رحلة ساحر - الفصل 2 : ساحر حقيقي !
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
لسوء الحظ توفي العجوز هام قبل أن يتمكن من رؤية زواج غلين ، توفي في أوائل فصل الربيع ، بعد زوال رياح الشتاء ، أثناء العودة إلى المنزل بعد يوم من العمل المجهد ، قام العجوز هام بإعداد وجبة من لحم البقر و عصير الشعير قبل البدء في تجديد الكوخ من أجل زواج غلين .
للأسف في اليوم التالي لم يستيقظ العجوز هام أبدا ! ( الوداع 😥 ) ، لقد توفي بابتسامة على وجهه ، حتى بعد دفنه من قبل غلين و باقي القرويين ، ربما لابتسامته معنى آخر ! ربما لأن أمنيته بشأن غلين أضحت حقيقة في أحد أحلامه ، ربما لأنه نام راضيا عن وجبة اللحم !
قام غلين بدفن الغليون بجوار جثة العجوز هام ، في الأشهر التالية ، شعر بالحزن و الفزع و الكآبة بعد وفاة العجوز هام و بقاءه وحيدا في الكوخ !
إلا أن الحياة لم تنتظره ! سرعان ما أصبح غلين مالك كوخ القش ، حصل على الحصان و العربة ، و عملتين ذهبيتين بالإضافة إلى سبعة عشر عملة فضية ، كان إرثا من العجوز هام و ما احتفظ به في حياته المزرية !
في الواقع امتلك غلين أيضا كتاب تحسين حاسة الشم و رسم خارطة الروائح ، أخفاه تحت السرير المهترئ ، بعد العودة من العمل و كل يوم قام بقراءة محتوى الكتاب تحت إضاءة خافتة ليلا ، بالنسبة له كان الكتاب بوابة و نافذة يستطيع من خلالها اختلاس النظر على عالم السحرة ، سرعان ما حل فصل الصيف بسرعة ، في يوم من الأيام المملة ، بعد أن انتهى غلين من جمع القمامة و قام بشراء البضائع من السوق من أجل مأدبة النبلاء مساءا ( ما هذا ؟ همهم الاحتفال فقط ؟ ) ، جلس على العربة بينما نظر إلى السماء الزرقاء و الغيوم البيضاء .
قام الباعة بحمل البضاعة و نقلها إلى العربة ، من بينهم فتاة قروية شقراء الشعر ، وجهها مليء بالنمش ، تسللت خلف العربة من وقت لآخر لتلقي نظرة على غلين و نبض قلبها يتسارع ، قبل عام وقعت في حبه ، مع كل يوم و مع كل لقاء ازداد شغفها و إعجابها إتجاه غلين أكثر لأنه كان مختلفا عن بقية الأطفال الفقراء في المدينة .
في الحقيقة كانت هي الفتاة التي أراد العجوز هام من غليت أن يتزوجها سابقا ، لكن بعد وفاته لم يهتم هذا الأخير بلقاءها ، ما عدى عند العمل أو بالصدفة ، بالنسبة له لم يشعر بأي مشاعر اتجاه الفتاة الشقراء ناهيك عن الزواج بها ، على العكس اعتبرها مجرد أخت صغيرة و لطيفة .
بينما استعد غليت للمغادرة بعد حزم البضائع ، اقتربت الفتاة و لم تستطع كبح نفسها ” غلين لن تصدق ! لقد رأيت ساحرا حقيقيا اليوم ! لقد مر عبر مدينة بي سير ، كانت المرة الأولى التي أرى فيها ساحرا حقيقيا ! ” زيفت الفتاة ابتسامتها بينما راقبت ردة فعل غلين بخجل .
” ساحر ؟ ” تفاجأ غريم بينما تغير مزاجه ” هل أنت واثقة من أنه ساحر ؟ أم أنه مجرد دجال ؟ ” .
” أجل أنا واثقة ! لقد رآه الكثير من الناس ” أومأت الفتاة برأسها بسعادة كنقار الخشب و هو ينقر على لحاء الشجرة .
” كيف يبدو ؟ ” أردف غلين بسؤال آخر .
” أوه ! حسنا … إرتدى ثوبا فضفاضا ، أظنها عباءة بلا غطاء ، بالكاد استطاع الجميع رؤية وجهه ، لقد بدى ضبابيا ! أيضا في يده ضفدع بعيون حمراء ، و أيضا أعتقد أنه تحدث مع يي ما ! ” أجابت الفتاة على وجه السرعة .
” شكرا لك ! إنه لطف كبير منك لإعلامي ” شكرها غلين بابتسامة ، أضحى متحمسا فجأة ! لقد حصل على الكتاب منذ نصف عام فقط ، و الآن و لأول مرة ربما قد يتمكن من مقابلة ساحر حقيقي !
قاد غلين العربة ببطئ في اتجاه منزل يي ما و التي كانت فتاة في العشرين من عمرها و أما لطفلين ، لطالما ارتدت فوطة حول خصرها السميك ، كان زوجها بيكاسو صيادا على وجهه ندبة مرعبة .
بعد دق الباب ، خرج بيكاسو ، أجاب على أسئلة غلين بينما نظر الطفلان من وقت لآخر لغلين من خلفه .
” مدينة بي سير ؟ ” بعد أن تأكد غريم ، اعتلى الحصان ثم قاد العربة نحو مدينة بي سير بأقصى سرعة ، بعد وصوله إلى قصر زي جو ، لاحظ كبير الخدم المثير للاشمئزاز و أربعة فرسان أقوياء أمام مدخل القصر ، صرخ كبير الخدم العجوز في وجه عشرات القرويين ” لقد منحكم اللورد زي جو الأراضي الزراعية ! لذا على الجميع دفع الضرائب و بسرعة ، هل تريدون التمرد ؟ ”
انتظر غلين خارج القصر ، فجأة أصبح قلقا نظرا للفوضى و عدم نية رجال القرية في المغادرة .
