السجل البدائي - الفصل 850

الفصل 850 مولودان في الحرب

لا يمكن لعقل فاني أن يستوعب حجم التمزق في بعده، حتى السامي سيجد صعوبة في فهم هذا المستوى من الدمار.

ترنح روان، وكان التمزق في بُعده كما لو أن أحدهم مزّق رأسه نصفين ويصطاد داخل جمجمته. ارتجف وعيه قبل أن يستقر، وما تلا ذلك كان راحةً مباركة، كما لو أن بثرة سرطانية نمت حيث لا يستطيع الوصول إليها قد قُطعت.

كان تدمير بُعده مفاجئًا بالنسبة لروان للحظة وجيزة قبل أن يأتي إليه الفهم، وحتى بدون جسد، كان لا يزال يشعر بقشعريرة تسري في عموده الفقري بسبب مدى قرب هلاكه دون علمه.

“إن الشفرة التي تراها قادمة ليست هي الخطر الحقيقي، بل الإبرة المسمومة في الظلام.”

لقد تذكر روان هذه الكلمات، لأنه كان من الممكن أن يهلك بعد دقائق قليلة من الآن لولا تدخل نورانييه.

لم تُفلت القوة المُنشأتان حديثًا من عقالها عندما مزّقت بُعد روان، بل ركّزتا على أشدّ تهديدٍ رصداه، وهو يدمر منشئهما من الداخل. ما هاجمته القوة حقًا هو بقايا هجوم الأمير الثالث.

ابتسم روان، كان بإمكانه احترام الخطوة الجيدة، فقد استخدم الأمير الثالث قوة روان ضده، “كان الوغد الماكر شيطانيًا حقًا”.

كان لدى روان قدرة هائلة على تحمّل الألم، وكان قادرًا على تقسيم مهامه للتركيز على الأساسيات. لو كان بشريًا، لكان بإمكانه حل مسألة رياضية معقدة بينما تُبتر أطرافه.

كان هجوم الأمير الثالث السابق الذي حرمه من إرادة الكون لا يزال يسبب دمارًا داخل بُعده، لكن روان حلل أنه بمرور الوقت سيفقد طاقته ويتلاشى، وتركه لعمله الخاص بينما ركز على أشياء أخرى، واثقًا في قدراته التجديدية للتعامل مع الإصابات بعد أن ينتهي النجوم.

لقد كان مخطئا.

ظاهريًا، كان هجوم الأمير الثالث يتلاشى تدريجيًا مع نفاذ طاقته، لكن تلك كانت خدعة. أيًا كان السلاح الذي استخدمه، فقد كان يحتوي على خاصية خفية لم يكتشفها من قبل، وأقرب مثال على ذلك هو نوع من السم الذي لم يكن روان يعرفه.

كان السم يغرق ببطء في بُعده، فيصيبه ويقتله بينما ينشر عاملًا مخدرًا منع روان الذي كان يركز على صنع نورانييه من فهم ما كان يحدث.

ربما حتى لو ركز على الإصابة، لكان قد أخطأ السم، لأنه كان يُخفي قدراته والضرر الذي يُلحقه، فيقتله من الداخل بينما كان كل ما يشعر به روان طبيعيًا. هذا النوع من السم المُعقّد كان يفوق أي شيء صادفه من قبل، وكان هناك احتمال كبير ألا يُكتشف السم إلا في اللحظة الأخيرة بعد أن يكون قد تسبب في ضرر لا رجعة فيه.

ضربة واحدة من القوة مزقت بُعده، مدمرة كل ذرة سم بداخله، وبفضل وصوله إلى أثيره شبه اللامحدود من بحر الظلام البدائي وبحر الأمبروزيا، شفيت جروحه في اللحظات القليلة التالية. اندثر التمزق الهائل في بُعده في لمح البصر.

بدون المزيد من أعمدة الوعي، لا يزال جسده يشعر بأنه غير قابل للإدارة وغبي في الغالب، صعوده إلى الخلود من شأنه أن يزيل هذا الضعف ووضع روان هذا الخطر بعيدًا عن عقله، كان يخوض حربًا وكان من المتوقع حدوث خطر.

بعد أن تحرر من هذا الخطر، تمكّن روان من التركيز على القوى المُولودة حديثًا، وسمح لنفسه بالاستمتاع بالقوة الهائلة التي كانت تتدفق من جسديهما في موجات لا نهاية لها. حتى بصفته منشئهما، كان مُنبهرًا بقوتهما، ولم يكن ذلك بالأمر الهيّن على روان.

