السجل البدائي - الفصل 840

الفصل 840 القاتل هو الملك

لقد تم اجتياح القارات الأولى بسرعة، ولكن هذا لا يعني أنهم لم يواجهوا أي معارضة، فقد تم القتال بشراسة في كل ميل، وعلى الرغم من أن السحرة والشياطين قد خسروا أمام المد والجزر اللامتناهي من المهيمنين، إلا أنهم وضعوا معارضة أكثر من كافية لإبطاء الهجوم.

لقد عرفوا جميعًا أنهم كانوا يقاتلون ضد الزمن، وإذا لم يتمكنوا من الصمود لفترة كافية لوصول التعزيزات، فإنهم سيخسرون تريون.

لذا فإن دخول القارة الثانية والتحرك لمسافة ألف ميل دون معارضة كان ينبغي أن يكون بمثابة تحذير لهؤلاء المهيمنين، لكن الرغبة في الدماء والمعركة التالية كانت كل شيء.

كان سامينهم سينزلون إلى ساحات المعركة، وكانوا جميعًا يريدون تحقيق المجد للتاج وللسامين التي يخدمونها، ولم يعد من الممكن احتواء شهوتهم للدماء، وكان عليهم القتال وقتل واستهلاك أعدائهم أو سينقلبون على بعضهم البعض ويدمرون أنفسهم في مهرجان نهائي من الدمار.

كانت المجموعة التي وجد ريكو نفسه فيها من بين المجموعات الأولى التي دخلت القارة، وبعد القبض عليه، شاهد الشيطان ورئيسي السحرة اللذين كانا يحلقان في الأعلى وهما يدمران ثماني مجموعات أخرى صادفوها في غضون ساعة.

لقد كان هذا مستوى من المجزرة التي كان ريكو يعتاد عليها ببطء، مما دفعه إلى الجنون بشكل أعمق باعتباره عزائه الوحيد.

لا ينبغي لأي فاني أن يرى عدد وفيات المهيمنين خلال هذه الفترة. فلا عجب أنهم جميعًا أصيبوا بالجنون.

لقد لقي ما يقرب من تسعين مليونًا من المهيمنين حتفهم، كلهم من عائلات نبيلة مختلفة، وانتشرت أجسادهم على مدى أميال، ولكن في هذه القارة الجهنمية حيث تم استبدال غبار الأرض منذ فترة طويلة بغبار العظام، لم يكونوا سوى إحصائية صغيرة.

تحت جثثهم، سقط عدد لا يُحصى من الأشخاص الآخرين الذين سقطوا خلال المليون سنة الماضية. كان هذا القدر من الموت والمعاناة في كونٍ واحدٍ نادرًا، لكنه أصبح الآن جزءًا من تريون. كان كل مقاتل هنا يؤمن بأنه يقاتل من أجل شيءٍ ثمين، وماتوا جميعًا، آملين أن يُحدثوا فرقًا.

كان ريكو يراقب كل هذا يحدث في ذهول، وتمت إضافة أعضاء صارخين جدد إلى حزام الشيطان، بينما تم التخلص من أولئك الذين ماتوا برحمة.

لم يلاحظ فرار رئيس السحرة من فوق، لكنه سمع صرخات الصدمة منه. لم يهرب الشيطان الذي أسره، بل ضحك فرحًا واندفع إلى الأمام. لم يمضِ وقت طويل حتى تسائل عما تغير، حتى سمع هدير حناجر المليارات!

ربما كان هؤلاء الخالدون الثلاثة قادرين على قتل ما يقرب من مائة مليون من المهيمنين، لكنهم كانوا في مجموعات صغيرة، فلم يكن أعضاؤهم الأكثر ذكاءً بينهم وكانوا على وشك الجنون بسبب تعطشهم للدماء، وقد اندفعوا إلى الأمام دون أي استراتيجية داخل أرض سقط فيها الخالدون، فدفعوا جميعًا الثمن.

ومع ذلك، كانت هذه مجرد جزء صغير من القوة الحقيقية لترايون التي تم إطلاق العنان لها بالكامل.

موجة المهيمنين القادمة كانت بعشرات المليارات! ربما أكثر من ذلك، لكن عقل ريكو لم يستطع استيعاب رقم أكبر من ذلك.

وكان وجودهم مثل الجراد الذي لا نهاية له والذي أظلم السماء، وغطى الأفق بألوان مختلفة تمثل سلالتهم.

انحرف الواقع وتحطم أمام هجومهم، وهم يتجهون لاجتياح الكوكب من كل غزاة. وخلفهم ساميهم، تماثيل عملاقة عزز وجود سلالاتهم إلى حد كبير.