” أيتها الحثالة ! ” صرخ كبير الخدم من شدة الغضب ” أطردهم جميعا ! ” ثم أمر الفرسان الأربعة .
بعد مدة تفرق الحشد بعد تعرضهم للضرب المبرح على يد الفرسان .
استدار كبير الخدم ثم دخل إلى فناء القصر ، مع حل الفوضى قاد غلين العربة و عبر مدخل القصر لكن فجأة عوى كبير الخدم من بعيد ” قف عندك ! لماذا تأخرت ؟ هل تريد الطرد ؟ ” .
عبس غلين ، بينما لعن كبير الخدم و قام بشتمه سرا ! لقد قام بابتزازه و سرق عملتين فضيتين منه خلال هذا الشهر بالفعل ! إلا أنه لا يزال يريد المزيد ؟
لم يكن غلين صبورا كالعجوز هام سرعان ما رد ” لقد تأخرت بسبب الفوضى قبل قليل ! أيضا لقد وصلت بالفعل في الوقت المحدد ” .
” أيها الوغد ! كيف تجرؤ على التحدث معي بهذه النبرة !؟ مجرد هدر ! غادر القصر حالا
” صاح كبير الخدم في غلين .
سخر غلين منه ثم استدار بعد وضع الحمولة من العربة و لعن العجوز المجنون ، من خلفه صاح كبير الخدم على الفرسان ” إذا عاد هذا الوغد ، إضربه و قم بطرده فورا من القصر ! ”
مع وضع غضبه جانبا قام غلين بعد مغادرة قصر زي جو بربط العربة و الحصان بشجرة دردار ثم ركض في اتجاه متجر الحدادة .
عند الباب صرخ ” الأخ السادس ! ” ، لم يكن لغلين طبعا إخوة أو أقرباء نظرا لفقدانه للذاكرة و كونه مجهولا في الجزيرة ، الإخوة هي مجموعة من عشرة أطفال متسولين جابوا شوراع مدينة بي سير في الماضي من أجل التسول و البقاء على قيد الحياة ، بعد أن اختار غلين المغادرة مع العجوز هام سرعان ما انهارت المجموعة ، عمل الأخ السادس في متجر حدادة كمساعد ، أما الأخ الثاني فعثر على عمل في الريف ، بالنسبة للباقي لم يلتقي بهم غليم قط بعد تركه للمجموعة .
” غلين ! هل أنت بخير ؟ ” خرج فتى من المتجر بعد فتح الباب ، مع قامة طويلة نظر لغلين مع قليل من المفاجأة .
” الأخ السادس ! هل سمعت عن ساحر قام بزيارة مدينة بي سير ؟ ” سأل غريم على وجه السرعة .
” إيه ! نعم فعلا ؟ كيف سمعت عنه ؟ سمعت أن الساحر يبحث عن من لديهم إمكانية لتعلم السحر ! لكن لإجراء الإختبار تحتاج لدفع عملة ذهبية ! ” هز الأخ السادس رأسه ” مالك المتجر أخذ ابنه أيضا إلا أنه فشل و عاد مع خيبة أمل و حسرة ! ”
” أين هو الساحر ؟ ” إحترقت عينا غليم فجأة بينما استفسر .
” هل تريد إجراء الاختبار ؟ أم لمقابلة الساحر ؟ ” سأل الأخ السادس .
امتنع غلين عن الفكرة للحظة ! امتلك في وقته الحالي عملتين ذهبيتين فقط ، إذا لم ينجح في الاختبار فهذا يعني خسارة نصف ثروته ! لكن بعد التفكير لوهلة لمعت عيناه بعزم ، إنها فرصة واحدة ! و قد لا تتكرر ! سرعان ما أومأ برأسه .
صدم الأخ السادس بينما رد ” الساحر في قصر حاكم المدينة ! و لمعلوماتك فقط ! إبنة الحاكم هي الوحيدة التي استوفت معايير الساحر حتى الآن على ما أعتقد ” .
مع بهجة عظيمة ، اندفع غلين إلى كوخ القش من أجل جلبه للعملة الذهبية ، بعد دخول الغرفة قام بجرّ صندوق من تحت السرير المهترئ ، قام بوضع العملة في جيبه ، توقف لمدة ثم اختار أخذ كتابه تحسين حاسة الشم و رسم خارطة الروائح ، قال لنفسه ” نعم ! سأصبح ساحرا أخيرا ! ” أقفل الصندوق ثم خرج من الكوخ و عاد إلى مدينة بي سير ، اندفع باتجاه قصر حاكم المدينة .
كان الحاكم مركيزا من النبلاء ، بعد حلول الغسق وصل غريم أخيرا ، ترجّل من الحصان ، لاحظ أن القصر تحت حراسة ثمانية فرسان .
دخل و خرج حشد غفير من الناس من العامة و النبلاء ، بعد رؤية خيبة الأمل على وجوه الحشد تكهن غلين أن معظمهم قد فشل بالفعل في الإختبار ، شق طريقه لكن قبل محاولته لدخول القصر ، أوقفه صوت خشن ” انتظر ! عملة ذهبية واحدة ! إدفع قبل الدخول ! ” كان صبيا صرخ في وجه غلين بنبرة متعالية .
أخرج غلين العملة من جيبه و سلمها إلى الصبي الذي بدوره ألقى بها في صندوق خشبي .
تردد غلين قبل أن يسخر ” انطلاقا من نبرته و ملابسه لا بد أنه مجرد قروي فقير ! ” شخر بازدراء ثم دخل قصر الحاكم .
ترجمة و تدقيق : Younes39