السجل البدائي - الفصل 909
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 909 تحدي السقوط
كانت قصة روان تُروى بسلاح المعركة، ولم يخيّب الكبرياء الآمال، فقد كان السلاح الواعي من عصرٍ مجهول أداةً لقلب روان، فبذل كل ما في وسعه.
لقد أصبح الكبرياء أداةً لإرادته.
استمرت الأغنية، ترتفع أكثر فأكثر، ثم تتراجع حتى بدا أنه لم يعد هناك شيء سوى الصمت ثم تنمو مرة أخرى.
كانت قصة روان التي حُكي عنها بطريقة تردد صداها في عظام أعدائه وسحقتهم جميعًا من الداخل.
ازدادت صرخات الموتى والمحتضرين حدةً، لكنها أُضيفت إلى الأغنية، فأصبحت جزءًا من نكهتها الفريدة. هنا وُلدت أغنية لم تُسمع منذ فجر الخليقة.
لا أحد يستطيع غناء أغنية كهذه إلا روان. من المؤسف أن أعدائه فقط هم من يسمعونها.
****
مات أمير الشياطين، قائد الجيش، عشرات المرات، وفي كل مرة كان يُبعث فيها، مات آلاف من الخالدين الأقل شأنًا ليحلوا محله. تصدع درع الشبيه بالبرج، الذي كان يتحمل وزن مليون مجرة، وكان على حافة الدمار، لا يمسكه إلا إرادة سيده العنيدة، ملك الشتاء.
زأر وهو يتقدم خطوةً للأمام، تلك الخطوة كانت كأنه يدفع كونًا بأكمله. شعر بروحه تتحطم وتتحطم أمام قوة البشر أمامهم، وغرق للحظة في الظلام قبل أن يشعر بتحول روحه ويولد من جديد.
لم يكن الموت سهلاً قط. الموت كإنسان فانٍ على هذا الجسر كان أسوأ بألف مرة، وقوة عقله وروحه التي نمت معه على مر العصور التي لا نهاية لها خضعت لاختبار لم يسبق له مثيل.
كانت عيناه الزرقاء الساطعة تتطلعان إلى ما وراء عدد لا يحصى من الأضواء الوامضة والانفجارات الكارثية والصراخ، حيث انجذبتا إلى شخصية واحدة ملفوفة في هالة ذهبية وسوداء من الدمار والإبتكار.
شعره، الذي بدا وكأنه يحمل كل لون في الخليقة، كان يطير في عاصفة من الطاقة، وعيناه مغمضتان، وبدا وكأنه في سلام. في خضم جحيم صنعه وجحيم صنعهم، كان هذا الفاني في سلام.
زأر أمير الشياطين غضبه، لكنه لم يدم طويلًا، حتى غضبه انكسر أمام قوة هذه الأغنية، ووحده إيمانه دفعه إلى الخطوة التالية. كان قائد الجيش، وكل خطوة يخطوها تجرّ بقية الجنود خلفه. لولاه، لكانوا قد سحقوا إربًا إربًا.
استجمع قوة الصقيع، معززًا بجوهر أقوى الخالدين في الكون، وثبتت خطواته واندفع للأمام. وسط كل هذه الفوضى، كان يسمعها، اللحن الذي يحطم قلبه ألف مرة في كل لحظة.
لقد كان صوتًا أجوفًا، مع انسجام يتحول بشكل غير متوقع، في بعض الأحيان يرتفع إلى السماء ثم ينزل إلى الجحيم، تحت كل ذلك، كان هناك لحن ناعم وحزين تقريبًا بدا وكأنه قد التف حول وعيه وكان كل ما يمكنه فعله هو عدم الصراخ.
لقد خذله غضبه، وتلاشت كراهيته، ولم ينجُه إلا إدراكه أنه يسمع أغنية لا يستحق سماعها. أغنيةٌ سيُفتدي بها ملكٌ مملكته ليتمكن من الحضور. يا له من حظٍّ له ولكل الحاضرين أن يخوضوا معركةً مع كائنٍ قادرٍ على صنع معجزةٍ كهذه؟
لم تكن لديهم فرصة أبدًا، لكن هذا لم يكن مهمًا، فهو فاني، وبغض النظر عن قوة روحه أو المعجزات التي يمكن أن يستحضرها، فإنه سوف يسقط.
