السجل البدائي - الفصل 888

الفصل 888 أسس عالم جديد

كان روان يفكر أن هذا قد يكون أحد أهم الأشياء التي سيفعلها على الإطلاق، مما جعل من المهم ألا يشتت انتباهه، كان غضبه يغلي، على الرغم من أنه اتخذ قرارات معينة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن بُعده، فقد بدأ يتسائل عما إذا كانت التنازلات تستحق ذلك.

كانت وعياته داخل بُعده هادئة ومتماسكة، متأثرة بسلالة شيول، لكن القوة الناشئة لسلالة أوروبوروس كانت تلوث إدراكه.

لقد زعم أن كل شيء تحت عينيه ملك لهم، وكان فقدان أي من أبنائه مثل دق دبابيس في عينيه، وللحظة كان على وشك الفشل عندما أرسلت له وعيه داخل بُعده موجة من القوة والنصيحة.

“لا تقاوم الغضب، بل استخدمه. إنه ملكك، وهو يعمل لصالحك، إنه نورك الذي لا ينطفئ أبدًا!”

ارتجف روان، كيف له أن ينسى؟ كان دمه مليئًا بالغضب، ولكنه كان باردًا أيضًا. قلبه، الذي كان ينبض ألف مرة في الدقيقة، استقر على إيقاع بطيء ومنتظم.

تم توجيه العواطف في وعيه نحو صنعه وعقله ذهب ساكنا، غارقا مرة أخرى في محيط الأفكار البارد، حيث تم إنشاء العمل الذي يتجاوز الفانين والخالدين.

لقد وجد أنه يحب هذا المكان، بينما كان يغوص أعمق في هذا المحيط، وكشف صنعه عن نفسه أمامه.

شاهد روان دورة حياة اليعسوب كاملةً عندما كان بشريًا على الأرض في مستنقع ضحل خلف موطنه. من بيضته إلى طور الحورية، وأخيرًا إلى طور البلوغ. على عكس الحشرات الأخرى التي تمر بمرحلة التحول الرابعة، يتجاوز اليعسوب طور العذراء ويصبح بالغًا بعد مغادرة مياه ولادته.

رأى هذا المثال مناسبًا جدًا، إذ شعر بنفس التحول يحدث داخل بذرة العالم مع اقترابه من إكمال جوهر هذا العالم. كان أبناؤه، الأوروبوروس، يتخطون سلسلة التطور والتحول الطويلة، حتى أنهم ظهروا قبل اكتمال الجوهر.

بدأت بذرة العالم المتحولة التي تشبه العين تنزف، حيث دفعت الأجسام الستة المتعرجة غشاء العين، وخرجت صرخة مؤلمة منها وانتشرت حتى وصلت إلى عين الشر البدائي في الأسفل.

على الأرض، كان سايلس بلاك وأيريس، اللذان كانا يقومان بإنشاء تشكيل تعويذة ضخم لبدء تحويل هذا المكان، ينظران إلى القمر الأحمر في الأعلى بفضول.

عبس سايلس، “هل هذا طبيعي؟”

“كيف لي أن أعرف؟ أكمل النصوص لأتمكن من مغادرة هذا المكان”، قالت إيريس بانزعاج، “لأنني قريبة منه جدًا، بالكاد أستطيع الحفاظ على صفاء ذهني، إذا قضيت ساعة أخرى هنا سأكون قد ضحيت بنفسي من أجله!”

“إنه أمر مغرٍ،” تنهد سايلس، “أن نتخلى عن كل أعبائنا ونعود إليه.”

“ركز يا سايلس، هذه ليست الخطة، بدون توجيهاتنا، لن يكون هناك تركيز للحدث، بغض النظر عن مدى رغبتنا في الانضمام إليه، فنحن ظلال، وجوهرنا لن يغذيه.” قالت إيريس بحدة.

هز سايلس كتفيه، “كان ينبغي أن يكون هذا هو الحقيقة من قبل، ولكنك تعلمين أننا تغيرنا، لدينا الآن أرواح يا إيريس، حتى أنتِ، يمكننا إعادته بتضحياتنا، كل هذه المعارك بيننا جميعًا لا طائل منها.”

نظرت إيريس إلى سايلس بكراهية، “لا تحدثني عن التضحية. إذا كنت تريد الموت، فأكمل دورك وسأدمجك معه بكل سرور. أما أنا، فقد عشت طويلاً ودفعت ثمن امتياز الوجود!”

