السجل البدائي - الفصل 811

الفصل 811 خذيني إلى المنزل

ماذا كان بإمكانها أن تفعل في مثل هذا الوقت، حين يحتاج سيدها إلى مساعدة لا تستطيع تقديمها؟ جاءها الجواب، وكان بسيطًا: عليها فقط أن تفعل ما فعله لها سابقًا.

نظرت مايف إلى السماء ثم ابتسمت قبل أن تقول، “هذا العبئ الذي تحمله يا سيدي، أعلم أنني لا أستطيع أن أحمله لك، ولكنني أستطيع أن أحملك”.

كانت نظرة روان بعيدة، كان يفكر في أشياء أخرى ولكن عندما سمع كلماتها، توقف بين ذراعيها ونظر إليها بريبة، “أين سمعت ذلك؟”

نظرت مايف بعيدًا، وجناحيها الأخضران يرفرفان بتوتر خلفها، “ يا الهـي ، كان شيئًا قلته لي منذ زمن بعيد… في حلم، على ما أعتقد. لطالما علق في ذهني. لم أعرف كيف أتعلق به حتى الآن. لديّ أيضًا حكايات أخرى عنك، معظمها يصعب فهمها حقًا. ماذا تقصد بـ “ادخلي إلى ذا تشاباه!” أو “لتكن القوة معك؟”.

تأوه روان من الحرج وأشاح بنظره، تذكر رؤيةً راودته عندما اندمج مع الحسد منذ زمن بعيد، حين كان لا يزال مهيمنا في حالة الصدع. في ذلك الحلم، رأى مايف تعاني عذاباتٍ لا تُحصى في سعيها لحمايته من والده. لقد تحملت كل الألم حتى أصبح فوق طاقتها.

لقد وجدها روان مكسورة، تظهر جروحًا صدمته حتى النخاع، وبقي معها لأسابيع داخل ذلك الحلم أو الرؤية، لم يستطع معرفة الفرق، في ذلك الوقت، لم يكن هذا العالم بالنسبة له سوى الرعب.

لمواساة هذه المرأة المخلصة، روى لها قصصًا كثيرة، وظلّ يرويها لأيام متواصلة، وكان على يقين من أنه طوال تلك الفترة استطاع أن يروي لها قصصه المفضلة من حياة بعيدة جدًا. في ذلك الوقت، تخلى عن شخصية الروان الذي جاء من الأرض، واختار أن يعانق رعب هذه الشخصية الجديدة.

كانت مايف هي الشخص الذي أعطاه قصته عن الرجل من الأرض، لم يتوقع أبدًا أن تنجو ولم يهتم بأن لا أحد آخر سيعرف قصته، لكنها عرفتها ولم تمت قصته.

لم يسعَ روان قط إلى المجد أو السلطة لمجرد استغلال الآخرين. منذ البداية، كان الأمر دائمًا يتعلق بالبقاء، لكن الرؤى التي أراها له السجل البدائي بدأت تُثير في ذهنه حماسًا جديدًا.

كانت معاركه في الغالب صامتة وغير معروفة، ولم ير أي سبب لتغيير ذلك، ولكن الآن كان عليه أن يثبت الكثير إلى جانب البقاء على قيد الحياة.

كانت الرؤى من السجل البدائي حقيقية، مع هذا الكنز، سيتم نقله إلى حافة البدائيين، لكنه لن يعبرها أبدًا.

اعتقد روان أن هذا المستقبل كان خاطئًا.

لم يكن بإمكان السجل البدائي أن يُظهر إلا المستقبل الذي يستطيع فهمه والتحكم فيه. لقد أوصلت قواه أسياده السابقين إلى حافة الهاوية، لكنه نسي أن يُفسر وجود روان.

كانت الكلمات التي نطق بها كافية، لم يؤمن السجل البدائي بإمكانياته أو بأي شخص آخر. أغمض روان عينيه، في اللحظات التي كان فيها عبئ البقاء على قيد الحياة يفوق طاقته، كان يسمعهم… بملياراتهم… كان يسمع أصوات أطفاله.

سمع أناشيد نورانييه. نادوه بالعظيم. ذاك الذي سينير نوره الدهور.

من هو لكي يثبت لهم خطئهم؟

ابتسم روان، “خذيني إلى المنزل يا مايف، أحضريني إلى تريون. لقد حان الوقت لاستعادة ما ينتمي لي، والبدء في رحلتي نحو الغزو”.