أطلق العنان لإحباطه وغضبه وخوفه وهو يصرخ: “انطلقوا للأمام!”. كان أملهم الوحيد يكمن في الوصول إلى ذلك الشخص الغامض وخوض معركة حامية الوطيس. لقد أثبت هذا الإنسان الفاني أنه بموسيقاه وحدها، يستطيع إسكات الخالدين أجمعين. في المعركة الحامية، ربما يستطيعون قلب الموازين.
كانت الخطوات الألف التالية هي الأطول في حياته، فتوقف عن عدّ المرات التي مات فيها. لم تبق عيناه الزرقاوان إلا على وجه روان، وعندها لاحظ شيئًا آخر. كانت عينا روان مغمضتين، لكن شيئًا ما كان لا يزال يراقبه… بتسلية.
كانت عيناه، اللتان كانتا ثقيلتين كالجبال، تكافحان قليلاً للأعلى ورأى التاج الذهبي المتحرك على رأس الفاني وستة أزواج من العيون الباردة التي كانت تراقبه.
ومرت اللحظات القليلة التالية وكأنها حلم حمى، أضواء، أصوات، أحاسيس، كلها تدفقت أمام أمير الشياطين، ثم وكأنه قاتل إلى الأبد، وقف أمام عدوه ورفع شفرته، ودفعها إلى الأمام حتى استقر طرفها على قلب روان.
انتهت الأغنية، ورأى أمير الشياطين عيني هذا الكائن تُفتحان ببطئ. حدّقت به عيناه المنشوريتان، فامتلأتا بشعور غريب اختفى بعد لحظة.
نظرت تلك العيون الغريبة إلى أمير الشياطين فأومأ برأسه. وبصرخة عزم، دفع أمير الشياطين سيفه بكل ما أوتي من قوة، ثم سقط على ركبتيه. لقد استُنزف، لكنه نجح.
‘هل هذا هو شعور أن تكون فانيًا؟’ وُلد أمير الشياطين في سلالة ملكية. منذ ولادته، لم يعرف ضعفًا كهذا قط. ‘يا للعجب أنني في سلام. ظننت أنني سأثور غضبًا… كان من المفترض أن أبقى خالدًا.’
دفع عينيه المتعبتين لينظر إلى جسد عدوه الساقط، وكاد أن يضحك عندما رأى أن روان لا يزال على قدميه، وجسده لا يزال قوياً كما كان دائماً، وعلى صدره كان هناك تمزق طفيف، يكاد يكون غير مرئي، وكان عليه… قطرة دم واحدة.
سمع أمير الشياطين صوت هذا الإنسان فارتجف، كان مليئًا بالقوة والسحر والرعب.
“من بين جميع الخالدين، أنت وحدك من يقف أمامي، سأحمل اسمك، أيها الشيطان، لأنك تستحق أن تسحب دمي.”
اهتز أمير الشياطين، ثم حاول بصعوبة النظر خلفه، فقد اختفى الجيش الجبار الذي توقع أن يقف خلفه. اختفى آخرهم في كومة رماد وهو يراقب.
بينما كان يشق طريقه بصعوبة عبر دوامة الموت، بدا وكأن ثمن اندفاعه نحو الموتى قد استنزف حياة مئة مليون خالدٍ بقوا في الكون الميت. هلك كل سامي وشيطان وساحر… إلا هو.
رأى خطواته التي احترقت في الأرض تتلاشى على الجسر. لقد أحرق حيواة الخالدة بأكملها ليصل إلى عدوهم. كان رسولهم، وساندته قوة إخوته في المعركة.
التفت إلى روان وكشر عن أنيابه متحديًا. في الموت، سيبقى مجهول الهوية، وسيكتمل نصره.
اتسعت عينا روان من الدهشة وأومأ برأسه. “سأحتفظ بهذه الندبة لذكرى شجاعة هذا الجيش.”
تنهد أمير الشياطين وسقط رأسه على صدره، وغطته النيران الزرقاء بينما تحول إلى رماد.
كان روان صامتًا وهو يشاهد موت الشيطان النبيل. هدير جسر الشفق وتحول لونه إلى الأحمر الدموي.
نظر إلى الشخصيات التي وصلت إلى حافة جسره. هالاتهم الفردية غطت على الجيش الخالد الذي هلك للتو بكميات لا تُحصى.
نهض روان من حالته المزاجية الكئيبة، وأعاد الحسد باعتباره المكون الأساسي للسلاح، إستولى على الفأس العظيم وتقدم للأمام.
“دعونا ننهي هذا.”
الترجمة : كوكبة