كانت السماء تنزف باللون الأزرق والأحمر عندما كان مهيمون عائلة بورياس بأعداد لا حصر لها يتحكمون في العواصف التي اخترقت السماء حتى وصلت إلى الفضاء، نزفت الأرض بينما مهيمني عائلة تيبيريوس يتحكمون في بحر من الدماء لحملهم عبر السهل، اهتزت القارة عندما سار مهيمنوا عائلة حوروش عليها، كل واحد منهم كان عملاقًا، الهياكل المعدنية العملاقة المأهولة من قبل أفراد عائلة فولجيم، وعائلة كورانيس مثل البراكين المتفجرة بملياراتها تحطم العالم أثناء تقدمها …

كان هذا كل ما استطاع ريكو رؤيته قبل أن تجتاح موجة دمارٍ تربون وأمير الشياطين الجبار. غرقت صرخة غضبه أمام مليارات سامين الأرض الذين مزقوه وأكلوا لحمه. لم ينجُ ولو لثانية واحدة.

[القاتل هو الملك]

تم تدنيس جمجمة أمير الشياطين ووضعها على منصة، وكان هالته المحتضرة تخفي المهيمنين، كإعلان عن جنونهم وعنفهم اللانهائي.

مات كل من كان يحمله الشيطان، وكان ريكو سيتبعهم، لكن درعًا أزرق أحاط به وحافظ عليه سالمًا. هل أنقذه ساميه؟ على الأقل هذا ما ظنه حتى سمع صوتها في رأسه، كأفعى تهمس في أذنيه:

“أنت قذارتي.”

نجا ريكو، ليس بالصدفة، بل لأن الشخص الذي كان يخشاه أكثر من غيره وجده. كان هذا الحدث فوق طاقته، فانكسر شيء ما بداخله، وسقط على الأرض يصرخ بجنون.

لمدة ساعات لا نهاية لها كان يرتجف في خضم الجنون بينما كانت جيوش المهيمنين التي لا نهاية لها تمر بجانبه، وكان عددهم لا نهائيًا على ما يبدو، ثم عندما انتهى كل شيء وعاد قدر من السلام، رآها تنحدر مع العاصفة، وتراجع جنونه بما يكفي ليقول :

“سيرسي… من فضلكِ… لقد فعلنا ذلك جميعًا، اغفري لجشعي، أنا عائلتكِ الوحيدة المتبقية.”

كان جوابها بسيطًا، أشارت بأصابعها، وتم انتزاع قلبها من صدره.

“لا، أنت لست كذلك.”

راقبته يختنق في دمه لثلاث ساعات. لم يستطع شفاء جروحه، لكن سامين الأرض لا تموت بسهولة.

عندما هلك نظرت سيرسي نحو الأفق إلى نهاية العالم.

في المسافة، انفتحت بوابات ضخمة تؤدي إلى الهاوية، ومنها خرج عدد لا حصر له من الشياطين، ومن بينهم أمراء الشياطين، وانفتحت السماء حيث اقتحمت عشرات الآلاف من أبراج السحرة التي يمكنها أن تنقل مئات الملايين من السحرة إلى تريون.

في داخل أحد الأبراج كان هناك أندار، وبجانبه العشرات من الشخصيات القوية، جميعهم من رؤساء السحرة.

المعركة القادمة سوف تهز الكون.

*****

كان روان على وشك فقدان آخر ألف جسد من مظاهره الروحية. أدى تدمير ستة من وعياته إلى تخفيف عناء الحفاظ على وجوده في الكون ثلاثي الأبعاد، لكن هذا المورد الثمين بدأ ينفد.

كان إخفاء نفسه أصعب مما ظن، لكنه كان يعلم أن جسده ثلاثي الأبعاد سيكتمل قبل أن تنفد منه المظاهر الروحية، ولم يكن بحاجة إلى المزيد. لا يزال لديه بعض عملات المتاهة.

كان آخر وعيه المتبقي داخل الليفياثان الذي كان يتحرك تحت الأرض، وقد حفره حتى أصبح على عمق مئات الأميال تحت العاصمة أروث، وهو أقرب ما يمكن إلى المكان الذي يشتبه في أن المرساة ستكون فيه.

كانت هناك سلسلة من الكهوف الضخمة أسفل العاصمة، والتي على أي كوكب آخر كانت ستؤدي إلى انهيار السطح على الأرض، ولكنها ظلت ثابتة بفضل القوة التي كانت تحيط بالعاصمة.

الترجمة : كوكبة