السجل البدائي - الفصل 829

الفصل 829 التصعيد

سُمعت صيحات غضب سامي الحرب في أرجاء العاصمة، وتجمع المهيمنون الهاربين نحو القارة الأخرى في رعب. خيّم الخوف على تعطشهم للدماء، إذ انتشرت شائعة أن سامي الحرب يقاتل الكاسر اليمون.

هذا الدرع غير المتوقع الذي نشأ من العدم كان سبباً في منع العاصمة تريون بأكملها من التعرض للإبادة.

ولكن قوة هذه الخطوة كانت هائلة إلى درجة أن جسد تيبيريوس ضغط على الحاجز حتى غرق، وتحطمت سلسلة من المباني الشاهقة التي كانت للأسف قريبة للغاية من حافة العاصمة.

امتدّ هذا الدمار إلى الأرض، حيث تحوّلت بضعة أميال من العقارات إلى رماد. لكن تكلفة الحياة الفانية كانت ضئيلة، إذ تمّ إجلاء الجميع تقريبًا.

استقر الدرع وعاد إلى مكانه، مما أدى إلى قذف السامي المذهول نحو الأرض حيث تحطم في بحيرة الكريستال مثل النيزك، مما أدى إلى قذف مياه البحيرة مئات الأميال في الهواء، كما تم إلقاء كتلة من الماء تقترب من مليون جالون في الفضاء، مما أدى إلى ولادة مذنب جديد.

انفجرت الأرض تحت البحيرة مع انقسام بحيرة الكريستال إلى قسمين. نشأ صدع هائل في الأرض امتد لمئات الأميال، مما أدى إلى تدفق مياه البحيرة إلى الأرض، مكونةً أروع شلال على جبل تريون.

تحركت مدينة أروث عندما كادت الزلازل التي نتجت عن الحادث أن تدمرها وتسقطها في الأرض المتشققة، ولكن قوة هائلة نجحت في تثبيت العاصمة ومنعها من الغرق.

لقد تبين أن صانع الدرع فوق العاصمة هو الإمبراطورة، التي تحررت من سجن النجوم الذي صنعه تيلموس، على الأرجح بتدخل السامين، ونظرت نحو آسرها بجنون وكراهية لدرجة أن السماء تحولت إلى اللون الأصفر.

دون أن تهتم بالتراجع وتجاهلت الضغط على جسدها ونفسيتها، بدأت الإمبراطورة في سحب قوة السامين السبعة من تاجها الملكي إلى ذراعها اليمنى.

بناءً على تصرفات تيلموس، كان لها كل الحق في إعدامه، وستفعل ذلك قبل أن يوقفها أحد.

لقد دمرت قوة السامين السبعة جسدها ولكن قوتهم أيضًا شفتها، فصرخت من الألم والابتهاج، هذه القوة لم تكن مخصصة للفانين، وحتى عندما كانت تقتلها، فإن المتعة الهائلة التي استمدتها من استخدام كل قوى السامين هي الإحساس الأكثر عظمة الذي شعرت به في حياتها.

كراهيتها وعنادها أبقاها تحت سيطرتها، مما أبقى عقلها مركزًا وتأكد من أنها وضعت كل تلك القوة في يدها اليمنى التي بدأت تتحول إلى اللون الفضي.

عندما لم تعد قادرة على الصمود، قطعت تدفق القوة من التاج ونظرت إلى تيلموس بابتسامة ساخرة، لكنه نظر إليها قبل أن يتجاهلها، وركز على الهزات تحت الأرض بينما كان أفاتار تيبيريوس يقاتل طريقه للخروج من الأرض.

“سيكون هذا خطأك الأخير!”، انفصلت يد الإمبراطورة الفضية عن جسدها واجتازت الحاجز بسهولة، متجهةً نحو تيلموس الذي بدا وكأنه غير مدرك للخطر القادم.

انزلقت اليد بسهولة عبر الفراغات، صامتة وغير مرئية وهي تتجه نحو تيلموس. ابتسمت الإمبراطورة وهي تبسط نظرها نحو غرفتها حيث كانت ابنته محتجزة، أرادت إخراجها لتشهد وفاة والدها.

انطلق تجسيد سامي الحرب المدمر من الأرض، فاقدًا كل جلده ويصرخ بغضب وإذلال.

“كفى!” صرخ سامي الحرب، مستمدًا قوته من جوهره الساميي، وعلى وشك استخدام أقوى تقنية لديه. لقد بلغ سامي الحرب أقصى صبره، وكان عليه أن ينهي المعركة بالحركة التالية.

