السجل البدائي - الفصل 812

الفصل 812 العالم المجنون

كان هذا الإعلان من السامين محور كل حدث آخر في تريون، يهز أركان كل بيت نبيل. لطالما دارت نقاشات وتكهنات حول الحرب التي بدت بلا نهاية داخل تريون.

بقدر ما يستطيع أي إنسان أن يتذكر، كانت اثنتان من القارات السبع بمثابة الجحيم نفسه، حيث سالت دماء أجيال من المهيمنين، الذين يعود تاريخهم إلى مليون عام.

بالنسبة لتريون كانت هذه الحرب شأناً معقداً، أولاً كان مصدر فخرهم الأعظم أنهم كانوا قادرين على القتال ضد عالمين أعلى لمدة مليون عام وإبقائهما تحت السيطرة، ولكنها كانت أيضاً مصدر عارهم الأعظم أنهم لم يتمكنوا من دفع خصومهم للخارج واضطروا إلى التخلي عن اثنتين من قاراتهم بدلاً من ذلك.

ومع ذلك، كانت بيوت النبلاء في تريون تدرك أنه في كل مرة يسيطر فيها ساميهم على ساحة المعركة، فإنهم يهزمون خصمهم بشكل ساحق، ويقتلون السحرة الكبار وأمراء الشياطين.

وحدهم من كانوا في أعلى البيوت كانوا يعلمون أن هذا الجهد قد يُعتبر بلا جدوى، وأنه مجرد لعبة تلعبها السامين. كان قتل السامين أو أمراء الشياطين مستحيلاً، ولم يكن بالإمكان سوى نفيهم لفترة. نقطة ضعفهم الوحيدة كانت شراراتهم السامية، ولكن أين يمكن العثور على شيء يُصرّ كل سامي على إخفائه؟

لا بد أن شيئًا ما قد تغير عندما قرر السامين أن ترسل العائلات النبيلة السبعة، بما في ذلك عائلة مينيرفا التي لم تشارك أبدًا في الحرب، كل الجيوش التي يمكنها إدارتها إلى ساحة المعركة، وقد تقرر أن العائلة التي كانت مسؤولة عن ذبح أكبر عدد من السحرة والشياطين، أو إنجاز إنجاز هائل في ساحة المعركة من شأنه أن يؤدي إلى نهاية الحرب سيتم تتويجها حاكمًا لتريون.

انتشرت شائعاتٌ بأن هذا التغيير الجذري في طريقة الاختيار كان لأن الملك السامي سيقرر نهائيًا من سيكون الحاكم الحقيقي لتريون. والفائز سيصبح الإمبراطور النهائي.

وكأن هذه الأخبار لم تكن كافية لزعزعة أسس الإمبراطورية، فقد كانت هناك رسالة خفية أصبحت “بطريقة ما” معروفة للجميع؛ وهي أن السامين سوف تقاتل هذه المعركة إلى جانبهم.

لم يرَ الفانون تريون أسلافهم إلا من بعيد، عاجزين عن فهم أفكارهم أو قواهم، لكن في هذه المعركة، سيقاتل آلهتهم معهم. هل سيحظى الإنسان بشرف أعظم من الموت في سبيل ساميه في معركة، أو الأفضل من ذلك، ماذا لو استطاع القتال جنبًا إلى جنب مع ساميه؟

كان من المتوقع أن يُحدث هذا الخبر ضجةً هائلةً في أذهان سكان تريون، حماسةً لا مثيل لها سيطرَت على الإمبراطورية بأكملها. لم تكن هذه مجرد حرب، بل ستكون حربًا مقدسة!

لم يتوقف تغيّر النصر لحظةً واحدة في العاصمة بأكملها مع عودة آلة حرب تريون إلى الحياة، وللمرة الأولى، بدأت بيوت النبلاء بالكشف عن أسسها كاملةً دون أي حجب. وُجّه نداءٌ إلى كلِّ مهيمن خارج تريون للعودة إلى دياره؛ بغض النظر عن مهامه أو أنشطته.

كان على كل مهيمن العودة إلى دياره، وإلا كان مصيره الموت مع جميع أفراد عائلاته. كان عليه العودة بجيوشه إن كان يمتلكها، وإن لم يكون يمتلكها، فعليه العودة بأي قوة أو سلاح اكتسبه. أما من لا يمتلك أيًا منهما، فقد فُتحت خزائن عائلته على مصراعيها، ومن الآن وحتى انتهاء الحرب، يمكنك استبدالها بأي سلاح تختاره.

