
بطبيعة الحال هذا مجرد تخمين و تكهن شخصي منه ليس إلا ، سيتعين على غلين الانتظار من أجل تأكيد هذا التخمين عن طريق التحقق من خلال تجرابه المستقبلية .
و لكن وفقا لقواعد الطبيعة ، لا يمكن سرقة هدايا الآخرين الفطرية بشكل تعسفي أيضا ، لا بد من وجود بعض القيود .
و الا قد يؤدي هذا إلى تدمير توازن الأشكال الحية و الطبيعة ككل .
ترجمة و تدقيق : Younes39