السجل البدائي - الفصل 886

الفصل 886 قوة الإرادة (1)

شعرت إيفا بالواقع يستعيد قوته ويتمدد ليصنع مساحةً لسلسلة من الوجودات العملاقة قبل لحظة من تحرر الأمير الثالث والبقية من قيودهم. كان وجودهم كحبرٍ يُسكب في ماءٍ صافٍ، وسرعان ما ملأت هالتهم البُعد بأكمله، محطمةً أي سيطرةٍ هشةٍ كانت لديها على ساحة المعركة، ومحوّلةً السماء إلى بحيرةٍ من الدمار.

في الأعلى، بدأت كواكب ونجوم لا حصر لها في الانفجار، وتحطمت إلى قطع حيث ملأ الوجود العظيم لأعدائهم البعد بأكمله، ولم يبق سوى المكان حول مدينة روان وجيشه خاليًا من التأثير المفسد.

كان من المحظور على مستخدمي الإرادة أن يخطوا قدمهم داخل الكون لأن قواهم كانت مطلقة، لكنهم كانوا يواجهون أعداء متعددين بهذه القوة، وتم اختبار بُعد روان إلى أقصى حدوده، وكان هالة الدمار المنتشرة في الأعلى تمزق بُعده إلى أشلاء.

لم يعد الأمر يتعلق بالفوز، بل بتحقيقه في وقت قصير. لو بقوا داخل هذا البُعد طويلًا، لكان روان قد هلك، لم يستطع احتواء كل هؤلاء الأعداء الأقوياء داخل بُعده طويلًا. بالكاد استطاع السيطرة على قوتين، وحتى هاتين القوتين لم تتمكنا من السيطرة على الإرادة.

أضائت عيون الشياطين والسحرة والسامين بفرح، في البداية كانوا خائفين من أن يحدث خطأ ما، ولكن مع اختفاء القيود التي تمنعهم، أصبحوا أحرارًا في تدمير ونهب هذا البعد.

بدأت قوة الموتى الأحياء التي لا نهاية لها في صفوفهم تتضخم، وتزايدت صرخاتهم المرعبة في الشدة، وكان هذا يقابله صرخات الأحياء حيث تم توجيه الأسلحة إلى العدد المثير للشفقة من المعارضة أمامهم.

لقد أثر حضور سيدة الظلال على كل من كانت مرتبطة به وأرسلت نبضة من التشجيع لهم جميعًا، كانت الهالة من أعدائهم مثل السندان المربوط حول أعناقهم، حتى مع المخاطر التي تواجههم، ظلت معنوياتهم ثابتة، ومخاطبتهم مرة أخيرة من شأنه أن يعزز عزيمتهم قبل بدء المعركة.

كانت كلماتها خالية من أي زخرفة، فقد تناولت مخاوفهم الأساسية، وتركتهم يركزون على ما سيأتي،

“تذكر، عندما تموت، ستكون روحك في أمان مع بطل الرواية. دافع عن وطنك، دافع عن عائلتك. مع أنهم يأتون إلينا بأعداد لا حصر لها، ستسحقهم جميعًا!”

كانت الزئير الذي اندلع من جانبهم مخيفًا للغاية، ورغم أن أعدادهم كانت أقل، إلا أن صراخهم كان يفوق جيوش الموتى.

اندلعت موجة صدمة من تحت أقدام الأمير الثالث فأسكتت كل شيء في ساحة المعركة، وارتفع الموتى الأحياء مرة أخرى، لكن إيفا لم تيأس، لم يكونوا هدفها أبدًا، والعشرات من الملايين من السحرة والشياطين والسامين الأحياء الذين قتلتهم كانوا يستحقون الثمن الذي دفعته، ولكن كان هناك أيضًا شيء يجب ملاحظته وهو أن الموتى الأحياء سيكونون دائمًا عاملًا في هذه المعركة حيث يمكن للأمير الثالث دائمًا إحيائهم.

وهذا يعني ببساطة أن الأعداء الحقيقيين الذين يجب هزيمتهم هم من في القمة، وأن قتل العلف لا طائل منه عندما يمكن استعادتهم في لمح البصر. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل وجود هذه الجيوش التي لا نهاية لها، فمليار نملة قادرة على هزيمة فيل.

حاولت سيدة الظلال اختراق الحاجز خلف الأمير الثالث منذ دخولهما البعد دون جدوى، ومع انفجارات الموجات الصدمية تحت قدميه، اهتز الحاجز، واستطاعت رؤية أجزائه المخفية. عبست إيفا، فقد تحققت أسوأ مخاوفها.