راقبت عينا تيلموس الباردتان صعود السامي، فرمى حجرًا من الأرض بقدميه. ارتفع الحجر إلى مستوى عينيه، وبينما كان على وشك السقوط، لكمه تيلموس، ولفّ الصخرة الصغيرة بألف نية قوة مختلفة.

تحركت الصخرة أسرع من النقل الآني، ووصلا قبل ثوانٍ قليلة من لكمة تيلموس واصطدمت بتيبيريوس، دار جسده مثل الفلين الدوار، ولأن الحجرت ظهرت قبل أن يتم دفعها، تم تحويل اتجاه جسد التجسيد واعترض الضربة اليدوية التي أطلقتها الإمبراطورة.

القوة المؤثرة على جسد التجسيد والتي تسببت في دورانه بشكل لا يمكن السيطرة عليه ابتلعت اليد وسحقتها إلى قطع، ولكنها لا تزال تحتفظ بالقوة داخل الذراع.

أحاط هذا الوهج الفضي الساطع بجسد التجسيد، ودفع السامي الغاضب عبر الحاجز الذي يحمي أروث.

أتيحت للإمبراطورة فرصة توسيع عينيها من الصدمة قبل أن ينفجر تجسيد سامي الحرب. حاول تيبيريوس ابتلاع الضوء في اللحظة الأخيرة، لكن ذلك لم يكن كافيًا، فقد تلاعب به تيلموس ببراعة، وكاد سامي الحرب أن يُجنّ من الخوف واليأس.

كان هناك ضوء ساطع لدرجة أنه غطى نصف الكوكب بأكمله وجعل كل شيء أبيض. هز الانفجار الذي أعقبه الكوكب بأكمله، مدمرًا كل مبنى في العاصمة، وقبل أن يصل الانفجار إلى ذروته… اختفى تمامًا.

لقد سحقت يد ببساطة القوة حتى أصبحت غير موجودة.

لقد ظهر تجسيد جديد لسامي الحرب مع تدمير الأخير، وكان هذا هو الذي أوقف الانفجار عن تحويل أروث إلى ذكرى.

كان هذا التجسيد مختلفًا، إذ بدا مفعمًا بقوة هائلة، حتى أن جسده كان يهتز. كانت هناك نظرة جنونية في عينيه، معقدة للغاية، لكن ما كان واضحًا هو أن سامي الحرب قد جُنّ في تلك اللحظة.

ضحك تجسيد الحرب حين احمرّ جسده، متحولاً إلى إنسان مصنوع من الدم، وبدأ يتمدد. ازدادت ضحكاته حدةً وقوةً، ففي أقل من ثوانٍ معدودة، بلغ طوله مئات الأميال، رأسه يعانق السحاب، وصوته يتردد في كل مكان على تريون وما ورائه.

لم يستطع تيبيريوس المخاطرة بالتعرض للسحق لدرجة أن تدمر أروث أمام عينيه، إن كان لديه شيء واحد بوفرة، فهو القوة. لكل سامي من سامين تريون أوراقه الرابحة الخفية، لكنهم جميعًا كانوا حذرين من بعضهم البعض، ولم يكشفوا عن أعماق قواهم.

لم يكن من الممكن تتبع أصل عدم الثقة بين السامين، فقد كان موجودًا دائمًا، ولم يتساءل السامين أبدًا عن سبب خوفهم من بعضهم البعض حيث سيبذلون قصارى جهدهم للكذب وإخفاء كل علامات قواهم الخفية.

لكن كان هناك أمرٌ آخر غلب على هذا القلق، وهو الخوف من غولغوث. فالمهمة التي أوكلها إليهم يجب إنجازها مهما كلف الأمر، وإذا تسبب سامي الحرب في تدمير تريون وهو قادر على منع ذلك، فسيكون مصيره أفظع مما يتصور.

لم يعد يكترث بإخفاء مخزن جوهره، إذ استعان بقوة تفوق قدرة سامي كبير، نما تجسيد حتى صار طوله ألف ميل، وغطى ظله العاصمة بأكملها.

فتح تيبيريوس يديه، فظهر ألف تجسيد حرب مماثل. اصطفوا جميعًا كثنائيات، ولم تكن رؤوسهم ظاهرة. غطّى ألف تجسيد، كلٌّ منهم بطول ألف ميل، القارة بأكملها تقريبًا، وتحول كل شيء إلى اللون الأحمر، حتى الشمس في السماء.

الترجمة : كوكبة