نظر سايلس بعيدًا، “حياتنا لم تكن ملكنا أبدًا، كان ينبغي لنا أن نوقظه عندما علمنا أننا لم نعد فارغين، كان إيروهيم على حق، نحن جميعًا خونة.”

ابتسمت إيريس، “أنت تتحدث كثيرًا من الهراء، سايلس، هنا… سأترك النصوص، يمكنك القفز والتضحية بنفسك من أجله، يجب أن يكون ذلك كافيًا للسماح له بحلم واحد.”

انتظرت سايلس ليتحرك، لكنه ظل ساكنًا، “انظر، أنت مثلي تمامًا، مثلنا تمامًا. لم يعد الصمت والأحلام كافيين، لقد كان زوال الرابع حتميًا، وسنتبع مصيره إذا لم نركز على أنفسنا أولًا!”

تنهد سايلس ونقر بأصابعه، وجلب الأجساد الحقيقية النائمة لسامين تريون إلى جانبهم، وبدأ بشكل منهجي مذبحته القربانية للسامين على حواف النصوص الستة.

أومأت إيريس برأسها، “هناك الكثير من القوة هنا، حتى لو تم تقاسمها بيننا جميعًا، فسنكون أقل من البدائيين فقط، فمن إذن في كل الخليقة يمكنه إيقافنا؟”

****

عبس روان من الألم والنشوة، ولم يركز على غرابة هذا الصنع الجديد، لأنه كان صنعا، لكنه لم يكن مثل أي شخص فعله من قبل، لأنه لم يكن متورطًا بهذا الشكل من قبل.

كان إنشاء هذا الجوهر يُجرّده من كل معارفه وخبراته، ويضع كل شيء تحت الاختبار. شعر وكأنه يركب عربة تنحدر من جبل، كان عليه أن يُحافظ على تحكم دقيق وهو ينزل أسرع فأسرع، وأي خطأ واحد كان سيُؤدي إلى انهيارها، ومع ذلك لم يكن أمامه طريق للنزول، وكان عليه أن يرسم مسارًا جديدًا وهو يشق طريقه.

كان لدى الجميع مُعلّمون، لكن روان سلك طريق المستقبل وحيدًا دائمًا. في البداية، كان ذلك لأنه لم يكن لديه خيار آخر، لم يستطع إيجاد مُعلّم قويّ بما يكفي لتعليمه دون أن يسلبه مواهبه، والآن، بعد أن شقّ طريقه وحيدًا في الحياة، لم يعد لديه خيار آخر.

كان هذا هو طريق البدائيين، أول من ولدوا، الذين أخذوا السلطة لأنفسهم من العدم.

لقد أجاب روان على جميع النظريات المتعلقة بإدارة كيان معقد مثل العالم الالأعلى، والآن كان عليه أن يبني القاعدة التي يمكنها دعم هذه النظرية.

كان وعيه يدور في جنون، وكان عليه اتخاذ القرار الصحيح، لأنه لن يحظى بفرصة ثانية إن فشل في أي خطوة. شعر روان بالامتنان لمعمودية وعيه التي خضع لها عندما أظهر له السجل البدائي المعارك بين البدائيين، فلولا ذلك الحدث، لما استطاع وعيه تحمل هذا المستوى من التركيز.

بعد تحليل تريليونات الخيارات، ابتسم لنفسه عندما عاد إلى جذوره وأخبره كل شيء بداخله أنه اتخذ القرار الصحيح.

استخدم نفسه كنموذجٍ لدعم هذا العالم، وعلى عكس أي منشئ عالم، لم يبدأ روان بالروح فحسب، بل بأصل الروح. تساءل كيف صنع الآخرون جوهر عالمهم، لكنه شكّ في أن أي شخصٍ قبله استخدم أصل الروح كأساس، فالروح أرضٌ مجهولة، وحتى البدائيون لم يفهموا آلية عملها تمامًا.

لقد رأى روان شكل وهيئة أصل روحه، اللون الأبيض الذي يمثل روان كارتر، والأخضر لروان كورانيس، والذهب لإيروهيم، كل هذه اجتمعت لتصنع شيئًا جديدًا.

من أصل الروح هذا، استخرج كتلةً زاخرةً من طاقة المدري وش، وجرها إلى عالمٍ كان يُنشئه بالتزامن مع هذا الصنع. واصلَ طريقه عبر شظايا نواة العالم المتنامية، مانحًا إياها النور والدفء والحيوية والهالة، وملايين العناصر الأخرى الضرورية لاستمرار الحياة.

الترجمة : كوكبة