بالإضافة إلى غولغوث والأمير الثالث، رأت ثمانية تماثيل أخرى يضيء نور الإرادة حولها. كان من المذهل أن بُعد روان استطاع الصمود في وجه عشرة أعداء، جميعهم من مستخدمي الإرادة، بداخله.

خلف هذه الكيانات الضخمة، كانت هناك عشرات الشخصيات القوية، التي، وإن لم تكن تملك القدرة على الوصول إلى الإرادة، كانت قويةً بحد ذاتها. وكان أضعفهم أمراء الشياطين وملوك ساميين.

ستة من حاملي الإرادة كانوا الأباطرة السامين، هذا العدد أذهل إيفا، كان من اللافت للنظر أنه بالنسبة لهذه الشخصيات النخبوية والفريدة، كان هناك الكثير منهم داخل هذا الكون، فقط هؤلاء الأباطرة السامين الستة وحدهم كانوا أكثر من نصف القوة الرئيسية للعدو.

لم تكن تتوقع أبدًا هذا العدد من السامين رفيعي المستوى في هذا الكون وكان أحد أسباب الإهمال هو أنهم لم تتاح لهم الفرصة للتحقيق في المجرات الفائقة في مركز الكون ذات التركيز الأغنى من الأثير.

عندما تم حبس إيفا والنورانيين داخل بُعد روان، فقدت فرصة التحقيق في الكون بأكمله، لو كان لديهم المزيد من الوقت، لكانت قد اكتشفت وجودهم وأعدت طريقة إما لتحييد الأباطرة السامين أو تخلص منهم، من الواضح أنهم جميعًا ولدوا داخل هذا الكون.

لم يستمر هذا الخط من التفكير لفترة أطول قبل أن تدرك إيفا مدى عدم احتمال وجودهم في هذا الكون، وخاصةً وهم في مثل هذا العمر الصغير.

كان الإمبراطور السامي فردًا نادرًا في أي كون، وفي أغلب الأحيان يكون هناك واحد فقط يولد في الكون، وكان هذا يحدث عادةً في نهاية الكون حيث تتنافس كل قوة عظيمة في الكون على إرادة الكون من أجل تحقيق الخلود الحقيقي والهروب من قبضة وطنهم المحتضر.

كان من الصعب جدًا أن يصبح المرء إمبراطورا ساميا دون مساعدة إرادة الكون، بل كان يُعتبر مستحيلًا، حتى مع مساعدتها، كانت فرصة أن يصبح المرء إمبراطورا ساميا ضئيلة.

كان عمر هذا الكون بالكاد سبعة مليارات سنة، صغيرًا بما يتجاوز كل المقاييس، وحقيقة وجود خمسة أباطرة ساميين بداخله كانت علامة واضحة على وجود يد خارجية في كل هذا.

عرفت إيفا أن ما أزعج روان دائمًا هو ما صنعه لأمير الثالث لمليارات السنين عندما كان خارج تريون، والحقيقة يجب أن تكون واضحة أمامهم الآن: أباطرة ساميين. لم تكن الطريقة التي استخدمها لمثل هذه المعجزة معروفة، لكن النتيجة كانت واضحة.

كانوا جميعًا يرتدون دروعًا تغطي أجسادهم بالكامل، لا تكشف عن أي فجوة لأعينهم أو أنوفهم، وليس أنهم سيحتاجون إلى شيء كهذا ليتمكنوا من القتال، ومن السمات المميزة الأخرى تشابه دروعهم مع درع غولغوث، مما يعزز نظرية الأصل المشترك. كانوا يشبهون تماثيل معدنية، لكن قوة الإرادة المنبعثة من أجسادهم كانت لا تُنكر.

كان الاثنان الأخيران شيطانين، على الأرجح ملكي شياطين. الأول كان ملك شياطين، يشبه تمثالًا لرجلٍ من الجليد الأزرق بطول خمسين قدمًا، على رأسه تاج من لهب أخضر، وذراعاه مطويتان على صدره، ووجهه الوسيم للغاية مُعبوس، وعيناه الزرقاوان اللامعتان تجوبان ساحة المعركة، مُركزتان عليها في الغالب.

لا بد أنه يبحث عن أول ملك شياطين ساقط. لحسن حظهم، أيًا كان ذلك الملك، لم يستخدم قوة الإرادة، على الأرجح لأنه أرسل جزءًا صغيرًا من جوهره إلى هذا البُعد متوقعًا هلاكه؛ لم يكن ليتوقع أبدًا أن موت ذلك التجسيد سيؤدي إلى انتزاع روحه.

لم يرتكب أي من مستخدمي الإرادة هنا نفس الخطأ، فمن المرجح أن تكون أجسادهم هنا مليئة بأغلبية جوهرهم وقوتهم، ولن يتم القضاء عليهم بسهولة.

الترجمة : كوكبة