لا يهم إن كنت مجرما أو خائنا، فكل الجرائم سوف تُغفر عندما تغسلها بدماء الأعداء في أعظم معركة يمكن خوضها على الإطلاق.

منذ ذلك اليوم، امتلأت سماء تريون بنورٍ لا ينضب، حيث بدأت ملايين السفن بالوصول إلى الكوكب. في البداية، بُذلت محاولات لتنظيم ومراقبة كل من يدخل الكوكب، لكن هذه الجهود باءت بالفشل بسبب كثرة السفن القادمة.

لقد لاقت دعوةُ المهيمنين في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة لسيطرة الإمبراطورية نجاحًا يفوق ما تخيّل أسلاف العائلات احب. نشر العديد من المهيمنين بذورهم في النجوم دون إخبار أسلاف عائلاتهم، وكانت فرصةُ النضال من أجل الحرية أو إلى جانب أسلافهم أمرًا لا يُمكنهم التخلي عنه.

مع أن أسلاف العائلات لم يُقرّوا بذلك، إلا أنهم كانوا يعلمون أن هذا الاستدعاء للمهيمنين أعمق من مجرد إعلان ظاهري. ففي أعماق سلالاتهم، كان هناك نداء للعودة إلى تريون، وكانوا يعلمون أن هذا النداء لم يأتِ من مصدر آخر سوى السامين أنفسهم.

سيكون من الأسهل قطع ساقيك بملعقة صدئة بدلاً من تجاهل هذا النداء الذي كان يتردد صداه في سلالة كل مهمين.

كانت السامين تدعو جميع أفراد سلالاتها للعودة إليها. لو أن الإثارة قد زالت عن أعينهم، لربما كان ينبغي أن تُخيفهم هذه الحقيقة.

في الخلفية، بدأ سامين تريون بتحريك أجزائهم، وكانت أنيما تتألق كل يوم وهم يمنحون البركات والأسلحة لأهلها. عادت كنوز وأسلحة السلالة التي ظنوا يومًا أنها مفقودة أو استولت عليها عائلات أخرى، في ظروف غامضة، وازدهر عالم تريون بأكمله.

بدأ المهيمنون بتطوير قدرات سلالتهم دون الاكتراث لأسسهم، إذ أضائت السماء بنور تقدم الحالات. أصاب الجنون كل المهيمنين، إذ لم يعودوا يخشون تأثير أساسهم المتهالك على تقدمهم المستقبلي، بل أدركوا فقط حاجتهم إلى مزيد من القوة.

ومع ذلك، لاحظت العقول الأكثر حدة أن رد الفعل العكسي للتقدم قد انخفض بشكل غامض، وأصبح بإمكان المهيمنين الصعود بسهولة عبر مسارات السيادة أكثر سهولة من أي وقت مضى في التاريخ.

انتشرت الأفعال التي كانت محظورة للتقدم، بما في ذلك التهام السلالات والمواهب. في الخفاء، ذُبح أفراد أسر بأكملها، وأُلْهِكت لحومهم ودماؤهم، وابتُلِعَت أراضيهم.

كان كل شيء من أجل السلطة. بعد فترة، اكتشف أكثر الأفراد فسادًا أنه لا يبدو أن هناك عقابًا عندما انكشفت أفعالهم. كان مجلس العدل، الذراع الأكثر رعبًا للملك السامي الذي كان يراقب شؤون المهيمنين، صامتًا.

كانت هناك لحظة وجيزة حيث بدا أن تريون يحبس أنفاسه، ربما كان بعض المهيمنين يعرفون أنهم على وشك النزول إلى منحدر زلق؛ كان هذا هو الوقت المناسب لوضع النظام وفرض عقوبة صارمة لوقف هذا الجنون، ولكن لم يكن هناك شيء.

لم يكن هناك أمر من الأعلى لتنظيم الجنون المخفي داخل دماء المهيمنين ومع دخول العديد من المهيمنين الأجانب في تريون الذين لم يكونوا على دراية بالجنون المخفي الذي يحدث على الأرض، تم إطلاق العنان للجحيم.

بدأ تريون بأكل نفسه كما حدث عندما الغي قفل السلالة. كان بإمكان أي مهيمن مُصمم، مجنون بما يكفي، أن ينمو من الدائرة الأولى إلى الدائرة الرابعة بالتهام عشرات الآلاف من أفراد سلالته.

الترجمة : كوكبة