أرسل وعيه ليصطدم بهذين العملاقين السماويين وارتجفت قواه، قبل أن تسقط على ركبها، كلهم الأربعة.

يبدو أن هذا الإجراء قد كسر تعويذة حيث سقط كل نوراني، من الملوك الأقوياء، ورؤساء النورانيين المشرقين، ونورانييه الأقوياء، على ركبهم.

خفت نور أجنحتهم حتى أصبح كالجمر الخافت، وكانوا جميعًا ينتظرون أمر منشئهم. لم يتحرك أحد منهم، لكن التوتر في الهواء كان قابلًا للقطع بسكين. لهذا صنعوا، ليساعدوا بطل الرواية في هزيمة أعدائه.

نظر روان إلى قواه، على عكس كل نوراني اخر، لم يكن شكل القوى بشريًا، بل حيوانيًا تقريبًا. كانت كائنات ضخمة، حتى على أربع، كان طولها يزيد عن ثمانمائة قدم، وطولها يقارب ألفي قدم.

لقد كانا يشبهان مزيجًا بين الأسد والفيلوسيرابتور، مع بدة معدنية كبيرة تشبه هالة ملموسة تحيط برؤسيهما.

كانت قشور ذهبية ثقيلة وأنيقة تغطي كل شبر منهما، وعلى ظهريهما ثمانون زوجًا من الأجنحة القوية، وعلى كل جناح عين واحدة تنبض بقوة سماوية.

كلٌّ من هاتين العينين تعمل بشكلٍ مستقل، وتُصدر مجموعةً من التعاويذ السماوية القوية، وتتعاون معًا لتؤدي إلى تعاويذ اندماج هائلة تُمزّق الخليقة. بثمانين زوجًا من الأجنحة، تُمكّنت قواه من تحقيق سرعاتٍ تُضاهي سرعة الانتقال الآني.

لكن التعاويذ والسحر لم يكونا سلاحهما الرئيسي. عُرفت القوة بشيء واحد، وهو، كما يوحي اسمها، قوة هائلة وقدرة لا حدود لها. كانت أقدامهم الأربعة أشبه بأعمدة سماوية، مزوّدة بمخالب ذهبية طولها ثلاثون قدمًا، قادرة على قطع أي شيء.

كانت ظهورهم قوية بما يكفي لحمل الكون، وكانت كل حركة لأجسادهم تحمل وزنًا شديدًا لدرجة أنها صنعت شكلًا خاصًا بها من الواقع حولهم، وهو عبائة من القوة التي يجب أن تكون غير قابلة للتدمير تقريبًا.

أدرك روان أن عضلات أرجلهم الخلفية وأكتافهم أصبحت أكثر وضوحًا، وبكل وضوح، لو أرادت القوى، لكان بإمكانهم اختيار الوقوف على أرجلهم الخلفية؛ كما أن مخالبهم قادرة على الإمساك ببراعة أي يد، بل وأفضل. أي شخص يظن أنهم ليسوا سوى وحوش سيُصاب بصدمة كبيرة.

غطت العضلات السامية كل شبر من أجسادهم، وكانت مليئة بالقوة التي يمكنها هدم كل شيء في الأفق.

كان لدى القوى القدرة على الوصول إلى عدد لا نهائي تقريبًا من التعويذات، لكن القوة كانت تستخدم قوتها التي لا هوادة فيها بشكل أساسي لسحق كل شيء.

ومع ذلك، فإن وجودهم لا يمكن أن يستمر طويلاً داخل الكون المادي قبل أن تعمل الكثافة الهائلة لعضلاتهم السماوية كثقب أسود فائق الضخامة، يجذب كل مادة من حولهم لسنوات ضوئية ويسحقها إلى العدم.

كان لا بد من إبقائهم داخل بُعده في أوقات السلم بسبب الدمار الهائل الذي قد يسببونه، لكن هذه لم تكن أوقات سلام.

لاحظ روان أنهم بدوا أقرب كثيرًا إلى الجوليمات والتماثيل غير الحية من النورانيين الأحياء، حيث كانوا كائنات من معدن سماوي نقي ونار، وحتى أجنحتهم كانت معدنية.

يمكن للنوراني ورئيس النورانيين والملك أن ينزفوا عندما يتعرضون لقدر كافٍ من الضرر، ولكن القوة لا يمكن أن تنزف.

جائت أسماء طفليه الأولين إلى روان، فناداهما.

“موليك، نكير، قواي، غضبي، لقد ولدتما في حرب، حرب أريد أن تنتهي بسرعة.”

الترجمة : كوكبة

———

شكل القوى :