بين أحضان مايف، غلب النعاس على روان. كاد تحمّل مليارات السنين من التعذيب أن يُدمّر صحته العقلية، لكن الأهم أنه لم يُفلح.

سيعود روان أقوى. كان يفعل ذلك دائمًا.

*****

اهتزت عاصمة أروث بأكملها بتغيرات غير متوقعة اجتاحت تريون، ومن بينها خبر اختفاء العديد من سامين الأرض. كان خبرًا مرعبًا، ولكن عندما علم النبلاء أن هؤلاء السامين عبيد، تحول قلقهم إلى انزعاج طفيف.

كان من المفترض أن يكون في المنازل السبعة ملايين من سامين الأرض العبيد بينهم، وكان الجميع يتوقعون أن هذا لن يكون سوى مزحة أو خطوة خفية بين رؤساء المنازل مع اقتراب تتويج الحاكم التالي لتريون واشتعال المنافسة.

ومع ذلك، لم تكن هناك أي مخاوف بين المستويات العليا بشأن هذه المسألة، كان الجميع يركزون على التتويج والأخبار الرئيسية الأخرى، وكان لديهم أشياء أخرى تزعج عقولهم، وكان أهمها حقيقة أن السامين كانت هادئة بشكل غريب بشأن التتويج القادم والسياسة الجديدة التي ظهرت.

وفقًا للتاريخ، فإن هذه الفترة في أروث كانت من أكثر الأوقات فظاعة بالنسبة للبشر، سواء العبيد أو النبلاء على حد سواء، حيث بدأ السامين بالتدخل بنشاط في شؤون البشر، ولعب لعبتهم المميتة من أجل معرفة من سيفوز بالعرش.

لم يكن من المستغرب أن تُكشف فضائح خفية تهزّ عائلات بأكملها، وتُخاض معارك تُودي بحياة الملايين في هذه العائلات المشؤومة. عانى عامة الناس والعبيد أشد المعاناة في ذلك الوقت، إذ بدأت كل عائلة نبيلة من أروث بتقديم تضحيات دموية كبيرة لإرضاء سلفها الجائع.

إنهم يريدون تحويل انتباه السامين بعيدًا عن منازلهم من خلال إطعامهم كمية من الدماء والمعاناة تعادل كمية المحيط.

كانت المذابح الضخمة التي أقيمت على أقدام كل أنيمات السامين تشهد رؤوس الملايين من الناس في التضحيات لإرضائهم، وكانت النيران العظيمة في الجزء الخلفي من معابدهم تمتلئ بصراخ الأطفال وهم يقادون ليصبحوا قرابين محترقة.

سيتم ارتكاب أهوال لا توصف باسمهم، وفي سماء أروث، لن يكون هناك شيء سوى ضحك السامين.

لن تنتهي هذه الفترة من الاضطرابات إلا عندما يتولى الإمبراطور أو الإمبراطورة الجديدان منصبهما، تاركين المدينة التي أصبحت مهيبة وهادئة عندما أدركوا عدد الأشخاص الذين تم التضحية بهم خلال هذه الفترة.

عادةً ما كان الجنون يلاحق الكثيرين، لكن سرعان ما أُبيدوا. ازدادت بيوت النبلاء قوةً على المعاناة والرعب.

لكن هذا العام كان مختلفًا، لم يكن السامين يطلبون التضحيات الدموية أو الرياضات الدموية، بل كانوا بدلاً من ذلك يركزون على دفع المزيد من النبلاء والنساء نحو ساحة المعركة.

كان من الطبيعي أن يعود الكثير من المهيمنين الذين تم إرسالهم إلى ساحة المعركة خلال هذه الفترة، ولكن تم رفض طلبهم للاحتفال بهذا التتويج وتم تكليفهم بالدفع إلى عمق ساحة المعركة بدلاً من ذلك.

في بعض أحياء تريون، كانت هناك نكات حول كيف أراد السامين دماء النبلاء بدلاً من العبيد في حدث التتويج هذا، لكن الضحك لم يدم طويلاً، لأن الجميع هنا كانوا يعرفون الحقيقة.

وسرعان ما ظهر سبب قرار السامين، مما أذهل الكوكب بأكمله.

لقد تلاشت كل الضجة حول سامين الأرض المفقودة عندما وصل إشعار من رؤساء المنازل بأن تتويج هذا العام لن يتم تحديده في أروث العاصمة ولكن في ساحة المعركة الكبرى.

هذه الحرب التي خاضها تريون لمدة مليون عام سوف تنتهي.

الترجمة : كوكبة